التصنيفات » ندوات

ندوة الجذر السياسي لأزمة الأونروا... قضية اللاجئين بين الحلّ والتصفية



 

عقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية ببيروت، بتاريخ 3/3/2016، الندوة السياسية الدورية تحت عنوان (الجذر السياسي لأزمة الأونروا.. قضية اللاجئين بين الحلّ والتصفية)، والتي حاضر فيها كلّ من الأستاذ مروان عبد العال والأستاذ سهيل الناطور، المختصّان بملف اللاجئين أو المقتلعين الفلسطينيين في لبنان.

بداية قدّم مدير مركز باحث للدراسات، وليد محمد علي، للمحاضِرَين، بالتأكيد على أن هدف ما يجري منذ أشهر من قِبل وكالة الأونروا (ورُعاتها) بالتضييق على اللاجئين في لبنان: صحّياً وتعليمياً وخدماتياً، هو التمهيد لإلغاء الأونروا كشاهد دولي على مأساة اللاجئين ولدمج وتوطين هؤلاء في لبنان (وغيره)، ضمن مخطّط عام يستهدف تفتيت دول وشعوب المنطقة وتغيير وجهها ووجهتها بما يخدم مصالح الحلف الأميركي ـ الصهيوني على وجه الخصوص.

وتحدث الأستاذ مروان عبد العال (مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان)، كاشفاً أن مفوّض عام وكالة الأونروا (كرينبول) قد ألمح إلى أن الفشل السياسي على مستوى المنطقة يؤدّي حكماً إلى دفع أثمان سياسية!

وقدّر (عبد العال) أن أزمة الأونروا هيكلية وبنيوية وليست طارئة، وهي التي اعتمدت منذ البداية على ميزانيات دول أجنبية وعلى تبرّعات ولم تستند إلى ميزانية ثابتة ومُقرّه من قِبل الأمم المتحدة، على أساس أن قضية اللاجئين هي قضية إنسانية ومؤقّتة، ولن تطول لعقود مديدة!


 


ولفت المحاضِر إلى أن منظمة التحرير كانت الداعم الأوّل للاّجئين قبل وخلال عمل وكالة الأونروا في لبنان وسورية والأردن، لكن الأوضاع والتحوّلات السياسية والأمنية غيّرت المسار، وكشفت أن المسألة مرتبطة بالأمن الإقليمي، حيث تهدف «إسرائيل» إلى استيعاب اللاجئين في بلدان الشتات بأية طريقة؛ وكذلك هو هدف داعمي الأونروا الرئيسيين: الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي.

وتحدث (عبد العال) عن الفساد في الوكالة (نسبة 85% من ميزانيتها تُصرف كرواتب لموظّفيها)، فيما تُهدر أموال طائلة أثناء تنفيذ مشاريع إعمارفي المخيّمات (نموذج مخيّم نهرالبارد الذي لم يكتمل بناء نصفه حتى اليوم)، من دون إغفال تأثير أو دور الدولة اللبنانية في تفاقم معاناة اللاجئين (داخل المخيّمات وخارجها) بسبب التعاطي العنصري معهم والفساد داخل الهيئات أو المؤسسات اللبنانية التي تتعاطى مع مشاكلهم، فضلاً عن القوانين الجائرة التي تمنعهم من العمل وغيره من الحقوق...

وعن كلّ هذا الواقع يغيب دور الشتات الفلسطيني في التأثير لتغيير ما يجري أو يخطّط له في المخيّمات وضدّها، بموازاة انحسار دور منظمة التحرير وفقدان أيّ استراتيجية للمواجهة من قِبلها أو من قِبل الفصائل والقوى الفلسطينية.

ودعا (عبد العال) إلى إعادة تأكيد قدسيّة حقّ العودة للاجئين كقاعدة مُلزمة للأونروا والمجتمع الدولي لمعالجة قضايا ومشاكل اللاجئين الاجتماعية والإنسانية، وإلى تحديد دقيق لصلاحيات الوكالة ووظائفها ورفع موازناتها وتنويع مصادرها، في ظلّ حملة عربية ودولية مستمرّة لتحقيق هذه الأهداف، مشيراً إلى خطورة تقارير صدرت مؤخراً عن هيئات بحثية في الجامعة الأميركية ببيروت حول المسار الانحداري لأوضاع اللاجئين في المخيمات (الطبابة ـ التعليم ـ الأمن الغذائي ـ العمل ـ الخدمات...) بما يستدعي معالجات سريعة من قِبل الأونروا وغيرها، خصوصاً مع نزوح آلاف الفلسطينيين من مخيّمات سورية مؤخراً إلى داخل المخيّمات المكتظّة أصلاً!

أما الأستاذ سهيل الناطور، فتحدث عن تجاوز دولي تاريخي لما ورد من ربط في البند (11) من القرار (302) المتعلق بإنشاء وكالة الأونروا، بين معالجة أوضاع اللاجئين الإنسانية والاجتماعية وبين حقّ عودتهم إلى ديارهم في أقرب وقت! لكن الأونروا، بدوافع أو ضغوط سياسية، ركّزت على البعد الإنساني فقط، مع محاولة توطين اللاجئين في البلدان التي استقبلتهم (الدمج).


 



وأشار (الناطور) إلى أن مشكلة الوكالة مركّبة ومعقّدة، وهي تشمل النقص في الموازنة من قِبل الداعمين الرئيسيين، والتزايد السكّاني الطبيعي بين اللاجئين، والأزمات أو المشاكل المتوقعة في ظروف المخيّمات والبيئة التي تحتضنها، خاصة في لبنان حيث لا تتوافر الشروط الأساسية لعيش كريم للاّجئ، والذي لم يقطع الأمل يوماً من العودة إلى وطنه فلسطين، ورفض كلّ إغراءات التوطين أو التهجير إلى المنافي البعيدة.

وانتقد المحاضِر عدم تطرّق اتفاق أوسلو الموقّع بين منظمة التحرير والكيان عام 1993 لحلّ قضية اللاجئين، بشكل جدّي وصولاً إلى الواقع الراهن حيث لا وجود لقرار فلسطيني وعربي موحّد لمعالجة قضايا اللاجئين القريبة أو البعيدة المدى..

ولفت (الناطور) إلى وجود بعد سياسي في المسألة، فضلاً عن البعد الإنساني والاجتماعي؛ والهدف هو تصفية قضية اللاجئين تدريجاً، من خلال التضييق المتواصل والتقشف غير المبرّر في موازنات الأونروا (السويد مثلاً لم تقلّص أبداً من مساهماتها في الأونروا)، بموازاة الحلقة المفقودة القائمة بين الإدارة الدولية المعنيّة بقضايا اللاجئين (خاصة في لبنان) وبين المجتمع الفلسطيني المحلّي، والمتأثر بالانقسامات السياسية الحاصلة..

ودعا (الناطور) إلى رسم خطّة للمواجهة، تتضمن رفض إلغاء وكالة الأونروا والعمل على دفع المجتمع الدولي لتوفير موازنات مناسبة لها، وفرض رقابة صارمة على مصارفاتها وأولوياتها وأهدافها (المسيّسة)، مع عدم الاعتماد على الدعم الفردي (من دولٍ بعينها) لحلّ الأزمات المتفاقمة للاجئين، والسعي لمنع التدخلات المشبوهة في مسار وكالة الأونروا، سواء من قِبل الدول الداعمة أو من الدول العربية المستضيفة للاّجئين...

ورداً على مداخلات وأسئلة بعض الحاضرين في الندوة، رفض (الناطور) طرح زيادة الضغط على دول الخليج لزيادة إسهاماتها المالية في حلّ مشاكل اللاجئين، باعتباره غير عملي، ولأن هذه الدول ترغب بتسييس مساهماتها دائماً، فيما يبقى دور الفصائل محدوداً، وكذلك دور منظمة التحرير والدولة اللبنانية، على رغم قرار وزير الصحّة اللبناني الأخير حول تقديم أدوية للأمراض المزمنة للاجئي لبنان، فيما تظلّ الحقوق الأساسية لهؤلاء مغيّبة (الضمان الصحّي ـ حقّ العمل والسكن اللائق...).

فيما أجاب (عبد العال) على بعض الأسئلة بأنه يرفض ما يُسمّى تعريب وكالة الأونروا، لأنها تبقى (في حالتها الراهنة) شاهداً دولياً على استمرار قضية اللاجئين الذين يجب أن يعودوا إلى ديارهم، على امتداد الأرض الفلسطينية؛ وهذا المسار يشمل لاجئي الشتات كما لاجئي الضفة الغربية وغزّة وأراضي العام 1948، لافتاً إلى خطورة السياسات الممارسة من قِبل الدولة اللبنانية في تهجير بعض اللاجئين الذين لم يتزايدوا بالمعدّلات الطبيعية، كما حال أقرانهم في سورية والأردن أو داخل فلسطين، فيما تتكفّل ممارسات الأونروا في مضاعفة مآسي هؤلاء، اجتماعياً وإنسانياً (لا يتجاوز عدد لاجئي لبنان حالياً 250 ألف، وهو كان يقارب 100 ألف وقت لجوئهم عام 1948، فيما تجاوز عدد لاجئي الضفة الغربية رقم المليون ونصف...).


 


وأخيراً، أشار (عبد العال) إلى البعد الدولي الخطير في التعريف الجديد الذي طُرح في الكونغرس الأميركي حول اللاجئين، والذي حصر مشكلة هؤلاء بمن تهجّر في العام 1948 وأترابهم فقط (من بقي على قيد الحياة)، بما يعني ذلك من إلغاء لصفة اللجوء عن أبنائهم وأحفادهم ومن سيليهم، في تناسق واضح مع الهدف الصهيوني المعلن بتصفية قضية اللاجئين وتجاهل البعد السياسي الأساسي فيها، والذي أشارت إليه أغلب القرارات الأممية المتعلقة بهم، منذ عقود وحتى التاريخ القريب..

 

2016-03-08 07:50:22 | 9079 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية