التصنيفات » مقالات سياسية

التعداد السكّاني للاّجئين الفلسطينيين في لبنان رغم المحاذير .. هو إنجاز وطني هام


معظم الأبحاث والدراسات التي تناولت وتتناول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين تصطدم عادة بتلك المشكلة المزمنة المتعلقة في نقص المعطيات والبيانات الإحصائية. وتزداد المشكلة صعوبة بالنسبة للاّجئين المقيمين في لبنان عندما ترتبط مسألة الإحصاءات، خاصة الديمغرافية منها، بالأوضاع الداخلية اللبنانية نتيجة المشكلة الطائفية التاريخية التي يعيشها لبنان.
مع ذلك، يمكن رصد الكثير من الأسباب الكامنة وراء عدم وجود إحصاءات رسمية ودقيقة لعدد اللاجئين الفلسطينيين. فبعضها على علاقة بواقع التشتّت الذي يعيشه الفلسطينيون عموماً، واللاجئون خصوصاً، وتوزّعهم على مناطق جغرافية ذات خصائص سياسية واقتصادية - اجتماعية وتاريخية مختلفة، وبعضها الآخر عائد إلى اعتبارات تتعلق ببعض الدول العربية المضيفة للاّجئين، وثالثها عدم وجود هيئات فلسطينية قادرة على إنجاز مثل هذا الأمر في مراحل تاريخية معيّنة نتيجة طغيان منطق الثورة والعمل الفدائي على ما عداه من أمور، بحيث كانت مسائل، من مثل الإحصاء والتعداد، من الأمور الهامشية مقارنة بقضايا أخرى ذات أولوية. أضف إلى ذلك حالة الفوضى التي عاشها لبنان خلال سنوات الحرب الأهلية، وعجز أيّ هيئة محلّية أو دولية عن القيام بمثل هذا الإحصاء، حيث بقيت وكالة الغوث المصدر الرئيسي القادر على تقديم بيانات إحصائية ومعطيات رقمية عن عدد اللاجئين الفلسطينيين.
ففي سورية، كان آخر تعداد سكّاني أجرته الحكومة السورية عام 2004. وكان من المفترض إجراء تعداد آخر في العام 2014، نزولاً عند توصية الأمم المتحدة لجميع الدول بضرورة تنظيم  إحصاءات تفصيلية للسكّان والمساكن مرّة على الأقل كلّ عشر سنوات. لكن بسبب الأزمة السورية تأجّل المشروع ولم يتم إنجازه حتى اللحظة.
المهم هنا هو أن التعداد الذي نفِّذ عام 2014 لم يضع اللاجئين الفلسطينيين في أيّ باب من أبوابه. وصدر ملحق خاص بأعداد اللاجئين الفلسطينيين استند إلى أرقام مؤسسات الإحصاء الفلسطيني ووكالة الغوث، رغم أن ما تقدّمه هاتين المؤسستين من معطيات رقمية لا يدخل في باب التعداد، بل هو عبارة عن أرقام المسجّلين في القيود وأخرى تقديرات ليست دقيقة لافتقادها إلى الكثير من عناصر التعداد بمعناه العلمي.
لذلك جاءت الأرقام المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية مستندة إما إلى أرقام وكالة الغوث، أو إلى الأرقام الموجودة بحوزة وزارة الداخلية السورية. وهي عبارة عن إحصاءات حيوية تهتم فقط بجمع البيانات الرقمية لقضايا الولادات والوفاة والزواج والطلاق وغيرها. وعادة ما تكون خالية من أيّ تحليل اقتصادي واجتماعي للفئة المستهدفة بالإحصاء..
أما الأردن الذي يستضيف العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين، فقد دَرَج على إجراء تعداد سكّاني مرّة كلّ عشر سنوات، وفقاً لقانون الإحصاءات العامة. وقد نفّذ الأردن، منذ تأسيس المملكة وحتى اليوم، ستة تعدادات، كان آخرها في العام 2015 (أعِلن عنه عام 2016)، حيث بلغ عدد سكّان الأردن 9.5 مليون نسمة، بينهم 6.6 مليون أردني ونحو ثلاثة ملايين غير أردني، منهم 634 ألف فلسطيني. (علماً أن رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور كان قد أعلن سابقاً أن عدد سكان الأردن بلغ 11 مليون نسمة، منهم مليون مغترب، ومليوني لاجيء فلسطيني غير أردني، ما طرح تساؤلات عن سبب إسقاط نحو 1.5 مليون لاجيء فلسطيني من قوائم اللاجئين الفلسطينيين في الأردن).
أما في لبنان، فقد أخضِع اللاجئون الفلسطينيون لاعتبارات ومشاكل الإحصاء التاريخية الموجودة في لبنان، والتي تُعتبر انعكاساً للمشكلات السياسية والطائفية فيه. ويُسجّل أن آخر إحصاء رسمي للسكّان في لبنان جرى في ظلّ الاستعمار الفرنسي عام 1932، إضافة إلى إحصاءات أخرى  غير رسمية أجِريت عام 1956 وما بعده، وأخرى في بدايات الحرب الأهلية.
إن أحد أهم الأسباب لعدم وجود ونشر تعداد أو إحصاء رسمي لبناني، ليس لعدد اللاجئين الفلسطينيين فحسب، بل لعموم سكّان لبنان، هو طبيعة النظام السياسي اللبناني والتوازنات الداخلية التي كانت تتحكم بأيّ عملية تعداد منذ إعلان استقلال لبنان عام 1943، والتي ظلّت قائمة منذ تلك الفترة وحتى اليوم، رغم التوصل إلى اتفاق الطائف عام 1990، والذي كرّس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.. لكن، رغم ذلك، ظلّت المشكلة الديمغرافية والخصوصية الطائفية قائمة، وهي الشمّاعة التي يتم استحضارها بشكل دائم من قِبل بعض اللبنانيين في تبرير رفضهم إقرار الحقوق الإنسانية للاّجئين الفلسطينيين منذ لحظة اللجوء الأولى وبحجّة مواجهة التوطين.
فإعلان أيّ رقم لعدد سكّان لبنان سيتبعه بالضرورة إعلان عدد سكّان كلّ طائفة ومذهب، والخصائص الاجتماعية لكلٍ منها، بما قد يترك انعكاسات من شأنها الإضرار بمصلحة ما يُعرف بالتوازن الطائفي في  الدولة، خاصة في هذه المرحلة التي يحتدم فيها النقاش السياسي حول هويّة لبنان ودور الطوائف في صياغة نظامه السياسي.
وانطلاقاً هذه الخلفية تبدو أهمية المذكّرة التي تم الاتفاق عليها بين الحكومة اللبنانية، ممثّلة بلجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، والحكومة الفلسطينية ممثّلة بالجهاز المركزي للإحصاء، بإجراء تعداد للسكّان والمساكن في المخيّمات والتجمّعات الفلسطينية في لبنان، بتكلفةٍ قد تصل إلى ثلاثة ملايين دولار. وهو التعداد الأول من نوعه منذ النكبة في العام 1948 ، رغم أن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني سبق له وأن أجرى العديد من الإحصاءات للسكّان والمساكن بطريقة الإحصاء بالعيّنة على مجموعة منتقاة؛ لكن لم ترتق تلك الإحصاءات إلى مستوى الإحصاءات الرسمية التي يمكن للهيئات المعنيّة اللجوء اليها، وظلّت عبارة عن مؤشّرات رقميّة. كما أنجز الجهاز المركزي للإحصاء أيضاً تعداداً عاماً للسكان في فلسطين. لكن بالنسبة إلى اللاجئين، خاصة المقيمين منهم في دول الشتات، فقد جاءت الأرقام عبارة عن تقديرات، أو بالاستناد إلى إحصاءات مؤسسات أخرى.
لذلك، فالتعداد الذي سيبدأ العمل به في وقت لاحق، بعد إعداد وتدريب العناصر البشرية المعنيّة بالعمل، يختلف عن العمليات الإحصائية بمختلف أنواعها، سواء المسوحات الاجتماعية أو الاستبيانات أو استطلاعات الرأي، والتي تهدف جميعها إلى الوصول لهدف واحد هو الوصول إلى حقيقة غير معلومة من قبل، ووضعها أمام المرجعيات والهيئات المعنيّة للوقوف على أوجه الخلل في عمل الهيئات الرسمية، وليتسنّى لها وضع المعالجات المطلوبة. وبهذا المعنى فالتعداد يُعتبر من أهم العمليات التي تقوم بها الدول بُغية التعرّف على المعطيات والبيانات الحديثة الدقيقة حول مواطنيها ومناطق انتشارهم، وما يتمتعون به من خصائص اجتماعية واقتصادية، والتي تشكّل مجتمعة أداة رئيسية في اتخاذ القرارات السليمة والخطط التنموية المستقبلية.
من هنا تبرز أهمية هذا التعداد، سواء بالنسبة للاّجئين في لبنان الذين يختصرون في معاناتهم معاناة جميع اللاجئين الفلسطينيين، ويُعتبرون، وفقاً لرئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني علا عوض، "من أكثر الفئات المهمّشة في الشعب الفلسطيني، أو بالنسبة للقيادة السياسية وغيرها من المرجعيات الخدماتية المعنيّة بالتعرّف على المشكلات والمعضلات التي تشكو منها تجمّعات اللاجئين واقتراح السياسيات والاستراتيجيات المستقبلية. لذلك، فمن المتوقع أن يكون هناك، ولأول مرّة منذ التهجير عام 1948، رقم رسمي لعدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وخصائصهم الديموغرافية، الاقتصادية، الصحيّة، الاجتماعية والتربوية وغيرها، ممّا يضعنا في صورة الوضع القائم في المخيّمات الفلسطينية.
ورغم كلّ ما يمكن أن يُقال عن إيجابيات في هذا المشروع، لجهة وضع مشكلات المخيّمات أمام الأطراف المعنيّة، محلية ودولية، والتي هي على تماسٍ مع أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، إلاّ أن هذا الأمر لا يجب أن يحجب النظر عن ضرورة الحذر من تسلّل بعض الأطراف للاستفادة من نتائج التعداد خدمة لأغراض سياسية بعيدة عن الوظيفة الأساسية بتوفير قاعدة بيانات ومعطيات رقمية لعدد اللاجئين الفلسطينيين، بما يوفّر للمرجعيات المعنية الحقائق الأساسية لتضع خططها وبرامجها. نقول هذا الكلام على خلفيّة الأبعاد السياسية لقضية الأرقام، التي يجب أن تكون محطّ اهتمام القيادة السياسية الفلسطينية باعتبارها قضية سيادية لا يجب السماح لأيّ طرف الاضطلاع عليها إلاّ بعد إجازتها فلسطينياً، خاصة وأن هذه العملية، حتى لو كانت ستُنجز من قِبل اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم، وبما يوفّر فرص عمل للشباب خاصة الجامعيين منهم الذين يعانون من مشكلة حرمانهم من حقّ العمل في لبنان، إلاّ أن هناك أطرافاً أخرى ستشترك بالتنفيذ مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني..
فقضية الأرقام المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين. تُعتبر واحدة من أخطر المسائل الشائكة في الصراع العربي والفلسطيني – الإسرائيلي، خاصة وأن ليس هناك رقم محدّد ومتّفق عليه بين الأطراف المعنية بهذا الصراع. هذا ما بدا واضحاً في اجتماعات لجنة اللاجئين المنبثقة عن المفاوضات المتعدّدة الطرف قبل توقف عملها، والتي عقدت العديد من الاجتماعات في أكثر من دولة، ونظّمت الكثير من المؤتمرات والأبحاث دون أن تتوصل إلى رقم يمكن الاعتماد عليه في أيّ مفاوضات قادمة.
وبشأن أعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وفي مراجعةٍ لمواقف المرجعيات والهيئات المعنية بأوضاعهم ، يبدو أن هناك اختلافاً بيِّناً بين ما هو متوافر من أرقام لدى الدولة اللبنانية وما هو مسجّل لدى وكالة الغوث وما هو مقدّر من قِبل الفصائل واللجان الشعبية والمؤسسات البحثية في المخيّمات. والرقم في هذه الحالة يُعتبر موقفاً بحدّ ذاته، خاصة عندما تُبنى عليه استخلاصات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وأمنية..
فعلى المستوى المحلّي، من الخطأ القول إن الدولة اللبنانية ودوائر الإحصاء فيها لا تملك رقماً فعلياً لأعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان. إذ رغم شراسة الحرب الأهلية والضرر الذي أصاب المؤسسات الرسمية للدولة، فقد حافظت (خاصة تلك المعنيّة بمتابعة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين) على وتيرة معيّنة من العمل لناحية تسجيل الولادات والوفيات، وظلّت ترتبط عبر القنوات الدبلوماسية مع وكالة الغوث بعلاقة ثابتة لجهة مواءمة الأرقام بين الطرفين. كما عكفت مؤسسات الدولة (مديرية شؤون اللاجئين، الأمن العام ..) منذ سنوات على إعداد ملف خاص باللاجئين الفلسطينيين في لبنان من كافة النواحي الديمغرافية والسياسية والأمنية والاقتصادية، تمهيداً لطرحه أمام عواصم القرار. وبالتالي فإعلان الرقم ليس سوى جزء من سياسة عامة للدولة اللبنانية حيال ملف اللاجئين الفلسطينيين، خدمة لأهداف لها علاقة بعملية التسوية.
وما يعطي هذا الموضوع أهمية ما شهده ويشهده لبنان من ازدياد في الحديث عن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتقديم العديد من التصورات والسيناريوهات من قِبل البعض، وبأرقام خيالية تفتقد إلى الدقّة والمصداقية في معظم الأحيان، فقد بلغ الرقم عند بعض السياسيين اللبنانيين 800 ألف نسمة، فيما بلغ عند آخرين 600 الف نسمة. واستناداً إلى هذه الأرقام بُنيت مجموعة من الاستنتاجات بطريقة غير علمية، بهدف الوصول إلى نتيجة محدّدة بشكل مسبق، وهي صعوبة استيعاب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ودعوة الدول العربية والأجنبية إلى تقاسم هذا العبء.
    أما وكالة الغوث، ورغم أنها قالت في دراستها المشتركة مع الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2015، إن عدد اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في لبنان يتراوح ما بين 260 ألف نسمة إلى 280 ألف نسمة (وهو نفس الرقم في المسح الأُسري الاقتصادي الاجتماعي للاّجئين الفلسطينيين في لبنان الذي أنجِز عام 2010) وإن العدد وفقاً لسجلاّتها عام 2015 بلغ نحو 452 ألف نسمة. غير أن هذه الأرقام لا علاقة لها بالإحصاء أو التعداد، وهي تعتمد على التسجيل في قيودها كأساس وتستبعد عدداً كبيراً من اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون في بعض البلدان العربية والمهاجر الأجنبية. كما لا يشمل بعض اللاجئين الذين لم يتم تسجيلهم في قيود وكالة الغوث لأسباب متعدّدة.
إنّ مسألة الأرقام هي على تماس مباشر مع بعض القضايا القانونية المتعلقة بمكانة اللاجيء القانونية. فانطلاقاً من تعريف الأونروا للاّجيء الفلسطيني، وعلى خلفية التفويض الممنوح لها والمحدّد بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى حين العودة، برزت تخوّفات  مؤخراً من خلال التحركات الشعبية التي نفّذها اللاجئون الفلسطينيون رفضاً لتخفيض خدمات الأونروا، من أن تشكّل الأونروا رأس حربة لمشاريع سياسية تستهدف قضية اللاجئين وحقّ العودة من مدخل تقليص خدمات وكالة الغوث. وهناك العديد من المؤشّرات التي تؤكد صحّة هذه التخوفات، خاصة عندما يتم الربط، وبشكل متعمّد، بين الخدمات التي تقدّمها الوكالة وأعداد المسجّلين في قيودها.. وليس سراً القول إن هناك العديد من الأطراف التي تسعى إلى العبث بالمكانة القانونية للاّجئين من مدخل تقليص خدمات الأونروا. ومن هذه الزاوية يصبح التشكيك أمراً مشروعاً، بل واجباً على جميع الهيئات والأشخاص إثارة هذا الموضوع على أعلى المستويات، وأن مسؤولية الأونروا هي في تقديم التوضيحات.
ولا نأتي بجديد عندما نقول إن هناك استهدافاً واضحاً لقضية اللاجئين الفلسطينيين ولحقّ العودة، مدخله التلاعب بالأرقام. والنموذج الواضح في الإطار هو القانون الذي أقرّته لجنة الميزانيات في مجلس النوّاب الأمريكي بشأن تعديل تمويل المساعدات الخارجية لعام 2013، والذي يُلزم وزارة الخارجية بالإبلاغ عن عدد الذين يستحقّون المساعدات من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقّون مساعدات من وكالة الغوث. ويسعى القانون لحصر أعداد اللاجئين وتمييز من تركوا بيوتهم عام 1948 أو في حرب الأيام الستة، ومعرفة عدد ذرّيتهم!
وتكتسب مشكلة التعريف لمفهوم اللاجىء في المفاوضات العربية والفلسطينية – الإسرائيلية أهمية كبيرة، نظراً للنتائج التي يمكن أن تترتب على ذلك. وليس غريباً أن أول نقطة اصطدمت بها لجنة اللاجئين في المفاوضات المتعدّدة الأطراف، كانت مشكلة الاتفاق على تعريف موحّد للاّجئين، والتي لم تتوصل إلى أية نتائج إيجابية بسبب موقف الوفد الإسرائيلي، الذي أثار موضوع المواطنين اليهود الذين غادروا الدول العربية، واعتباره بأن أيّ تعريف محتمل للاّجئين يجب أن يشمل هؤلاء!
ورغم كلّ ما ذكِر، فإن إجراء تعداد عام للاّجئين الفلسطينيين من شأنه الإسهام في معالجة العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، لأن معظم الذين تناولوا أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، سواء ببيانات إحصائية مستندة إلى تقديرات أو مسوحات خاصة أو استطلاعات رأي قدّمت جميعها جزءاً من الصورة الحقيقية لأوضاع المخيّمات وساكنيها، تعاطوا مع الفلسطينيين في لبنان ككمٍ بشريٍ وعلاقته بالشأن العام للقضية الوطنية الفلسطينية، بعيداً عن كون هذا التجمّع له خصوصية معيّنة وأنه كان جزءاً من شعب يعيش كبقيّة شعوب العالم مشاكله اليومية: سياسية وأمنية وديمغرافية واقتصادية واجتماعية.
    وإن كانت بعض المرجعيات الخدمية، وبعض قادة الدول والمؤسسات المانحة يتذرّعون دائماً بمشكلة النقص في المعطيات الإحصائية لتقديم مشاريع إنمائية للمخيمات، فإن الأمل هو في نجاح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في إنهاء هذا التعداد، لتوفير المعطيات العلمية الدقيقة لجميع المهتمّين أوضاع اللاجئين المقيمين في لبنان، وبما يقدّم صورة واقعية عن عشرات المشكلات التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان؛ وهو أمر يتطلب أيضاً دعماً مباشراً من جميع التيارات السياسية المختلفة، ومن الهيئات الشعبية والمؤسسات الاجتماعية، وباعتبار هذه الورشة عملاً وطنياً يجب أن يخدم الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وفي مقدّمتها قضية اللاجئين وحقّ عودتهم إلى فلسطين.



-  فتحي كليب  -
باحث فلسطيني ، لبنان



2017-02-01 13:38:32 | 3562 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية