التصنيفات » ندوات

محاكمة الكيان الإسرائيلي بين القانون والسياسة(10-12-2009)




 




عقد مركز باحث للدراسات ندوة موسّعة حول إمكانية محاكمة الكيان الإسرائيلي على الجرائم التي ارتكبها أثناء عدوانه على قطاع غزة ، نهاية  العام 2008، في ضوء الإدانة المدوّية التي وجّهها إلى هذا الكيان، القاضي الأممي ريتشارد غولدستون، والتي لا تزال تداعياتها مستمرّة حتى اليوم.
في البداية، تحدّث المدير العام لمركز باحث ، الأستاذ وليد محمّد علي،   مشيراً إلى مفارقة صدور إعلان حقوق الإنسان بعد ستّة شهور من نكبة فلسطين (أيار-ك1 -1948)؛ فكأنّ هذه الشرعة كانت لصالح المنتصرين في الحرب العالمية الثانية فحسب. وهذا يثبت أن السياسة هي التي تتحكّم –منذ زمنٍ طويل- بالقوانين والقرارات (موازين القوى المادّية). لكن، -يتابع أ. وليد- حصلت تحوّلات كبرى منذ صدور إعلان حقوق الإنسان، أعادت قدراً من المصداقية لهذا الإعلان، ما جعل الكيان الإسرائيلي تحديداً في قفص الإتهام، بعد صدور تقرير غولدستون الشهير!
وللأسف، لم نستغلّ هذه الفرصة الثمينة من أجل إحكام الطّوق على الكيان، وإيصال ضبّاط حربه وقياداته السياسية إلى المحاكم الدولية، بعد ما أتاح لنا قسمٌ من المجموعة الدولية والمجتمع الإنساني هذه الفرصة.
 نحن ليد ولدينا أيضاً سلاح مواجهة العنصرية الصهيونية التي ترفضها حضارتها وتاريخنا وعقيدتنا، والتي رفضتها هيئة الأمم المتحدة من قبل. وليس أدلّ على هذه العنصرية التعاون الوثيق بين الحركة الصهيونية والنازية في ألمانيا، بهدف تهجير اليهود الأوروبيين إلى الكيان، قبيل اغتصاب فلسطين.
وختم أ. وليد:  هذه الندوة التي يحاضر فيها الخبير القانوني والباحث السياسي الدكتور عبد الحسين شعبان، تُعقد لمناسبة الذكرى (61) لإعلان شرعة حقوق الإنسان، ولبحث خيارات  محاكمة الكيان العنصري في فلسطين على جرائمه التي ارتكبها في غزة، تحت عنوان (محاكمة "إسرائيل" بين القانون والسياسة).
د. عبد الحسين شعبان:
بداية، تقدّم د. شعبان بالشكر الجزيل لمركز باحث على اهتمامه بهذه القضية، لافتاً إلى أن الاعتراف الدولي بالكيان كان مشروطاً باحترامه لحقوق الإنسان في سبع مواد أساسية (مبادئ)، أصبحت فيما بعد قواعد آمرة في القانون الدولي. لكن الكيان انتهك كلّ هذه المبادئ؛ بما يثبت أن السياسة والمصالح هي فوق القوانين، وأن وراء كلّ مسألة قانونية قضية سياسية!
وأكّد  على كلام أ. وليد حول التعاون الوثيق بين الصهيونية والنازية، ذاكراً حادثة شخصية حصلت معه تتعلّق بمذكراتٍ خطيرةٍ لضابط صهيوني تعاون مع النازية (أعدِم فيما بعد) تتحدّث حول النشاط الصهيوني المشبوه في أوروبا الشرقية في ذلك الحين.
وقال د. شعبان أن حلم محاكمة الكيان الصهيوني قد يتحوّل إلى واقعٍ ملموس، إذا توافرت لدينا الجدّية والتخطيط والنفس الطويل والإمكانيات.
وأشار إلى هذه المحاكمة يمكن أن تشمل:
1- جرائم الحرب
2- جرائم ضدّ الإنسانية
3- جرائم الإبادة الجماعية
4- جريمة تهديد الأمن والسلم الدوليين
وبالإمكان أيضاً محاكمة العدوّ على جريمة عدوانه المستمرّ على الشعب الفلسطيني، بكلّ أشكاله.
وأكّد د. شعبان على أن الكيان ارتكب، بحسب القوانين الدولية والبروتوكولات الملحقة بها، 22 جريمة (التعذيب- التخريب- القتل- الترانسفير- الحصار...)، وأن هذا الكيان ليس دولة معتدية فحسب؛ بل هو مشروعٌ عدوانيٌ متكامل.
وتطرّق المحاضِر إلى مزاعم الكيان حول حقّه المشروع في الدفاع عن النفس ضدّ هجمات الفلسطينيين، مع أن أصل وجوده غير شرعي، وهو محتلٌ لأراضي الفلسطينيين، ويعتدى عليهم في كلّ يوم، ويخرق القوانين والقيم الإنسانية، تحت هذه الذريعة الواهية.
وبعدما أشاد بصدقية بعض المنظمات الدولية التي تهتمّ بأوضاع حقوق الإنسان في العالم، أدان انحياز هذه المنظمات إلى الكيان، رغم وجود وثائق تجريم وإدانةٍ له، بحسب مختلف المواثيق والقرارات الدولية التي اتخِذت على مدى عشرات السنين؛ وحتى تلك التي صدرت بعيد تفجيرات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة، تحت عنوان مكافحة "الإرهاب الإسلامي"!
ثمّ تحدّث د. شعبان عن الخيارات المتاحة لمحاكمة "إسرائيل"، رغم طغيان البعد السياسي على هذه الخيارات؛ أي استعمال حق النقض الأمريكي (الفيتو) ضدّها. وهذه الخيارات هي:
1- إنشاء محكمةٍ خاصّةٍ من قِبل الأمم المتحدة، خاصّة بغزة.
2- قرارٌ أمميٌ يشبه القرار (377) حول كوريا.
3- دعوى للمحكمة الجنائية الدولية ضدّ الكيان، مع أن معظم الدول العربية لا تنتمي للمحكمة؛ وأمريكا والكيان انسحبا منها في العام 2002!
4- الاختصاص العالمي للمحاكم: مثل المحاكمة التي حصلت في إسبانيا أو بريطانيا لضبّاطٍ صهاينة، بما عرّضهم لخطر الاعتقال، ولو مؤقّتاً، قبل أن يتدخّل القرار السياسي!
5- محكمة العدل الدولية؛ رغم أنها تختصّ بالقضايا المدنية والتعويضات؛ لكن أيّ دعوىً أمامها قد تمهّد لتحويل القضية إلى محاكمةٍ جنائية.
وهناك أيضاً تأثيرٌ مهمٌ للمحكمة الشعبية للضمير، التي حاكمت الصهاينة بعيد حرب تموز 2006 على لبنان؛ وهي نموذجٌ يمكن أن يتكرّر بالنسبة لغزة.
 بعد انتهاء محاضرة الدكتور شعبان، داخل كلٌ من الوزير عصام نعمان، والدكتور محمّد طي، والأستاذ ماجد عزّام، والدكتور مالك سكّرية، والأستاذ غالب قنديل، والدكتورة أحلام بيضون، والدكتور عبد الحليم فضل الله، والدكتور حسن الجوني، والدكتور محسن صالح، معلّقين على بعض ما ورد في كلام د. شعبان، بعد ثنائهم  على مواقفه ونشاطاته المناهضة للكيان والعنصرية في العالم عموماً.
وفي الختام، أشاد د. شعبان بملاحظات السادة المتحدّثين، معتبراً أن كلّ الخيارات مفتوحة، ولا يجب أن نقلّل من قيمة أو نتيجة أيّ خيار؛ متكئين على قواعد عديدة في القانون الدولي، الذي يختلف فعلاً عمّا يسمّى الشرعية الدولية، والمتأثّرة دوماً بالمصالح والأهواء السياسية للقوى الدولية الوازنة!
وبعدما شرح د. شعبان حيثيات الإعداد لمؤتمر دوربان التاريخي (2001)، والذي أدان الصهيونية كحركة عنصرية، ركّز على الدور الأساس للمنظمات القانونية والجمعيات الأهلية في عالمنا العربي والإسلامي (كما بيّن بعض المتحدّثين في الندوة)، بهدف الضغط على الأنظمة والحكومات، لتغيير سياساتها المنحازة أو المتراخية تجاه الكيان، والذي أدانه تقرير غولدستون بكلّ صراحةٍ وحزم؛ مع العلم بأن تقارير وتحقيقاتٍ كثيرة كانت قد أدانت  هذا الكيان، على مدى أعوامٍ طويلة؛ لكنّها لم تكن تلقى الاهتمام اللاّزم والمتابعة الحثيثة من قِبلنا، كدولٍ أو كمجموعاتٍ وهيئاتٍ شعبيةٍ وأهلية!
وختاماً، أعلن المدير العام باحث للدراسات، عن إنشاء (الرابطة الدولية لمكافحة العنصرية) التي تضمّ المركز الوثائقي للقانوين الدولي الإنساني، والمركز العربي لتوثيق جرائم الحرب الصهيونية، ومركز باحث للدراسات، والمركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، بهدف استكمال وتفعيل جهود محاكمة "إسرائيل". أمام المحاكم الدولية.

2009-12-12 09:11:40 | 2401 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية