التصنيفات » المجلة الفصلية

العدد الرابع والعشرون - خريف 2008




لا يزال الواقع الفلسطيني الإنقسامي المؤسف يرخي بظلاله على اهتمامات وهموم الشعب الفلسطيني، المحاصر من قِبل الكيان الإسرائيلي وبعض الأنظمة العربية التي لم تستطع أن "تهضم" بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية مطلع العام 2006. وهي الحركة التي جاهرت بأنها لن تعترف بالكيان أو تساوم على حقوق الفلسطينيين مهما كلّف الأمر؛ فيما يصرّ رئيس السلطة محمود عبّاس على القطيعة مع حماس، وعلى رفض التحاور المتوازن معها، بذريعة أنها لا تعترف بالقرارات الدولية أو بإسرائيل، التي استباحت – وتستبيح- هذه القرارات في كلّ يوم!
على المقلب الآخر، يشهد كيان العدوّ تحوّلاتٍ سياسية واجتماعية مفصلية، في ضوء "انتكاساته" المتتالية منذ هزيمته الكبرى على يد المقاومة في لبنان في آب 2006، بدءاً من وضع الجيش المنهار، إلى أزمة القيادة أو الزعامة "التاريخية"، وصولاً إلى الإنقسام السياسي والشعبي-الاجتماعي الحادّ الذي يغذّيه تفشّي الفساد داخل البنى المؤسّساتية والاجتماعية لهذا الكيان المريض!
وتأتي الأزمة المالية الخطيرة في الولايات المتحدة، داعمة الكيان الأولى وحاضنته، لتترك آثاراً وتداعياتٍ كبرى، لم تتّضح معالمها الحقيقية بعد، مع التأكيد بأن الكيان سيتأثّر بهذه الأزمة بشكلٍ مباشر، ما سوف يترك بصماته على خططه ومشاريعه الاقتصادية والاجتماعية، والعسكرية-الأمنية (العدوانية) بالضرورة. 
وقد أتت أحداث عكّا الأخيرة، لتذكّر العرب والعالم بموقع فلسطينيي 1948 في معادلة الصراع، بعدما كاد دور هؤلاء "المرابطين" يغيّب كلّياً، عن قصدٍ أو من دونه!
هذه المحاور الأربعة تناولها العدد الجديد من دورية (دراسات باحث)، من خلال سلسلة مقالاتٍ ودراساتٍ متنوّعة، لكتّاب وباحثين فلسطينيين ولبنانيين، مع استهلال العدد بمقابلةٍ شاملةٍ مع الأستاذ عبّاس زكي، ممثّل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، تناولت الشؤون الفلسطينية ومستقبل الصراع مع الكيان. 
إن انهيار الهدنة بين حماس وجيش العدوّ في قطاع غزة، بعد معاودة هذا الجيش لاعتداءاته، وبعد تفاقم الحصار المفروض على القطاع إلى حدٍ يشبه التجويع الشامل لنحو مليون ونصف المليون مواطن، بموازاة سقوط آخر محاولةٍ مصريةٍ لاستئناف الحوار بين فتح وحماس وبقيّة الفصائل في القاهرة، يؤكّد بأن الصراع المفتوح لن يعرف نهاية قريبة له بين أبرز قوى الشعب الفلسطيني المعذّب، فيما يستمرّ الكيان في جرائمه ومخططاته الإستيطانية، بما ينبئ بأن الأشهر المقبلة قد تشهد المزيد من الأزمات السياسية والتوتّرات الأمنية، داخل فلسطين خصوصاً، برغم التغيير المهمّ الذي حصل في الولايات المتّحدة، بوصول باراك أوباما إلى سدّة الرئاسة، وهو المنادي بالحوار غير المشروط مع إيران وسوريا؛ لكنّه الداعم دائماً لكيان الاحتلال ومشاريعه العدوانيّة. 
إن التحدّيات غير المسبوقة تفرض مهاماً كبرى يجب على كلّ مكونات شعبنا في الداخل والخارج تحمّل تبعاتها، من أجل "استثمار" الإنجازات والمتغيّرات المتسارعة، إقليمياً ودولياً في صالح هذا الشعب الصامد في قطاع غزّة، كما في الضفّة الغربية وأراضي 1948، ولكسر دائرة الانقسام المفزعة التي تضعِف قدرة التصدّي والصمود، وتتيح للعدوّ وحماته استكمال مخطّطاتهم القديمة-الجديدة، في تهويد فلسطين وتفتيت المنطقة ومجتمعاتها المتنوّعة، بهدف السيطرة على مقدّراتها الهائلة.


2013-09-26 09:53:15 | 1788 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية