التصنيفات » دورات باحث » دورة اعداد باحث سياسي 2

ملخص محاضرة الدكتور محمد نور الدين- الخبير و الباحث في الشؤون التركية بعنوان:خلفيات الحضور التركي في العراق وسوريا



ألقى الدكتور محمد نور الدين، الخبير والمتخصّص في الشؤون التركية، في 8/9/2017، محاضرة حول (خلفيات الحضور التركي في العراق وسورية)، في إطار الدورة التخصّصية الثانية التي يقيمها مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية.
في البداية، تحدث المحاضِر عن دوائر ثلاثة لتركيا: الدائرة الأوروبية ـ الدائرة الإسلامية ـ الدائرة المتوسطية؛ فضلاً عمّا سمّاه النفوذ التركي في العالم أو الفضاء التركي الأرحب!
إذاً، لتركيا موقع استراتيجي مميّز بين آسيا وأوروبا. فهي بلد أوروبي (أكثر من 3 بالمئة من مساحتها تقع داخل القارّة الأوروبية)، وبلد إسلامي (ترأس حالياً منظمة التعاون الإسلامي) وبلد متوسطي أيضاً؛ فضلاً عن نفوذها القوي في بلدان سلافية/ أرثوذكسية (اليونان ـ أوكرانيا ـ أذربيجان...).
وأشار نور الدين إلى ترؤس تركيا لما يسمّى منظمة العالم التركي، والتي تعقد اجتماعات دورية لمناقشة شؤون الأتراك والناطقين باللغة التركية على مستوى العالم!
بالنسبة للعراق وسورية، لا يزال الأتراك «يحنّون» لـ«الميثاق الملّي» (1920) الذي جعل خط الدفاع القومي عن البلاد يمتد حتى أربيل والسليمانية والموصل وحلب!
ويعتبر الأتراك أن اتفاقية لوزان (1923) بمثابة انتصار كبير لهم لأنها أدّت إلى طرد الأوروبيين من الأراضي التركية، والتي رُسّمت فيها الحدود الدولية النهائية لتركيا مع دول الجوار، مع تأجيل البت بوضع (لواء الإسكندرون) الذي كانت قد نشأت فيه حكومة سورية (في العام 1939)؛ مع الإشارة هنا إلى رفض رجب طيب أردوغان لفكرة انتصار الأتراك بتوقيعهم هذه الاتفاقية.
أما بشأن الموصل تحديداً، فقد نصّت اتفاقية لرسم الحدود تم التوقيع عليها عام 1925، على أساس تقرير وضعته لجنة استطلاع للحدود التركية ـ العراقية، على استفادة الأتراك من نسبة 10 بالمئة من نفط الموصل على مدى 25 سنة، وعلى أن تعود الموصل لتركيا في حال انفصل أكراد العراق عن الدولة العراقية وأقيمت فيدرالية في هذا البلد.
لكن، وبعد كلّ ما حصل في سورية والعراق، وفي ظل استمرار الحدود القائمة بين دول المنطقة بقوة القانون الدولي والاتفاقيات الملزمة، يمكن التأكيد بأن أيّ كلام من قبل نظام أردوغان عن حلب السورية والموصل العراقية إنما يعبّر عن مطامع وأحلام تركية، وليس عن حقوق تاريخية لتركيا، تجاوزتها الوقائع والاتفاقيات.
ويذكّر المحاضِر بأن دخول الجيش التركي لمدينة جرابلس السورية في العام الماضي قد تمّ في ذكرى معركة مرج دابق الشهيرة (حصلت قبل 500 عام)•، بما يؤكد الأطماع التركية (العثمانية) غير المشروعة في أراضي سورية والعراق.
في السياق المذكور، يصبّ الخطاب الإسلامي ـ القومي للرئيس التركي الحالي، رجب طيّب أردوغان، والموجّه لدول أو شعوب المنطقة، وكذلك التدخل التركي في الشؤون السورية والعراقية، ودعم بعض الجماعات الإرهابية المسلّحة التي قامت ضد الدولة السورية، وإقامة معسكر (بعشيقة) للجيش التركي قرب الموصل قبل عامين..!
ويختم د. نور الدين بأن تركيا المعاصرة، والتي تحاول أن تجمع بين إسلاميتها وعلمانيتها وقوميتها (العثمانية) وأوروبيتها وعضويتها في حلف شمال الأطلسي؛ باتت في واقع سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي معقّد وخطير، يستلزم إدارة جديدة للمشروع التركي الأردوغاني الذي ظهرت معالم فشله، في الداخل والخارج، خلال الأعوام الأخيرة.
ورداً على أسئلة بعض المشاركين في الدورة التخصصية ـ 2 لإعداد باحث سياسي، أجاب المحاضِر بإيجاز شديد، من خلال النقاط التالية:
1 ـ هناك مشروع تركي (عثماني) متكامل بالفعل، تمّ وضعه من قِبل حزب العدالة والتنمية الحاكم (منذ العام 2002)، ويتضمن انفتاحاً على الخارج وتطبيق سياسة (صفر مشكلات) معه، على الأقل من الناحية المبدئية أو النظرية!
2 ـ دعم أردوغان للإخوان المسلمين في مصر وسورية أدّى إلى أزمات سياسية مع النظامين الحاكمين في هذين البلدين، كما أدّى إلى تداعيات سلبية في العلاقات التركية ببعض دول الخليج (السعودية..). وقد تحوّل التخبّط التركي الناتج عن قراءات متسرعة أو خاطئة للتوازنات والمتغيّرات الإقليمية، إلى فشل في توسيع النفوذ التركي في المحيط العربي المجاور لتركيا.
3 ـ ثورات «الربيع العربي» أضعفت المشروع التركي على مستوى المنطقة، رغم نجاح الإخوان المسلمين في تونس ومصر، في المرحلة الأولى، لتتطور الأمور نحو الأسوأ لاحقاً، وتتدهور علاقات الأتراك مع النظام المصري الجديد (المعادي للإخوان) ومع النظام السوري الذي صمد في وجه محاولات إسقاطه؛ وكذلك ساءت علاقة أنقرة بطهران على خلفية الحرب السورية، وصولاً إلى السعودية، المعادية بدورها للإخوان المسلمين.
4 ـ رغم التأييد التركي للفلسطينيين في صراعهم ضد الكيان الإسرائيلي، إلا أن علاقات الأتراك بالكيان لم تتراجع، بل هي ترسخت، خاصة بعد حلّ قضية مجزرة «سفينة مرمرة» وإعادة تطبيع العلاقات بين تركيا و«إسرائيل»، من دون أن تفكّ الأخيرة حصارها عن قطاع غزة!
فتركيا قدّمت وتقدّم دعماً إعلامياً وسياسياً للشعب الفلسطيني، كما تقدّمه للأقلية المسلمة في بورما، فيما تبقي علاقاتها الاستراتيجية مع حلف الأطلسي و«إسرائيل» قيد الحفظ والكتمان.
وفي الختام، استنتج الدكتور نور الدين بأن النظام التركي يعاني من أزمة هوية، ما بين الالتزام بالأسلمة، مع المحافظة على العلمانية التي أرساها أتاتورك، في ظل تفاقم الأزمة مع الأقلية الكردية في البلاد، وخارجها (في سورية والعراق). وقد تعمقت أزمة النظام التركي بعد المحاولة الانقلابية الأخيرة، (في 15 يونيو 2016)، والتي أدّت إلى تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية خطيرة.
وما يزيد من حدّة المشكلة عدم إنجاز هدف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، حتى اليوم.
والواقع أن المكوّنات الأساسية في الدولة والمجتمع التركيين لا ترغب في تحمّل مستلزمات أو تداعيات الانضمام لأوروبا. وهذا الأمر يشمل «الإسلامي» والعلماني والقومي المتعصب، فيما لا تزال تركيا غارقة في أزمات وقضايا سياسية وقانونية وعملية تمنعها من تلبية الشروط الأوروبية المفروضة لإتمام هذا الانضمام، مثل قضية احترام حقوق الإنسان وحماية الحريات العامة وحقوق الأقليات وإتمام عملية فصل الدين عن الدولة!


2017-09-08 11:36:03 | 2220 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية