التصنيفات » ندوات

الندوة التي أقامتها المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الايرانية في بيروت ومركز باحث للدراسات لمناسبة يوم القدس العالمي.




لمناسبة ذكرى يوم القدس العالمي، الذي أعلنه الإمام الخميني (قده) في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، أقامت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت، ومركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، ندوة سياسية بتاريخ 27/6/2016، تحت عنوان (التوطين والاستيطان: جزءان لمشروع واحد)، وذلك في قاعة المحاضرات بمطعم swiss time، في منطقة السانت تيريز ـ بعبدا.
وقد حاضر في الندوة كلٌ من الدكتور نبيل خليل (باحث فلسطيني) والأستاذ وليد محمد علي (باحث فلسطيني) والأستاذ فهد سليمان (نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين). وأدار الندوة الأستاذ شوقي أبو شعيرة، وذلك بحضور ورعاية رئيس مركز باحث الدكتور يوسف نصرالله والمستشار الثقافي الإيراني في بيروت السيد محمد مهدي شريعتمدار، ومشاركة جمع من الباحثين والناشطين السياسيين والإعلاميين، ومن بينهم:
مدير جامعة المعارف الدكتور محسن صالح، النائب السابق الحاج عبدالله قصير، الدكتور حسن سلمان، الدكتور كامل وزني، الإعلامي الأستاذ فيصل عبد الساتر، العميد المتقاعد الياس فرحات، عضو المكتب السياسي لحركة أمل الأستاذ محمد خواجة، و المسؤول الاعلامي المركزي لحركة امل الدكتور طلال حاطوم، الإعلامي محمد نون، الدكتور عبدالملك سكرية، الدكتور حيدر دقماق، الأستاذ ياسر زغيب..




في البداية، تحدث مدير الندوة الأستاذ أبو شعيرة عن عنوان الندوة الذي يربط بين مشاريع التوطين التي طُرحت بعيد نكبة العام 1948 وما تزال تُقدّم نسخ معدّلة منها حتى اليوم، وبين خطط الاستيطان التي نهبت الأرض الفلسطينية المحتلة في العام 1967، ليتكامل هذان المساران بهدف تهويد كلّ فلسطين وتكريس اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه أو فرض «الأسرلة» الكاملة عليه، بموازاة دمج اللاجئين الفلسطينيين في (الشتات)، سواء القريب من فلسطين أو البعيد عنها؛ وهذا ما أسهمت في تحقيقه اتفاقات التسوية التي عقِدت مع الكيان في المراحل الماضية، تحت عناوين مختلفة (حكم ذاتي/ تطوير ودمج/ وغيرها).
وقدّم أبو شعيرة للدكتور يوسف نصرالله، رئيس مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، الذي رحّب بالمشاركين في الندوة، ودعا إلى التوحّد حول قضية فلسطين التي تجمع كلّ فئات الأمّة، ومعرّفاً بأهداف مركز باحث للدراسات، مع دعوته إلى تعاون مع المركز من قِبل الباحثين والخبراء، بهدف إبراز موقعية القضية الفلسطينية مجدّداً والإسهام في كشف المشاريع التي تستهدف تصفيتها وتشويه صورة الفلسطيني في نظر الآخر، العربي والمسلم الداعم له، أو العكس.
من جهته، المستشار الثقافي الإيراني في بيروت، السيد محمد مهدي شريعتمدار، رحّب بالحضور، وبدأ حديثه بقولٍ للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بأن الحكّام العرب هم أول الخائفين من تحرير فلسطين إذا حصل، لأنهم يخشون قيام دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وسط دولهم التابعة وغير الديمقراطية..



وأكد السيد شريعتمدار على مركزية قضية فلسطين في وجدان وعقل قادة وشعب إيران وكلّ شعوب المنطقة، وستبقى كذلك برغم كلّ المؤامرات والضغوط التي تُمارس ضدّ الجمهورية الإسلامية منذ قيام الثورة في العام 1979، لإجبارها على التخلّي عن تبنّيها الصادق لهذه القضية المقدّسة، والذي عبّر عنها إعلان الإمام الخميني (قده) ليوم القدس العالمي في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك.
وبعدما حذّر المستشار من خطورة التطبيع، الذي يُعتبر ثالث أقانيم المخطّط التآمري على قضية وشعب فلسطين، إلى جانب التوطين والاستيطان الصهيوني على حساب الأرض والشعب الفلسطيني، دعا شعوب الأمّة إلى رفض محاولات التطبيع الجارية بين بعض الحكّام العرب وكيان الاحتلال، وتكريس المقاومة بمختلف أشكالها لهذا الكيان السرطاني الذي بات اليوم في وضع مريح على خلفية النزاعات والصراعات الدائرة في المنطقة، وهو ليس ببعيد عن تأجيجها، مع راعيته الولايات المتحدة الأميركية.
وقبل بدء المحاضرين بكلماتهم، عرض فيلم قصير (إنفوغراف)، من إعداد محمد مزنر ـ مركز باحث، يبيّن بالخرائط والأرقام تطوّر سرطان الاستيطان الصهيوني في فلسطين منذ العام 1881 وحتى العام 2014، وانتشار المستوطنات على كامل الأراضي الفلسطينية وتزايد أعداد المستوطنين بشكل كبير فيها.
المحاضِر الأول في الندوة، الأستاذ وليد محمد علي، بدأ كلامه بالتشديد على أهمية ترسيخ مصطلح المقتلعين بدلاً من اللاجئين الفلسطينيين، لأن الاقتلاع الذي يتبعه الاحتلال هو الذي يجسّد ما يجري في فلسطين منذ عقود، بهدف إلغاء الوجود الفلسطيني الأصيل فيها، وتحويل قضية الشعب الفلسطيني إلى قضية لاجئين يجب مساعدتهم في حلّ مشاكلهم الاجتماعية والإنسانية حيث هم، سواء في المخيّمات البائسة داخل فلسطين أو في ما يُسمّى دول الشتات.



وكشف الأستاذ محمد علي عن عدد كبير من مشاريع توطين المقتلعين حيث يقيمون (أكثر من 50 مشروعاً) وذلك منذ العام 1949، وكان أبرزها في المرحلة التي تسلّم فيها السيّئ الذكر هنري كيسنجر وزارة الخارجية في بلاده، لتتحوّل قضية المقتلعين من قضية سياسية بامتياز إلى قضية إنسانية، والتي نشهد اليوم ـ الأسف الشديد ـ تمظهراً لها في المساعي الإقليمية والدولية لإقامة محطّة كهرباء وميناء في قطاع غزة المحاصر من قِبل الاحتلال، بهدف تصفية المقاومة وتطويع إرادة الشعب الصامد هناك..
ولفت إلى خطورة تجدّد طروحات الكونفدرالية مع الأردن (زيارة رئيس الحكومة الأردنية الأسبق عبد السلام المجالي للضفة الغربية مؤخراً كنموذج)، بموازاة طروحات دمج وتطوير أوضاع المقتلعين في الأردن مع محيطهم، والتي تدعمها دول أوروبية بالتنسيق مع وكالة الأونروا، التي تسعى لنقل صلاحياتها إلى الدول المضيفة للمقتلعين، بينما يصبح المقتلعون الفلسطينيون في لبنان وسورية مجرّد رعايا تابعين للكونفدرالية المقترحة مع الأردن، مع ميزات خاصة تُمنح لهم (قانون التملّك كمثال).
وشدّد الأستاذ محمد علي على دور المقاومة في إحباط مشاريع التوطين وتكريس يهودية الدولة الصهيونية، مقابل نقطة ضعف خطيرة يعاني منها الجسم العربي والإسلامي المفكّك، والتي تخدم المشروع الصهيوني وتمدّه بأسباب البقاء والتوسع.
وبعد إشادته بصمود الشعب الفلسطيني الذي نجح رغم كلّ ما جرى ضدّه وعليه في تكريس هويته الوطنية في الأمم المتحدة (صفة عضو مراقب لدولة فلسطين)، دعا المحاضِر إلى مراكمة نقاط القوة لدى شعوب الأمة، وأوّلها الحركات المقاومة، والاستفادة القصوى من دعم الحلفاء والداعمين لقضية فلسطين، وفي مقدّمتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع التركيز على أهمية قضية المقتلعين الفلسطينيين، والتي تفوق أهمية قضية القدس (ونحن في أجواء يوم القدس العالمي)، لأنها تمثّل لبّ القضايا الأخرى، وهي تجسّد طبيعة الصراع الصفري القائم بيننا وبين كيان الاغتصاب والاحتلال في فلسطين، والذي لن ينتهي إلاّ بزوال أحد طرفي الصراع.
المحاضِر الثاني في الندوة، الدكتور نبيل خليل، تحدث في ورقته البحثية عن تاريخ الاستيطان في العالم، وطبيعة الاستيطان الصهيوني الذي سلك طريق المجازر والإبادة الجماعية والاقتلاع لاحتلال الأرض وإسكان اليهود الصهاينة محلّ شعب فلسطين الأصلي، بما فاق بقيّة أشكال الاستيطان.
وعدّد الدكتور خليل أركان هذا الاستيطان، وهي: إثارة النزعات لدى الطرف المستهدف، والاعتماد على الدعم الغربي المطلق، واتباع أساليب الترهيب والترغيب للاستيلاء على الأرض، مع استغلال المراهنة الفلسطينية والعربية الفاشلة على أميركا (وقبلها بريطانيا).
وبعدما لفت إلى الحروب الحاصلة في المنطقة اليوم كجزء من المؤامرة المتواصلة على فلسطين، أدان انبطاح السلطة الفلسطينية أمام الكيان الذي يستمرّ في تعظيم قدراته العدوانية (تسلّمه 37 طائرة من طراز أف ـ 35 مؤخراً من الولايات المتحدة) وفي استكمال مخططاته لتهويد القدس والضفة الغربية وبناء جدران العزل والفصل داخل القرى والمدن الفلسطينية، بما يحوّل حلم الدولة الفلسطينية على أراضي العام 1967 إلى وهم مطلق.



لكن المحاضِر أكد على حصول تراجعات نسبية في مشاريع الاستيطان بعد هزيمة الكيان في حرب أكتوبر 1973، وبفعل حركات المقاومة وفعاليات الانتفاضة في فلسطين ولبنان، والتي أفشلت حروب الكيان وأعاقت مشاريعه على الأرض في عدّة مراحل (حرب تموز 2006 على لبنان ـ الاندحار الإسرائيلي عن غزة في آب من العام 2005)؛ وصولاً إلى الحركات الشعبية السلمية المقاومة لجدار العزل في الضفة (بلعين كنموذج)، والتي أجبرت الكيان على تعديل مسار الجدار عدّة مرّات، أو دفعته لتفكيك أجزاء مهمة منه.
وشدّد الدكتور خليل على ضرورة إعداد خطط متكاملة لدعم صمود الفلسطينيي في أرضه، بالارتكاز على المقاومة المسلّحة، موجّهاً الشكر لإيران على دعمها المتواصل والمتنامي لأسر الشهداء الفلسطينيين كالحركات المقاومة، ومشيداً بإعلان الإمام الخميني (قده) ليوم القدس العالمي، بهدف إحياء هذه القضية في قلوب وعقول الشعوب العربية والمسلمة في العالم.
وأخيراً، تحدث الأستاذ فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، شاكراً الجمهورية الإسلامية الإيرانية وثورتها التي أعادت، عبر إعلان يوم القدس العالمي وغيره من الخطوات، إحياء قضية فلسطين على أوسع نطاق وكبحت مسار الاستسلام العربي الذي ضيّع هذه القضية وتآمر عليها منذ البداية.
وذكّر المحاضِر بنتاج نوعي في الفكر السياسي الفلسطيني، والذي تمثّل في وثيقة الاستقلال الفلسطيني التي أعلنِت في العام 1988 من الجزائر، وفيها ربط واضح ومتين بين الشعب الفلسطيني وأرضه وهويته؛ فالأرض الفلسطينية هي وقف لهذا الشعب وليست ملكاً لفرد أو لجهة أياً كانت.
من هنا، شدّد سليمان على خطورة المساومات مع كيان الاستيطان التهويدي الذي يهدف لابتلاع كلّ فلسطين، وبوسائل مختلفة، بما فيها من ثروات وأرض ومواقع استراتيجية، مخيّراً شعبها بين «الأسرلة» أو الترانسفير الطوعي أو الإجباري، بموازاة تفعيل مخطّطات التوطين للاّجئين الفلسطينيين في الشتات، لإخراجهم نهائياً من معادلة الصراع والمقاومة.
وأشار المحاضِر إلى وجود نحو مليون مستوطن صهيوني في الضفة الغربية والقدس المحتلة حالياً، في ظلّ تجدّد الحديث عن إقامة كونفدرالية فلسطينية مع الأردن، تشمل ضم السكان وليس الأرض، بهدف تصدير «المشكلة» من الكيان إلى الأردن (هديّة مسمومة).
لكن سليمان استبعد إمكانية حصول هكذا مشروع، أولاً لرفض الدولة الأردنية (والأردنيين) له، لما يشكّل ضمّ نحو 4 مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون اليوم في الضفة الغربية إلى الكيان الأردني، على وجود واستمرارية هذا الكيان.
وفي الختام، أشاد المحاضِر بدعم الجمهورية الإسلامية للمقاومة المسلّحة والانتفاضة في فلسطين، داعياً إلى رفض أيّ تسوية جزئية لا تحقّق كلّ طموحات الفلسطينيين، أو تتنكّر لتضحياتهم المستمرّة منذ عقود مديدة، مهما كانت مبرّرات أو دوافع المؤيّدين للتسويات الجزئية أو المشبوهة..
وقد ردّ المحاضِرون الثلاثة على بعض مداخلات المشاركين في الندوة، بتأكيد محورية المقاومة في إفشال وإسقاط مشاريع التوطين والاستيطان التي تستهدف فلسطين، كما دول وشعوب المنطقة بأسرها.

وقد تلا الندوة حفل إفطار على شرف المشاركين فيها.









2016-06-30 09:43:09 | 7943 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية