التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

30/3/2019


          *كانت إحدى أكبر نقاط قوّة بنيامين نتنياهو، وأحد أسباب طول عمره السياسيّ، قدرته على بثّ إحساسه بأنّه "سّيد الأمن"، وأنّه عندما يكون في السلطة يكون هناك القليل من فرص انفجار القنابل على الحافلات أو “إرهابيين يُفجّرون في المدن”، أو سقوط صواريخ على المنازل.
وقد نجح نتنياهو في الفوز دائماً بالانتخابات، لأنّه تمكن من ترسيخ شعور أنّه عندما يكون في السلطة ، “فأنت وأطفالك أكثر أمانًا”؛ وهذا شيء يدركه خصومه جيّدًا، وهذا هو السبب في أنّ أكبر تحدٍ يواجهه منذ سنوات يأتي من حزب لا يضم رئيسًا واحدًا أو حتى اثنين من رؤساء الأركان السابقين، بل ثلاثة دفعة واحدة. وكما يتفاخر خصمه بني غانتس بأنّه يدير حزبًا يتمتع بـخبرة أمنية تصل إلى 117 عامًا.
إن الطريقة الوحيدة للتخلص من نتنياهو هي تجريده من صفة "سيّد الأمن". لذلك حشد ثلاثة رؤساء أركان في مواجهته؛ ولكن نتنياهو بحاجةٍ لمواصلة مساره بأنّه يسيطر على الوضع الأمنيّ؛ وكانت وسيلته، بعد تعرّض تل أبيب للقصف، هي إلغاء برنامجه فب الولايات المتحدة، والعودة لإدارة الأزمة عن قرب.
والمعضلة التي واجهها نتنياهو في واشنطن عندما علم بالهجوم، أنه لم تكن لديه خيارات جيّدة، سواء قرّر المغادرة أو البقاء. فحماس قرّرت بالفعل جدول الأعمال؛ وعليه قرّر نتنياهو الرحيل، وخلص إلى أنّ إرسال رسالةً إلى الإسرائيليين بأن الوضع تحت السيطرة؛ في لحظة أزمة، كان أكثر أهميةً من القلق من أنّ قراره المتسرِّع بالعودة منح حماس نصرًا بسيطًا في قدرتها على القول إنّها عطّلت مسار رئيس الوزراء؛ وهو ألقى كلمته أمام "منظمة الإيباك" عبر الفيديو.
وكيان العدو يسعى حالياً إلى تحقيق التوازن الذي يتيح له معاقبة حماس بشدّة دون الوصول إلى عملية عسكرية شاملة. و"إسرائيل" تريد أن تصل إلى تغيير المعادلة تجاه قطاع غزة، مع شعورها بأنها في مأزق بين حاجتها لردٍ قاسٍ على الصاروخ، وعدم استعدادها لتصعيد غير مرغوب فيه حالياً؛ فمنذ مسيرات العودة تتجنب "إسرائيل" التصعيد الشامل في غزة، لأنها تعرف أن التصعيد لن يحلّ المشكلة الأساسية للقطاع، فيما تدرك حماس هي الأخرى ذلك، وتفضّل الحلول الموضعية بعيداً عن المواجهة الشاملة، والتي يمكن في حال وقعت أن تترك غزة في حالة أكثر يأساً.
      * وثّق نادي الأسير العشرات من عمليات القمع التي نفّذتها قوات القمع التابعة للاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين في مختلف المعتقلات منذ بداية العام الجاري 2019، والتي تُعدّ الأشد منذ سنوات، من حيث مستوى العنف الذي مورس بحقّ الأسرى.
وقال نادي الأسير في تقرير توثيقي ، إنه  وبتاريخ 20 -21  كانون الثاني 2019م، شهد معتقل "عوفر" عملية قمع استخدمتا خلالها قوات العدو غاز الفلفل، والقنابل الصوتية، والرصاص المطّاطي، والهراوات، بالإضافة إلى الكلاب البوليسية، حيث أُصيب على إثرها ما يزيد على (150) أسيراً، فيما واجهها الأسرى بحرق بعض الغرف وإعلان حالة العصيان.
وأفاد النادي أنه وبتاريخ 21 كانون الثاني جرى اقتحام قسم (2) في معتقل "مجدو"، وهو من الأقسام الأولى التي نصبت فيها إدارة معتقلات الاحتلال أجهزة التشويش؛ وتلا ذلك مجموعة من الاقتحامات التي تركزت في معتقلي "ريمون" و "النقب الصحراوي"، والتي بلغت ذروتها في 19 شباط 2019، حيث بدأت معركة جديدة في مواجهة أجهزة التشويش؛ ونفّذت أولى عملية القمع بحق قسم الخيام قلعة (أ)، حيث تصاعدت الاقتحامات بشكل يومي داخل المعتقل، وتحديداً داخل الأقسام التي نُصبت فيها تلك الأجهزة.
     وأوضح النادي أن المواجهة بين الأسرى وإدارة معتقلات الاحتلال  تصاعدت في معتقل "ريمون" بتاريخ 18 آذار 2019، بعد أن اقتحمت قوات القمع قسم (7) ونقلت الأسرى إلى قسم (1)، وهو أحد الأقسام الذي نُصبت داخله أجهزة تشويش، حيث واجه الأسرى عملية القمع بحرق مجموعة من الغرف في قسم (1)؛ واستمرّت عملية التصعيد من قِبل إدارة معتقلات الاحتلال في معتقلي "ريمون" و "النقب" لتبلغ ذروتها عقب اقتحام قوات القمع لقسم (4) مستخدمة الرصاص وقنابل الصوت والغاز بحقّ الأسرى، الذين واجهوا القمع بطعن اثنين من السجّّانين.
كما نفّذت قوات القمع في عدد من المعتقلات، ومنها "النقب" و"نفحة" و"عوفر" و"إيشل" و "مجدو"، اقتحامات لأقسام الأسرى. وذكرت مصادر خاصة من سجون الاحتلال أن عدد المصابين في قسم 3 في سجن النقب بلغ 90  أسيراً، على خلفية الاعتداء عليهم من قِبل إدارة مصلحة سجون الاحتلال ، وأن من بينهم 15 إصابة بالغة، 4 منها خطيرة، حيث تمّ إغلاق السجن من قِبل الأسرى وإرجاع الطعام.
        وفي المقابل، نفّذ الأسرى سلسلة من الخطوات النضالية منذ بداية العام الحالي، تمثلت بحلّ التمثيل التنظيمي في عدد من المعتقلات، وإعلان حالة العصيان على طبيعة الحياة التي تفرضها إدارة معتقلات الاحتلال عليهم، وإعلان حالة استنفار على مدار الساعة.
في ما كشفت القناة السابعة أن كبار قادة المنظومة الأمنية الإسرائيلية (الجيش والشاباك) حذّروا من المساس بأوضاع الأسرى الفلسطينيين الأمنيين بالسجون،  خشية اندلاع العنف داخل السجون وخارجها، خصوصاً من قِبل حركة حماس. ونقلت القناة السابعة عن هذه المصادر قولها: "إن الاجراءات العقابية الجديدة ضدّ الأسرى الأمنيين، خصوصاً أسرى حماس، ستؤدّي إلى العنف داخل السجون وخارجها"؛ وبحسب القناة العبرية، تعارض قيادة الجيش والشاباك نقل أسرى حماس من السجون إلى زنازين العزل الانفرادي، أو فرض عقوبات جديدة عليهم؛وأضافت أنه رغم هذه التوصيات، عارضت قيادة الجيش والشاباك، خلال جلسة مع رئيس الوزراء نتنياهو، إزالة أجهزة التشويش التي تم وضعها في أقسام أسرى حماس، خوفاً من أن يؤدّي ذلك إلى إضعاف مصلحة السجون أمام الأسرى.  

*يتفق معظم المراقبين على أن ما يسمّى إعلامياً بصفقة القرن تطّبق على أرض الواقع اليوم بدون إعلان عند ذلك. والملف الوحيد المتبقي، في ظل لعبة الألفاظ والتعبيرات الإسرائيلية والأمريكية، قد يكون عزل ملف القدس.
وهذا التحوّل يطرح مقاربة فكرية عميقة حول إن مسألة «من النيل إلى الفرات» قد انتهت، وأن السيطرة بالقوة على 60 مليون إنسان في الجوار لم تعد في نطاق قدرة المشروع الإسرائيلي، ممّا رفع من قيمة  خيار السيطرة الاقتصادية خصوصاً.
إن ابتلاع قطاع غزة غير وارد في كلّ الأدبيات الصهيونية، وفي ظل نظام آيديولوجي صهيوني يقول بكلّ اللغات إنه لا يريد القطاع، وإنه يمكن للفلسطينيين أن يقيموا دولتهم فيه؛ قد يكون المطروح في المحصّلة هو السلام الاقتصادي الذي يُبقي "إسرائيل" في مستوى التحكم والنفاذ. لكن عندما يتعلق الأمر بملف القدس والمسجد الأقصى، ثمّة لعبة حساسة وضغط شديد على العصب الحيوي للأردن؛ ولم يعد سراً أن أوساطاً في إعلام العدو بدأت تسرّب معلومات عن مشروع يقترح تخفيف صداع القدس عن الرأس الأردني، بالإشارة إلى أدوار إسلامية لها علاقة بالمغرب والسعودية أو غيرهما.
     ومثل هذا الاتجاه يحاول تجميل صورة مفترضة قادمة، عبر تعداد مزايا العودة لرعاية أوقاف القدس بدلاً من الوصاية عليها. وحتى اللحظة لا يوجد ما يوحي بأن القرار الأردني يتخيّل نفسه بعيداً عن الوصاية عن القدس، مع أن عمّان تلقت تحذيرات من أصدقاء في أوروبا حول ضرورة الانتباه للكمائن التي تطرحها القيادة التركية تحديدا،ً والتي تصف الأردن بأنه حامي المقدّسات في فلسطين.

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا


 

2019-03-29 15:51:03 | 1195 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية