التصنيفات » المجلة الفصلية

العدد 27 - صيف 2009








لا تزال المجزرة الكبرى التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي ضدّ قطاع غزة، نهاية العام الماضي وبداية العام 2009، في ظلّ استمرار الحصار الظالم على قطاع غزة، بشراً وحجراً، موضع اهتمامٍ ومتابعةٍ حثيثين، لدى الأوساط الأكاديمية والشعبية العربية على وجه الخصوص؛ كما كانت لأحداث غزة الدّامية وصمود المقاومة والناس فيها، تداعياتٌ وآثار، ليس على مستوى الكيان الصهيوني الذي فشل رغم جبروته وغطرسته، في دقّ أسوار غزة واختراقها، بل حتى على مستوى النّظم العربية المسمّاة معتدلة؛ والتي رأت فيما جرى انتصاراً آخر لمحور الممانعة والمقاومة، يعرّي مواقفها وسياساتها المتخاذلة تجاه قضية فلسطين.. 
بل إننا نرى فيما  جرى على الساحة الفلسطينية الداخلية من تحرّكاتٍ ومتغيّرات (مؤتمر فتح السادس كمثال)، إنما يصبّ في خانة استيعاب نصر غزة أو استثماره لصالح نهج التسوية الذي تتآكل قاعدته الشعبية يوماً بعد يوم؛ سواء في الضفة الغربية وغزة، أو في المحيط العربي-الإسلامي المترامي الأطراف! 
كما لا تخرج تحرّكات إدارة أوباما الجديدة في الولايات المتحدة عن السّياق المذكور؛ بل وأخطر منه حتى. فالتحضيرات لإطلاق  مفاوضاتٍ فلسطينية-إسرائيلية جديدة، تحت عنوان "إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلّة" إلى جانب كيان العدو، خلال عامين، من ضمن خطّةٍ شاملةٍ لباراك أوباما، "المنفتح" على العالم الإسلامي، كما قدّم نفسه خلال الشهور الماضية، لا تصبّ سوى في خانة التصفية  النهائية للقضية الفلسطينية بمفاصلها الرئيسية المعروفة: السيادة-الحدود-حقّ العودة-القدس؛ في الإطار الذي يؤمن به أصحاب خيار التسوية أنفسهم. فكيف لعاقلٍ أن يصدّق أن الكيان العنصري، في ظلّ حكومة يمينية متطرّفة، سوف يعطي الشعب الفلسطيني حقوقه، ولو في سقفها الأدنى؛ أي دولةٌ مستقلّةٌ كاملة السيادة على الأراضي التي احتلّت في العام 1967، وعودةٌ غير مشروطةٍ للاّجئين إلى قراهم وبلداتهم الأساسية، مع استعادة القدس الشرقية كاملة كعاصمةٍ لدولة فلسطين المستقلّة (المفترضة)!
من يراقب الوقائع اليومية التي يكرّسها الاحتلال، سواء في القدس أم في الضفة الغربية؛ وحتى في الأراضي التي اغتصِبت في العام 1948 (المستوطنات/الجدار العازل/ الإجراءات العنصرية ...)، يدرك صعوبة، بل استحالة أن يسير كيان العدو أيّ حلٍ يطرحه الأميركيون أو الأوروبيون؛ إن لم يخدم مصالح وأطماع هذا الكيان، التي لم تتغيّر أو تتبدّل يوماً إلاّ بفعل المقاومة والصمود والتضحيات. 
وما قد يحصل –إذا ما حصل- هو مجرّد استدارةٍ أميركية-إسرائيلية مراوِغة تهدف إلى تضييع البوصلة، وتوجيه الجهود والمخطّطات نحو إيران، مقابل تنازلاتٍ محدودةٍ من قِبل الكيان (مؤقّتة ومشروطة)، قد يقابلها أو يوازيها مبادرات تطبيعية عربية، نأمل أن لا تنجرّ إليها النّظم العربية، لتقع في نفس الأخطاء (الخطايا) السابقة؛ بحيث لا تجني من الكيان إلاّ الخيبات، ومن شعوبها إلاّ الغضب والاستياء والمقاطعة!
وما ينطبق على الأنظمة العربية ينطبق أكثر وأشدّ على السلطة الفلسطينية، التي يجب ألاّ تعود إلى نفس أدائها السابق الفاشل، وتجدّد رهانها على عدوٍ ماكرٍ متغطرس؛ بذريعة وجود دعمٍ أميركيٍ وغربي، "مختلف" هذه المرّة، للحقوق الفلسطينية؛ فيما تدير هذه السلطة ظهرها لأبناء شعبها في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية وأراضي العام 1948، الذين رفضوا نهج التسوية المذلّ، وأكّدوا –بدمائهم وبصمودهم- إلتزامهم بخيار المقاومة؛ الواعي والمسؤول. 
في هذا العدد الجديد من فصلية (دراسات باحث)؛ نستكمل لقاءاتنا مع القيادات الأساسية في أهمّ الفصائل الفلسطينية، من ضمن الحوار الفكري السياسي المعمّق حول أبرز قضايا ومفاصل الصراع مع العدوّ الإسرائيلي وشؤون الساحة  الفلسطينية وشجونها. وكان اللقاء التالي مع الأستاذ نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين؛ كما تابع ملفّ محرقة غزة من خلال ندوتين؛ واحدة عقِدت في دمشق، بدعوة من مركز باحث للدراسات، بالتعاون مع اتحاد الكتّاب العرب؛ وثانية عقِدت في القاهرة، بدعوةٍ من مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية. وقد شارك في النّدوتين جمعٌ من الباحثين والمتخصّصين وأساتذة الجامعات، المهتمّين بالقضية الفلسطينية. 
وفي العدد أيضاً عدّة مقالاتٍ حول مجريات ومآل الحوار الفلسطيني المستمرّ –بتقطع- في القاهرة، وأبعاد فكرة الدولة الفلسطينية المستقلّة، التي كان قد أعلن عنها الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقراءة في قضية الفساد المستشري داخل كيان الاحتلال؛ لنختم العدد بقراءة تقييمية لمؤتمر فتح السادس، الذي عقِد في بيت لحم مؤخّراً، قدّمها مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، من خلال ندوةٍ خاصّةٍ عقدها في القاهرة.



2013-09-26 10:01:40 | 1873 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية