التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

15/6/2019

التقدير الإسرائيلي
15/6/2019
لقد طغى على المرحلة الانتقالية الأخيرة التي شهدها كيان العدو تطوّران سياسيان كبيران، هما : تشكيل الحكومة الجديدة من قِبل بنيامين نتنياهو الذي كلّف به مجدداً على إثر الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، في أعقاب سقوط الحكومة السابقة برئاسته أيضاً، لأسباب عديدة، منها الخلاف حول خدمة المتدينين "الحريديم"  في الجيش وعدم تعاطيه بما يكفي من الشدّة والحسم مع حركة حماس في قطاع غزة، بحسب رأي وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان؛ والتطوّر الآخر هو ما سمّي بصفقة القرن للتسوية القهرية، أو بالأحرى التصفية النهائية  للقضية الفلسطينية، بكلّ أبعادها السياسية والوطنية والإنسانية والجيوستراتيجية. وفي السياق، كان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة عام 2016 بمثابة نجاح كبير لنتنياهو، إذ حصل على دعم حثيث وغير مسبوق من الرئيس الجديد بشأن عملية التسوية والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والجولان. وقد أظهرت التجاذبات الحزبية والسياسية التي شهدتها الساحة الإسرائيلية أخيراً، قبل انكشاف عجز نتنياهو عن تشكيل حكومة جديدة، أن مفتاح التشكيل كان بيد رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، المهاجر الروسي المتطرف والعنصري أفيغدور ليبرمان، فهو الذي استطاع حسم هذه المسألة في الشكل والمضمون اللذين أرادهما، الأمر الذي دفع الرئيس المكلّف، في البداية، أي قبل خطوة حلّ الكنيست، إلى توجيه رسالة بدت أقرب إلى التوسل إلى ليبرمان من أجل تليين موقفه المتصل بمطالبه الثلاثة، وهي: إلحاق الهزيمة العسكرية بحركة «حماس» في قطاع غزة، وإحباط إجراء أيّ تغييرات في قانون تنظيم تجنيد اليهود الحريديم (أي طلّاب المدارس الدينية) في الخدمة الإلزامية العسكرية في الجيش، وإنهاء بعض الممارسات في الحاخامية الحكومية في التعامل مع المهاجرين الروس، مثل فحوصات الحمض النووي لفحص العلاقات العائلية اليهودية.    
الجديربالذكر في هذا السياق أن مصادر مقرّبة من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، كانت قد كشفت عن تسريبات وصِفت بالخطيرة، وتتعلق بكونه كان في الماضي يعارض خطوة ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى الكيان؛ لكنه بعد فوزه مجدّداً في الانتخابات التشريعية الأخيرة غيّر موقفه، مُبديًا استعداده لدراسة ضمّ أجزاء من الضفة لإسرائيل، في حال تزعّمه حكومة يمينية جديدة. وقالت المصادر إن الاعتراف الأمريكي بسيادة "إسرائيل" على هضبة الجولان قد منح نتنياهو دفعة معنوية أخرى لدراسة إمكانية ضم أو تطبيق القانون الإسرائيلي على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
من أجل ذلك قيل إن إعلان الصفقة سيتم تأجيله إلى ما بعد انتخابات التجديد النصفي الأميركية، والمقرّرة في السادس من تشرين الثاني 2019 المقبل، بسبب الخشية من احتمال تأثير بنود الصفقة «التي تتطلّب تنازلاً إسرائيلياً» على ترشيح نوّاب الحزب الجمهوري. وقيل إن إعلان «صفقة القرن» سيتأجل إلى ما بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية، بسبب تقديرات الإدارة الأميركية بأن نتنياهو لن يتمكن، خلال فترة الانتخابات المقبلة، من تبنّي بعض بنود الصفقة، خشية أن يخدم ذلك منافسيه في الانتخابات، مثل زعيم حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت. وذكرت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بذل جهدًا كبيراً من أجل فوز بنيامين نتنياهو في انتخابات الكنيست، واتصل به مهنّئاً بعد فوزه، زاعمًا أن هذا الفوز "يحسّن من فرص السلام". وقيل إن الخطة الأميركية هي أفضل خطة لصالح "إسرائيل"، ولهذه الأخيرة مصلحة بنشرها، لأنها قبل كلّ شيء أخذت تمامًا بمواقف نتنياهو في موضوع الأمن، وموضوع إخلاء بعض المستوطنات، وموضوع إنشاء دولة ضعيفة للفلسطينيين.
وبالتالي فإن مهمة نتنياهو الشائكة حالياً تتعلق بحلّ تضارب المصالح بين أطراف الائتلاف المقبل، من دون إبعاد أيٍ منها؛ وهي مصالح تبدأ بالشخصية لإعلاء مكانته بين جمهور الناخبين وترميمها بعد تراجعها، عبر التمسك بالسقوف العالية حتى اللحظة الأخيرة، كما هي حال وزير الحرب السابق، أفيغدور ليبرمان، الذي يشترط تولّي وزارة "الدفاع" وتجنيد الحريديم في صفوف الجيش وسلّة مطالب تتعلق بشؤون استيعاب المهاجرين، فيما تصل هذه المصالح لدى عدد من الأحزاب، الدينية تحديداً، إلى مطالب أيديولوجية يصعب تخطّيها، كما هي حال حزبَي «شاس» و«يهدوت هاتوراه»، الرافضَين لتجنيد الحريديم وعمل وسائل المواصلات يوم السبت وغيرها. وعليه فإن لعبة الشروط والشروط المضادّة تبدو للوهلة الأولى مستعصية على الحل، رغم أن فشل حلّها سيؤدّي إلى خسارة الجميع.
يُضاف إلى ما تقدّم بروز عوائق تتعلّق بتوزيع الحقائب بين أعضاء الائتلاف المقبل، حتى لو جرى العمل على سنّ قانون في الكنيست الجديد ــ فور انعقاده ــ من شأنه زيادة عدد الوزراء لتسهيل عملية التوزيع، علماً بأن المشكلة «الليكودية» الداخلية في هذا الإطار، تبدو المناورة إزاءها أسهل قياساً بالمشكلات خارج «الليكود»، وإن كان المستوزرون في حزب نتنياهو يتصارعون على الوزارات "الدسمة" ونيابة رئاسة الحكومة، كعامل مساعد لتولّي المسؤولية الأولى في إسرائيل، في حال سقوط انتنياهو قضائيا.
لذا، بات من المتوقع أن يتم تأجيل الإعلان عن صفقة القرن إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة في أواخر هذا العام، وليس بعد عيد الفطر كما تم الترويج له من قبل، ممّا يؤشّر الى خيبة أمل أميركية وربما إلى عجز سياسي ستظهر معالمه تباعاً، مع اقتراب مواعيد الاستحقاقات البالغة الأهمية، والمؤثّرة على مصير دول وشعوب المنطقة .   

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا

2019-06-15 11:06:51 | 1299 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية