التصنيفات » ندوات

أوضاع الأسرى وسياسة الاعتقال الإداري في فلسطين - الأستاذ عبد الناصر فروانة




عقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية في بيروت، بتاريخ 24/11/2016، ندوة سياسية خاصة بأوضاع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وقد حاضر في الندوة الأستاذ عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى، وعضو اللجنة المكلّفة بإدارة شؤون الهيئة في قطاع غزّة.
وتقدّم حضور الندوة: الدكتور يوسف نصرالله - رئيس مركز باحث للدراسات، الأخ ماجدي المستشار السياسي في السفارة الإيرانية في بيروت ، الشيخ عطالله حمود - معاون مسؤول الملف الفلسطيني في حزب الله، الدكتور مصطفى اللدّاوي، الأستاذ معن بشور، الدكتور حيدر دقماق، الدكتور محمود العلي، الباحث السياسي علي نصّار، الإعلامية منى سكّرية .



قدّم الأستاذ حسن شقير للمحاضِر بإشادة مسهبة بتضحيات وعطاءات الأسرى والمعتقلين، ذاكراً الأسير أحمد أبو فارة كنموذج للتمرّد الفلسطيني على قيد السجّان الصهيوني وأساليب قمعه، حيث وصلت معاناة الأسرى المضربين عن الطعام خصوصاً إلى أسماع العالم وأعيدت قضيتهم إلى الحياة من جديد.
بدأ المحاضِر الأستاذ عبد الناصر فروانة كلامه بأن قضية الأسرى بدأت مع بداية الاحتلال الصهيوني لفلسطين في العام 1948، وخاصة بعد حرب العام 1967 واحتلال الضفة الغربية والقدس وغزة، وإنشاء الكيان للسجون والمعتقلات لقمع الشعب الفلسطيني وإنهاء مقاومته. لقد ارتبطت هذه القضية بالوطن والشعب وبقضايا العرب والمسلمين والأحرار في كلّ العالم، مع الإشارة إلى أن حوالى مليون فلسطيني قد مرّوا بتجربة مريرة من تجارب الاعتقال في سجون الاحتلال، وكانوا من مختلف الأعمار والشرائح.
وقد تصاعدت سياسة الاعتقالات الإسرائيلية "المنهجية" بعد اندلاع انتفاضة (أو هبّة) القدس الثالثة، في تشرين الأول / أكتوبر 2015، ليصل عدد المعتقلين والمعتقلات حالياً (أطفال ورجال ونساء) إلى 8881 حالة اعتقال، من بينها 2651 طفل معتقل، تتراوح أعمارهم ما بين 11 و18 عاماً، ويشكّلون قرابة ثلث إجمالي المعتقلين. كما وتم اعتقال 238 فتاة وامرأة. والأخطر من كلّ ذلك التلازم القاسي والمؤلم ما بين الاعتقالات والتعذيب، حيث تعرّض جميع المعتقلين إلى واحد من أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي، والذي تصاعد منذ اندلاع الهبّة الجماهيرية الأخيرة؛ بالإضافة إلى أكثر من 90 قراراً إسرائيلياً بالحبس المنزلي بحقّ الأطفال، ونحو 200 حالة اعتقال بسبب منشورات على الفيسبوك، وما يزيد عن 1500 قرار بالاعتقال الإداري ما بين الجديد أو التجديد. وهذا ما جعل من السجن الإسرائيلي نموذجاً تتجلّى فيه الحالة الأسوأ في الاحتلال، على مدار التاريخ.




وتابع الأستاذ فروانة:
لا زالت سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها ومعتقلاتها سيّئة الصيت والسمعة نحو 7000 فلسطيني، موزّعين على قرابة اثنين وعشرين سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، أبرزها: نفحة، رامون، النقب، عسقلان، بئر السبع، هداريم، جلبوع، شطّة، وعوفر وغيرها. ومنبينهم قرابة 350 طفل وطفلة، و63 أسيرة فلسطينية، أقدمهن لينا الجربوني، المعتقلة منذ أربعة عشر عاماً ونيّف. وهناك 700 معتقل إداري دون تهمة أو محاكمة، 5 نوّاب في المجلس التشريعي الفلسطيني وهم: مروان البرغوثي، أحمد سعدات، حسن يوسف، محمد أبو طير، ومحمد جمال النتشة، إضافة إلى وزيرين سابقين هما: عيسى الجعبري ووصفي كبها، و21 صحافياً متّهمون بالتحريض لأنهم ينقلون الأخبار وتلتقط كاميراتهم صور الجنود وتوثّق جرائمهم، بالإضافة إلى مئات من الأكاديميين والكفاءات العلمية والرياضيين.
ومن الملفات المؤلمة وجود قرابة 1800 أسير يعانون من أمراض مختلفة، بينهم 180 أسيراً يعانون من أمراض خطيرة، و26 أسيراً يعانون من مرض السرطان، بالإضافة إلى 80 أسيراً يعانون من إعاقات جسدية ونفسية وحسيّة، بعضهم من فقد القدرة على الحركة، في ظلّ استمرار سياسة الإهمال الطبي المتعمد. كما ويوجد من بين الأسرى 42 أسيراً قد مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً، بشكل متواصل، وأن من بينهم تسعة أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً، وأقدمهم الأسير "كريم يونس" المعتقل منذ 35 عاماً. بالإضافة إلى العشرات ممّن أعيد اعتقالهم بعد أن كانوا قد أمضوا عقود من الزمن وتحرّروا في إطار صفقة وفاء الأحرار (مقابل الجندي الصهيوني جلعاد شاليط).
لقد أمعنت سلطات الاحتلال في انتهاكاتها وجرائمها بحقّ المعتقلين، وحوّلت سجونها إلى ساحات للقمع واستخدام القوّة المفرطة والاعتداءات اليومية، وأماكن للإهانة والإذلال والتعذيب الممنهج والاعتقال المفتوح عبر ما يُسمّى "الاعتقال الإداري".




كما وسعت دولة الاحتلال في استخدامها للاعتقال الإداري، دون تهمة أو محاكمة، كبديل سهل عن الإجراءات الجنائية، وتحت ما يُسمى "الملف السرّي" الذي لا يُسمح للمعتقل أو لمحاميه للاطّلاع عليه. وأصدرت "إسرائيل" منذ العام 1967 أكثر من 50 ألف قرار بالاعتقال الإداري "ما بين قرار جديد أو تجديد الاعتقال الإداري"، منها ما يزيد عن 26 ألف قرار منذ العام 2000، ممّا جعله وسيلة للعقاب الجماعي؛ وهذا يُعتبر جريمة حرب من منظور القانون الدولي، وفي السنوات الأخيرة صعّدت "إسرائيل" من اللجوء لاستخدامه بشكل لافت بنسبة تزيد عن 50% عن العام الماضي، ونسبة تصل إلى 100% عن العام 2014، ممّا رفع عدد المعتقلين الإداريين في السجون إلى نحو 700 معتقل إداري، وأن 60% منهم قد جدّد لهم الاعتقال الإداري لأكثر من مرّة. وهذا ما دفع العشرات من المعتقلين الإداريين إلى اللجوء للإضراب عن الطعام لفترات طويلة، وصلت لبعضهم لأكثر من ثلاثة شهور، وذلك احتجاجاً على استمرار اعتقالهم بلا تهمة.
ولعلّ أبرز مظاهر الإجرام الإسرائيلي الآخذة بالاتساع منذ اندلاع "الهبّة الجماهيرية"، تتجلّى في سياسة الإعدامات الميدانية والتصفية الجسدية لعشرات المواطنين بدلاً من الاعتقال، واللجوء للقتل العمد للمواطنين الفلسطينيين الأبرياء لمجرّد الاشتباه، ومن ثم تتذرّع "إسرائيل" لاحقاً بالأسباب.
وأضاف: إننا أيها السادة أمام دولة احتلال تنتهك القانون الدولي أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، وتُشرّع انتهاكاتها بقوانين عنصرية، وبمشاركة كافة مركّبات النظام السياسي فيها، وتتصرف على أنها فوق القانون وخارج نطاق الملاحقة أو المحاسبة، وتسعى إلى ترسيخ ثقافة "الإفلات من العقاب"، ليس فقط لمن يعملون في الأجهزة الأمنية وإنما أيضاً لدى كلّ الإسرائيليين، ممّا يدفعهم إلى التمادي في سلوكهم الشاذ والعنصري، وتشنّ عدواناً سافراً على الأسرى وكرامتهم الإنسانية وحقوقهم الأساسية ومكانتهم القانونية باعتبارهم مناضلين من أجل الحريّة، في محاولة إسرائيلية رسمية لصهر الأسرى نفسياً وجسدياً وقانونياً في فرن الفاشية الإسرائيلية المتنامية والتي تضرب بجنونها في كلّ مكان.
وتابع: لهذا، فإننا نتطلع إلى جهد، سياسي وحقوقي وقانوني وإنساني، ضاغط ومؤثّر، يدفع محكمة الجنايات الدولية إلى البدء بفتح تحقيق في الجرائم التي اقترِفت بحقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهي كثيرة. كما ونأمل بجهد مضاعف لدفع المؤسسات الدولية للتحرك والضغط على "إسرائيل" وإلزامها باحترام الاتفاقيات الدولية في تعاملها معهم، وتوفير الحماية الدولية لأسرانا. وكلّي ثقة بكم وبجهودكم الداعمة المساندة لقضية الأسرى القابعين في السجون الإسرائيلية، باعتبارها قضية وطن وحكاية شعب يناضل من أجل حريّته.




إحصائيات وأرقام قدّمها المحاضِر حول الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال:
*اعتقالات خلال انتفاضة الأقصى، أي منذ 28 أيلول/ سبتمبر 2000 ولغاية اليوم:
ـ اعتقال أكثر من مئة ألف فلسطيني خلال الفترة المستعرضة.
ـ منهم 14 ألف حالة اعتقال لأطفال.
ـ ومنهم 1500 فتاة وامرأة.
ـ اعتقال نحو 65 نائباً في المجلس التشريعي.
ـ وصدور أكثرمن 26 ألف قرار اعتقال إداري، ما بين قرار جديد وتجديد.

*اعتقالات خلال "الهبّة الجماهيرية"، أي منذ 1 تشرين أول/أكتوبر 2015 وحتى 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2016:
ـ اعتقال أكثر من 8881 مواطن ومواطنة.
ـ منهم أكثر من 2651 طفل.
ـ اعتقال 238 فتاة وامرأة.
ـ اعتقال نحو 200 مواطن بسبب نشاط على الفيسبوك.
ـ 90 قرار بالحبس المنزلي.
اليوم: الأسرى الفلسطينيون في أرقام
ـ 7000 أسير فلسطيني.
ـ 700 معتقل إداري.
ـ 63 أسيرة.
ـ 350 طفل.
ـ 5 نوّاب.
ـ وزيران سابقان.
ـ 1800 أسير يعانون من أمراض مختلفة، منهم 26 يعانون مرض السرطان.
ـ 42 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة، منهم 9 مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً. ويُعتبر كريم يونس أقدم الأسرى وهو معتقل منذ 34 سنة.
ـ لينا الجربوني أقدم الأسيرات وهي معتقلة منذ 15 سنة.
ـ مروان البرغوثي أقدم النوّاب المعتقلين وأكثرهم حكماً.
ـ الأسير فؤاد الشوبكي أكبر الأسرى سناً وقد اقترب من سنّ الثمانين عاماً.
ـ الأسير عبدالله البرغوثي أعلى حكم، إذ يقضي حكماً بالسجن لمدّة 67 مؤبد.
ورداً على أسئلة بعض المشاركين في الندوة، أجاب المحاضِر بالتأكيد أن المقاومة المسلّحة هي العامل الرئيسي في تحرير الأرض وإطلاق الأسرى والمعتقلين، مع أهمية تواصل التحركات والنشاطات السياسية والمدنية والشعبية والقانونية المكمّلة للعمل المقاوم، لأن الهدف هو إطلاق كلّ المعتقلين من سجون الاحتلال، سواء بصفقات تبادل مع أسرى صهاينة أو بغيرها من الوسائل؛ فقضية الأسرى لن تنتهي بشكل كامل إلاّ عبر إطار سياسي في النهاية. وأدان المحاضِر تقصير السلطة الفلسطينية والفصائل في هذا الإطار.
وكشف فروانة أن هناك 120 معتقلاً من أراضي العام 1948، من بينهم خمسة ممّن أمضوا أكثر من 30 عاماً في سجون العدو؛ وهناك 300 أسير ومعتقل من قطاع غزة، ومن القدس المحتلة.
وفي الختام، دعا المحاضِر إلى تفعيل الثقافة العربية والإسلامية بشأن قضية فلسطين والأسرى والمعتقلين، وحتى داخل الأراضي المحتلة عام 1967، وإدراج هذه القضية الكبرى في المناهج التربوية الفلسطينية.
لكنه أشار إلى وجود انقسام فلسطيني، خاصة بين الأسرى، حول الأسلوب الأفضل للضغط على كيان الاحتلال ورفع المعاناة وإجراءات القمع والتعذيب ووقف سياسة الاعتقال الإداري والإعدامات الميدانية وتدفيع أهالي المعتقلين بدلات سجنهم (ثياب ـ طعام...)؛ وكلّها مخالفات واضحة للقوانين الدولية، مع أن الاحتلال يعتبرها امتيازات قدّمت للأسرى، والذين تأثّر بعضهم بها، وباتوا يحسبون حساباً لأيّ تحرّك جماعي فاعل ضدّ السجّان الصهيوني.

2016-11-26 10:40:14 | 7039 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية