التصنيفات » مقالات سياسية

نهوض المقاومة الشعبية في فلسطين


بقلم د. مصطفى البرغوثي
الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية


مثّل إضراب الأسرى الفلسطينيين البواسل عن الطعام في سجون الاحتلال، شرارة أشعلت لهيب المقاومة الشعبية في كلّ أنحاء فلسطين.
وذكّرنا إضراب يوم الخميس 27\4 الشامل بأيام الأنتفاضة الشعبية الأولى، خاصة أنه شمل كلّ الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة.
وجاء يوم الجمعة ليشهد مواجهات شعبية مع قوات الاحتلال في عشرات القرى والمدن، وليؤكد النهوض الجديد للمقاومة الشعبية بالتوافق مع تصاعد حركة المقاطعة لبضائع ومنتجات الاحتلال .
وإذا كان إضراب الأسرى قد نجح في توحيد النضال الشعبي الفلسطيني وبما يتجاوز الإنقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، فإنه  أكد أيضاً أن إستراتجية مواجهة الاحتلال وتغيير ميزان القوى معه بالنضال الشعبي الموحّد والمقاطعة ، هي البديل للمراهنة الخاسرة على وهم المفاوضات مع حكومة نتنياهو .
وبكلمات أخرى، فإن النهوض الشعبي تضامناً مع الأسرى أكد أهمية وحدة النضال مقابل الإنقسام القائم على الصراع على سلطة ما زالت تحت الاحتلال.
كما أكد أهمية الاعتماد على النفس في مقابل نهج الإتكال على الآخرين، وأثبت أفضلية نهج الكفاح الوطني مقابل نهج المفاوضات غير المتكافئة، والذي فشل مراراً و تكراراً .
ومثلما حرّكت انتفاضة القدس، قبل حوالي عام ونصف، الشباب الفلسطيني لإستنهاض المقاومة الشعبية، جاء إضراب الأسرى ليبعث فيها النشاط، ولكن بالتركيز على النضال الشعبي الجماعي وليس الفردي.
نحن واثقون أن إضراب الأسرى سينتهي بانتصارهم وتحقيق مطالبهم. وهذا الإلتفاف الشعبي حولهم سيسرّع  الوصول الى ذلك .
لكن من المهم بعد انتصار الأسرى، ونحن نقترب من الذكرى الخمسين لإحتلال الضفة والقطاع ، ونبدأ عام الذكرى السبعين لنكبة الشعب الفلسطيني وتهجير أبنائه و بناته ، أن تتصاعد المقاومة الشعبية وحركة المقاطعة ، وأن تتعمّق وحدة النضال من أجل أهداف أكبر، وفي مقدّمتها إنهاء الاحتلال وإسقاط نظام الأبارتهايد والتمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني.
وقد آن أوان أن يتبنّى الجميع إستراتجية نضالية موحّدة تركّز على تغيير ميزان القوى وليس التأقلم مع إختلاله، كما آن أوان أن تُلقي كلّ القوى السياسية والمجتمعية بثقلها نحو تلك الإستراتيجية  ونحوهدف إنهاء الاحتلال ، وحتى لا يكون نهوض المقاومة الشعبية عابراً أو مؤقتاً أو موسمياً.
الشعب الفلسطيني ومؤسساته الشعبية والرسمية تقف اليوم على مفترق الطرق.
إضراب الأسرى ونهوض المقاومة الشعبية يدفعنا نحو سبيل الكفاح والنضال من أجل الحريّة والكرامة والاستقلال الحقيقي ومشاريع "إسرائيل" ومن يدعمون "إسرائيل" وذوي المصالح المرتبطين بالاحتلال أو المتأقلمين معه ، تحاول دفع الشعب الفلسطيني نحو الرضوخ لظلم الاحتلال والتمييز العنصري، مرّة بالحديث عن التسهيلات الاقتصادية ،ومرّة بالحديث عن استبدال فكرة الدولة المستقلة بنظام حكم ذاتي لمعازل وبانتوستانات؛ ومرّة بالترويج لأوهام مفاوضات جديدة مع حكومة نتنياهو ، في ظلّ استمرار الاستيطان وتوسعه.
ومرّات بمحاولات ممارسة ضغوط مشينة من أجل التنكر لحقوق ومخصّصات الأسرى البواسل وعائلات الشهداء؛  بل وللخطاب الوطني والفكر الفلسطيني، من خلال الحديث عن ما يسمّونه "التحريض " ، في محاولة لتشوية الرواية الفلسطينية بعد أن جرى تزييف الرواية على الصعيد الدولي.
شعوب كثيرة قبلنا واجهت نفس الخيار. لكن مثلما اختارت الجزائر والهند بقيادة غاندي ، وجنوب أفريقيا بقيادة مانديلا والمؤتمر الوطني الأفريقي ، طريق الحريّة والكرامة ، فإن شعب فلسطين قادر أيضاً على القيام بنفس الخيار؛خيار الحريّة والتحرّر والكرامة الانسانية. خيار المستقبل بدل المراوحة في غياهب الماضي الأليم.

2017-05-13 11:51:47 | 3978 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية