التصنيفات » ندوات

معاني ودلالات اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية/ مقارنة مع دولة جنوب أفريقيا





(19/7/2011)
عقِدت في مركز باحث للدراسات والفلسطينية والاستراتيجية، ندوة سياسية، بالتعاون مع مركز (عائدون)، حول الأبعاد والمعاني الحقيقية للاعتراف المحتمل من قِبل الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل.
وحاضرت في الندوة في الدكتورة سوزان أكرم، أستاذة العلوم السياسية في جامعة بوسطن الأمريكية، بمشاركة عددٍ من الباحثين والمختصّين والمهتمّين بالقضية الفلسطينية والصراع العربي-الصهيوني.
بدأت المحاضِرة كلامها باستعراضٍ تاريخيٍ لتجربة دولة ناميبيا التي نالت استقلالها عن جنوب أفريقيا بعد نضالٍ قانونيٍ وسياسيٍ طويل، كان للدول الكبرى تأثيرٌ رئيسيٌ في مجرياته؛ من دون أن تتمكّن هذه الدول من مواجهة الاستراتيجية الصلبة التي اتّبعتها ناميبيا للمطالبة بحقوقها واستقلالها، خاصّة أمام محكمة العدل الدولية.
أمّا بالنسبة لفلسطين، التي كانت خاضعة لانتدابٍ من الفئة الأولى (مهيّئة الاستقلال)، فهي البلد الوحيد الذي لم يحصل على استقلاله في العام 1946، حين إلغاء عصبة الأمم وحلول هيئة الأمم المتحدة محلّها!
وبعدما تحدّثت المحاضِرة عن دور بريطانيا المتناقض لجهة وعد "اليهود" بوطنٍ قوميٍ لهم في فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني آنذاك، مع التأكيد على استقلال الوطن الفلسطيني (دولتان؛ فلسطين و"إسرائيل")، أشارت إلى عدم استثمار الدول العربية والقوى الفلسطينية لإعلان  الاستقلال الفلسطيني ومتابعته بالطرق القانونية، عبر محكمة العدل الدولية وغيرها، إلى أن صدر قرار التقسيم (181) والقرار (194) حول حقّ العودة للاّجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض، كشرطٍ لازمٍ للاعتراف الأممي بالكيان الإسرائيلي كعضوٍ جديدٍ في الأمم المتحدة. وهذا ما لم يطبّق فعلياً، حيث نالت "إسرائيل" كافّة الامتيازات الدولية، من دون أن تطبّق حرفاً من القرار 194.
ووصلت الأمور في ما بعد إلى إصدار القرارين 242 و338، اللذين شكّلا أساس عملية التسوية التي أطلِقت لمعالجة تداعيات حربي 1967 و1973 بين العرب و"إسرائيل"؛ أي بمعنى تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلّت مقابل إرساء السلام مع "إسرائيل"، في تجاوزٍ فاضحٍ للقرارات السابقة (الأرض مقابل السلام). وما ساعد على هذا التراجع الدولي، ضعف الدول العربية ومنظّمة التحرير الفلسطينية وعدم متابعتهما الحثيثة لما صدر من قراراتٍ أمميّة مُلزِمةٍ عبر محكمة العدل الدولية، وتدخّل مجلس الأمن الدولي لإفشال أيّ مساعٍ عربية للدفاع عن الحقوق الفلسطينية (الفردية والجماعية)، بسبب الفيتو الأميركي والأوروبي!
وعادت الدكتورة أكرم للمقارنة بين دور مجلس الأمن في فرض عقوباتٍ دوليةٍ على جنوب أفريقيا لإجبارها على منح الاستقلال لناميبيا، وبين تجاهله للإطار القانوني الملزِم بفرض عقوباتٍ على "إسرائيل" التي أعلنت عن "استقلالها" في العام 1948، من دون أن تلتزم بموجبات القرارات الدولية الآنفة الذكر، بموازاة فشل القيادة الفلسطينية في اعتماد استراتيجية واضحة (قانونية أو سياسية) لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية، باستثناء الحصول على رأيٍ استشاريٍ من محكمة العدل الدولية في العام 2004 حول عدم شرعية جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية التي أنشأته دولة الاحتلال، تحت ذرائع أمنية واهية، لتقضم مساحاتٍ كبرى من الضفة وتقيم عليها مستوطنات، كانت وما تزال غير مشروعةٍ بنظر القانون الدولي.



وانتقلت المحاضِرة للحديث عن المحاولة الفلسطينية الرسمية للحصول على اعترافٍ أمميٍ بالدولة الفلسطينية المستقلّة وعضويةٍ كاملةٍ في هيئة الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن الاعتراف ليس شرطه الاستقلال الفعلي لدولة فلسطين، والتي تُعتبر قائمة منذ الانتداب البريطاني، حسب الرأي القانوني للباحث الأميركي جون كويكلي.
وتنطبق على فلسطين -بحسب كويكلي- كلّ شروط الدولة المستقلّة (الأرض/الشعب/العلاقات)، وحيث لا تشترط معاهدة مونتيفيديو (1933) الاستقلال السياسي للدولة حتّى تنال الاعتراف العالمي بها.
وهناك مظاهر حديثة لدولة فلسطين لا يمكن تجاهلها، كما لاحظت د. أكرم، كوجود هيئات ومؤسّسات السلطة في الضفة الغربية وغزة (شرطة/بنوك/مؤسّسات) رغم الانقسام السياسي الحاصل.
وختاماً، أطلقت المحاضِرة عدّة أسئلة كبيرة حول ما بعد الاعتراف الأممي المحتمل بدولة فلسطين (أكثر من 100 دولة حتّى الآن)، لجهة التأثير الأميركي والإسرائيلي السياسي والعملي على موجبات تنفيذ هكذا اعتراف، ومصير الشعب الفلسطيني المشتّت داخل وخارج فلسطين وإمكانية تحويل هذا الإعلان إلى واقعٍ متكامل، تكون فيه لدولة فلسطين السيادة الكاملة على المستويات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والأمنية (الأجهزة والقوّات والمؤسّسات)؛ فضلاً عن تبادل السفراء ومسألة القدس الشرقية كعاصمةٍ للدولة العتيدة، وتحديد الحدود مع الكيان الإسرائيلي في ظلّ الواقع الاستيطاني القائم!
وفي ردّها على أسئلة المشاركين في الندوة، شدّدت الدكتورة سوزان أكرم على أهمّية دور المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة في حفظ حقوق الشعب الفلسطيني، التي يجب أن تتابع مساراتها القانونية والإعلامية، بالتوازي مع المسارات السياسية والنضالية الأخرى، وليس كبديلٍ عنها!

2011-07-20 12:19:42 | 2595 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية