التصنيفات » ترجمات

مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي

 

مركز أرييل للبحوث السياسية

مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي

التقرير الختامي لمشروع دانييل (DANIEL)

نيسان/2004

 

 

قدّم له الأستاذ (البروفيسور) لويس رينيه بيريس (Louis Rene Beres)- الرئيس.

 

على إثر صدور "استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية" في 20 أيلول 2002، أطلق الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش George W. Bush عملية تحرير العراق، وذلك في آذار من السنة التالية. انّ نتائج تلك الحرب -التي لا تزال غير واضحة في جوهرها حتى ساعة كتابة هذا التقرير تُستخلص في معظمها من التأكيدات الأمريكية الواسعة بأحقيتها في المبادرة، وهذا الحق في مفهومه وفي تطبيقه يوسّع تماسك وترسيخ الامتياز العرفي المتعلق بـ"الدفاع الاحترازي عن النفس" في ظل القانون الدولي. وبالرغم من عدم وجود تصنيف قانوني لاحق –حتى الآن- لهذا التوسّع الأمريكي، فمن المؤكد أن هذه السابقة التي أوجدتها القوة الوحيدة العظمى المتبقية في العالم سيكون لها تأثيرها على المسلكية السياسية الفعلية لدول أخرى.

من غير المثير للدهشة أن العديدين داخل المجتمع الدولي قد انتقدوا هذه السياسة الجديدة. مع ذلك، فإن التاريخ مليء بالأمثلة التي قامت بها الشعوب   -بشكل صائب- للاحتفاظ لنفسها بحق المبادرة، حين رأت تلك الشعوب أن مصالحها القومية الحيّة، أو حتى وجودها بالذات كان معرّضاً للتهديد أو الخطر.

باختصار، سواء أصبح أو لم يصبح هذا الحق الافتراضي المتزايد، الذي يجيز المبادرة بالهجوم باعتبارها دفاعاً عن النفس، فإنه عمّا قريب سيصبح نموذجاً أو معياراً عاماً مقبولاً في القانون الدولي الرسمي. إن هذا الحق -بالممارسة- سيكتسب على الأرجح مصداقية وشرعية معزّزتين، حتى وإن لم تكن الفكرة الواسعة للدفاع الاحترازي عن النفس قد بلغت درجة المثال أو النموذج الحاسم حسب التعريف الوارد بالمادة 53 من اتفاقية فيينا حول قانون المعاهدات (ب) فإن بعض الدول المعرّضة للخطر غالباً ما ستستشهد به. وبهذا الخصوص، فإن الانتشار المتزايد لأسلحة الدمار الشامل عبر العالم والمقتصر حالياً على الدول غير المستقرة وغير الديموقراطية، يؤكد تماماً هذا المبدأ المتنامي.

مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي: إن التقرير الختامي لمشروع دانييل قد استُكمِل في أواسط كانون الثاني 2003، أي قبل عدّة أشهر من ابتداء عملية "تحرير العراق". لا شيء –مما يرتبط بحرب أمريكا عام 2003 ضد نظام صدام حسين في العراق أو بالصراع المتنامي داخل ذلك البلد المجزّأ- يوحي بحقيقة متغيّرة لـ"إسرائيل" والشرق الأوسط، بل على العكس، فإن "الدروس" المُستخْلصة من عملية "تحرير العراق" لا تقيم الدليل فقط على أن تقريرنا الختامي يبقى صالحاً، بل أنها تدل أيضاً على أن صلاحية هذا التقرير قد تعزّزت بشكل كبير، واليوم -أكثر من أي وقت مضى- يتعيّن على دولة "إسرائيل"- ألا وهي الدولة البالغة الصِغرْ التي يمكن استيعابها مرتين داخل بحيرة ميتشيغن الأمريكية- أن تضمِّن استراتيجية دفاعها العامة خيارات رادعة مناسبة. ولكونها أكثر عرضة من الولايات المتحدة لاعتداءات كارثية ناجمة عن "الضربة الأولى" فإنه من حق "إسرائيل" الآن أن تتحضّر بكل شكل متاح لأضرار تطال وجودها. وانسجاماً مع استراتيجية الدفاع القومي للولايات المتحدة الأمريكية ومع الأهداف الاستراتيجية لعملية "تحرير العراق"، فإن لـ"إسرائيل" حقاً ضِمنياً للدفاع عن نفسها دون أن تمتص أولاً هجوماً بيولوجياً و/أو نووياً. إن هذا لصحيح بصرف النظر عن الحصيلة التراكمية لعملية "تحرير العراق". وأيضاً بصرف النظر عن الانتقادات المحددة الموجّهة الآن إلى الولايات المتحدة.

إن مشروع دانييل قد بدأ بفرضية أن محيط "إسرائيل" الأمني يجب أن يتم تقييمه باستمرار، وأن التهديد من قِبَلِ دولة معادية غير عاقلة أو من قِبَلِ أعداء لا دولة لهم، مسلحين بمخزون من أسلحة الدمار الشامل، يمثل الخطر الوحيد الأكثر إلحاحاً على حياة الدولة. وأثناء مداولاتنا سبق لنا (أي المجموعة) أن اتفقنا على أن أن التأثير العام لهذا التهديد كان كبيراً بشكل غير اعتيادي، إلا أن احتمالات حدوثه كانت أقل من تلك الاعتداءات بأسلحة دمار شامل من جماعات معادية عاقلة. إن انعكاس هذا الرأي جعلنا نستنتج أن تركيز "إسرائيل" الرئيسي يجب أن يوجّه الآن إلى منع تحالف الدول العربية و/أو إيران من الوصول إلى حيازة أسلحة دمار شامل. كذلك فقد ألحيّنا على أنه يُفضّل متابعة هذا الهدف بينما تستمر "إسرائيل" في سياستها الحالية التي تتعمّد عدم الوضوح فيما يخصّ وضعها النووي الخاص. كذلك، فقد استنتجنا أن الصيغة التقليدية لحرب بين جيوش وطنيّة قد تتناقص إمكانية التنبؤ بها في الشرق الأوسط المتطور، كما وأنه قد أصبح من المطلوب وضع "نموذج تحوّل". إن هذا التحوّل في التوجهات وفي الموارد سيضع تأكيدات جديدة على التهديدات القصيرة المدى (الإرهاب) وعلى التهديدات البعيدة المدى (قذائف بالستية وأسلحة دمار شامل). هذا، وقد اقترحنا هنا إحداث تخفيض متماثل في الموارد التي على "إسرائيل" تخصيصها لسيناريوهات الحروب الكلاسيكية. واليوم، في نهاية شهر نيسان 2004 -أي بعد مرور خمسة عشر شهراً على عرضنا لـ"مستقبل إسرائيل الاستراتيجي" على رئيس الوزراء "الإسرائيلي" آرييل شارون- فإننا نعيد تأكيدنا وبقوة على تلك المقترحات.

إن مجموعتنا تؤكد بشكل حاسم أنه يتوجّب على "إسرائيل" تجنّب المواجهات غير التقليدية مع الدول المعادية لها كلما وأنما أمكن ذلك. وبالتأكيد، ليس من مصلحة "إسرائيل" أن تتورّط مع تلك الدول في صراعات بأسلحة دمار شامل في حال توفّرت خيارات أخرى، بل الأحرى بها أن تخلق ظروفاً لا تسمح معها بحدوث مثل أشكال الصراع تلك.

إن مستقبل "إسرائيل" الإستراتيجي لا يرشد إلى كيفية الإنتصار في حربٍ بأسلحة دمار شامل في محيط شرق أوسطي، ولكنه يصف ما نعتبره –نحن المؤلفون- ظروفاً ضرورية وواقعية وأكثر جدوى لتحقيق اللاعدائية تجاه "إسرائيل" في المنطقة. إن كل هذه الظروف مجتمعة -التي لم تغيّرها عملية "تحرير العراق"- تتضمّن مبادئ مترابطة وشاملة فيما يخصّ مبدأ الردع والدفاع والحرب وأخذ المبادرة. إن فرضيّتنا الاستراتيجية الدقيقة التي أكدتها وأثبتتها حرب العراق عام 2003 وحساباتها اللاحقة، إنما تهدف لمساعدة صانعي السياسة على إحلال الاستقرار والقدرة التنبؤية في منطقة مضطربة.

وبتتبّعنا للجسم الرئيسي لـ"مستقبل إسرائيل الإستراتيجي" الذي يظلّ تماماً كما كان عليه عند استكماله أساساً في كانون الثاني 2003، فإن ملحقاً تم إعداده مؤخراً سيسهم في تحديث معلومات القارئ فيما يخصّ الظروف الحالية، كما وسيتيح للقارئ أو القارئة فهماً كاملاً ودقيقاً للتقرير الختامي في ظل بيئةٍ تاريخية شاملة وحقيقية. ونحن نقترح بشدّة أن يعتبر القارئ هذا الملحق المختصر جزءاً لا يتجزأ من "مستقبل إسرائيل الاستراتيجي".

                             د. لويس رينيه بيريس

بروفيسور في القانون الدولي جامعة بوردو، رئيس مشروع دانييل.


          ملاحظات:

(أ) إن حق الدفاع الاحترازي عن النفس وفقاً للقانون الدولي قد شرّعه "هيوغو غروتيوس" (Hugo Grotius) في الكتاب الثاني من "قانون الحرب والسلام" 1625. هنا يشير غروتيوس إلى أن الدفاع عن النفس مشروع ليس فقط بعد التعرّض لهجومٍ ولكن قبله أيضاً: "حيث يمكن توقّع الفعل". أو كما يقول لاحقاً في نفس الفصل: "يحقُ قتل من يستعد ليقْتُل...". ولقد أورد صموئيل بوفيندورف (Samuel Pufendorf) نقاشاً مشابهاً في بحثه "في واجبات الإنسان والمواطن طبقاً للقانون الطبيعي" (1672). إن الحق العرفي للدفاع الاحترازي عن النفس له نماذجه الحديثة في "حادثة كارولين" (Caroline Incident)، التي تتعلق بالعصيان الفاشل سنة 1837 في "أعالي كندا" "ضدّ الحكم البريطاني (وهو عصيان إستدرّ عطف ودعم الولايات المتحدة الشمالية الأميركية). على إثر هذه الحادثة، إتخذت التهديدات الجادّة بالقيام بهجوم مسلّح مبرراً للعمل العسكري الدفاعي. [أنظر كتاب ج. مور (J.Moore)- ملخص القانون الدولي رقم 409 (1906)].

واليوم، يقول بعض الدارسين أن الحق العرفي في الدفاع الاحترازي عن النفس المعبّر عنه في كارولين (Caroline) قد تمّ إبطاله بموجب التعابير المحددة الواردة بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وبهذا المنظار فإن المادة 51 تصوغ عبارة جديدة أكثر تقييداً لمفهوم الدفاع عن النفس. تستند إلى الأهلية الحرفية التي تتضمّنها تلك العبارة: "... إذا حصل هجوم مسلّح". إن هذا التفسير يتجاهل       -على أي حال- أن القانون الدولي لا يستطيع منطقياً إجبار دولة ما على الإنتظار حتى تمتصّ ضربة أولى قد تكون قاتلة أو مدمرة" قبل أن تقوم بالرد لحماية نفسها. إن الجدل ضد المفهوم التقييدي للدفاع عن النفس يعززه الضعف الموثق جيداً لمجلس الأمن في اتخاذه إجراءات أمنية جماعية ضد أي مُعتدٍ محتمل أو متوقّع. للاطلاع على مواقف مؤيدة حول "تحديد واقعية الدفاع الاحترازي عن النفس في العصر النووي يرجي مراجعة: لويس هانكين (Louis Henkin) –القانون الدولي- قضايا ومواد 933 (1980)، وكذلك سايتنغ وولفجانج فريدمان (Citing Wolfgang Friedmann): خطر التدمير الشامل والدفاع عن النفس 259-260 (1964) وكذلك جوزيف م. سويني (Joseph M. Sweeny): النظام القانوني الدولي –قضايا ومواد ص 1460-1461 الطبعة الثالثة- 1988؛ وأيضاً استشهادات مايرز ماكدوغال (Myers Medougal) الحجْر السوفياتي الكوبي والدفاع عن النفس -75- المجلّة الأميركية للقانون الدولي 597-598 (1963).

(ب) عقِد في فيينا بتاريخ 23 أيار 1969 ودخل حيّز التطبيق بتاريخ 27 كانون الثاني 1988.


مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي

مشروع دانييل /التقرير الختامي

أُعدّ خصيصاً لعرضه على آرييل شارون رئيس وزراء دولة "إسرائيل"

16/ كانون الثاني/ 2003

إن مشروع دانييل هو جهد خاص ومطّلع، يهدف إلى تحديد التهديدات الوجودية المهيمنة ضد "إسرائيل" والعلاجات المستقبلية لتلك التهديدات. ويتعيّن على تلك العلاجات أن تكون مثمرة وقابلة للتحقيق. مع الاحتفاظ بذلك في ذاكرتها، قامت المجموعة بعقد اجتماعات في مدينتي واشنطن دي.سي. ونيويورك في مناسبات عدّة خلال العام 2002، وأثناء الفترات التي فصلت بين تلك الاجتماعات، كان أفراد المجموعة يتبادلون المعلومات بشكل منتظم. إن محصّلة هذا الجهد قد تمّ نقلها إلى التقرير الختامي التالي: "مستقبل إسرائيل الإستراتيجي". إن وجهات النظر الواردة في هذا المستند هي وجهات نظر الأعضاء وحدهم، وبالتالي فهي لا تعكس وجهات نظر أي معهد أو حكومة. إن أملنا أن تسهم الهيئة المميزة لمشروع دانييل الذي يستند إلى خلفية وخبرة كل فردٍ منها في تقوية وتعزيز العلاقات الاستراتيجية ما بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، وأن تسهم أيضاً في الجدل المتنامي حول أفضل السُبل لرد "إسرائيل" على ما يهدّد وجودها وأمنها القومي.

تتألف المجموعة من:

بروفيسور لويس رينيه بيريس:

-رئيساً/ الولايات المتحدة الأميركية.

نعمان بيلكايند:

مساعد سابق لنائب وزير الدفاع "الإسرائيلي" للموارد الخاصة/ "إسرائيل".

بروفيسور إسحاق بن إسرائيل:

 لواء في القوات الجوّية "الإسرائيلية"/ "إسرائيل".

 د. راند هـ. فيشباين:

 عضو سابق بهيئة المحترفين للجنة مخصصات مجلس الشيوخ الأمريكي، ومساعد خاص سابق لشؤون الأمن القومي لدى السيناتور دانييل ك. أينوي/ الولايات المتحدة الأميركية.

د.أدير بريدور:

مقدّم (متقاعد) في القوات الجوية "الإسرائيلية" رئيس سابق لمركز رفائيل للتحليلات العسكرية/ "إسرائيل".

 يواش تسيدون- شاتو:

عقيد- القوات الجوية "الإسرائيلية"/ "إسرائيل"

 

الملّخص التنفيذي:

1-    إذا أخذنا بعين الاعتبار موضوع الأمور المحتملة الحدوث وموضوع الأضرار، فإن التهديد الرئيسي لوجود "إسرائيل" في الوقت الحالي يتمثّل في حرب تقليدية يشنّها عليها تحالف من الدول العربية و/أو إيران.

2-    إن "إسرائيل" أيضا ًمعرّضة للخطر (الحالي والمحتمل) بأسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة النووية و/أو الأسلحة البيولوجية التي يمكن أن يستخدمها، أعداؤها ضدها إما بضربة أولى معادية أو عن طريق تصعيد الحرب التقليدية. إن خاصيّة إحتمال سقوط "إسرائيل" جرّاء تلك الأسلحة إنما هي بسبب صِغرْ مساحتها وكثافة سكانها المرتفعة وتركّز بنيتها التحتية، وعليه، فإننا نقترح:

أ‌.   أن تقوم "إسرائيل" بأي شيء ممكن لمنع قيام تحالفٍ معادٍ لها وأن تمنعه من حيازة أسلحة دمار شامل. إن ذلك قد يشمل ضربات وقائية (تقليدية) ضد مراكز تطوير أسلحة الدمار الشامل المعادية وضد مراكز التطوير والتصنيع والتخزين والمراقبة والانتشار. إن هذه التوصية تتماشى مع القانون الدولي القديم فيما يتعلق بالدفاع الاحترازي عن النفس (الدفاع الوقائي) كما وتتماشى مع وثيقة الدفاع المعلنة حديثاً من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية.

ب‌. على "إسرائيل" أن تستمر في سياستها الحالية الغامضة فيما يخص وضعها النووي لأن هذا سيساعد على منع أي تشريع لأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. ومع ذلك من الممكن أيضاً أن يتمّ تحذير "إسرائيل" –مستقبلاً- للتخلّي عن الاستمرار في غموضها النووي والإفصاح بحدود معيّنة عنه. هذا ما سيكون عليه الحال ما لم يتمّ منع النشاطات النووية للعدو (أكان العدو دولة و/أو لا دولة).

ج‌.  على "إسرائيل" توفير كلّ دعم بنّاء للحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب، وعليها أن تصرّ على تحقيق الهدف الأمريكي لمنع/ إزالة أسلحة الدمار الشامل من أيدي الدول الشريرة والمجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط. هنالك تطابق واضح في المصالح بين "إسرائيل" والولايات المتحدة فيما يتعلق بالأمن ومناهضة الإرهاب.

د‌. على "إسرائيل" أن تفعل كلّ ما باستطاعتها لمنع أية دولة شرق أوسطية شريرة أو أية مجموعة إرهابية من حيازة أسلحة دمار شامل. وبغضّ النظر عن سياستها تجاه غموضها النووي أو كشفها له، فإن "إسرائيل" سوف لن تستطيع التحمّل ما لم تستمر باحتفاظها برادع نووي موثوق وآمن وحاسم، جنباً إلى جنب مع نظام دفاعي متعدد الطبقات مضاد للصواريخ. إن هذه القوة المميزة (الضربة الثانية) القادرة على مقابلة الأذى بمثله يجب أن تمتاز بالقدرة على تدمير ما يقارب 15 هدفاً هاماً جداً منتشراً على امتدادٍ واسعٍ في دول معادية بالشرق الأوسط. إن الأولوية الطاغية بالنسبة للقوة "الإسرائيلية" النووية الرادعة يجب أن تتمثل دائماً في حفاظها على أمن الدولة دون الحاجة أبداً لإطلاقها ضد أي هدف. إن الغاية الرئيسية من
قوات "إسرائيل" النووية يجب أن تظل دائماً الردع الاحترازي ضد، ... وليس الانتقام اللاحق من.

3-    إذا تمكنت أي دولة أو تحالف دول شرق أوسطية شريرة من حيازة أسلحة دمار شامل فإن احتمالات قيام عدوٍ مشترك بهجوم تقليدي ضد "إسرائيل" سترتفع حتماً وبشكل كبير، وفي مواجهتها لأعداء قد يظنون أنفسهم محصّنين الآن تحت مظلة أسلحة الدمار الشامل، يتعيّن على "إسرائيل" القيام بما يلي:

أ‌.   المحافظة على قواتها التقليدية بكامل قوتها وجهوزيتها القتالية، معتمدة على النوعية والقدرة على الحسم، آملين أن يتحقق ذلك بواسطة الدعم المادي الكامل من جانب الولايات المتحدة، التي تتوافق مصالحها مع مصالح "إسرائيل".

ب‌. أن تكيّف أولوياتها التخطيطية ومتطلبات ميزانيتها وفقاً لـ"نموذج التحوّل" الذي سيتم وضعه لاحقاً في هذا التقرير. وبهذا الصدد فإن "إسرائيل" مطالبة بتخفيض الأولوية التي توليها للحرب التقليدية دون إضعاف تفوقها الذي لا يقبل الجدل ضد أي تحالف معادٍ محتمل.

4-    إن المجموعة على علم بأن العديد من توصياتها الاستراتيجية متوقفة على توفير التمويل الكافي لها. فإذا ما كانت الاعتمادات المالية الأساسية التي تحتاجها "إسرائيل" للتعامل مع ما يسمّى "القوة المنخفضة" والتهديدات البعيدة المدى بأسلحة الدمار الشامل سيتم توفيرها عن طريق زيادة الضرائب، فإن ذلك يهدد إقتصاد "إسرائيل" و(بسخرية) قد يقوّض أمنها بطرقٍ أخرى؛ وللتعامل بطريقة هادفة مع تلك التهديدات (التهديدات التي سيتم تناولها في سياق عرض هذا التقرير لـ "نموذج التحوّل") يتعيّن على الحكومة "الإسرائيلية تخفيض جميع النفقات غير المنتجة، كما وعليها السعي لتشجيع رفع الانتاجية بشكل كبير. إن الزيادة الحاصلة في إجمالي الناتج القومي (GNP) ستؤمن الزيادة المطلوبة للدفاع القومي لـ"إسرائيل".

 

التهديد الوجودي لـ"إسرائيل" (تهديد وجود إسرائيل")

في عصر الحرب الشاملة، على "إسرائيل" أن تظل متيقظة تماماً للتهديدات التي تطال استمراريتها كدولة قابلة للحياة والنمو، ومع مثل هذه اليقظة فإن "إسرائيل" قد أقرّت دوماً بضرورة السعي للسلام عن طريق المفاوضات والعمليات الدبلوماسية حيثما أمكن ذلك. إن هذه الضرورة المصنّفة في دستور الأمم المتحدة وفي مصادر رسميّة متعددة من القانون الدولي ستظل دوماً الموجّه المرشد لسياسة "إسرائيل" الخارجية.

ولكن عندما لا يُقابل بحث "إسرائيل" عن تسوية سلمية للنزاعات بمثله عليها عندئذٍ أن تكون مستعدّة للتعامل مع مجال واسعٍ من التهديدات الوجودية. بالمعنى الحرفي للكلمة، إن فكرة تهديد الوجود تنطوي بديهياً على أضرار تُنذر بالإبادة الكاملة أو بزوال الدولة. إن المجموعة تشعر -من ناحية ثانية- أن بعض أشكال الهجوم التقليدي وغير التقليدي ضد مراكز تجمّع المدنيين "الإسرائيليين" ستشكل تهديداً وجودياً.

وبالرغم من أن مثل هذه الاعتداءات تجرّمها بوضوح أحكام قانون الإنسانية الدولي (Humanitarian International Law) القديم العهد، فإن على "إسرائيل":

1-      الإقرار بأن هذه القوانين غالباً ما تمّ تجاهلها من قِبَلِ عددٍ من الخصوم الشرق أوسطيين.

2-      إتخاذ الخطوات الوقائية المناسبة التي تستلزم الردع والدفاعات الفعّالة والدفاعات الكامنة والمبادرة.

أما فيما يخص المبادرة فإن القانون الدولي قد أجاز للدول -منذ أمدٍ بعيد- المبادرة بإجراءات فعّالة في حال وجود "خطر وشيك" بالاعتداء. إن هذا المعيار للدفاع الاحترازي عن النفس قد تم تعزيزه وتوسيعه بقوة من قِبَل الرئيس بوش عند إصداره مؤخراً استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية. إن صدور هذا المستند في 20 أيلول 2002 قد أكدّ "أن المفاهيم التقليدية للردع سوف لن تجدي ضد عدوّ تعتمد تكتيكاته المعلنة على التدمير الوحشي وعلى استهداف الأبرياء ..." وأنه "علينا تبنّي مفهوم الخطر الوشيك بالنسبة لقدرات وأهداف أعداء اليوم". إن هذا "التبنّي" يعني لا شيء أقل من الضرب أولاً حيثما يظهر تهديد للولايات المتحدة إن اعتُبر هذا التهديد غير مقبول بالقدر الكافي.

ونظراً لأن "إسرائيل" -فعلياً- أقلّ قدرة على الدفاع وأكثر عرضة للهجوم من الولايات المتحدة، فإن حقها الخاص باللجوء إلى الدفاع الوقائي عن النفس في ظل خطر تهديدات محددة لوجودها أمر لا يقبل الجدل. علاوة على ذلك. فإن روابط "إسرائيل" بالولايات المتحدة قوية وجليّة وكذلك هو الحال بالنسبة للمصالح الاستراتيجية المُحكمة التماسك.

إن بعض الهجومات -بأسلحة الدمار الشامل- على المدن "الإسرائيلية" قد تكون في حقيقة الأمر وجودية، ومثال على ذلك، الهجوم البيولوجي أو النووي على تل أبيب، الذي سيقتل آلافاً عديدة من المواطنين "الإسرائيليين" كما سيكون لتلك الهجومات عواقب رهيبة وعويصة لقدرة البلد على الحياة والنمو.

لقد بحث أحد التقارير التي أعدتها مؤخراً مؤسسة التراث -مركزها واشنطن- في تأثيرات هجوم عراقي بأسلحة الدمار الشامل على تل أبيب(1)، حيث يُظهر أحد السيناريوهات أن صاروخاً عراقياً واحداً محمّلاً بـ 500 كيلو غرام من مادة البوتيولينيوم (Botulinum) سيقتل حوالي 50000 شخص، كما ويُظهر سيناريو ثانٍ أن صاروخاً عراقياً واحداً مزوداً بـ 450 كيلو غرام من غاز في.إكس. للأعصاب سيقتل 45000 نسمة. فلو تُركت العراق لتطوّر رؤوسها النووية فإن الصواريخ العراقية كانت ستقتل مئات الآلاف من "الإسرائيليين".

هذا، وتورد اللجنة ثلاثة أنواع، مختلفة ولكن مترابطة، من التهديدات الوجودية:

1-    تهديدات بيولوجية/نووية من قبل دول.

2-    تهديدات بيولوجية/ نووية من قِبَل منظمات إرهابية.

3-    تهديدات بيولوجية/نووية بجهود مشتركة من قِبَل دول ومنظمات إرهابية.

إذا ما أتيح لبعض الدول العربية وإيران تطوير قدرات أسلحة الدمار الشامل سيتعيّن على "إسرائيل" التعامل مع هجوم مجهول السيناريو، أي حين لا تقوم الدولة المعتدية بالتعريف عن نفسها، فإن تعرّف "إسرائيل" على مرتكب الجريمة سيكون مشكلة يصعب البتّ فيها. وعموماً هنالك موضوع "مضاعف القوة" على "إسرائيل" مواجهته، ألا وهو الموقف الذي يتمّ فيه القيام بهجمات متعدّدة على "إسرائيل" من جانب هيئات مختلفة معادية سواء كانت دولة أو لا دولة، والتي ستُوقع نمطاً من الأضرار يكون في مجمله أكبر من مجموع أجزائه وفيما يخص الردع الفعال لمثل هذه الحالات، ترى المجموعة أنه يتعين على "إسرائيل" أن تحدد بوضوح -وفي وقت مبكر- كافة الدول العربية المعادية وإيران لتكون هدفاً لانتقام "إسرائيلي" مكثّف في حال تعرّضت "إسرائيل" لهجمات بيولوجية/نووية. إنها عند قيامها بذلك سيكون موقفها الرادع مرآة تعكس نفس موقف الولايات المتحدة تجاه الإتحاد السوفياتي في فترة الحرب الباردة.

منذ اعتداءات 11 أيلول 2001 الإرهابية، أوضحت الولايات المتحدة أنها تحتفظ بحقها في استخدام كافة الأسلحة المتاحة للرد على أي هجومٍ يتعرض له ترابها من قِبَل عدوٍ يستخدم أسلحة دمارٍ شامل. أبلغت إدارة بوش الكونغرس يوم 11 كانون الأول 2002 أن سياسة الولايات المتحدة اليوم هي استخدام "القوة الساحقة"، بما فيها الأسلحة النووية، في حال استعملت أسلحة كيماوية أو بيولوجية ضد أمريكا أو ضد قواتها المسلحة، ولقد وردت التهديدات ضمن مستند يتألف من ست صفحات تحت عنوان (الاستراتيجية القوميّة لمعارك أسلحة الدمار الشامل). إن "إسرائيل" -في نظرنا- يجب أن تتبع سياسة مماثلة.

إن تهديد وجود "إسرائيل" قد يتفاقم أكثر بسبب القادة العرب/الإيرانيين الذين تُعتبر أفعالهم -حسب المعايير الأوروبية- غير منطقية. في مواجهة قادة معادين لايثمّنون الوقاية الذاتية الوطنية و/ أو الخاصة أكثر من أي خيار أو مجموعة خيارات أخرى، بالإمكان شلّ حركة الردع "الإسرائيلي"، وبالتالي قد يعتمد الأمن -بشكل كبير- على نجاح أو عدم نجاح الجهود الوقائية المسبقة.

في ظل مثل هذه الظروف، تكون سياسة "إسرائيل" "التدمير الحتمي المتبادل"، التي سبق التوصّل إليها بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي غير مجدية بين "إسرائيل" وأعدائها العرب/الإيرانيين. وتدرك المجموعة -بدون شك- أنه يتحتم على "إسرائيل" منع أعدائها من الوصول إلى وضعيّة إمتلاك أسلحة بيولوجية/نووية، وأن أي نيّة للتكافؤ "البيولوجي أو النووي بين "إسرائيل" وأعدائها سوف لن تُحتمل. إن نسبة الحجم الطبيعي هي 800 إلى 1 والسكان 55 إلى 1 والنفوذ السياسي 22 إلى 1.

إن التصويت في الأمم المتحدة بين "إسرائيل" وأعدائها، وما كانت مُحصّلته مؤخراً "صفراً"، قد حوّل مفهوم الصراع مع "إسرائيل" (وهو مفهوم لا يتيح حالياً أية إمكانية للحلّ أو التوافق)، يعني أن بقاء "إسرائيل" إنما يتوقف على تجنّب التكافؤ بأي ثمن كان. إستناداً إلى ذلك، فإننا نؤمن –وبقوة- أنه على "إسرائيل" أن تتبنّى حالاً -وبأولوية قصوى- سياسة المبادرة تجاه التهديدات الوجودية المعادية. إن مثل هذه السياسة قد تعزز قدرة الردع "الإسرائيلية" إلى المدى الذي يكشف بوضوح رغبة البلاد الحقيقية وقرارها بالتصرّف وِفْقَ ما يلزم.

إدراكاً منها للشراكة الحميمة والمصالح المتطابقة بين "إسرائيل" والولايات المتحدة فإن المجموعة تدعم بالكامل الحرب الأمريكية المستمرة على الإرهاب. وفي هذا الخصوص، نحثّ على قيام تعاون وتواصل كاملين بين أورشليم وواشنطن فيما يتعلق بتبادل النوايا. وإذا ما قرّرت الولايات المتحدة –لأي سبب من الأسباب- أن تعارض ممارسة خيارات المبادرة ضد بعض تطويرات أسلحة الدمار الشامل، فعلى "إسرائيل" أن تحتفظ لنفسها بحقها الكامل في تولّي عمليات الدفاع الوقائي عن النفس الخاصة بها.

لقد باشرت المجموعة مداولاتها بالقلق التالي:

تواجه "إسرائيل" اليوم خطر تفجيرات إنتحارية في العالم الكبير. هنا، في هذا السيناريو، تقوم دولة عربية معادية و/أو إيران بعمل ضد "إسرائيل" دون أي اعتبار عادي للعواقب الانتقامية. في حالة قيام فرد ما بعملية تفجير إنتحارية فهو يتصرف دون خوف من العواقب الشخصية، ألا وهي الموت، فإن دولة عربية معادية و/أو إيران ستطلق هجمات بأسلحة الدمار الشامل ضد "إسرائيل" مع وعيها وتوقعها الكاملين لحجم الانتقام "الإسرائيلي" الساحق. إن الاستنتاج المستخلص من هذا السيناريو هو أن الردع إزاء هذه الدول الانتحارية كان سَيُشلّ نتيجةً لعدم عقلانية العدوّ، وأن ملاذ "إسرائيل" الوحيد في مثل هذه الظروف سيكون أشكالاً ملائمة من المبادرة.

إن المجموعة قلقة أيضاً تجاه منهجية معيّنة مختلفة عن هذا السيناريو، حيث لا تسعى الدولة أو مجموعة الدول المعادية ولا تحبّذ انتقام "إسرائيل" الشديد، ولكنها -بسبب تمايزها السكاني الواسع على "إسرائيل"- تصبح مستعدة للقبول بخسائر فادحة لأن خسائر "إسرائيل" ستكون نسبياً أكثر بكثير. فإذا كانت الدولة أو مجموعة الدول المعادية تستطيع تحمّل نسبة خسائر تبلغ 1 إلى 1 مقارنة بخسائر "إسرائيل" الوجودية في مستوى عالٍ. إن توقّع مثل هذه العملية الحسابية من جانب العدو إنما يؤكد حساسية "إسرائيل" الفائقة تجاه أسلحة الدمار الشامل للعدو، كما وتؤكد ضرورة تبنّيها لسياسة المبادرة حيثما أمكن ذلك.

عرض الأسباب والمبادئ:

تدرك المجموعة اللاتناسق الأساسي بين "إسرائيل" والعالم العربي/الإيراني. هذا اللاتناسق يتعلق بالسلوكيات تجاه الرغبة العامة للسلام، وبغياب الأنظمة الديموقراطية في العالم العربي/الإيراني، والقبول بالإرهاب كسلاح شرعي من قِبَل العالم العربي/الإيراني، والمحصّلة البالغة "صفيراً" بمفهوم الصراع في مواجهة "إسرائيل"، الذي تحمله بعض بلدان العالم العربي/الإيراني، وكذلك التفوّق الديموغرافي (السكاني) الهائل للعالم العربي/ الإيراني، وكذلك النزعة الأقوى لدى العالم العربي/الإيراني لاقتراف أخطاء في حساباته الاستراتيجية. ولو أخذنا كل هذه الأمور مجتمعةً فإن هذه اللاتناسقات تشير إلى مخطط عربي/إيراني متطرّف مؤجّل ضد "إسرائيل"، مُقترنٌ برغبةٍ جامحةٍ لدى البعض لتطوير أسلحة دمارٍ شاملٍ لاستخدامها في تلك الحرب.

إستناداً إلى نقاط اللاتناسق المذكورة أعلاه، يتوجب تجنّب أي مواجهات غير تقليدية بين "إسرائيل" والدول المعادية في الشرق الأوسط، وليس من مصلحة "إسرائيل" أن تنخرط في حرب بأسلحة دمارٍ شاملٍ مع تلك الدول المعادية، وعليه، فإن على "إسرائيل" المحافظة على تفوّقها التقليدي في المنطقة. إن ذلك يحتّم الإبقاء على استعداداتها لحرب بأسلحة الدمار الشامل في أعلى مستوى جهوزية ممكن.

 

 

إن النموذج التقليدي للحرب بين الجيوش الوطنية قد أصبح أقل ملاءمة في الشرق الأوسط الحالي. ومع الوقت سيكون من المجدي أكثر لـ"إسرائيل" أن تزيد تركيزها على الحلول ذات التقنيّة العالية (مستهلكة بذلك أعداداً أقل من الموارد).

تقليدياً، كان هناك استخفاف بالتهديات القصيرة المدى (الإرهاب) والبعيدة المدى (القذائف البالستية وأسلحة الدمار الشامل).

إن النموذج الاستراتيجي لـ"إسرائيل" يجب أن يتحول الآن كي يتلاءم مع التهديدات المتزايدة للإرهاب والاعتداءات البعيدة المدى المعتمدة على أسلحة الدمار الشامل. وكي تقوم بذلك -بالطبع- يجب إجراء تخفيضٍ مماثل بالموارد التي تستطيع "إسرائيل" تخصيصها لأعمال الحرب التقليدية.

إن التقنيات الحديثة ستتيح لـ"إسرائيل" تخفيض نفقاتها الدفاعية في حين تحافظ على  -أو حتى تعزّز- فعالية ونجاعة أعمال الحرب التقليدية. إن الشيء الحرج لهذا التحول في مبدأ الأعمال الحربية هو وجود سلسلة من التقنيات الحديثة مثل زيادة القدرة التدميرية للأسلحة (طن × أميال مدمّرة لكل هدف) يمكن تحقيقها عبر زيادة المدى وزيادة دقة وفعالية الرؤوس الحربية والإنذارات المبكرة (EW) والدفاعات الأخرى والأشعة تحت الحمراء المخفّضة والتردد اللاسلكي والتغذية المرتدّة (ربط البيانات) أثناء المسار والقدح النهائي. إن الاستخدام المجدي للأسلحة المعقّدة سيكون متاحاً فقط إذا توفّرت –وبشكل دقيق- استخبارات الوقت الحقيقي لما قبل وبعد القدح سواء من الناحية التكتيكية أو الاستراتيجية، شريطة أن يتمّ ربط عتاد التواصل وبرمجيته بالكمبيوتر فيما يخص إصدار الأمر بالقدح والمراقبة والاتصالات.

وتدرك اللجنة أن التهديدات الإرهابية وتهديدات أسلحة الدمار الشامل تعكس نسبة الضعف في كلٍ من "خاصرتي" المخطط البياني التخصصي. هذا، ويجب تخصيص الموارد اللازمة للتقنيات ضد هؤلاء الذين يقودون الإرهاب وضد البُنى التحتية التي تدعمهم. إن مثل هذه التقنيات الفعالة موجودة حالياً.

وتذكّر اللجنة بالتقنيات التالية- الوثيقة الصلة بالموضوع- في مواجهة التهديدات الاستراتيجية: الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية- أقمار صناعية للإنذار، مركبات ضاربة جوية بدون طيار، مرحلة تعزيز اعتراض إطلاق الصواريخ (BPLI)، قوات الانتشار البعيدة المدى إضافة إلى قدرة "الذراع الطويلة" (التي سنتناولها بتفصيل أكثر، لاحقاً في هذا التقرير).

إن نموذج التحوّل له دلالاته العالمية النطاق. وكما ذُكر أعلاه فإن اللجنة تشعر بأن:

1-          على "إسرائيل" القيام بكل ما يلزم لإبقاء الشرق الأوسط خالٍ من الأسلحة البيولوجية والنووية، بما في ذلك الهجومات المُبادِرة التقليدية ضد التسهيلات المعادية المتعلقة بتطوير وإنتاج الأسلحة البيولوجية والنووية.

2-          على "إسرائيل" ألا تثير أو تستفز أو –بأي شكل من الأشكال- تشرّع تطوير الأعداء للأسلحة البيولوجية والنووية، إنما عليها المحافظة على وضعها الحالي فيما يخصّ الغموض المُتعمّد طالما أمكن ذلك.

3-          على "إسرائيل" أن تدعم الحرب الأميركية ضد الإرهاب، مطالبة بإلحاح أن يظلّ هدف واشنطن الرئيسي تدمير ومنع القدرات غير التقليدية في الشرق الأوسط العربي/الإيراني، وفي حال الفشل الأمريكي/"الإسرائيلي" في منع الانتشار البيولوجي والنووي في بلدٍ أو بلاد معادية في الشرق الأوسط فإن على "إسرائيل" أن تحافظ على وتصرّح عن ترسانتها النووية الرادعة، وهذا سيستلزم خطواتٍ دقيقة ومحددة بحيث تقتنع الدول المعادية تماماً بأنها، (أي "إسرائيل") قادرة ومستعدة لاستخدام أسلحتها النووية.

إن المجموعة قلقة أيضاً من "زلات" الزمن في النشاطات النووية العربية/الإيرانية. إن بعض التفكير الحالي يشير إلى احتياج فترات زمنية قصيرة لتتمكن دولة معادية من الوصول إلى مستوى مُعيّن من القدرة النووية، وبذلك تخلق إحساساً حقيقياً بالإلحاحية. آخرون قد فضّلوا تقديرات طويلة، معرفين بذلك التهديدات النووية المعادية الناشئة بأنها لا تزال بعيدة جداً في المستقبل. نحن نشكّ أن تكون مراحل التطوير العربية/الإيرانية طويلة بالأحرى (هذا ما يتوافق مع عمليات موازية في دولٍ وأقاليم أخرى من العالم)، نظراً لأن مراحل حيازة وتعاظم الترسانات بعد وضع القطع الأولى في مكانها ستكون قصيرةًً نسبياً. نحن نقترح إذاً ألاّ تشير السياسة "الإسرائيلية" إلى "فترة تتمكن خلالها بعض الدول العربية من امتلاك عددٍ قليلٍ من الأجهزة النووية". إن مثل هذه الفترة ستكون قصيرةً حتماً، وان "إسرائيل" لا تستطيع المكوث طويلاً مُعوّلة على الوقت الكافي في ظلّ هذه الظروف بانتظار الحصول على إجابة.

وتضع المجموعة هذه القائمة التي تحدّد المراحل والفترات الزمنية النموذجية المتوقّعة لها.


إن بعض، وليس كل هذه المراحل ستكون متزامنة:

·        تطوير (مختبر) جهاز إنشطار نووي.

10 سنوات

·        تطوير جهاز دمج (بتوفير تقنية الإنشطار النووي).

10 سنوات.

·        تحضير مواد استراتيجية لجهاز نووي.

10 سنوات.

·        تطوير قنبلة هوائية (نظام أسلحة).

8 سنوات.

·        تطوير صاروخ للمدى البعيد.

12 سنة.

·        تركيب رأس نووي حربي على صاروخ.

8 سنوات.

·        بناء ترسانة من 100 قنبلة (بعد القنبلة الأولى).

 4 سنوات.

·        بناء ترسانة من 100 صاروخ نووي (بعد الأول).

4 سنوات.

·        بناء نظام مُوزّع لقاذفات الصواريخ.

5 سنوات.

·        تشغيل أسطول من الغواصات الحاملة لصواريخ نووية.

12 سنة.

 

إن قائمة المراحل أعلاه تعطي فكرة تقريبية لمقدار الوقت الذي قد تحتاجه "إسرائيل" في تحضيرها لكل مرحلةٍ معلنةٍ ومؤكدة من مراحل بناء القدرة النووية العربية/الإيرانية.

وتقدّم اللجنة أيضاً أحكاماً مطّلعة بالنسبة لأنواع الأسلحة اللازمة لعمليات المبادرة "الإسرائيلية". نحن نرفض الجدل القائل بأن الأسلحة النووية ضرورية ولازمة في الضربات الوقائية ضد القدرة النووية المعادية. إن الوسائل التقليدية غالباً ما تكون أكثر فعالية من الوسائط النووية لمثل هذا الغرض. حتى لوكانت الأسلحة النووية متوفرة بالكامل للضربات الوقائية، وحتى لو كان استخدامها لا يتعارض مع القانون الدولي الرسمي، فإن الاسلحة التقليدية تكون أفضل –حيثما أمكن- ضد القدرات النووية المعادية الناشئة.

وتقرّ اللجنة بأن هنالك أيضاً الميزة الإضافية المتمثّلة في أخذ المبادرة ضد قدرات العدو البيولوجية والنووية دون التصعيد لحرب بيولوجية/نووية في الشرق الأوسط. إن أدوات العمليات الوقائية ستكون جديدة ومتنوعة وهادفة. مثال الطائرة البعيدة المدى مع الدعم المناسب للمهام المشتقّة، وقوات تدخل أرضية بعيدة المدى ذات مستوى رفيع، ومنظومات تجميع المعلومات الاستخباراتية ذات قدرة تحمّل عالية، وأيضاً منصات للضربات الجوية تعمل آلياً ذات قدرة تحمّل عالية وهكذا دواليك.

وتضع المجموعة نصب عينيها أنه حالما تصل إلى وضعية إمتلاك أسلحة بيولوجية/نووية، فإن الدول المعادية في منطقة الشرق الأوسط قد تستطيع:

1-    إطلاق حرب غير تقليدية ضد "إسرائيل".

2-    إطلاق حرب تقليدية أو حرب محدودة ضد "إسرائيل" تحت مظلّة الردع المضاد بأسلحة الدمار الشامل.

لمنع مثل هذا السيناريو الذي قد تُمنع فيه "إسرائيل" من الانتقام بسبب تهديدات بعدم معقولية تدميرها للقوة المضادة المعادية، فإنه يتحتم على "إسرائيل" عندئذٍ المحافظة على "حدّها النوعي" بمساعدة الولايات المتحدة، كما وعليها تكييف نفسها وفقاً لـ"نموذج التحول".

في ظلّ هذه الظروف يجب أن تتمتع "إسرائيل" بالتفوق التقليدي ضد أعدائها العرب/الإيرانيين حتى في ظل التخفيضات المقترحة في "نموذج التحوّل"، كما ويجب أيضاً أن تدعم ميزانية دفاعها مثل هذا التفوّق الضروري. أكثر من أي وقت مضى، فإن أول نقطة أساسية في مبادئ أمن "إسرائيل" يجب تذكرها واحترامها هي: "ليس بوسع "إسرائيل" تحمّل خسارة حرب واحدة".

بدايةً، عند تفحّص مدى إقناعيّة الردع "الإسرائيلي" النووي، علينا التفريق بدقّة بين التهديدات المعادية التقليدية/المحدودة القوة والتهديدات المعادية بهجوم نووي/بيولوجي ونووي. لكن؛ نظراً لأن أكثر الهجومات التقليدية المعادية خطراً سيتمُّ إطلاقها ضد "إسرائيل" من قِبَلِ دول مدعومةٍ بقدرةٍ بيولوجية ونووية، فإن إقناعية الردع النووي "الإسرائيلي" يجب أن يتم تقييمها دائماً إزاء أسلحة العدو البيولوجية والنووية.

 

حفاظ "إسرائيل" على "حدّها النوعي"

تؤكد المجموعة على ضرورة احتفاظ "إسرائيل" بتفوقها التقليدي على كافة الأخصام ومجموعة الأخصام المؤتلفة. إن حدّ "إسرائيل" النوعي هو الوسيلة الوحيدة التي تمكّنها من التعويض عن النقص الكمّي الثابت والمتعذّر إلغاؤه، وهذا بالضرورة يعني التوقعات التالية للقوات الجوية "الإسرائيلية":

·              على "إسرائيل" أن تزيد –إلى الحدِّ الأقصى- استخباراتها الاستراتيجية للوقت الحقيقي والدقيق والبعيد المدى.

·              على "إسرائيل" أن تزيد –إلى الحدّ الأقصى- مصداقية قدرة ضربتها الثانية.

·              على "إسرائيل" أن تطوّر وتختبر وتصنّع وتنشر مراحل تعزيز الاعتراض حتى تتلاءم مع المتطلبات التشغيلية التي تفرضها قدرات الصواريخ البالستية للعدو. (الأداء والأعداد).

·              على "إسرائيل" أن تبدأ بالاعتماد بقوة على مركبات جوية بدون طيار القابلة للاسترداد سواء خلسة أو بطرق أخرى لاستخدامها في مهمات عديدة مثل إخماد الدفاعات، والتضليل والإنذارات المبكّرة بكافة أشكالها، والتجميع الاستخباراتي والضرب، كما ويجب التشديد على نظام التوضيع العالمي (GPS) للملاحة.

·              على "إسرائيل" أن تزيد -إلى الحد الأقصى- قوّتها البشرية للقتال التقليدي والمساعد (الاحتياطي) وأن تجهّزها بالشكل الأمثل.

·              على "إسرائيل" أن تفترض المسؤولية التشغيلية لقدرتها في الضربة الثانية، سواء كان الانتشار في البر أو في البحر، مع تأمينها وحدة القيادة الأساسية.

وتؤكد المجموعة هنا على ضرورة أن تظلّ "إسرائيل" في وضعيّة تمكّنها من كسب أي حربٍ تقليدية. ومن أجل منع شرق أوسط نووي، تحتاج "إسرائيل" لأعلى مستوى على الإطلاق من "الحد النوعي". وهنالك بالطبع فائدة مشتركة هنا مع الولايات المتحدة.

إن احتياج "إسرائيل" لتعريف وتمويل بعض العناصر الخاصة التي تمنح قوتها "حداً نوعياً" يجب أن يظلّ ثابتاً ومتوافقاً مع "نموذج التحوّل" الذي وضعناه. وحيث أن هذا الهدف كان يُعتبر التزاماً دائماً من قِبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ونظراً لأنه يعتمد بشكل أساسي على دعم الولايات المتحدة، فإن المجموعة تقترح أن يتم تناول الأسئلة الرئيسية التالية بالبحث والتقصّي:

1-          ما هي الخطوات التي يتوجب اتخاذها لتحسين دمج قدرات "إسرائيل" مع المتطلبات العسكرية السارية المفعول لدى الولايات المتحدة؟

2-          ما الذي يشكلّ قاعدةً صناعيةً مزدهرةً لـ"إسرائيل"، وما هو المطلوب لتأكيد قدرة "إسرائيل" على مواجهة التهديدات الاستراتيجية الناشئة؟

3-          مع انخفاض الميزانية الدفاعية [المُعبّر عنها كنسبة مئوية من مجمل الناتج المحلي (GDP)] كيف ستتمكن "إسرائيل" من تمويل    -ليس فقط جيلها الجديد من الأنظمة العسكرية- بل أيضاً الحرب القائمة ضد الإرهاب؟

4-          هل من الضروري إعادة بناء العلاقات الاستراتيجية من جديد بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"؟

5-          كيف يمكن لـ"إسرائيل" أن تستفيد بشكل ٍ أفضل من المعونة العسكرية التي تقدمها لها الولايات المتحدة؟

6-          ما هو الممكن فعله لإزالة بعض العوائق الحالية التي تشوب تجارة الدفاع بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"؟

7-           كيف يمكن لـ"إسرائيل" أن تساعد الولايات المتحدة –بشكل أفضل- في تحقيق متطلباتها للدفاع الوطني (الدفاع الداخلي) ضد التهديدات الإرهابية وتهديدات أسلحة الدمار الشامل؟

8-          ما هي القوات الاستراتيجية التي تحتاجها "إسرائيل" لمواجهة التهديدات البعيدة المدى التي تطال أمنها، وكيف يمكن للبلد أن يتمكن من تمويل هذه القوات؟ إن ذلك سيشمل طائرات هجومية ذات مدىً شاسع، ودفاع صاروخي موسّع، ونظام واسعٍ للتزويد الجوي بالوقود، وقوات تدخّل أرضية خاصة ذات مدى بعيد، إضافة إلى منظومة القيادة والتحكم والاتصالات الحاسوبية الطور البيني (C41)، وفي أحسن وأفضل التعبيرات المالية الممكنة فإن "إسرائيل" ستسعى أيضاً لتمويل وجودها البحري في المحيط الأزرق، ولكن هذا الخيار قد استُثْنِيَ حالياً بسبب قيود الميزانية الدفاعية.

9-          ما هو المطلوب لتصليد القوات الهجومية والدفاعية الحالية لـ"إسرائيل" بحيث تصبح حصينة بشكل كافٍ أمام الضربات الأولى للعدو؟

10-     كيف تستطيع "إسرائيل" التقليل من التناوب بين الاستعداد التشغيلي وتحديث القوات؟

11-     كيف يتوجب على "إسرائيل" إعادة ضبط استراتيجية دفاعها بحيث تأخذ في الاعتبار احتمالات قيام الولايات المتحدة بتوسيع وجودها العسكري في الشرق الأوسط؟

12-     ماذا على "إسرائيل" أن تقرّر بشأن التهديدات المتنامية التي تمثلها عصرنة بعض الدول المعادية؟

13-     ماذا على أورشليم أن تقدّم لواشنطن، دعماً منها للعمليات العسكرية الأميركية المستقبلية في الشرق الأوسط؟

14-     هل يتوجب تعزيز وضعية "إسرائيل" المميّزة كحليف رئيسي للولايات المتحدة كونها ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي؟

وتشعر المجموعة أنه من الأساسي لـ"إسرائيل" الحصول على دعم الولايات المتحدة في المشاريع الدفاعية الحالية الهادفة لتعزيز مُجمل الردع "الإسرائيلي" المستقبلي.

إن نظام الدفاع الصاروخي "الإسرائيلي" أرو (Arrow) [المقاول الرئيسي: شركة الصناعات الجوية "الإسرائيلية" (IAI)] يستلزم ترتيبات مختلفة مع شركة بوينغ (Boeing) الأميركية. إن القوات الجوية "الإسرائيلية" التي تشغّل نظام أرو سوف تصل إلى هدفها بالحصول على 200 طائرة اعتراضية في مخزونها حسب البرنامج المحدد. إن مدراء "أرو" يأملون أيضاً بيع منتجاتهم إلى عددٍ من الدول الأخرى، مما يساعد "إسرائيل" على تدعيم "حدّها النوعي". إن المهندسين "الإسرائيليين" يخطون خطوات للتأكد من أن "أرو" سيعمل جنباً إلى جنب مع أنظمة "باتريوت" (Patriot) الأميركية. وتشعر المجموعة أنه على القوات الجوية "الإسرائيلية" متابعة العمل على مواضيع التشغيل المتبادل الخارجي والداخلي.

عبر جهدها لخلق وبناء منظومة دفاع صاروخي متعدّد الطبقات قد تكون "إسرائيل" قد باشرت بالفعل العمل على إنتاج طائرة بدون طيار يمكنها اصطياد وتدمير أجهزة إطلاق الصواريخ البالستية المتحركة المعادية. وإن الرسميين العسكريين "الإسرائيليين" قد حاولوا أن يحثوا البنتاغون على الإشتراك في مشروع مهاجمة أجهزة الإطلاق المعروف باسم "مرحلة تعزيز اعتراض أجهزة إطلاق الصواريخ" (BPLI)، ولكن واشنطن تركز الآن على تقنيات بديلة. وتشعر المجموعة الآن أن بإمكان "إسرائيل" القيام بمشروع تعزيز اعتراض أجهزة إطلاق الصواريخ بـ -وبدون- مساعدة الولايات المتحدة، علماً بأن الحصول على مثل هذا الدعم سيتيح للمشروع التقدم بوتيرة أسرع كثيراً. إن الاستفادة من دعم الولايات المتحدة في "مشروع تعزيز مرحلة اعتراض أجهزة إطلاق الصواريخ" يمثل خطوة هامة أخرى نحو الحفاظ على "الحدّ النوعي" "الإسرائيلي".

تعتقد المجموعة أنه على الولايات المتحدة المشاركة تقنياً ومالياً في جهود الدفاع الصاروخي المتعدّد الطبقات إلى أبعد حدٍ ممكن. إن أولويات "إسرائيل" وجداولها الزمنية ملحة جداً من ناحية الوقت، والحصيلة الأخيرة لفوائد مثل هذه المشاركة الأميركية سيتمّ تقاسمها بين البلدين. وهنا تشدّد المجموعة على أهمية الدفاعات المتعددة الطبقات بالنسبة لـ"إسرائيل"، هادفة على المدى البعيد إلى "مرحلة تعزيز الاعتراض" (BPI) أو "مرحلة تعزيز أجهزة إطلاق الصواريخ" (BPLI)، ولكن اللجنة تؤكد بقوةٍ أن على "إسرائيل" أن تتسم بأخذ المبادرة قبل انتشار مخزون غير تقليدي معادٍ يُفقد الاستقرار.

 

الحرب على الإرهاب:

إلحاقاً باقتراحات اللجنة بشأن "نموذج التحوّل" فإننا نؤمن بأن الحرب القائمة الآن على الإرهاب، والتي تقودها الولايات المتحدة، لها أهميتها الهائلة بالنسبة لأمن "إسرائيل". هذه الحرب –بالتأكيد- يجب خوضها –ليس فقط على مستوى المنظمات الإرهابية مباشرة- ولكن أيضاً ضد الدول الشريرة المختلفة التي تدعم وتساند تلك المنظمات. من وجهة نظر القانون الدولي، تُعتبر الحرب ضد الإرهاب أملاً ومطلباً واضحين لكل الدول المتحضرة.

في المستند الوارد سابقاً: إستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية (20 أيلول 2002) أكدّ الرئيس جورج بوش على ما يلي:

"إن أولويتنا ستكون بالدرجة الأولى تمزيق وتدمير التنظيمات الإرهابية المنتشرة في العالم ومهاجمة قياداتها وزعمائها وموجّهيها واتصالاتها وداعميها ماديا ًوتمويلاتها، وسنستمر في تشجيع شركائنا الإقليميين على تبني جهد منسق لعزل الإرهابيين. حالما تتمكن الحملة الإقليمية من حصر التهديد في دولةٍ واحدةٍ فإننا سنقوم بالمساعدة كي نضمن إمتلاك الدولة للدعم القانوني وللوسائل العسكرية والسياسية والمالية اللازمة لإنجاز المهمة". ويتابع الرئيس: "في حين أن تركيزنا مُنْصَبّ على حماية أمريكا، إلا أننا نعلم أنه لنهزم الإرهاب في عالمنا الشامل، نحتاج إلى دعم حلفائنا وأصدقائنا".

وهنا توصي المجموعة بأن تعرض "إسرائيل" مثل هذا الدعم على الولايات المتحدة إلى أبعد مدى ممكن، وبالمقابل، تطلب "إسرائيل" من الولايات المتحدة أية مساعدة أو موارد تستطيع أمريكا توفيرها. إن حرب أمريكا على الإرهاب هي حرب "إسرائيل"، كما وأن حرب "إسرائيل" على الإرهاب هي حرب أمريكا. إن مصالح بلدينا في هذا الموضوع متطابقة تماماً.

إن استقرار الشرق الأوسط عموماً وأمن "إسرائيل" خصوصاً سيتأثران بحصيلة الحرب على الإرهاب. إن إضعاف قدرات الإرهاب على امتداد العالم، وإضعاف قدرات أسلحة العدو غير التقليدية مرتبطان مباشرة بالأمن "الإسرائيلي"، وبأخذها المبادرة وتحركها بقوة ضد الأهداف العسكرية المرتبطة، تكون الولايات المتحدة قد حالت دون اشتعال الشرق الأوسط بأسلحة الدمار الشامل وهو اشتعال قد يمتد إلى خارج المنطقة. إن ذلك سيوضّح للمجتمع الدولي ضرورة وقانونية قيام دولة "إسرائيل" بإجراءات دفاعية مماثلة. علاوة على ذلك تعتقد المجموعة أن أي من هذه الفوائد غير المباشرة للحرب الأمريكية على الإرهاب قد تدعم الروابط الوثيقة بين واشنطن وأورشليم مُعززة بذلك مختلف أنماط التعاون الأساسي المتبادل بين هذين الحليفين.

وتوافق اللجنة على أن النصر في الحرب على الإرهاب (التحقيق الكامل لأهداف الرئيس بوش المعلنة في استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية) سيكون بمثابة السابقة الأمثل للإجراءات "الإسرائيلية" المستقلّة اللاحقة. ونحن ندرك أيضاً أنه لا توجد تعريفات مُثبتة وجاهزة لأية معايير واضحة ومؤكدة لمفهوم "النصر"، بل إن الحرب على الإرهاب سيتمّ خوضها -بالضرورة- وسط نتائج بالغة الغموض، ولذلك ستكون "إسرائيل" قد اقترفت خطأ لو أنها انتظرت نصراً أميركياً في هذا المسرح قبل أن توكل نفسها إلى الخيارات الدفاعية اللازمة.

في الواقع، إن مثل هذه الوضعية المتوانية من جانب "إسرائيل" ستعيق    -على الأرجح- مجمل الإجراءات اللازمة لمواجهة الأخطار على وجودها.

من الأرجح أنه إثْرَ أي حرب تقودها أمريكا ضد عراق صدّام حسين، فإن التقييمات الدقيقة للأضرار التي تلحق بالبنية التحتية الخاصة بتطوير صدّام لأسلحة الدمار الشامل وبمصادر قدراته الفعلية سيكون مشكوكاً فيها. ويجب أن يكون الهدف هو القضاء التام على تلك البنية التحتية وعلى القدرات الفعلية، إضافة إلى منع أية خطوات عراقية مخطط لها من أجل نشر وتوزيع أسلحة الدمار الشامل. علاوة على ذلك، فإن إزالة صدّام حسين يجب أن يكون الهدف الرئيسي لأي إجراء عسكري من جانب الولايات المتحدة ضد العراق علماً بأنه ليس واضحاً ما إذا كانت مثل هذه الإزالة –في أي حال من الأحوال- ستنهي كافة المخاطر ذات الصلة، والتي تنبعث من ذلك البلد. في أحسن الظروف المؤاتية لـ"إسرائيل"، ستنجح القوات المسلحة للولايات المتحدة في القضاء على كل من بنية صدّام التحتية لتطوير أسلحة الدمار الشامل/ القدرات الفعلية المرتبطة بذلك وعلى صدّام نفسه. وهذا يعتمد على:

1-    تقييمات ما بعد الحرب، المطلعة على القدرات العراقية المتبقية من أسلحة الدمار الشامل.

2-    قدرتها المتبقية على تطوير أو امتلاك مثل هذه القدرات.

3-    طبيعة النظام الذي سيخلف نظام صدّام في بغداد، بحيث تقرر "إسرائيل" تحويل مخاوفها على وجودها إلى تهديدات إقليمية أخرى.

ويجب توجيه الانتباه هنا إلى التجارة النووية المتنامية بين روسيا وإيران، وإلى المخططات المصرية لبناء محطة للطاقة النووية قرب الاسكندرية وإلى الأنباء الاستخباراتية الأخيرة بشأن جهود ليبيا في المجال النووي. إن قرار "إسرائيل" هنا سيعتمد -إلى حدٍ ما- على النتائج العسكرية الدقيقة للحرب الأمريكية على الإرهاب.

حق المبادرة:

تبعاً لإعادة تأكيد إدارة بوش بتاريخ 20 أيلول 2002 بشأن حق الدفاع الوقائي عن النفس، وتأكيداتها الواسعة على حق المبادرة بالحرب على الإرهاب، على "إسرائيل" الآن أن تتبنّى سياسة مماثلة. تقترح المجموعة أن ترتبط هذه السياسة بتهديدات أسلحة الدمار الشامل/البيولوجية والنووية، وأن تكون         –حيثما أمكن- تقليدية تماماً في طبيعتها. إن المبادرة قد تكون علنية "أو سرية"، كما وقد تتراوح ما بين "قطع الرأس" وعمليات عسكرية ذات مدى واسع. علاوة على ذلك فإن "قطع الرأس" قد يُطبّق على نخبة قيادات العدو (دولة أو لا دولة) كما وقد يُطبّق على كافة الخبراء الذين يُعتبرون أساسيين في تصنيع ترسانات العدو لأسلحة دمار شامل/بيولوجية، نووية، مثل: العلماء.

إن استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية "تشترط أنه" "علينا أن نكون مستعدين لإيقاف الدول الشريرة وزبائنها الإرهابيين قبل أن يتمكنوا من استعمال -أو التهديد باستعمال- أسلحة دمارٍ شاملٍ ضد الولايات المتحدة ... "كما وتدعو إلى" تضافر الجهود الفعّالة لردع ومحاربة التهديد قبل انطلاقه". وتوضّح الوثيقة أنه لم يعد لأمريكا خيار وحيد فقط أي الاستناد إلى وضعية ردّة الفعل. "نحن لا نستطيع" يقول الرئيس "أن ندع أعداءنا يضربوننا أولاً".

إن إلزامية اتخاذ المبادرة تنطبق -بقوة أكثر- على "إسرائيل" أكثر من أي دولة أخرى، لأن فشل "إسرائيل" بالتحوّل بشكل هادف إلى سياسات مقوننة، (خاضعة لقوانين) ومعادية للانتشار قد تكون له تبعات وجودية بكل ما للكلمة من معنى. إن هذا التحوّل يجب أن يكون فورياً. وتقترح اللجنة بقوةٍ وبشكل جليٍ لا لُبس فيه أن يتمّ -وبأسرع وقت ممكن- تنفيذ المبادرات "الإسرائيلية" التقليدية ضد البنيات التحتية النووية المعادية المنتقاة، وذلك بالتعاون مع الولايات المتحدة. وحيث تكون أمريكا غير قادرة أو غير راغبة بالتصرّف بشكل فعّال ضد تلك البنيات التحتية، فإنه من الأساسي أن تكون "إسرائيل" قادرة وراغبة في التصرف منفردة.

وتذكّر المجموعة قراءها بأن منع أو تأخير الانتشار النووي للعدو سيكون واسع الاختلاف عن المبادرة ضد قوة بيولوجية/نووية معادية موجودة فعلياً.

إن عدداً من المواضيع مثل الأفق الزمني -أنواع الأهداف- تزامن العمليات- التكشّفات· وأموراً أخرى يجب أن يتم تحليل كل منها بشكل منفصل بالنسبة لنوعي المبادرة المذكورين. إن محاولات المبادرة ضد عدو تمّ السماح له بأن يصبح نووياً قد تكون خطرة جداً وقد تؤدي إلى انتقام وجودي. وتفرّق المجموعة هنا بين نمطين من المبادرة:

1-    مبادرة ضد منشآت نووية قادرة بالفعل على إنتاج أسلحة نووية.

2-    مبادرة في ساحة المعركة (في معظم الحالات قبل أن تبدأ الأعمال العدائية).

 

من المفهوم جيداً أن نوعي المبادرة أعلاه يتم القيام بهما بأسلحة تقليدية بالغة الدقة، ليس فقط لكون هذه الأسلحة أكثر فعالية من الأسلحة النووية، بل لأن المبادرة بأسلحة نووية ستعتبر ضربة "إسرائيلية" نووية أولى، فإذا لم تكن هذه الضربة ناجحة فإنها قد تثير لدى العدوّ إستخفافاً بقيمة الضربة الثانية بكل ما لها من تشعبات وجودية.

الأسلحة التكتيكية واعتبارات حربية أخرى تعتقد المجموعة أن تطوير القدرة الحربية النووية لـ"إسرائيل" (إستهداف القوة المضادة) يجب تجنبها قدر الإمكان. ليس هنالك حاجة عملياتية للأسلحة النووية ذات المفعول المحدود، المعدّة للاستخدام في ساحة الحرب الفعلية. ليس هنالك أي جدوى من توزيع (ورفع تكاليف) الجهد "الإسرائيلي" على أسلحة نووية تكتيكية ذات مفعول محدود في ظل أوجه التباين المتعددة بين "إسرائيل" وأعدائها. علاوة على ذلك، فإن أكثر النتائج فعالية بالنسبة للردع "الإسرائيلي" وللضربة المضادة ولأهداف الانتشار هو رأس حربي موجّه، يكون بمستوى كافٍ لضرب مراكز تجمعات السكان الرئيسية لذلك المعتدي، بحيث يتمّ تسوية القابلية الوطنية لاستمرار وبقاء ذلك المعتدي.

وتدعو المجموعة "إسرائيل" لبذل كل جهد من أجل تجنّب استخدام الأسلحة النووية لدعم عملياتها الحربية التقليدية. إن تلك الأسلحة قد تخلق أيضاً شبكة غير مترابطة من ساحات المعارك التقليدية والنووية التي يجب على "إسرائيل" تجنبها.

وتعارض اللجنة وضع "خطوط حمراء" تتعلق باستعمال أسلحة تكتيكية نووية. إن هذه الخطوط الحمراء قد يتمّ تجاهلها من جانب مؤسسة سياسية ما، تتشجّع لاستعمال الطريقة النووية "السهلة" كمخرج من مأزق عسكري، مُحدثةً بذلك تصعيداً مبتسراً (سابقاً لأوانه) يؤدي إلى حرب نووية. يجب أيضاً إزالة الخطوط الحمراء داخل القوات المسلحة نفسها، في حال كانت عناصر قوات الدفاع "الإسرائيلية" تحثّ أي استخدام غير مصرّح به للأسلحة التي تكون بحوزتها.

وحسب ما نرى، فإن الأسلحة النووية التكتيكية ومبادئها ستزيد من عدم الاستقرار دون أن تمنح "إسرائيل" أية مزايا استراتيجية حقيقية.

إنسجاماً مع الجرأة الأساسية لعقلانية العدو، تعتبر المجموعة أنه من المفيد لـ"إسرائيل" أن تخطط لاستهداف أنظمة في بعض المراحل والظروف. ومع توظيف التهديدات المباشرة ضد قادة العدو الأفراد وآخرين محتملين، فإن التكاليف التي ستتكبدها "إسرائيل" (والشعوب العربية المضطهدة من قِبَل الأنظمة المستهدفة) ستكون أقل بكثير من أشكال الحرب البديلة. في نفس الوقت، إن التهديدات باستهداف الأنظمة قد تكون أكثر إكراهاً من التهديدات بتدمير الأهداف الصعبة للعدو، إلا إذا تم جعل الضحايا المستقبليين يشعرون بأنهم في خطرٍ كبير فعلاً. إننا ندرك أن استهداف الأنظمة من قِبَلِ "إسرائيل" أمرٌ مستبعد ما لم يتمّ أولاً إيجاد نموذج من جانب الولايات المتحدة في الحرب المتسعة ضد الإرهاب.

وتتقدم المجموعة بقائمة أخيرة من الاقتراحات بشأن الدفاع الاحترازي (الوقائي) عن النفس. يجب منح "إسرائيل" سلطة "الذراع الطويلة" كي تحقق أهداف مبادرتها، وهذا يعني: طائرات مقاتلة للمدى البعيد تكون لها قدرة على الاختراق العميق للمناطق المحمية جيداً دون أن تصاب بأذى، أي بكلمة أخرى: طائرات صهريجية لتزوير الوقود بالجو –أقمار صناعية للاتصالات- أقمار صناعية للترصّد (مراقبة وتوجيه الحركة الجوية)- طائرات بدون طيار للمدى البعيد- وبشكل عام، نعني أسلحة دقيقة قادرة على البقاء تتمتع بقدرة تدميرية عالية، كما نعني: أجهزة إنذار مبكر عالية التصفية وقدرات تسللية عالية. كل بمفرده من هذه الموجودات قد تمّ التعريف بمدى الحاجة إليه سابقاً. أما الشيء الجديد والهام هنا –حسب اقتراح المجموعة- هو الأنماط التشكيلية المقترحة لهذه الموجودات.

 

الردع:

إن الردع العملياتي أساسي للأمن "الإسرائيلي" في كافة المواقف والظروف. وإذا فشلت "إسرائيل"، لأي سبب من الأسباب، في تلبية أهداف المبادرة مما قد يتيح لدول معادية امتلاك قدرات نووية، فإن عليها (أي "إسرائيل") إعادة تحديد مفهوم الردع بحيث يتوافق مع المحيط الجيو استراتيجي الأكثر خطورة. وتؤكد المجموعة ثانية أن هدف "إسرائيل" الأولي يجب أن يكون دوماً منع الأسلحة النووية المعادية في الشرق الأوسط، ولكن إن لم تتحقق هذه المهمة فالمجموعة تقترح ما يلي:

أن تنهي "إسرائيل" حالاً وضعها المتميز بالغموض النووي وأن تحدد خطوات نحو الكشف الهادف عن موجوداتها النووية الخاصة وعن مبدئها. إن مثل هذا الكشف –بالطبع- سيكون مقتصراً على النواحي اللازمة للتأكيد على قدرة قواتها النووية على النجاة، وعلى قدرة تلك القوات على الاختراق وكذلك عن عزيمتها السياسية لإطلاق تلك القوات رداً على أشكال معيّنة من الهجمات المعادية.

وتدرك المجموعة أيضاً أنه على "إسرائيل" أن تقوم دائماً بما تستطيعه لتضمن قدرتها على القيام بضربة نووية آمنة ثانية تدرك قدرتها الدول المعادية. وذلك يعني أنه حال انتهاء الغموض النووي، فإن الكشف النووي سيلعب دوراً صريحاً ووثيقاً. إن جوهر الردع يكمن في إبلاغ القدرة والنية إلى هؤلاء الذين يلحقون أذىً عظيماً بـ"إسرائيل". إن الاستخدام الثأري الحقيقي للأسلحة النووية من قبل "إسرائيل" إنما يمثل فشل الردع، ونحن نستذكر قول كلاوس ويتز وصن-تزو       (Clause Witz and Sun-Tzu) "إن أعلى مراتب النجاح العسكري يتم تحقيقها عندما يبلغ المرء أهدافه دون الاستعمال الفعلي للقوة".

ولتلبية أهدافها الردعية "المطلقة"، أي لردع الضربات المعادية الأولى، الساحقة التدمير، على "إسرائيل" أن تبحث وأن تحقق القدرة على القيام بضربة ثانية واضحة، تستهدف ما يقارب 15 مدينة معادية. إن المدى قد يصل إلى مدنٍ في ليبيا وإيران، كما وأن محصّلة قنبلة نووية واحدة ستكون في مستوى كافٍ للقضاء كلياً على قدرة المعتدي على الاستمرار في البقاء كدولة فعّالة. وتشير المجموعة هنا إلى وجوب إقناع "إسرائيل" لكافة أعدائها الوثيقي الصلة بالموضوع أنها تمتلك السيطرة الكاملة على قواتها النووية. إن الهدف من مثل هذا الإقناع سيكون تقليل أو إزالة أية دراسات معادية للردع ضد "إسرائيل". وتلاحظ المجموعة ثانية أنه حيث يتعلق الأمر باستهداف نووي يتوجب على "إسرائيل" أن تركز مواردها على الرؤوس الحربية مقابل قيمة مضادة، مستهدفة بذلك الموجودات ذات الأهمية البالغة لما بين 10 و20 مدينة، مستثنيةً الموجودات الدينية حيثما أمكن ذلك. إن اختيار رؤوس حربية لاستهداف قيمة مقابلة بأكبر مدىً تدميري، إنما يُمكّن "إسرائيل" من تحقيق أقصى مفعول للردع، كما وسيحيّد كامل اللاتطابق واللاتماثل بين العرب ودولة "إسرائيل". ويجب أن يتمّ اختيار جميع الأهداف المعادية على اعتبار أن تدميرها سيرغم القوات المعادية فوراً على إيقاف جميع مبادلاتها النووية/البيولوجية/والكيمياوية ضد "إسرائيل".

وتشير المجموعة إلى أن كافة اقتراحاتها المتعلقة بالأسلحة النووية تتطابق تماماً مع القانون الدولي الرسمي، ففي 8 تموز 1996 سلّمت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري حول "شرعية التهديد أو استخدام الأسلحة النووية" (عَقِبَ الطلب الذي تقدّمت به الجمعية العمومية للأمم المتحدة).

والفقرة الختامية من "الرأي" قرّرت ما نصّه: إن التهديد باستعمال أسلحة نووية يكون عادةً منافياً لأحكام القانون الدولي المطبّق في النزاعات المسلحة، وبالأخص أحكام القانون الإنساني.

على أي حال، في ظلّ أوضاع القانون الدولي الحالية وعناصر الواقع الموضوعة في تصرّفه فإن المحكمة لا تستطيع أن تقرر بشكل محدد سواء كان استخدام أو التهديد باستخدام أسلحة نووية شرعياً أو غير شرعي في أقصى حالة للدفاع عن النفس، حيث يصبح بقاء دولةٍ ما معرّضاً للخطر(2).

وتؤكد اللجنة أنه على "إسرائيل" أن تظهر ليونة من ناحية وضعية ردعها النووي كي تتمكن من مواجهة التوسّع المستقبلي المعادي في موجودات الأسلحة النووية.

وقد يصبح من الضروري في ظل ظروف معينة أن تُنزِل "إسرائيل" إلى الميدان ثالوثاً كاملاً من القوات النووية الاستراتيجية. في الوقت الحالي، على أي حال، نحن نعتقد أنه باستطاعة "إسرائيل" تدبّر أمرها بدون غواصات بحرية حاملة لصواريخ برؤوس نووية، ويظل هذا الاعتقاد قائماً فقط ما دام الاحتمال ضئيلاً جداً بقدرة عدوٍ أو مجموعة أعداء على تدمير الصواريخ النووية "الإسرائيلية" المحمولة جواً والموجودة في قواعد برية بضربة هجومية أولى.

وتقر المجموعة بأن هذه الظروف قد تتبدل في المستقبل: ولكي تستطيع "إسرائيل" تلبية احتياجاتها في الردع عليها أن تكون مستعدة لـ :

1-    التشغيل الكامل والفعّال لمنظومة متعددة المراحل مضادة للصواريخ البالستية لاعتراض وتدمير عدد محدد من الرؤوس الحربية المعادية، تحظى بأعلى احتمالات نجاح ممكنة وتكون لها القدرة على التمييز بين الرؤوس الحربية الواردة وتلك المخاتلة·.

2-    التشغيل الكامل لقدرات الضربة الثانية العنيفة، لتكون صلدة وواسعة الانتشار وعالية الفعالية بحيث تتمكن من تسديد رشقات إنتقامية حاسمةٍ ضد أهداف ذات قيمة عالية.

3-    متابعة برامج الأبحاث والتطوير بنشاط (R&D) برامج الخدمة- الإنتاج النهائي/نشر مراحل التعزيز- منظومة مراحل تعزيز اعتراض إطلاق الصواريخ، وذلك لدعم الدفاع الطباقي (المتعدد الطبقات).

4-    تعزيز حيازة استخبارات الوقت الفعلي وتفسيره وبثه للرد الفوري (للرد الآني).

5-    النهوض بأعباء استكشاف وتقييم الوقت الفعلي لما قبل الضربة بشكل دقيق.

6-    توفير منظومة القيادة والتحكم والاتصالات الحاسوبية الطور البيني (C41).

7-    إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لربط شمال "إسرائيل" بجنوبها مع تفادي العاصمة تل أبيب (طرق-كهرباء-سكك حديدية-خطوط أنابيب الغاز والنفط-المياه- الهواتف إلخ...)

8-    توفير الانتشار السكاني لتل أبيب في حالة الإنذار المبكّر.

 

إن "إسرائيل" –بالعادة- ستبذل قصارى جهدها لعدم التصعيد أبداً من التقليدي أو الكيماوي إلى البيولوجي/النووي. إنها ستقوم بذلك فقط إنتقاماً من أي هجوم/ ضربة أولى معادية. إن قيام "إسرائيل" بضربات أولى ضد القوات المعادية (حتى لأغراض الردع) سيكون أمراً خطيراً ويتوجب تجنّبه بأي ثمن.

 للأسباب الواردة أعلاه يجب على "إسرائيل" أن تحاول أيضاً الحصول على قدرات رادعة تقليدية وكيمياوية وبيولوجية فعّالة جداً، وعليها أن لا تنجرّ أبداً للتصعيد إلى المستوى النووي بسبب عدم وجود خيارات للردّ بشكل مناسب بقدراتٍ أقل.

أخيراً، إن وضعية الردع "الإسرائيلي" يجب أن تبنى على القدرات الحقيقية. بهذا الخصوص، تقترح المجموعة تجنّب أي تفاوت مُتعمّد (Ig) بين القدرات الفعلية والمزعومة. إن أي جهدٍ للحفاظ على تفاوت متعمّد سيكون غير ضروري وعلى الأرجح غير داعم.

علاوة على ذلك، فإن نتائج أو تبعيات إكتشاف أي عدوٍ لتفاوت "إسرائيلي" متعمّد سيُفقدها الاستقرار، فإذا اعتُبِر التفاوت المتعمد –مثلاً- ضروروياً للردع "الإسرائيلي" فإن كشفه من جانب اي دولة أو دولة معادية قد يحث العدو على ردة فعلٍ مفرطة. وهنا قد يطلق العدو هجوماً شاملاً على "إسرائيل" في ظل الافتراض الخاطئ بأن القدرات "الإسرائيلية" المعلنة الأخرى هي على الأرجح مزعومة أيضاً.

من وجهة نظر الردع، هنالك تماسك عميق وهادف بين القدرات الفعلية والقدرات المزعومة، ففي كافة أوجه القدرة النووية يتعين على المستوى المعلن عنه من جانب "إسرائيل" ألا يزيد أو ينقص عن المستوى الحقيقي، وهذا لا يعني –على أي حال- وجوب أن تكون التصريحات "الإسرائيلية" محددة جداً، كما وأنه لا يعني أيضاً أن مجرّد امتلاك قوة نووية يقتضي التمتع بردع نووي موثوق. إن مثل هذه القوة يجب أن تكون دائماً آمنة، تستطيع إحداث الضرر المناسب، وقادرة فرضياً على اختراق الدفاعات الفعالة لأي راغب في الاعتداء.

الاستنتاج:

أثارت صحيفة سياسية أصدرها "مركز شارون للأبحاث السياسية" "خلال شهر آذار 2002 قلقاً هاماً بشأن قدرات "إسرائيل" الرادعة في مواجهة العراق وإيران(3). هنا ربط أحد أفراد المجموعة ويدعى يواش تسيدون-شاتو (Yoash Tsiddon- Chatto) الأمن "الإسرائيلي" بحرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب.

وفي نفس الوقت حثّ عضو آخر من مجموعتنا ويدعى لويس رينيه بيريس (Louis Rene Beres) على بذل جهد خاص بهدف إبلاغ رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بالتهديدات المتنامية لدول معادية و/أو حيازة منظمات إرهابية لأسلحة دمار شامل. إن بروفيسور بيريز- الذي ترأس مشروع دانييل. كان قلقاً بالدرجة الأولى بشأن الدول الشرق أوسطية المعادية التي قد تتصرف مثل "المفجرين الانتحاريين" لكن بمقياس أوسع، أي مثل الدول المسلحة بأسلحة تشغيلية بيولوجية و/أو نووية. إن مثل هذه الدول قد تكون مستعدة –في ظروف معيّنة- لقبول "الاستشهاد" الوطني الجماعي من أجل إبادة "إسرائيل" أو إلحاق ضرر هائل بها.

مع أن المجموعة توافق على أن مثل هذا التوقّع ممكن تصوّره لكننا استنتجنا أن التهديدات الرئيسية لوجود "إسرائيل" ستأتي –حسب ما هو مرجّح- من أعداء سليمي التفكير، وأنه على "إسرائيل" أن تخطط وفقاً لذلك.

إن القانون الدولي ليس ميثاقاً انتحارياً، ولكل دولة- في ظل القانون الدولي- حقّ راسخ في حماية نفسها من أعمال العدو العدائية. إن هذا الحق قد أصبح أكثر وضوحاً اليوم نظراً لقدرة أسلحة الدمار الشامل على إحداث أضرار وجودية، وحيث يمكن للمعتدين إحتساب -سواء كانت حساباتهم صحيحة أو خاطئة- بأن لهم القدرة على الضرب دون أن يتعرضوا لردٍ إنتقامي مدمّرٍِ هو أمر غير مقبول.

تدرك الولايات المتحدة الآن أنه حتى القوة العالمية العظمى المتبقية عليها أن تعزز خياراتها الرادعة والدفاعية بتوسعات عصرية تتعلق بالدفاع الاحترازي عن النفس، وتبعاً لتصنيفات إدارة بوش للردع كمبدأ، فإن "إسرائيل" –الدولة الأكثر عرضة للهجوم من الولايات المتحدة- يجب ألا تقوم بما هو أقل. وبسعي دائم منها لتطبيق العلاجات السلمية والدبلوماسية حيثما أمكن ذلك، يتوجّب على "إسرائيل" أن تظلّ متنبهة تماماً إلى حقيقة أن لدى أعدائها توجهات مختلفة جداً تجاه تلك العلاجات، علاوة على أنه -في بعض الحالات- حتى التهديدات بتدمير إنتقامي ساحق قد تفشل في منع اعتداءات معادية. إن ما نقترحه هنا ليس فقط أن تظل "إسرائيل" ملتزمة بالدفاع الإحترازي عن النفس حيثما تدعو الضرورة، لأنه بالنتيجة قد سبق فهم هذا الأمر، ولكن من الضروري لها أيضاً أن تضع الآن التزامات مبدئية للأشكال الردعية التقليدية فيما يخص التهديدات بأسلحة الدمار الشامل. إن هذه الالتزامات الجليّة ستكون لا تهديدية وفارضة للقانون، مظهرة سلفاً  أن "إسرائيل" مثلها مثل الولايات المتحدة، لها الحق الكامل في الدفاع عن نفسها دون أن تضطر لامتصاص اعتداءات بيولوجية و/أو نووية أولاً.

إن السياسة الأمريكية -في ظل الرئيس جورج دبليو بوش- تجمع عدة مبادئ مترابطة للردع والدفاع وحق المبادرة ضمن مجموعة واحدة متكاملة وشاملة. إثر تنسيقها وتصنيفها (خلال العام 2002) ضمن "استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية" (20 أيلول عام 2002)، و"الاستراتيجية القومية للأسلحة الحربية ذات الدمار الشامل" (11كانون الأول 2002) فإن هذه السياسة تقدّم مبدأ متماسكاً يمكن أن يُستمد منه -ما هو ملائم وقابل للتطبيق- من خيارات استراتيجية وتكتيكية محددة.

 دون التعرّض للفروقات الأمنية الأساسية بين بلدينا، والاحتمالات البعيدة لحصول بعض الأخطاء والإخفاقات المفاهيمية/التشغيلية على مسرح الأحداث أثناء تطبيق أمريكا الفعلي لمبادئ بوش، فإن إقامة مبادئ مؤسساتية مماثلة قد تساعد الآن على تعزيز وضع "إسرائيل" الدفاعي.

إن مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي هو دوماً عمل مستمر. لقد عرّف هذا التقرير التهديدات الوجودية المختلفة لذلك المستقبل، كما عرّف بسياسات الردود المناسبة. إن أعضاء "مشروع دانييل" يقفون مستعدين لتقديم أية إستشارات إضافية قد تخدم المصالح الأمنية لدولة "إسرائيل". ومع الاحتفاظ بذلك في ذاكرتنا، فإننا نهبُ هذا التقرير بكل احترام إلى فخامة آرييل شارون –رئيس الوزراء.

 


مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي

التقرير الختامي لمشروع دانييل (DANIEL)

ملحق:

إن واقع "إسرائيل" غير القابل للتغيير هو العيش وسط جوار شديد العدائية، في مواجهة الدول/واللادول المعادية في العالم العربي/الإسلامي ممن لا يزال بعضهم يؤيد الإبادة الجماعية الوحشية ضد "إسرائيل". على الدولة اليهودية الآن أن تستعد –بشكل منظم- لتسخير كافة الموارد المتاحة كي تبقى. فوق هذا كله، فإن ذلك يعني بناء أفضل الأسس الممكن تصورها من أجل البقاء الاستراتيجي القومي. ومع احتفاظهم بذلك في ذاكرتهم، ومع إيلاء أهمية خاصة للأخطار المتنامية للنشاط النووي العربي/الإسلامي، فإن أعضاء مشروع "دانييل" يقدّمون" مستقبل إسرائيل الاستراتيجي".

عندما عرض "مشروع دانييل" مستنده الأساسي على رئيس الوزراء أرييل شارون في 16 كانون الثاني من سنة 2003، لم تكن عملية "تحرير العراق" قد بدأت بعد، واليوم، أي في نيسان 2004. يكون قد مضى، على الحرب -بشكل أو بآخر- أكثر من سنة كاملة (مع أن المرء يتمنى لو يستطيع الحكم على الإنجازات الاستراتيجية للصراع) فإن الأخطار المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، والتي كانت مرتبطة في السابق بالعراق، لم يعد لها الآن أية صلة بالموضوع.

من وجهة النظر "الإسرائيلية" لمجمل المبادئ الاستراتيجية، المقترحات الواردة في "مستقبل إسرائيل الاستراتيجي" بكاملها ذات معنى وتوقيت مناسبين. بالفعل ومن الناحية التنظيمية، فقد أصبحت هذه المقترحات أكثر أهمية الآن أي وقت مضى، ونشير هنا -على وجه الخصوص- إلى التوقعات الثابتة والحاسمة المتعلقة بمبادئ الردع والدفاع والقتال والمبادرة، وفي توقعات تمت مناقشتها بعناية في الجزء الرئيسي من التقرير.

منذ عرضنا لمستندنا الأصلي حصلت بعض الانتصارات الثانوية نسبياً في الجهد الأساسي المبذول للسيطرة على تكاثر أسلحة الدمار الشامل بين أعداء "إسرائيل". إن أكثر الحالات –الوثيقة الصلة بالموضوع- وضوحاً هي ليبيا.

 في الوقت نفسه، فإن الظروف في كوريا الشمالية (التي سبق لها أن شاركت في حرب ضد "إسرائيل" بإرسالها بعض أسراب طائرات الميغ 21 إلى مصر أثناء [حرب يوم الغفران] في تشرين الأول سنة 1973)، وإيران والباكستان تظل متفجرة وخطيرة. أما على مستوى الجماعات الإرهابية فيتم تشكيل تراصف جديد بين التنظيمات الفلسطينية المختلفة و"القاعدة".

ومن المؤكد أن الصورة الدقيقة لتلك التراصفات معقدة ومتعددة الأوجه، ولكن التأثير النهائي على "إسرائيل" -بما لا يقبل الشك- خطير. ونحن أعضاء مشروع دانييل نعلم أيضاً أن التحرك باتجاه التوازن النووي يكتسب الآن دعماً وقوة في العالم العربي/ الإسلامي وحتى في أجزاء من أوروبا. إن الجدل الأساسي لهذه الحركة المنشقة هو أن أعباء عدم الانتشار يجب تحمّلها "بالعدل والتساوي" من قِبل جميع دول المنطقة، وأنه لا يمكن لـ"إسرائيل" أن تظل استثناءً. وإن تمكنت هذه الحركة المستنبطة بعناية من تجميع القوة والأنصار خلال الأشهر أو السنوات القادمة فإنها ستتمكن من تعريض خيارات "إسرائيل" النووية إلى بعض الخطر. وبدون الخيارات فإن أعداء "إسرائيل" المؤيدين للإبادة الجماعية سيفهمون بسرعة ما أدرجه التفكير العسكري الكلاسيكي في كتاب "كارل فون كلاوس ويتز (Karl Von Clause Witz) [عن الحرب]، وما تعلّمه –منذ أمد بعيد- الملك اليوناني القديم بيرهوس (Pyrrhuss): سيأتي زمن تصبح الكثرة فيه هي المؤثرة، وفي هذا السياق، من المهم لأصدقاء "إسرائيل" أن يفهمو أن إشارتنا إلى "الأعداء المؤيدين للإبادة الجماعية" هي إشارة واقعية ودقيقة برمتها، حتى بموجب المعايير القانونية الصارمة الواردة في ميثاق 1948 المُعنْوَنْ "ميثاق منع ومعاقبة جرائم الإبادة الجماعية" فإن لغة وأفعال الدول واللادول المعادية لـ"إسرائيل" مؤهلة كلياً لتعتبر جرائم فظيعة ضد الإنسانية(4).

يتألف العالم العربي من 22 دولة بمساحة تبلغ 5,000,000 ميل2 تقريباً، وبتعدد سكاني يبلغ 244 مليون نسمة، وعمّا قريب إذا أُجبرت "إسرائيل" على الانضمام إلى فكرة دولة فلسطينية فستنشأ الدولة العربية الثالثة والعشرين، وهي دولة تتمتع بمزايا إقليمية وتكتيكية خاصة، بالنسبة لصراع الإبادة المتسارع ضد "إسرائيل" إن العالم الإسلامي ككل يضم 44 دولة، تعدادها السكاني يفوق البليون نسمة، وهذه الدول الإسلامية تشغل مساحة تساوي 672 ضعفاً لمساحة "إسرائيل". إن الدولة اليهودية التي يبلغ تعداد سكانها 5,000,000 يهودي، تشكل –إضافة إلى يهودا والسامرة وغزة مجتمعة- أقل من نصف حجم مقاطعة سان برنار دينو (San Bernardino) في كاليفورنيا.

نحن كمؤلفي -"مستقبل إسرائيل الاستراتيجي"- قد كرّرنا تأكيدنا بالتزام "إسرائيل" الدائم تجاه الأمن الجماعي و"التسوية السلمية للنزاعات" حيثما أمكن ذلك. ولكن سيتضح مباشرة لكل من يتأمل الأمم المتحدة أن هذا الجسم العالمي قد كان دوماً منحازاً ضد "إسرائيل"، وأنه لا يمكن التعويل عليها لوقف أو حتى إعاقة طموحات الإبادة الجماعية لدى أعداء "إسرائيل" بالطبع، في الوقت الذي يقوم فيه الإرهاب الهمجي لحماس والمجموعات الفلسطينية المرتبطة بها      -علنياً- بتحدي كل الضوابط الإنسانية للقانون الدولي (قانون النزاعات المسلحة المُلزم لكل المقاتلين سواء كانوا دولاً أو متمردين) نجد أن الأمم المتحدة تختار عدم إدانة الإرهاب العربي، بل تدين جهود "إسرائيل" المضادة للإرهاب. وفي طريقة تبدو أقرب للأسلوب الأدبي "المسرح الهزلي" أكثر منه للتفكير المتروي والمتزن للدبلوماسية العالمية، نجد مجلس الامن يناقش جدار "إسرائيل" الأمني وليس التشويه والقتل العربيين اللذين يجعلان إقامة الجدار ضرورياً. وبشكل مشابه، يدين الجسم العالمي -وبسرعة- سياسة "إسرائيل" "للقتل المستهدف" بينما يتجاهل المذابح الدموية المنظمة من قبل قادة حماس أمثال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي اللذين قضيا مؤخراً. يمكننا أيضاً أن نتذكر بأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومعه الولايات المتحدة الأميركية قد صوّتا بإدانة تدمير "إسرائيل" للمفاعل النووي العراقي "أوزيراك" (Osiraq) بتاريخ 7حزيران 1981(5)، وهو تعبير عن الدفاع الوقائي عن النفس(6) –وذلك هو السبب في عدم امتلاك صدام حسين لأسلحة نووية أثناء حرب الخليج عام 1991 أو حتى أثناء عملية "تحرير العراق" خلال السنة الماضية. لقد تمّ إعداد "مستقبل إسرائيل الاستراتيجي" على افتراض أن التهديدات الحالية بالحرب والإرهاب والقتل الجماعي تنشأ عن "تصارع حضارات" واضح جداً، وليس فقط من اختلافات ضيّقة في السياسة الطبيعية. ومن الواضح أن كلاً من "إسرائيل" والولايات المتحدة موجودتان في "شعرات التعامد" لجهاد عربي/ إسلامي منتشر في العالم، وهو بشكل أساسي ثقافي/ديني في طبيعته، لا يتنازل ولو عن إنشٍ واحدٍ للمبادئ التقليدية في "العيش المشترك" أو "التسوية السلمية".

إن هذا الموقف المتميّز بالخطر الدائم على "غير المؤمنين" ليس بالموقف السار لأورشليم و واشنطن، بالرغم من ضرورة الإقرار بوجوده صراحة، والتعامل معه، بذكاء. وفوق ذلك فهو موقف يمكن أن تدمج فيه نظرة القرن الثامن إلى العالم مع أسلحة القرن الواحد والعشرين للدمار الشامل.

في وقت مبكر جداً من مشاوراتنا تناولت المجموعة بالدرس خطراً متزامناً هو المخاطر الاستراتيجية الخاصة على "إسرائيل" من جانب أعداء غير منطقيين (دولاً وغير دول) مسلحين بأسلحة نووية و/أو بيولوجية. مع أننا استنتجنا أن الاحتمال الأكبر هو ارتباط الأخطار البارزة بأعداء عاقلين، إلا أنه قد تنبثق ظروف تجد فيها "إسرائيل" نفسها في مواجهة "مفجّر انتحاري" في عالم واسع "أي في مواجهة قادة دول معاديةٍ/صانعي القرارات ممن هم على استعداد فعلي لامتصاص انتقام "إسرائيلي" نووي مدمر ساحق لأجل التخلص من السرطان الصهيوني.

لهذا السبب، وبسبب ظروف محددة أخرى يمكن فيها للردع "الإسرائيلي" النووي أن تُسلب قوّته أو تشلّ حركته، فقد قمنا بتكريس الكثير من نقاشنا لتجميع وتنظيم وتنسيق مبدأ حق المبادرة ليكون قادراً وموثوقاً.

قد نتعلم حقيقتين هامتين دائمتين مما كتبه توسيديس (Thusydides) عن الحرب البيلوبونيسيّة (Peloponnesian) في التاريخ اليوناني القديم:

1-    إن الحرب معلم قاسٍ.

2-    الطبيعة البشرية ثابتة الكراهية والبغض.

اليوم، مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي يرفرف متقلقلاً على حافة السكين، وبالإمكان تجاهل حكمة توسيديديس فقط في ظلّ خطر كبير. سيكون من الخطأ الاستنتاج بأن الخلاف العربي-العربي أو الإسلامي-الإسلامي على أي مستوى كان- بما فيه الحرب المفتوحة- سيخفف بشكل أساسي من مخاطر العنف على "إسرائيل"، أو أنه بإمكان "إسرائيل" حالياً أن تجتذب أي إجراء حقيقي أمين عبر اتفاقيات سلام رسمية مع أعدائها.

إن الرئيس بوش محق كلياً في نظرته بأن الديموقراطية العربية/الإسلامية يجب أن تسبق -بالضرورة- السلام الإقليمي، علماً بأنه من الواضح أن هذا العلاج لا يزال بعيداً لسنوات عديدة. في هذه الأثناء إذاً، على "إسرائيل" والولايات المتحدة أن تحافظا على الزخم الثابت في حربهما ضد الإرهاب، وفي مراقبتهما الملحة والمطلقة (التي تشمل إذا لزم الأمر مبادرات إحترازية مناسبة) للإنتشار النووي. واستناداً إلى الأساسات الحكيمة لتخلّي ليبياً مؤخراً عن نشاطها النووي، يتوجب توجيه الانتباه الدقيق الآن نحو تخفيض البرامج النووية، ليس لإيران فحسب، بل أيضاً للجزائر وحتى لمصر.

و"كدرسٍ قاسٍ" فإن عملية "تحرير العراق" قد أثمرت عدة دروس هامة، في مراحلها القتالية الأولى كانت حرب الخليج الثانية حرب معداتٍ حربيةٍ فائقة الدقة مقارنة بحرب عاصفة الصحراء التي كانت "حرب منصات". إن الغالبية الساحقة للقنابل والصواريخ التي أطلقت خلال عملية "تحرير العراق" كانت من الدقة بقدرٍ سمحت معه لما يقارب من 600 طائرة ضاربة –منتشرة على مسافة من أهدافها أبعد بكثير مما كانت عليه في عملية عاصفة الصحراء- بتحقيق أهدافٍ معادية أساسية خلال 24 يوماً تقريباً. من وجهة نظر هذه الأهداف فإن ما يسمى "مؤثراً" في مثل هذه العمليات الهجومية هو عدد المعدات الحربية مقابل كل هدف أصيب أو دمّر، وليس المهمات بحد ذاتها.

ومهما يكن من أمر، فإنه حتى في الأماكن التي تعلمت فيها "إسرائيل" والولايات المتحدة الدرس، يجب أن يظل واضحاً أن النصر العملياتي الهجومي الأولي في حرب ضد أنظمة شريرة وفي الحروب اللازمة ضد الإرهاب إنما هو البداية لأشكال صراعٍ أوسع بكثير.

في الجزء الرئيسي من تقريرنا النهائي، نلاحظ "نموذج التحوّل" المقترح، كما ونحدد التغييرات المرتبطة بنفقات الدفاع "الإسرائيلية". من الناحية المثلى، يمكن لـ"إسرائيل" أن تحافظ على مستوى مرضٍ من الردع التقليدي- قدرة على كسب حرب دون أية توسعات أساسية في الميزانية. إيضاحياً، سيستلزم ذلك تخفيضاً في عدد المنصات الحاملة للأسلحة (مثل الدبابات والطائرات) وبالتالي تخفيضا ًفي نفقات الطاقة البشرية والتدريب والصيانة دون أي خفضٍ في المستوى المطلوب للفعالية القتالية ككل.

في الجوهر، على "نموذج التحوّل" أن يتيح لقوات الدفاع "الإسرائيلية" المحافظة على المستوى المطلوب من العدد الكامن من الأهداف المُدمّرة على امتداد الفترة الزمنية المرتبطة، وهو هدف يستلزم أسلحة "ذكية ومعقدة" "تكون أخف وزناً وأكثر تدميراً، تتمتع بمدى أطول. ومن الهام جداً أمتلاك أنظمة توجيه دقيقة، ليلية/نهارية، مستقلة (أطلق وانسى) وغير قابلة للتشويش(8). إن "نموذج التحوّل" المقترح سيتطلب أيضاً ردعاً إضافياً/قدرات لكسب الحرب في قطاعي الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل.

وبالرغم من وجود بعض التداخل في المتطلبات التشغيلية بين القطاعات الواسعة والمتزايدة المضادة للإرهاب و(خصوصاً) المتطلبات الحربية لأسلحة الدمار الشامل، فإن مخصصات ميزانية الردع التقليدية سوف لن تكون كافية لمؤازرة الاحتياطات لتخفيض طفيف.

إن مؤلفي هذا التقرير يرغبون في إلقاء الضوء على عددٍ من المساحات التي تتأثر فيها مواقف "إسرائيل" الدفاعية التقليدية بشكل سلبي نتيجة التخفيضات الأخيرة في الميزانية.

إن أولى هذه المساحات هي في حقل الأبحاث والتطوير(9). إن ميزانية الدفاع "الإسرائيلية" للسنة المالية 2004 قد حذفت جزءاً أساسياً من تمويلات الأبحاث والتطوير التمهيدية، كنتيجة مباشرة لمجمل التخفيضات البالغة 3 بليون شيكل "إسرائيلي" (680 مليون $) مخصصة للنفقات العسكرية. إن التجديد في تقنيات الأسلحة هو "دم الحياة" للمؤسسة العسكرية للبلد، وقد كان دوماً مسؤولاً عن ضمان تفوق قواتها المسلحة ضد أقوى إئتلاف عددي لدول معادية. إنه أيضاً المحرّك لاقتصاد التقنية العالية للبلد. إن تخفيض الاستثمار في مجال التقنية العسكرية الجديدة يترك "إسرائيل" عرضة لأعدائها الذين يقومون بإمتلاك أنظمة أسلحة جديدة ومتطورة بسرعة مذهلة. مصدر القلق الثاني هو التمويل الغير كافٍ الذي تخصصه "إسرائيل" لحسابات التشغيل والصيانة العسكرية (O M). إنها الحسابات التي تسدد تلك الضروريات اليومية من أجور وعلاوات إلى تدريب ودعم القاعدة. إن حرب الثلاث سنوات الفلسطينية قد أجبرت قوات الدفاع "الإسرائيلية" على تحويل موارد مالية من مكانها المعتاد في التشغيل والصيانة من أجل تغطية العمليات المستمرة في الأقاليم، إن الحرب على الإرهاب والجدار الأمني قد استنفذا موارد إضافية. ونتيجة للنقص المتزايد في الموارد المالية للتشغيل والصيانة فقد أجري تخفيض على تدريبات الجنود للتمكن من تغطية تكاليف ساعات طيران القوات الجوية وساعات إبحار القوات البحرية وساعات المناورة للقوات البرية في جيش الدفاع "الإسرائيلي". ثالثاً، ومع وجود استثناءات نادرة، فإن قادة "إسرائيل" العسكريين يضطرون إلى تخفيض إمتلاك المنصات الحديثة والمتطورة.

تتكوّن القوة العسكرية التقليدية من عدة عوامل، والمذكورة أعلاه هي قليل من المؤشرات التي تعكس النزعة القلقة السائدة في صفوف القوات المسلحة "الإسرائيلية"، والتي لو سُمح لها بالاستمر فإنها ستُحدث تآكلاً خطيراً في القدرات القتالية المعززة وفي القدرة على ردع الاعتداءات التقليدية.

إن صيانة وضعيّة الدفاع التقليدي المتماسكة والقوية هو أمر رئيسي للتمكن من ردع أي اعتداء في أي حلقة من حلقات سلسلة التهديدات.

إن ضعف "إسرائيل" العسكري -حقيقياً كان أو مُدْركاً- قد يشجع الاعتداء- الذي إن تُرِكَ غير مراقب- قد يصعّد (الوضع) إلى مستوى أسلحة الدمار الشامل.

من المؤكد أن مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي متوقف بشكل أساسي على قوة اقتصادها، ومن الواضح أيضاً أن إنفاق نسبة مئوية مرتفعة جداً من مجمل الناتج المحلي (GDP) على الدفاع سيكون له تأثير مُوهنٌ على صحة إقتصادها العام. إن رفع عِبء الدفاع إلى ما فوق 7% من مجمل الناتج المحلي قد يؤدي إلى تأثيرات ضارة(10).

هذا يعني –حسب ما نقترح- أن:

أ‌-       يجب ألا يتجاوز عبء الدفاع "الإسرائيلي" عتبة هذه النسبة المحددة من مجمل الناتج المحلي. وعلى افتراض أنه لم تحصل أية زيادات هامة في الدعم من الولايات المتحدة.

ب‌-  على "إسرائيل" الآن أن تجاهد بطريقة منظمة لرفع مجمل الناتج  المحلي بحيث تصل حصة الفرد فيها إلى المستوى الشائع في أوروبا الغربية.

حالما يتمّ التعريف به وتبنّيه، فإن "نموذج التحوّل" المقترح سيؤثر –بحد ذاته- على الطريقة التي ستتصرف بها الدول واللادول الأخرى الفاعلة فيما يخصّ سياسات العالم. من المقترح إذاً أن تقوم "إسرائيل" وبشكل دائم، بمراجعة "صلاحية" نموذجها التحوّلي عالمياً".

مثلما أن الصراع العربي-العربي والإسلامي-الإسلامي لن يسهم كثيراً في تثليم (تخفيف) الاستعدادات الحربية العربية/الإسلامية ضد "إسرائيل"، كذلك فإن التدمير الأمريكي و/أو "الإسرائيلي" لبعض القواعد الإرهابية المحددة لن يتمكن -بالضرورة- من التخلص من الملاذات الآمنة التي توفرّها الدول المناصرة للإرهاب. لقد سبق وشهدنا القدرة الواضحة لـ"القاعدة" في نقل عملياتها من دولة إلى أخرى، كما وأنه من المحتمل اكتشاف مناصرين بديلين من قِبَلِ مجموعات إرهابية أخرى بكل يسر وسهولة.

لذلك، نحن نقترح لا أن تحدّ الحرب على الإرهاب –بأي شكل من الأشكال- من عملياتها ضد قواعد الإرهاب المعروفة، بل بالأحرى، على تلك العمليات أن تتضمن في ترسانتها التكتيكية الأساسية بعض المقوّمات الهادفة ضد الدول المُتوقع مناصرتها للإرهابيين.

 في المرحلة الحالية، جرى حذف العراق من "معادلة إسرائيل الاستراتيجية. وهذا يعني أن بإمكان "إسرائيل" تخصيص وتوجيه الطاقات والموارد نحو مصادر الخطر الأخرى لأسلحة الدمار الشامل، مع أنه من الممكن تصوّر بقاء العراق مصدراً كامناً للإرهاب ضد "إسرائيل". إنه من مصلحة "إسرائيل" –على المدى القريب والبعيد- التأكد من الانتصار الكامل الذي تقوده أميركا في عراق ما بعد صدّام.

إن الحرب الدائرة في العراق قد أثبتت الضعف الجلي للوكالات الاستخبارايتة الوطنية في توفير عدد من الإنذارات الحرجة، وفي تعزيز الاستقرار الاستراتيجي في بعض الأقاليم، حتى "إسرائيل" نفسها لها تاريخ في الإخفاقات المخابراتية الخطرة، لذلك فإن مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي سيستلزم وجود بنية تحتية استخباراتية معززة وأنظمة دعم عالية النقاوة.

نحن نقرّ بأنه –لأسباب مختلفة عديدة- تواجه "إسرائيل" الآن عزلة متنامية في المجتمع الدولي. وأكثر من أي وقت مضى. ستحتاج لأن تناضل من أجل أمنها الذاتي، وأن تعتمد، بالتحليل النهائي، على مهاراتها ومواردها الذاتية. وكأمثلة واضحة، فإن التوسع المستمر للجماعة الأوروبية (EU) وحلف الأطلسي (NATO) سيوفر ضمانات أمنية مختلفة للدول الأعضاء، وسيترك "إسرائيل" وحيدة أكثر فأكثر. في النهاية، سيعتمد مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي على خطط ومواقف من صنعها، وهذه الخطط والمواقف نفسها ستتطلب نمطاً من الدراسات الاستراتيجية يكون أكثر شمولية وقدرة على الإبداع كحقل منظّم للاستعلام. من المستحسن أن يقوم الآن حقل، مستمر التطور، للدراسات الاستراتيجية "الإسرائيلية" بإنشاء هيئة عامة للنظريات المتطورة يمكن الاستعانة بها على استنتاج وتطبيق وصفات سياسية خاصة. في بناء مثل هذه النظرية الهامة سيكون من الحيوية أن يؤخذ بالاعتبار عدد من المواضيع التي قد لا تبدو في العادة منسجمة بشكل مباشر مع مجالات قلقنا. مثلاً على ذلك، تأثر مستقبل "إسرائيل" الاستراتيجي –دون أدنى شك- بمثل هذه العوامل المختلفة التي منها:

1-    الفوضى المتنامية في الشؤون العالمية.

2-    إحتمال استخدام الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية أو في جنوب غرب آسيا (الهند/باكستان).

3-  سخرية الاحتمال الذي بدأ يظهر، والمتعلق بتحالفات الولايات المتحدة- كونها في نفس الوقت، ضامنة للأمن السياسي "لفلسطين".

4-    إحتمال عدم تمكّن الولايات المتحدة من جلب الديموقراطية للعراق أو لأي دولة عربية أخرى في الشرق الأوسط.

5-  إحتمال ظهور إرهاب واسع في أنحاء متفرقة من العالم وتأثير مفاهيمه على معنى "التهديد الوجودي" لـ"إسرائيل".

6-  التنامي الملموس في معاداة السامية وتأثيراته غير المعروفة على قدرة "إسرائيل" للعمل ديبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً.

 

إن أمن "إسرائيل" محفوف بالخطر والمجازفة، وهو متوقف على متغيرات معقّدة كثيرة جداً، ولكنه أيضاً ميدان تنافس وتصارع على الفرص.

إدراكاً للالتزام الذي يُحتم معالجة التهديدات الوجودية سواء من الناحية التنظيمية أو الشمولية أو الترابطية –ليس فقط كمجرد هموم وأحداث منفردة خاصة- على صانعي القرار السياسي "الإسرائيلي" أن يبادروا عمّا قريب لإتخاذ عدد من الخطوات الإضافية المطّلعة لتعزيز البقاء الوطني مع عدم تسليمهم جدلاً بأي شيء، وباعتمادهم كلياً على "مستقبل إسرائيل الاستراتيجي".

 بإمكان هؤلاء القادة أن يعتمدوا بقوة على الاستنتاج بأن أكثر الموجودات الاستراتيجية الأساسية أهمية لـ"إسرائيل"-والغير قابلة للتغيير- هي القدرة الفكرية على التحليل المنطقي.

 بالإمكان تحقيق ذلك بشكل أفضل عن طريق تبنّي عدد من الخطوط المتماسكة والصلبة لتطبيق المقترحات الرئيسية والتفصيلية لـ"مستقبل إسرائيل الاستراتيجي" بما يتعلق بخيارات الردع والدفاع وخوض الحرب والمبادرة؛ وأيضاً عن طريق استكشاف السبل الدقيقة التي تتمكن معها "إسرائيل" من أن تموّل -بفعالية أكثر- النفقات العسكرية المتزايدة بشكل أساسي؛ وأيضاً عن طريق تقصّي احتمالات جديدة للتعاون الأمريكي –"الإسرائيلي في مواجهة التهديدات الهائلة المتزايدة للسلام العالمي والإقليمي.

 


ملاحظات نهائية:

1-

أنظر كتاب دكستر إنجرام (Dexter Tngram)، (اختصاصي في تقييم التهديدات): أسلحة العراق للتدمير الشامل: تقييم التهديد في سيناريوهات الهجومات المحتملة- صادر عن "مؤسسة التراث" (Heritage Foundation)- واشنطن دي سي بتاريخ 25 أيلول 2002؛ عرض نقطة القوّة- 12 صفحة، بحسب رأي مؤسسة التراث فهو "سيناريو وهمي يرتكز على زيف إدارة الدفاع".

2-

أنظر: قانونية استعمال أو التهديد باستعمال أسلحة نووية: (رأي استشاري بتاريخ 8 آب)، وثيقة الأمم المتحدة أ/51/218 (1966)؛ أعيدت طباعتها في 35 آي. ال.ام 809 و 1343 (1996). والرأي موجود أيضاً في "قانونية استعمال أو التهديد باستعمال الأسلحة النووية" على عنوان البريد الإلكتروني:

http://www.law.cornell.edu/icj/icj/opinion.htm.

3-

أنظر "يواش تسيدون-شاتو" (Yoash Tsiddon-Chatto) "حقائق غير مصنفة تؤثر على قوات إسرائيل الجوية 2005 إلى 2010"- وثيقة سياسية رقم 136، ACPR – إسرائيل- آذار 2002- 59 صفحة.

4-

جرائم ضد الإنسانية، إستمدت منها جريمة الإبادة الجماعية- تم التعريف بها وتصنيفها في المادة 6 (C) من "اتفاقية إعدام ومعاقبة كبار مجرمي الحرب في المحور الأوروبي وشرعة" المحكمة العسكرية الدولية التي انعقدت في لندن بتاريخ 8 آب 1945. دخلت قيد التطبيق بتاريخ 8 آب 1945. إن معاهدة الإبادة الجماعية (1948) نفسها تجرّم –ليس فقط أفعال الإبادة الجماعية المخلتفة -بل أيضاً (حسب المادة III) "التآمر لإرتكاب جرائم إبادة جماعية" و"التحريض المباشر والعام على ارتكاب جرائم إبادة جماعية". المواد وII وIII وVI من معاهدة الإبادة الجماعية تسري جمعيها على كافة حالات "التحريض المباشر والعام لارتكاب الإبادة الجماعية". المعاهدة الدولية حول إزالة كافة أشكال التفرقة العنصرية (1965) تدين "كافة أشكال الدعاية وكافة التنظيمات التي تحاول تبرير أو تشجيع الكراهية والتفرقة العنصريين بأي شكل"، مُلزمة بالمادة 4 (أ) بأنه "تعتبر الدول الأفرقاء جريمة  يعاقب عليها القانون أي نشر لأية أفكار ترتكز على الفوقية العنصرية أو الكراهية، وكذلك التحريض على التفرقة العنصرية، إضافة إلى كافة أعمال العنف أو التشجيع على مثل هذه الأعمال ضد أي جنسٍ أو مجموعة أشخاص"، بينما تؤكد المادة 4 (ب) أن الدول الأفرقاء "عليها أن تمنع/تعلن عدم قانونية كافة التنظيمات وكافة النشاطات الدعائية المختلفة بما فيها المنظمة منها، التي تشجع وتحرض على التفرقة العنصرية، كما وعليها الإقرار بأن المشاركة في مثل هذه التنظيمات والنشاطات تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون."

بالإمكان إيجاد المزيد من النصوص لبتر ومعاقبة الدعوات الفلسطينية المنادية بالتدمير وبالإبادة الجماعية لليهود. في المادة 20 (2) من الاتفاقية الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية (1966):

"أي تأييد للكراهية الدينية أو العرقية أو القومية مما يشكل تحريضاً على العنصرية أو العدائية أو العنف يعتبر محظوراً من قبل القانون". في قضية عُرضت خلال كانون الأول 2003 أمام المحكمة الجنائية الدولية في رواندا (ICTR)، أدين ثلاثة أفارقة من الإعلاميين التنفيذيين بالإبادة الجماعية وبالتحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية ووبارتكاب جرائم ضد الإنسانية. لقد استندت أحكام الإدانة تلك إلى تقارير استفزازية ومقالات رئيسية كانت قد نُشرت في أوائل التسعينيات إبان وأثناء عمليات القتل الجماعي المنظمة ضد الأقلية التوتسية (Tutsi) الراوندية من قِبل الأكثرية الهوتسية (Hutsi). ولم يدن المدعي عليهم بأية أعمال عنف محددة بل فقط لاستخدامهم كلمات شنيعة ومسيئة.

5-

قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 487 الصادر في 19 حزيران 1981، والذي أدان الهجوم بشدّة، كما وعبّر عن أنه "من حق العراق الحصول على تعويضات تتناسب مع حجم الدمار الذي تعرّض له".

6-

لاستطلاع المثقفين حول الدفاع الاحترازي (الوقائي) عن النفس، مع إشارة خاصة إلى "إسرائيل"- أعده رئيس مشروع دانييل، أنظر: لويس رينيه بيريس، اغتيال صدام حسين:من وجهة نظر القانون الدولي" مجلة إنديانا للقانون الدولي وقانون المقارنة، المجلد 31 رقم (3) من ص 847-869؛ لويس رينيه بيريس "مفهوم المبادرة الأمريكي الموسّع حديثاً: هل يمكنه أن يشمل الاغتيال؟ مجلة دينفر للقانون الدولي والسياسي، المجلد 31 العدد 2؛ شتاء 2002 ص 157-177؛ لويس رينيه بيريس ويواش تسيدون شاتو: "إعادة النظر في تدمير إسرائيل لمفاعل أوزيراك النووي العراقي"، مجلة تمبل للقانون الدولي وقانون المقارنة، المجلد 9- العدد2- 1995، ص 437-449؛ لويس رينيه بيريس: "الحفاظ على جمهورية المعبد الثالث: "حق إسرائيل بالدفاع الوقائي عن النفس في ظل القانون الدولي"؛ مجلة فاندر بيلت للقانون العبرفوقي؛ المجلد 26- العدد1 (1993)- ص111-148؛ لويس رينيه بيريس "ما بعد حرب الخليج": إسرائيل، حق المبادرة والدفاع الاحترازي عن النفس"، مجلة هاوستون للقانون الدولي، المجلد 13، العدد2، ص259 -280 (1991)؛ لويس رينيه بيريس؛ "الضرب أولا": خيارات إسرائيل ما بعد حرب الخليج في ظل القانون الدولي"، مجلة ليولاو في لوس أنجلوس القانون الدولي وقانون المقارنة، المجلد 14، العدد 1- 1991ص 1-24،؛ لويس رينيه بيريس، "إسرائيل والدفاع الاحترازي عن النفس"، مجلة أريزونا للقانون الدولي والمقارنة- المجلد 8- (1991) ص 89-99؛ لويس رينيه بيريس، ما بعد هجمات ال سكود: "إسرائيل، فلسطين والدفاع الاحترازي عن النفس"، مراجعة إيموري للقانو ن الدولي، المجلد 6- العدد1 (1992)، الصفحة 71-104، لويس رينيه بيريس- "عن الاغتيال كدفاع احترازي عن النفس": قضية إسرائيل- مراجعة هوفسترا (Hofstra) للقانون، المجلد 20 –العدد 2- (1991) ص 321-340؛ لويس رينيه بيريس: "دعماً للدفاع الوقائي عن النفس": إسرائيل؛ أوزيراك والقانون الدولي- وثيقة الأمن المعاصر، المجلد 19- العدد2- (1998) ص111-114؛ لويس رينيه بيريس: "إسرائيل، إيران وحق المبادرة: "إختيار الخيار الأخير غير المُغري في ظل القانون الدولي"، مجلة ديكنسون للقانون الدولي، المجلد 14- العدد2- ص187-206؛ لويس رينيه بيريس: إسرائيل، القوة والقانون الدولي: تقييم حق الدفاع الوقائي عن النفس"، مجلة أورشليم للعلاقات الدولية، المجلد 13- العدد2- (1991) ص1-14، لويس رينيه بيريس، قنبلة إسرائيل في الطابق السفلي:"نظرة ثانية"، شؤون إسرائيل، المجلد 2- العدد 1- (1995) ص 112-136.

7-

أنظر: يواش تسيدون شاتو، "تصنيف الأداء للطائرات الضاربة "قضية الحرب المنسية، مجتمع طياري تجارب الاختبار، مراجعة فنية، كانون الثاني 1970ـ وأنظر أيضاً: يواش تسيدون- شاتو مقدّم/القوات الجوية "الإسرائيلية":"قضية الحرب المنسية: رأي حول الطائرات الضارية"، مجتمع طياري التجارب الاختبارية، مراجعة فنية- كانون الثاني 1971- ص 8-27.

8-

نظراً لأن التقنيات الحديثة قد قللت بشكل كبير الحاجة للقنابل الثقيلة (مع ازدياد الدقة أصبح من الممكن – غالباً إستعمال رؤوس حربية أصغر لكن بفعالية أكبر). إن عدد الأهداف المدمرة من قبل أية منصة واحدة أصبح أقل اعتماداً على وزن السلاح منه على عدده.

9-

أنظر: إسرائيل توقف بحث وتطوير كافة البرامج الدفاعية الجديدة، مجلة MENL، تل أبيب – 10 نيسان 2004.

10-

إن أطروحة الـ 7% كأعلى حدٍ قد جرى تقديمها من قبل البروفيسور دانييل تسيدون من جامعة تل أبيب خلال منتدى الدفاع والمجتمع الذي أقامه معهد إسرائيل الديموقراطي (أورشليم) بتاريخ 5 أيلول 2003.,

11-

يجري تذكير هنا بملاحظة لـ غوته Goeth في كتابه فاوست ( Faust): في النهاية سنعتمد على مخلوقات من صنعنا نحن".

 

 

 

16/كانون الثاني 2003

 


مؤلفو التقرير:

بروفيسور لويس رينيه بيريس

رئيساً/الولايات المتحدة الأمريكية.

نعمان بيلكانيد:

مساعد سابق لنائب وزير الدفاع للوسائل الخاصة/"إسرائيل"

البرفيسور إسحاق بن إسرائيل

اللواء في القوات الجوية "الإسرائيلية"./"إسرائيل".

د. راند هـ. فيشباين:

عضو سابق في هيئة المحترفين، عضو لجنة مخصصات مجلس الشيوخ الأمريكي ومساعد خاص سابق لشؤون الأمن الوطني للسيناتور دانييل ك. إينوي/الولايات المتحدة.

د. أدير بريدور:

مقدم متقاعد، القوات الجوية "الإسرائيلية"- رئيس سابق للتحليلات العسكرية- رفاييل /"إسرائيل".

يواش تسيدون- شاتو:

عقيد- القوات الجوية "الإسرائيلية"/"إسرائيل".

 


لويس رينيه بيريس

حصل على تعليمه في جامعة برينستون (دكتوراه 1971) وينشر بشكل أوسع عن أمور الأمن "الإسرائيلي". بروفيسور في القانون الدولي بجامعة بوردو، وهومؤلف لبحثين حديثين لمركز أرييل للبحوث السياسية: "التهديدات الأمنية والعلاجات الناجعة: خيارات "إسرائيل" القانونية والتكتيكية والاستراتيجية" (2000)، و<أساسيات بقاء "إسرائيل" اتفاقات أوسلو في القانون الدولي والاستراتيجية الوطنية> (1997)، البروفيسور بيريز هو المؤلف لتسعة كتب رئيسية في هذا الحقل، كما وأنه يكتب في عامود الشؤون العسكرية والاستراتيجية للمطبعة اليهودية. إن مقالاته قد ظهرت في أكثر من مئة مجلة وصحيفة دورية، بما فيه مطبوعات إدارة الدفاع للولايات المتحدة باراميترز (Parameters): مجلة المعهد الحربي لجيش الولايات المتحدة والشؤون الحربية الخاصة.

 

نعمان بيلكانيد

مهندس متقاعد، له 33 سنة خدمة في وكالة الطاقة الذرية "الإسرائيلية" وفي وزارة الدفاع "الإسرائيلية". مساعد سابق لنائب وزير الدفاع للوسائل الخاصة، ترأس عدة مشاريع بمركز البحوث النووية في ديمونا، كما وخدم كمستشار علمي في السفارة "الإسرائيلية" في واشنطن دي.سي.

 

إسحاق بن إسرائيل

يحمل درجة دكتوراه من جامعة تل أبيب، حيث كان قد درس الرياضيات والفيزياء والفلسفة، مؤلف لعددٍ كبير من المقالات والعديد من الكتب حول مواضيع عسكرية، شغل عدة مناصب رئيسية في مجال العمليات والاستخبارات وتطوير الأسلحة داخل سلاح الجو "الإسرائيلي". في كانون الثاني 1998 تمّت ترقيته إلى رتبة لواء وعُيّن مديراً لإدارة البحوث والتطوير الدفاعية. ويقوم اللواء بن إسرائيل بالتدريس في جامعة تل أبيب منذ عام 1989.

 

راند هـ. فيشباين

تسلّم درجة دكتوراه بتفوق في مجال العلاقات الدولية/الدراسات الشرق أوسطية في كليه جونز هوبكينز للدراسات العالمية للعلوم العالية (SAIS). تلقى منحتي فولبرايت (Fulbright) لدراسة الشرق الأوسط في كلية سانت أنتوني بجامعة أوكسفورد وكلية الدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS) بجامعة لندن. يشغل الدكتور فيشباين حالياً منصب مدير اتحاد مؤسسات فيشباين المحدودة، وهي شركة استشارية للعلاقات العامة مركزها بوتوماك (Potomac) بولاية ميريلاند. د.فيشباين هو عضو سابق بالهيئة التحصصية لكل من: اللجنة الفرعية لمخصصات مجلس الشيوخ الدفاعية للولايات المتحدة، وأيضاً اللجنة الفرعية لمخصصات مجلس الشيوخ للعمليات الخارجية للولايات المتحدة، علاوة على إشغاله منصب مساعد خاص (سابق) لشؤون الأمن القومي لدى السيناتور دانييل ك. إينوي. إن د. فيشباين قد أعدّ وألف العديد من البرامج والمبادرات الداعمة لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وكان هو من ألّف الوثيقة الأولى للعقوبات التي استهدفت نظام صدام حسين قبل عشرة أشهر من غزو القائد العراقي للكويت.

 

أدير بريدور

يحمل درجة دكتوراه في الرياضيات من الجامعة اليهودية في أورشليم، ويرأس الآن معهد الصناعات الرياضية الذي كان قد أسّسه عام 1992، وهو مؤسس مساعد لفرع أبحاث العمليات للقوات الجوّية "الإسرائيلية". إن دراسات د. بريدور التحليلية الواسعة المدى قد ركّزت على مثل تلك المواضيع التي تتناول "قابلية سقوط المهابط بيد الأعداء" و"فعاليّة الدفاع الخاصة" و"إمكانية نجاة الطائرات في المهمات الخاصة" و"تحليلات الأضرار" و"تنظيم الدفاع" و"تقييم التهديدات الصاروخية" و"توقّع التهديد وبناء القوة" و"التخطيط التشغيلي" وغيرها...

 

يواش تسيدون-شاتو

عقيد حالي بالقوات الجوية "الإسرائيلية". كان عضواً في الكنيست الثاني عشر وكان عضواً في بعثة مدريد للسلام عام 1991. هو عضو في "جمعية الطيران والملاحة الجوية الإسرائيلية" و"جمعية الطيارين الاختباريين التجريبيين". لقد خدم العقيد تسيدون-شاتو كرئيس المستلزمات التخطيطية والتشغيلية "التابعة للقوات الجوّية "الإسرائيلية" لما قبل حرب الأيام الستة. عضو في مركز رفاييل (مجلس التسليح والتطوير) من 1992-1995، حيث قام بنشر كمّ هائل حول المواضيع الأمنية في "إسرائيل" وأماكن أخرى. وكعضو مؤسس للمركز الجوّي للأبحاث السياسية. قام تسيدون-شاتو مؤخراً بتأليف الوثيقة السياسية رقم 136 (ACPR) "الحقائق الغير منصنفة المؤثرة في القوات الجوية "الإسرائيلية" من 2005 إلى 2010 (سنة 2002).

 


2016-03-24 11:30:24 | 8680 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية