التصنيفات » ندوات

الدولة الفلسطينية شبيهة معازل الهنود الحمر




ـ ندوة سياسية ـ
6/7/2015

استضاف مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية في بيروت، الدكتور منير العكش (باحث متخصّص في الشؤون الأميركية) ليتحدث عن "الدولة الفلسطينية شبيهة معازل الهنود الحمر". وقد حضر الندوة نخبة من الباحثين والمهتمين.
بداية، كانت كلمة ترحيبية من مدير المركز وليد محمد علي بالمفكّر العكش وتعريف حول موضوع المحاضرة، مركّزاً على أخذ العبرة من قِبل شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية ممّا جرى للهنود الحمر في أميركا، الذين وقّع معهم (الرجل الأبيض) مئات المعاهدات حول إقامة دولة مستقلة لهم، والتي بقيت في النهاية حبراً على ورق.
ثم تحدث الدكتور العكش فقال: هذه الفكرة المذكورة آنفاً برزت لديّ سنة 2005 من خلال مقالة نشرتها في مجلة الكرمل، مع بحثي الدؤوب في مكتبة الكونغرس لإيجاد مرجع واحد حول مسألة الإيعاز الأميركي للهنود الحمر بإقامة دولة لهم في أميركا لكنني لم أجد شيئاً، ما حدا بأحد أصدقائي كي يفتّش ويبحث في متون المعاهدات التي عقِدت مع الهنود الحمر في ذلك العصر، والموجودة في الأرشيف الوطني الأميركي حتى اليوم.
أضاف: أول معاهدة عقِدت مع الهنود الحمر كانت في زمن جورج واشنطن، وكان برتبة جنرال وليس رئيساً، وهدفه الضمني كان إقامة دولة للهنود الحمر تشكّل حصناً منيعاً ضدّ الأمم الستّ الأخرى المنافسة لبلاده في شمال أميركا.
وتابع العكش: كما واجه ياسر عرفات في الزمن الحالي مصيره بالتسميم بعد توقيعه المعاهدة المخزية مع الصهاينة، تم تسميم زعيم الهنود الحمر يومذاك.
ولفت إلى 18 مجزرة ارتكبها الجنرال واشنطن ضدّ أبناء تلك الأمم الست كما عمل على تدمير مدنهم، وثم بناء مدن حديثة فوقها، ومنها مدينة واشنطن المبنيّة على آثار مدن وبقايا عظام بشرية، وخاصة المنطقة الموجودة أمام البيت الأبيض حالياً.
وأشار إلى المصير الذي لاقاه الهنود الحمر بعد الحروب الأميركية التي شُنّت عليهم لجهة العيش ضمن معازل خاصة، بعد طردهم بواسطة المذابح الجماعية من أراضيهم الأصلية.
وذكر العكش أن هناك 371 معاهدة مع الهنود الحمر صدّق عليها الكونغرس، لكن الولايات المتحدة خرقتها بين عامي (1778 و1830)، مبيّناً أنه في كلّ معاهدة كانت أميركا تؤكد لهؤلاء حرصها على إقامة دولتهم واحترامها لهم وعدم شنّ حملات عسكرية عليهم، واصفاً تلك المواقف بالخنجر المسموم بالكلمات الطيّبة.
وقال العكش: إن قبائل الهنود الحمر ظلّت مئتي سنة تحلم بالدولة إلى أن انتهى الأمر بها للإقامة في معازل!
وتحدث المحاضِر عن تاريخ نشوء أميركا على أساس المستوطنات العنصرية التي ما لبثت أن توسعت وأصبحت الولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف: إن فكرة الاستيطان في أميركا قامت على قواعد استيطان الأرض بالقوّة والاحتيال والقتل والإيديولوجيا، وهو ما يشبه ما قامت به "إسرائيل" خلال القرن الماضي من استيطان الأرض الفلسطينية، واستبدال الشعب الفلسطيني الأصلي بآخر مستورد ونشر إيديولوجيا مختلفة عن ثقافة السكان الأصليين.
وتابع العكش مقارنته بين كيفية نشوء أميركا على قاعدة طرد الهنود الحمر واستيطان أرضهم ومحو ثقافتهم وبين ما قامت وتقوم به "إسرائيل" حالياً"، ولفت إلى وجود شبه كبير بين "الدستورين" الأميركي والإسرائيلي لجهة عدم ذكر أيّ حدود ثابتة لهاتين الدولتين العنصريتين!
ونقل عن آرثر بيرغ، أحد رموز المستوطنين الأميركيين أن حدود أميركا هي سفر التكوين ويوم القيامة، منبّهاً إلى استمرار وجود الفكر "الطهراني" في العقل الأميركي إلى يومنا هذا والقائم على قتل وإلغاء الآخر، وإعلاء شأن المستوطنين الغرباء، والاتكاء على الغيبيات والخرافات.
وتطرّق العكش إلى ما وصفه بأحد أخطر أسلحة الغزاة المستوطنين في أميركا، وهو سلاح المفاوضات والمعاهدات الاحتيالية الطابع، إضافة إلى الترحيل القسري للشعوب الأصلية وسط ظروف مأسوية قاتلة.
ووصف المعازل بأنها مناطق صغيرة عاش فيها بقايا شعوب الهنود الحمر، وهي شكّلت 3% فقط من مساحة أميركا؛ ومع ذلك، فقد أقيمت لهؤلاء الهنود حكومات غير فاعلة أو تابعة للمستعمر الأميركي الأبيض.
وختم الدكتور العكش بالدعوة للاستفادة من قراءة التاريخ الأميركي بعمق وعدم تجاهل المعطيات التاريخية والسياسية والدينية المؤثّرة فيه، من أجل فهم أفضل السياسات الأميركية الراهنة في العالم، وفي الشرق الأوسط خصوصاً، لناحية تماهيها بالكامل تقريباً مع سياسات "إسرائيل" العنصرية والإلغائية ضدّ الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة عموماً.

2015-07-09 14:24:51 | 8244 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية