التصنيفات » دراسات

حلقة نقاش لمركز "باحث للدراسات" حول التهدئة في قطاع غزة

 

 

 

 

 

أقام مركز "باحث للدراسات" حلقة نقاش حول التهدئة في قطاع غزة، شاركت فيها شخصيات أكاديمية وفكرية ومتابعون للملف الفلسطيني؟

بداية، تحدّث رئيس المركز وليد محمد علي، مشيراً إلى أن التهدئة لم تؤت أكلها، وأن المعابر لم تُفتح كما يجب، حيث تتحكّم إسرائيل بنوعية المواد التي تدخل. معبر رفح لم يُفتح، وهناك شرط أساسي يقضي بتسليم شريط من الأرض إلى الأوروبيين والقوّة الرئاسية التابعة للسلطة لفتح المعبر.

هذه التهدئة التي لم يكن من المتوقّع أن تقبلها إسرائيل لولا الإرباك الذي تعيشه، فيما يستمرّ الحصار الذي هو عار على كلّ العرب، ويخنق  مليون وثلاثمئة ألف فلسطيني.

إن تفكيك محور المقاومة والممانعة هو سبيل إسرائيل للقضاء على الشعب الفلسطيني، لأن هذا الشعب لا يمكن أن يراهن على ما يسمّى محور الاعتدال. وإذا تفكّك محور الممانعة والمقاومة، تُعزل فلسطين وتُضرب مقاومتها.

 

الجلسة الأولى:

ترأّس الجلسة الأولى وزير العمل السابق د. طراد حمادة، مشيراً إلى أن الإمكان يعني التحقّق ونقيضه الاستحالة. والكيان الاستيطاني يعمل على إلغاء الهوية الفلسطينية ويلاحقها، ولا مصلحة له في التهدئة الحالية. كما أن التهدئة منافية لطبيعة الصراع نفسه، من جهة أصحاب الحقّ. أما السلطة الفلسطينية، فمن خلال ضمّها ل"ديموقراطيات" الغرب تكون ملزمة:

1-   بأن لا حروب بين الديموقراطيات.

2-   الديموقراطيات تحلّ مشاكلها بالحوار.

3-   الديموقراطية لا تتوافق مع القتال وسياسة العنف!

وأشار حماده إلى أن الغزو الأمريكي يعيش أزمة في المنطقة، وهو في حالة تراجع. وفيما هم ينسحبون من المنطقة، لبنان يتنفس، فيما يفشل اتفاق مكة، لأن الحلّ في فلسطين  يحتاج إلى قرارٍ دوليٍ كبير وهذا غير متوفّر حالياً.

لذا، والأمريكي قبل بالتهدئة، ريثما يعدّل موازين القوى، فيما مصلحة الشعب الفلسطيني أن ينظّم مقاومة مدروسة.

أضاف:"14 آذار" تقول إن لا انتخابات في لبنان مع وجود سلاح حزب الله، لأنهم يريدون تهدئة مع العدو الإسرائيلي. وفي فلسطين، شروط التهدئة لا تقبل ببقاء السلاح والمقاومة!

كما أن مفهوم اللاّحرب واللاّسلم نفسه ليس تهدئة، بل هو يحمل كلّ احتمالات الحرب وظروفها.

واعتبر حمادة أن تحسين ميزان القوى في زمن التهدئة هو جزء أساسي من الحرب. والتهدئة الثابتة غير ممكنة مع هكذا عدوّ، وهو بدوره يرفضها وطالما رفضها سابقاً.

 

د. عصام نعمان

قدّم الدكتور عصام نعمان مداخلة اعتبر فيها أن التهدئة ظاهرة إقليمية إنتقالية في مرحلة دولية إنتقالي، حيث لا يمكن فهمها بمعزلٍ عن العوامل الدولية والإقليمية. كما أن أمريكا وإسرائيل تواجهان قوى الممانعة، وهي قوى محلّية وإقليمية. أمريكا تمرّ بمرحلة تحوّلات من ولاية، إلى ولاية ويبدو أن الانتخابات ستكون في صالح الديموقراطيين بشخص أوباما. وأمريكا تعيش أزمة بنيوية اقتصادية، ستكون لها مفاعيل داخلية وخارجية. وإسرائيل عامل آخر فاعل في أزمة وجودية ناجمة عن نجاح المقاومة في تفكيك هيبتها الردعية؛ وهي في أزمة قيادية، وأولمرت في حالة أفول نتيجة هزيمة 2006 وأوضاع أخرى. لكن أفول أولمرت لا يشير إلى إمكانية إنتاج قيادة بديلة من الدرجة الأولى؛   في المقابل، هناك صمود أهل الممانعة والمقاومة في فلسطين، رغم الانقسام الفلسطيني على مستوى القيادة. وهناك بداية تململ على مستوى السلطة الفلسطينية، فسلام فياض يلوّح بتوقّف أجهزة السلطة عن القيام بدورها الأمني، نتيجة القمع الإسرائيلي!

أما في شأن ترسيخ انتصار 2006، بإطلاق الأسرى مؤخراً، فقد جرى توليد مناخ عربي جديد يحمل ثقة بالنفس أكثر وشعور عارم بأن المقاومة ضد الكيان مجزية.

هذا المناخ دفع أمريكا وحلفاءها العرب لتحديد الخسائر، فشاركوا في مؤتمر الدوحة، والآن يحاولون وضع كوابح، ويمكن أن يصل الوضع إلى تجميد الأمور وصولاً إلى منع الانتخابات النيابية في لبنان (ربيع 2009).

ورأى نعمان أن مبادرة ساركوزي للحوار مع سوريا هي نتيجة شعور فرنسا بالتعثّر الأمريكي في المنطقة.

واعتبر أن ثمّة سمة أساسية لهذه المرحلة الانتقالية هي أن الولايات المتحدة في تراجعٍ مستمر. وبالتالي، لا يجوز أن تقع قوى الممانعة والمقاومة في وهم الاعتقاد أنها تستطيع استثمار هذا الوضع في الوصول إلى تسويات ظرفية لتحسين وضعها الداخلي. فالتراجع الأمريكي-الإسرائيلي بنيوي ومستمر؛ والمفروض من قوى الممانعة "الرسملة" على الانتصارات الحالية لرفع مستوى المواجهة.

كما يبدو أن أوباما يريد ترتيب أولوياته، والأولويات لديه هي أفغانستان وليس العراق. وهذا يؤدّي إلى القبول بتسويةٍ ما من قبل أوباما، فيما يضعف احتمال قيام بوش بضربة لإيران؛ وهذا يؤثّر على أمن إسرائيل. وهذا يتطلّب منّا المزيد من الصمود، والممانعة والمقاومة.

 

 

د. مصطفى الحاج علي

دعا إلى البحث في الأسباب الموجبة التي أدّت إلى التهدئة، مشيراً إلى الدواعي الأمريكية نتيجة المسار التراجعي للمشروع الأمريكي، وإلى أن الإدارة الأمريكية لم يكن في حسابها الاهتمام بالصراع العربي-الإسرائيلي بل إهماله.

أما لجهة الإحراج العربي، فهو لأن الاتجاه إلى التسوية يعني إنهاء التهدئة. والمطالبة العربية اليوم هناك هي بالحصول على شيءٍ ما للاستمرار بالتسوية، أو إذا كان التوجّه الأمريكي ضدّ إيران.

وبين خيار عدم إجراء التسوية بالمطلق أو استمرار الجبهة مشتعلة، هناك المزيد من الإحراج، لأن العرب كانوا يشاركون إلى جانب "الإسرائيلي" في محاولة ليْ ذراع المقاومة.

واعتبر الحاج علي أن الدواعي الإسرائيلية للقبول بالتهدئة عديدة:

- "الإسرائيلي" جرّب الخيار العسكري ولم ينجح. وكان التضعضع السياسي والاجتماعي إلى جانب الفشل في وقف إطلاق الصواريخ.

- "الإسرائيلي" يحتاج إلى إعادة ترتيب أولوياته. وهي الآن المواجهة مع إيران، وبالتالي، هو يسعى لإغلاق أو تهدئة الجبهات الأخرى.

- الدواعي الفلسطينية:

 الضغط على غزة والمقاومة كان غير عادي، وحاجة (المقاومة) إلى إراحة الناس وإعادة ترتيب الأولويات وترتيب البيت الفلسطيني، قد تسمح التهدئة بتحقيقها.

والدواعي المصرية هي الأبرز عربياً، فالعرب يسعون للتخلّص من عبء القضية الفلسطينية، والتهدئة توقف إحراجاتهم الداخلية.

ومجمل هذه الاعتبارات تقاطعت ودفعت الطرف المصري المحرج (لأنه الأقرب في الجغرافيا) لأن يأخذ على عاتقه مسألة ترتيب اتفاق تهدئة. وهناك كلمة سرّ في المنطقة لتهدئة الأمور، ربما لوضع كوابح على التراجع الأمريكي ولترحيل الأزمات إلى الإدارة الأمريكية الجديدة.

 

أ. جمال نصار

تحدث عضو المجلس التشريعي الفلسطيني الأستاذ جمال نصّار فاعتبر "أننا نتحدّث وكأن قطاع غزة مرتاح، أو أنه محتضن. لكن القطاع محاصر من العرب والمسلمين أكثر من إسرائيل، ونحن نراهن على صمود شعبنا

وتابع: تجاه الحصار المصري والإسرائيلي كان لا بدّ لنا أن نلتقط أنفاسنا. نحن لنا مصلحة في التهدئة لإعادة ترتيب الأولويات. الوضع الاقتصادي الفلسطيني في حالة انهيار كامل. وأكثر من 5000 مصنع في غزة متوقف عن العمل بالكامل. والقطاع الزراعي في أوسوأ حالاته. والأوضاع الصحّية والطبيّة كارثية. ورغم ذلك، كان الصمود، رغم الضغط المتواصل من بعض الأنظمة العربية وليس فقط من إسرائيل. التهدئة متنفس لنا كمجتمع وكمقاومة، لأن المخزون لتسليح المقاومة أيضاً كان قد نفذ، ووجدنا في المبادرة المصرية فرصة.

- المصريون ضغطوا كي لا تفتح المعابر إلاّ بعد التهدئة، "من أجل أن نلملم الجراح مع إخواننا الفلسطينيين".

لقد قبلنا التهدئة ضمن هذه الظروف على أساس أن المقاومة سوف تستمرّ وتزداد وتتصاعد في الضفة الغربية في القريب العاجل. ولا بدّ أن نشير إلى حالة البؤس والفقر والمجاعة التي نعيشها في القطاع. 84% من الفلسطينيين في قطاع غزة هم تحت خط الفقر. الحصار وصمة عار في جبين كلّ من يسهِم فيه. لكن المقاومة مستمرّة، والتهدئة هي في سبيل تطوير المقاومة وسلاحها، خصوصاً، أننا محاصرون ولا عمق لنا، والقطاع ما يزال سجناً. ونحن نقوم بتطوير أسلحتنا ولا نستوردها. وقد منِعت كلّ المواد من مصر وإسرائيل التي نصنع منها الأسلحة.

 

أ. حميدي العبدالله:

تحدّث عن سمات وأشكال التهدئة، وهي:

- تهدئة الأمر الواقع.

- التهدئة من طرفٍ واحد.

- التهدئة المتبادلة، وهي القائمة الآن.

ورأى العبدالله أن تهدئة الأمر الواقع سببها عاملان أوّلهما قوّة البطش الإسرائيلي (جرت في السبعينيات).

- تهدئة من طرفٍ واحد (بعد احتلال العراق) نتيجة التوازنات الجديدة. المقاومة الفلسطينية بادرت إلى طلب هدنة، لكن من طرفٍ واحدٍ فردّت عليها إسرائيل باستمرار الهجمات.

- التهدئة المتبادلة، وهو خيار أكرِهت عليه إسرائيل. التهدئة كانت دائماً كتنازلٍ من الطرف الفلسطيني: لكن هو اليوم تنازل مؤقّت ريثما يعود إلى المقاومة بزخم أكبر.

إن التهدئة الحالية متبادلة، والمأزق هو على الجانبين: الشعب الفلسطيني قدّم تضحيات كبيرة. وصموده وضع إسرائيل أمام مأزق، نتيجة فشلها العسكري المتكرّر في وقف المقاومة والانتفاضات المتواصلة...

- الخيارات الإسرائيلية المستقبلية:

* التعايش مع الأمر الواقع (قصف المستعمرات واستمرار الاشتباكات/جعل إسرائيل غير قادرة على التعايش معه).

* إعادة احتلال غزة: ستتكبّد إسرائيل خسائر عسكرية وسياسية، وسترتكب مجازر، ثمّ سيستمرّ استنزافها.

إن التهدئة برأي العبدالله تعني فكّ الحصار ولو جزئياً، والسماح للمقاومة بإعادة تحسين أوضاعها. ستخرج حماس من التهدئة منتصرة، ورغم ذلك قبلت إسرائيل بالتهدئة. والمقاومة ستنطلق مرّة أخرى، لأن شروط التسوية غير متوفّرة.

 

العميد المتقاعد د. أمين حطيط

قدّم العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط مداخلة حول "ماذا تخفي إسرائيل"، اعتبر فيها أن إسرائيل مرتبكة من التغيير الحاصل في طبيعة المواجهة مع الفلسطيني بوجود حركة حماس، المختلف عما واجهته في أوسلو:

- إسرائيل باتت عديمة الثقة بتطويق حماس أو احتوائها، خاصة بعد حرب تموز. لذلك، هي لا تستطيع المخاطرة بحرب يمكن أن تقودها إلى خسارة. والخسارة في غزة تعني الفشل في السيطرة على القطاع أو تكبّد خسائر كبيرة فيه.

- فضائح لجنة فينوغراد، تمنع القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية من الدخول في حرب جديدة قبل أن تعالج أوضاعها. لذلك، مع الضغط الخجول للوضع الإنساني في غزة، كان القبول الإسرائيلي بالتهدئة، ريثما تحسّن أوضاع الجيش، وحتّى يتراجع الملف الإيراني عن أولويته.

- اعتقاد إسرائيل أن حاجتها ملحّة إلى امتصاص زخم الانتصارات التي تحقّقها جبهة الممانعة والمقاومة.

- خشية إسرائيل من أن استمرار العمليات العدوانية ضدّ غزة سيزيد من العمليات الفلسطينية في الجبهة الداخلية. لذا، الهدنة حاجة إسرائيلية ملحّة ستعالج خلالها الملف العسكري في استيعاب العبر .. والردّ على تقرير "فينوغراد" أو تساؤلاته وسدّ الثغرات.. لكن ستقوم إسرائيل بعمليات اغتيال في غزة والخارج وستزيد من الضغط لعزل حماس عربياً وإسلامياً .. والتهدئة هي محطّة استراحة لمواصلة الصراع، لأنها بين طرفين لا يمكن أن يلتقيا... وهذه التهدئة لن تكون الأخيرة.

وقدّر أن أمام إسرائيل عندما تنتهي التهدئة:

إما عملية عسكرية قاسية ثم الانسحاب من غزّة. وإما عملية عسكرية عقابية ضدّ حماس (احتمال أعلى).

وإسرائيل لا تستطيع أن تستجمع عناصر القوّة العسكرية للضرب، ثمّ تضطر إلى طلب الهدنة من جديد!

 

ترأّس د. حسين أبو النمل الجلسة الثانية التي تحدّث فيها د. كمال ناجي عن حسابات الربح والخسارة في اتفاق التهدئة، فأشار إلى أن حسابات الربح الإسرائيلية هي خسارة فلسطينية، والعكس صحيح.

ولاحظ أن الاتفاق ليس مباشراً بل تمّ بالواسطة عن طريق مصر، وهو أدى إلى:

1-   أن أولمرت استفاد على المستوى الشخصي بتقديم نفسه كأنه قدّم إنجازاً للإسرائيليين.

2-  على المستوى الإسرائيلي العام، إسرائيل تتخبّط نتيجة حرب تموز، ولأنه ليس لديها أيّ خيارات. لذا، أمريكا وإسرائيل تنفّذان استراتيجية تقطيع الوقت، وكذلك على مستوى قطاع غزة

3-   حقّقت إسرائيل إنجازاً هو الأمن لمستعمراتها نتيجة اتفاق التهدئة.

4-   سمح الاتفاق بتكبيل المقاومة في غزة ومنعها من الردّ على ممارسات إسرائيل في الضفّة الغربية.

5-   استمرار هذا الواقع يؤدّي إلى تحييد القطاع وإخراجه من معادلة الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني . وهذه أول مرّة تنجح إسرائيل في فصل القطاع عن بقيّة فلسطين.

6-    الاتفاق هو محاولة الإيحاء لحماس بأنها يمكن أن تكون مقبولة من إسرائيل!

7-  الاتفاق كرّس الانقسام السياسي الفلسطيني، وأعفى إسرائيل من أيّ مسؤولية تجاه القضية الفلسطينية، لأن الفلسطينيين غير موحّدي المرجعية...

8-   الاتفاق جعل قضية القطاع قضية إنسانية، بعد أن كانت قضية سياسية ووطنية.

9-  إسرائيل ستحرص على أن تمرّر لغزة يومياً قدراً من حاجاتها اليومية، لا يكفيها ولا يسمح لها بأن تشكّل احتياطياً استراتيجياً حتّى تواصل المقاومة. وبالتالي، ستعود حماس إلى نقطة الصفر.

وبرأيي، إن كلّ من يذهب من الفلسطينيين لمواجهة إسرائيل، سلماً أو حرباً، لوحده فهو خاسر، وهذا ينطبق على الجميع. وإسرائيل لن تجتاح غزة، بل ستكيل الضربات القوية لها، وهي مستفيدة من الانقسام الفلسطيني. والردّ على كلّ ذلك بالذهاب فوراً إلى الحوار الداخلي وإنجاز برنامج وطني فلسطيني يحدّد الثوابت وآليات العمل والأهداف المرحلية مع وضع عقيدة وطنية للمقاومة.

 

أ. مروان عبد العال:

الانقسام في فلسطين يشمل كلّ شيء، من المؤسسات حتّى البرامج:

-   نحن أمام مسمّيات فقط. التهدئة مقابل التهدئة، وهي لم تقدّم شيئاً ولم تفتح المعبر. المواد الضرورية تدخل بالقطّارة والعدوان الإسرائيلي مستمر؛ إلاّ إذا كانت التهدئة مقابل الغذاء، وهذا أمر خطير. إن التهدئة الفعلية لم تتحقّق.

-        واحدة من دوافع التهدئة أنها سوف تدفع الحوار الفلسطيني إلى الأمام، وهذا لم يحصل.

-        إسرائيل وافقت على تكريس الأمر الواقع، أي الانقسام الفلسطيني.

-   أمريكا تقوم بتراجع كبير على مستوى المنطقة، ينتج تهدئات. لكن ماذا عن الواقع الفلسطيني، وماذا عن المظلّة العربية للحوار إذا كان الحوار معزولاً عن الواقع الفلسطيني فهو لن ينتج إلاّ اتفاق مكّة مكة جديد.

-        إن السلطة وهمية، والصراع عليها يؤخّر المقاومة سنوات.

 

العميد المتقاعد د. وليد سكّرية:

إن الشعب الفلسطيني لوحده لا يستطيع أن يحصّل حقوقه، وفصل هذا الشعب عن القوى التي تواجه المشروع الأمريكي، يضعف  المقاوم الفلسطيني وقضيته. إسرائيل أعادت تأهيل جيشها خلال العامين الماضيين. وقد تكون بحاجة إلى تجربة يمكن أن تتمّ في غزة، باعتبارها أسهل من الجبهة الشمالية (لبنان).

وأيّ عمل عسكري ضدّ القطاع يندرج في إطارين:

1-   لتحقيق تسوية سلمية مع السلطة الفلسطينية.

2-   أو للردّ على إطلاق الصواريخ.

السيناريو الأوّل يهدف للقضاء على حماس، ويكون الهجوم حاسماً وسريعاً وكثيفاً ومدمّراً، يتبعه احتلال القطاع وإنهاء حماس وترتيبات أمنية برعاية عربية ودولية.الخسائر ستكون كبيرة لدى الطرفين. وهناك سيناريو اقتحام القطاع تسبقه  مهلة للتنفيذ مع خسائر إسرائيلية أقلّ.

- من شروط اعتماد هذه السيناريوهات عدم حدوث انتفاضة في الضفة، وعدم سقوط السلطة الفلسطينية، وعدم حصول تدخّل خارجي (من لبنان أو سوريا...).

- الردّ على إطلاق الصواريخ: إما باحتلال غزة أو بإجبار حماس على التهدئة، بحيث تقوم حماس بمنع إطلاق الصواريخ. وذلك يكون بتشديد الحصار ضدّ القطاع وتكثيف عمليات قتل الفلسطينيين وتجويعهم.

* السيناريو الثاني: تعتبر أن إسرائيل أن منطقة رفح هي معبر التهريب إلى القطاع، فتقوم باقتلاع رفح الفلسطينية وتوسيع قطاع فيلادلفيا.والخسائر الإسرائيلية هنا قد تكون قليلة، ونتيجتها إجبار قوى الممانعة على وقف العمليات من دون القضاء على المقاومة.

- العملية الأولى (الاجتياح) قد تحدِث تداعيات في الموقف العربي الذي تسعى أمريكا لتوحيده في مواجهة إيران. وقوى الممانعة لا تستطيع تحمّل اجتياح غزة، وعليها أن تلجأ إلى الحرب إلى جانب الشعب الفلسطيني.

- المقاومة في غزة يجب أن تنسّق مع المقاومة في لبنان ومع سوريا.

المحامية مي الخنسا سألت:هل تعمل القوى المقاومة في غزة على الاستفادة من التهدئة، أم أن إسرائيل تستفيد أكثر؟ المطلوب من الإخوة في غزة أن يبحثوا مع المسؤولين في مصر مسألة فتح معبر رفح حتّى يستفيدوا من هذه التهدئة.

وأضافت: من الخطأ القول أن إسرائيل غير مؤهّلة لحرب جديدة، فهي جريحة وتحتاج إلى عملية لإثبات نفسها مجدّداً.

 

أ. صقر أبو فخر: -في المبدأ المرء ليس ضدّ التهدئات المرحلية، خصوصاً أن الصراع في فلسطين صراع ممتد. التهدئة الحالية هي حاجة ملحّة للشعب الفلسطيني في غزة والضفة. وما كانت ترفضه حماس في غزة باتت تقبله اليوم نتيجة فشل تجربتها في غزة.

- التهدئة نتيجة لوهم لدى حماس بالترويج الدولي لنهجها ولتحسين العلاقة مع مصر، بهدف وتثبيت السيطرة على غزة. لذلك رفضت الحركة دعوة أبو مازن للحوار .

-من مخاطر التهدئة تكريس مرجعيّتين للسلطة الفلسطينية.

- الخلاف على التهدئة سببه غياب النظام الفلسطيني السياسي، مع التساؤل: هل بالإمكان إنشاء نظام كهذا تحت الاحتلال!

 

أ. ناصر قنديل: التهدئة هي التباس نموذجي لأنها تأتي في سياقين:

- فلسطيني-فلسطيني-إسرائيلي.

-سياق دولي.

وهذه ملامح أساسية في السياقين:

·        أمريكياً، هناك استهلاك لفائض القوّة في العراق.

·        إسرائيل، ليس لديها فائض قوّة لصرفه فلسطينياً.

·        هناك ظلم كبير لحماس.

·        عنوان التهدئة أمني، لأن الطرفين لا يملكان خيارات أخرى.

·        هناك تسليم دولي –إسرائيلي بسقوط خارطة الطريق.

·        لا يوجد توازن قوى يسمح بإنتاج تسوية جديدة، سواء على مستوى الإسرائيلي أو الفلسطيني.

·    إذا لم ينجح الطرف الإقليمي (العربي) أو لم يدرك ضرورة الاستفادة من فائض القوة الفلسطيني وقبل بتجزئة الحلّ في المنطقة، يكون مخطئاً.

·        المعبر الأساسي يكون في قدرة الفلسطيني على تجميع فائض القوّة من خلال توصّل السلطة وحماس إلى هذه القناعة.

 

د. محمود العلي: الاستطلاعات بين الفلسطينيين والإسرائيليين تقول أن الأكثرية بين الجانبين هي مع التهدئة.

من الفوائد المباشرة لحماس -كما قال د. موسى أبو مرزوق الاعتراف الإسرائيلي بحماس، وهذا تكريس للتوجّه الإسرائيلي بفصل المسارات وعزلها عن بعضها، وتكريس الانفصال بين القطاع والضفة.

 

د. سهيل الناطور : هدف العدو الآن، هو تحديد مصير الضفة الغربية، بعد أن أوقف العمل العسكري في غزة. لذلك يجب التركيز على الوحدة الوطنية الفلسطينية.

- الإسرائيليون وافقوا على التهدئة لتسعير التناقضات وتأهيل حماس للدخول في السياق التفاوضي في المنطقة. هناك تدوير زوايا من حماس. وهي بدأت تعترف بالتعايش الاقتصادي وفتح المعابر. أما النقاش حول المعبر السياحي الذي يمرّ به البشر وليس المواد فليس مطروحاً بجدّية. ومن يدير المعبر يكون صاحب الحصّة الكبرى.

- حماس لم تتّفق مع الفصائل الفلسطينية حول الاتفاقية. وهي كرّست الانقسام بين غزة والضفة الغربية.

 

أ. علي بركة:

- التهدئة جاءت بطلب أمريكي-صهيوني عبر مصر بعد فشل المحرقة الصهيونية في غزة في آذار الماضي وصمود المقاومة والشعب الفلسطيني في القطاع...

- من حقّ المقاومة الفلسطينية أن تقدّر ظروفها باعتبارها أدرى بواقعها وبطبيعة الصراع مع العدو، ولها الحقّ بانتهاج أساليب مختلفة في الصراع (كتكتيك)، في إطار التمسّك بالمقاومة كخيار استراتيجي لتحرير الأرض واستعادة الحقوق المغتصبة.

- لا تستطيع المقاومة أن تستمرّ من دون حاضنة شعبية. لذا، لا بدّ لقيادة المقاومة أن تراعي معاناة شعبها من دون التنازل عن الحقوق أو الثوابت الوطنية...

- الهدف الرئيس للحصار المفروض سياسي، للضغط على حماس للرضوخ لشروط الرباعية الدولية، وهي:

1-   الاعتراف بـ"إسرائيل".

2-   الالتزام بالاتفاقيات الموقّعة بين المنظمة والكيان الصهيوني.

3-   القبول بقرارات الشرعية الدولية.

4-   وقف العنف، والمقصود به المقاومة.

من هنا، فإن موافقة الاحتلال على التهدئة مع المقاومة الفلسطينية مقابل رفع الحصار هو تنازل سياسي صهيوني بمثابة تخلٍ عن شروط "الرباعية" ولو مؤقّتاً. وهذا إنجاز للمقاومة وثمرة لصمود أهلنا في قطاع غزة...

إن التهدئة هي قرار وطني، وبإجماع وطني وليست اتفاقاً بين حماس والعدو، بالرغم من وجود تحفّظات لبعض الفصائل على الاتفاق. حماس رفضت التعهّد بضبط الفصائل ورفضت أن تكون شرطة لحماية الكيان الغاصب، إنما الجانب المصري راعي الاتفاق تعهّد بالتواصل مع الفصائل للالتزام بالتهدئة.

أما بخصوص الحوار الداخلي:

حركة حماس مؤمنة بالحوار، وهي تدعو للحوار من دون شروط مسبقة...

- قبلنا المبادرة اليمنية كأساس وقاعدة للحوار وليس للتنفيذ المباشر من دون حوار. والمشكلة أن الرئيس محمود عباس يريد قبول حماس بتنفيذ المبادرة اليمينية قبل الحوار.

- البند الأول في المبادرة اليمنية يدعو حماس للقبول بقرارات الشرعية الدولية، وهذا يتضمّن الاعتراف بالكيان الصهيوني. وكذلك يدعو حماس للاعتراف بالاتفاقات الموقّعة بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني. لكن لماذا ترفض حماس الالتزام بالاتفاقيات الموقّعة وبقرارات الشرعية الدولية؟ لأنها ترفض الاعتراف بالكيان الغاصب. لذا، طالبت حماس بتعديل المبادرة اليمنية وخاصّة البند الأول فيها، وهذا ما رفضه أبو مازن وأصرّ على تنفيذ المبادرة؛ وهذا الموقف أفشل الحوار في صنعاء، رغم التوقيع على إعلان صنعاء بين حماس وفتح.

- أبو مازن طلب من مصر استضافة ورعاية الحوار الفلسطيني، ومصر وافقت لكنها أبلغتنا مؤخّراً أن الحوار مؤجّل إلى شهرين أو ثلاثة، وأن الأولوية الآن لإبرام صفقة تبادل الأسرى والإفراج عن الجندي الصهيوني الأسير جلعاد شاليط؛ وهذا ما رفضته حماس. وحماس تصرّ على إلزام العدو بالتهدئة وفتح معبر رفح، وبعدها يبدأ الحديث عن صفقة تبادل الأسرى...

- وجود الجندي الأسير بأيدي المقاومة يعتبر ورقة قوّة للمقاومة لا يمكن التفريط بها، خاصّة بعد إنجاز حزب الله "عملية الرضوان" وتحرير الأسرى وجثامين الشهداء (في لبنان).

لذا، لا نتوقّع أن ينطلق الحوار الفلسطيني الشامل قبل الانتخابات الأمريكية في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم...

 

أ. حلمي موسى:

أغفلنا نقطتين رئيسيّتين:

1-   التهدئة كانت محصّلة لواقع عربي وفلسطيني.

2-  التهدئة في الحقيقة حصلت بين ثلاثة أطراف. المصري،الإسرائيلي، وحماس. وأقول أن  اتفاق التهدئة فلسطينياً مقابل بقاء الاحتلال أعطى إنجاز التهدئة لمصر وليس لحماس.

التهدئة حاجة ضرورية لفلسطيني القطاع، وكان هناك ضغط باتجاهها. الحالة الفلسطينية جزء من الحالة العربية التي تتدهور رغم كلامنا عن الممانعة. نحن بحاجة إلى مقاومة مدروسة، وحماس استدعت واعتقلت مطلِقي الصواريخ وليس مصر.

- كلّ طرف رأى التهدئة بطريقة مختلفة.

- المصري رآها فرصة ليبني خط "ما جينو" بينه وبين القطاع...

- التهدئة كلمة عدوّة للمقاومة قبلت بها اضطراراً.

- إسرائيل قبلت بها وتريدها وهي المحتلة للأرض.

 

أ. عدنان البرجي:

- التهدئة تمّت في زمن متغيّرات دولية وإقليمية.

- الوضع الأمريكي في مأزق.

- الوضع المصري الداخلي صعب.

المجتمع الإسرائيلي يعيش أزمة، والمطلوب عدم تكريس الانفصال الفلسطيني ... ولا يجوز الاستمرار في ثنائية فتح-حماس في فلسطين.

 

العميد حطيط:

1- فلسطينياً: لست متفائلاً بحلّ الخلاف بين السلطة وحماس، ويجب تعطيل ترسيخ المرجعيّتين المستقلّتين.

2- حماس لها مكاسب في التهدئة، لكن يجب أن تكون قادرة على مقابلة الخرق الإسرائيلي بالخرق مع العودة إلى الاتفاق، وأن تقوم بعمل إعلامي تعرض فيه حجم الخروقات الإسرائيلية للاتفاق.

3- يجب السعي لاستثمار الهدنة لفكّ هذا الحصار، العربي أساساً.

4- هناك جولة عسكرية حتمية بعد هذه الهدنة يجب أن يستعدّ الجميع لها.

5- التوقّف عن لغة التخوين بين الفصائل الفلسطينية

2009-01-20 09:42:34 | 2319 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية