التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

30-12-2023

ملخص التقدير الإسرائيلي

30-12-2023

 

ملخص بحث حول "ممر بايدن الهندي والدور الاسرائيلي"

 

منذ ظهور مفهوم "الشرق الأوسط" وبدء تداوله السياسي والفكري على نطاق واسع في خمسينيات القرن الماضي، بدأت خطط "إسرائيل" المبنيّة على خرائط مرسومة بعناية، في تصوير خصائص هذا الشرق وعلاماته. وقد قبِلتها الحكومات الأميركية المتعاقبة، وسعت إلى تنفيذها على المسرح من خلال دعمها لاتفاقيات عديدة تحت عنوان "اتفاقيات السلام"، من أجل فرض هويّة جديدة على شعوب المنطقة، لصالح منطقة مفكّكة، تُسمّى أحياناً "الشرق الأوسط الكبير"، وأحياناً "الشرق الأوسط الجديد"، وتكون اليد العليا فيها للكيان الصهيوني. ومن أجل ذلك، أثار إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الممر التجاري الجديد الذي يمر بالسعودية والأردن، ومن هناك إلى حيفا المحتلة، ومنها إلى ميناء بيرايوس اليوناني، ردود فعل واسعة داخل كيان الاحتلال، خصوصاً أنه يمثّل ضربة قاتلة للصينيين؛ وقد يحمل في طيّاته تفاهمات واسعة حول مكوّنات التطبيع بين "إسرائيل" والسعودية.  

الحديث يدور هنا تحديداً عن قطار شحن ينطلق من الهند إلى أعماق القارّة الأوروبية، على أن يمرّ عبر شبه الجزيرة العربية، ويستمر في الطريق إلى الأردن وإسرائيل؛ ومن هناك سيتم نقل البضائع إلى أوروبا. وقد جاء إعلان بايدن بحضور رئيسة مفوّضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، ورئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، ما أثار في إسرائيل عناوين دسمة. وفي السياق، ذكر جاكي خوجي، محرّر الشؤون العربية بإذاعة الجيش الإسرائيلي، أن "العناوين الرئيسة في إسرائيل حملت انطباعاً عاماً مفاده أن مشروع السكك الحديدية العابرة للقارّات علامة أخرى على التطبيع المقصود مع السعودية، لأنها موجودة فعلاً على خارطة المشروع". وأضاف في مقال نشرته صحيفة "معاريف": "طالما أن الفكرة مُربحة وبسيطة، وتحظى بموافقة الشركاء وحماستهم، فإن ما تحتاجه الآن هو التمويل فقط، لأن من شأن هذا المشروع أن يقطع المسافة إلى النصف عبر قناة النقل البحري المستخدمة حالياً خطوط التجارة من شرق آسيا والخليج العربي إلى الدول الأوروبية، على اعتبار أن النقل بالسكك الحديدية أرخص من النقل البحري". وأوضح أن "اختصار أيام الرحلة يقلّل التكاليف مرّتين أو ثلاث مرّات، ويبلغ طول المسار المقترح عشرة آلاف كيلومتر، ويجمع بين وسائل النقل البحريّة والبريّة". وأكّد أنه "إضافة لجدواه التجارية، فإن الممر الاقتصادي، كما يُطلَق عليه، أضرّ بمشروعٍ موازٍ أسّسه الصينيون في عام 2012، ما يعني أننا أمام صراع الأبطال القاريّين الدائر حول قضية المرور من شرق آسيا إلى أوروبا". 

في السياق ذاته، أكّد إيتمار آيخنر، المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، أن "القراءة الإسرائيلية للممرّ القارّي الذي سيربط إسرائيل بالسعودية عبر خط السكة الحديد تُعيد للأذهان ما تمّ طرحه في عام  2017 من قِبل وزير المواصلات آنذاك، يسرائيل كاتس، من أجل السلام الإقليمي، لربط إسرائيل والأردن والسعودية ودول الخليج، مع العلم أن هذا الممر لم يكن جغرافياً فقط، حيث لا يقتصر على السكك الحديدية، بل ممر الطاقة والاتصالات، رغم أن الأمريكيين أطلقوا عليه اسم (الممر الاقتصادي) لربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا". وأضاف: "قبل نصف عام، كشفت وزيرة النقل ميري ريغيف عن خطة لبناء خط قطار يربط بين الإمارات وإسرائيل، يشمل قطاراً فائق السرعة بين بيت شآن وإيلات". وتابع: "بعد ثلاثة أشهر روّجت واشنطن وتل أبيب لخطة سريّة لطريق بريّ بين الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، يقود من الخليج مباشرة للموانئ البحرية الإسرائيلية، بغرض تصدير البضائع من الشرق لأوروبا عبر إسرائيل، ثم السياحة والربط البري؛ وسيسمح للشاحنات بنقل البضائع، مع تقليل تكاليف النقل بشكل كبير، وتقصير الوقت الذي يستغرقه لنقل البضائع مقارنة بالوضع الحالي". 

رئيس وزراء كيان العدو، بنيامين نتنياهو، احتفى بالإعلان عن الممر الاقتصادي، من خلال منصّات التواصل الاجتماعي، حيث عرض، بالخرائط، مسار المشروع الذي ذكر أن إسرائيل ستكون محطة مركزية فيه. وقال "يسرّني أن أزفّ لمواطني دولة إسرائيل بشرى تحوّل إسرائيل إلى مفترق رئيس في هذا الممر الاقتصادي"، مشيراً إلى أن رؤية هذا المشروع "تعيد تشكيل ملامح منطقة الشرق الأوسط". وأضاف أن واشنطن اتصلت بإسرائيل قبل شهور عدة للمشاركة في المشروع؛ ومنذ ذلك الحين جرت "اتصالات دبلوماسية مكثّفة لتحقيق هذه الانفراجة". ووصف المشروع بأنه بمثابة "التعاون الأكبر في تاريخ إسرائيل". وأردف بالقول: "هذا خبرٌ سيقودنا نحو حقبة جديدة من التكامل والتعاون الإقليمي والعالمي الفريد وغير المسبوق".

وتأتي هذه الخطوة في ظل جهود الولايات المتحدة من أجل اتفاق دبلوماسي أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، من شأنه أن يجعل السعودية تعترف رسمياً بإسرائيل. وبالتالي، فمن الناحية السياسية، يؤدّي المشروع، في نظر الإسرائيليين، لربط الكيان الغاصب بمحور اقتصادي مهم يجمع بين غرب آسيا متّجهاً نحو أوروبا مروراً بالأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا المحور الاقتصادي، في رأيهم، هو النجاح والانتصار الأبرز الذي لم تحقّقه حتى انتكاسة عام 1967، التي منحت الكيان مكتسبات جيوسياسية استطاع بواسطتها أن يكون رقماً صعباً ومهماً في معادلة اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط. لكن، على الرغم من كل شيء، يؤكّد خبراء ومطّلعون أنَّ هذا المشروع الذي طرحه بايدن هو مجرّد دعاية انتخابية، ولا يستند إلى أرضية علمية وتخطيط مسبق؛ وهو خبر تضليل ومشاغلة، ولا حظَّ له على أرض الواقع، ويفتقر إلى إمكان التنفيذ والجدوى والقدرة على الاستمرار في ضوء المتغيرات العالمية، والتراجع الاستراتيجي الأميركي وخسارات واشنطن المتتالية أمام المارد الصيني والمتمرّد الروسي، ومعهما الإيراني والتكتّلات الاقتصادية الجديدة: بريكس، شنغهاي، مشروع الحزام والطريق... 

في هذا البحث نتناول الدور الإسرائيلي المرتقب على أرضية مشروع ممر بايدن الجيوستراتيجي المعقّد والبعيد المدى في قمة العشرين في نيودلهي، والذي تعترضه عقبات هائلة بالرغم من التسويق الإعلامي الكبير له. 

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا

 

2023-12-30 11:25:45 | 173 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية