التصنيفات » دراسات

رؤية استراتيجية لعمل الجمعيات الأهلية والمجتمع في يوم الأسير الفلسطيني




د. راغدة المصري *
 

يحيي الشعب الفلسطيني في 17 نيسان ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، وكان قد بدأ الفلسطينيون بإحياء هذه الذكرى منذ 17/4/1974، وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني (محمود بكر حجازي) في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
 
وتعتبر قضية الأٍسرى من القضايا الأكثر حساسية عند الشعب الفلسطيني، في طريق نضاله من أجل إنجاز الاستقلال والحرية من الاحتلال الإسرائيلي، وقرابة خمس الشعب الفلسطيني قد دخل السجون منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي. حيث يقدر عدد عمليات الاعتقال ضد الفلسطينيين منذ عام 1967 (800.000) أي أكثر من 20% من أبناء الشعب الفلسطيني قد دخلوا سجون الاحتلال لفترات وطرق مختلفة.
وتزامن إحياء يوم الأسير الفلسطيني مع استشهاد الأسير رائد أبو حماد من بلدة العيزرية شرق القدس المحتلة،   في زنزانته الانفرادية في سجن بئر السبع .وكان قد نظم الفلسطينيون فعاليات مشتركة تضامناً مع الأسرى في معركتهم ضد سياسة الاحتلال الرامية لقهرهم وتفريغهم من محتواهم الوطني، وتضمنت الفعاليات، التي انطلقت،  بخيمة اعتصام في غزة وإضراب عن الطعام، واعتصام في رام الله، وتشكيل لجنة خاصة بالأسرى بمشاركة كل الفصائل. وهذا ما أكد التفاف الفصائل حول الحركة الأسيرة وأهداف الشعب الفلسطيني  الوطنية، وهي مناسبة لمواصلة مقارعة الاحتلال وإفشال مخططاته الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وأهدافها العادلة في التحرر والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
إن الجمعيات والهيئات  الأهلية، جزء من المجتمع المدني لها ما له،وعليها ما عليه تتأثر وتؤثر ، تتفاعل وتفعل ، تأخذ دورها ، تقوم بواجباتها تحدد مجال عملها وتعمل على ترجمتها.  لتشكل  نسيجا أساسيا في المجتمع تمثل كل فئاته وهيئاته ومؤسساته تسعى دائما إلى إحداث تغييرات ديمقراطية لتطبيق القيم الانسانية   .
تبلور دور الجمعيات والهيئات الأهلية في ظل متغيرات  الدولية ، التي انعكست بشكل كبير على شعوب دول العالم ، مما حتم على المجتمع الأهلي المشاركة الفاعلة في عملية المواجهة والتغيير الحاصلة في وجه مخططات القوى المعادية الهادفة للسيطرة على الأرض والثروات وتقرير المصير ومستقبل الشعوب .
إن استمرار الاحتلال الاسرائيلي  يقتضي من منظمات المجتمع المدني أن تركز عملها على الدفاع عن الحريات الفردية الجماعية وحركات الحقوق المدنية حرية التشكل والتنظيم لفئات المجتمع المختلفة وانخراطها في الدفاع عن حقوقها المدنية والاجتماعية والاقتصادية.
أمام ذلك كله ، أصبحت المسؤولية ملقاة على عاتق الجمعيات والهيئات الأهلية كبيرة وصعبة بعد إدراك ابعاد ومخاطر النتائج المترتبة  على الاستسلام للمؤامرات الصهيوني. والتركيز في هذه المرحلة على المجتمع المدني من :أحزاب السياسية ومنظمات أهلية لما لها من  دور هو أساسي  فهي الثابت والسياسة المتغير ، وهي من تمثل ضمير هذه الأمة .
 في ظل الفراغ الذي أحدثه غياب مرجعية سياسية فلسطينية تواجه الممارسات الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على الأرض وطمس الهوية والتاريخ وتشريد سكانها الفلسطينيين.
من هنا تأتي ضرورة استنهاض الهمم والعمل على مواصلة النضال، في الوقت الذي تضطلع فيه مؤسسات المجتمع المدني بدور مزدوج حيث تسهم في مقاومة الاحتلال دون الإخلال بدورها في عملية التنمية البشرية وتعزيز الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمشاركة المجتمعية. لقد كان للتحرك الشعبي بقيادة المنظمات الأهلية دوره الفاعل في اكثر من مناسبة،
إننا  كجزء من مؤسسات المجتمع المدني ندعو إلى:
1- ادراج القضايا الوطنية والقومية على جدول أعمال وبرامج الجمعيات والهيئات الأهلية واستمرار التعبئة والارشاد بالاتجاه نفسه .
2- تفعيل جهود المجتمع الأهلي العربي لتأسيس عنوان موحد يأخذ ملف الأسرى على عاتقه.
3- تشكيل هيئات للمجتمع الأهلي في صلب التطورات السياسية والاجتماعية والثقافية .
4- وضع خطة تنموية يكون عنوانها وهدفها تعزيز صمود  الشعب الفلسطيني  في: سجنه، في بيته، في أرضه. لنيل كافة حقوقه.
5- إطلاق حملة إعلامية تُبقي موضوع فلسطين  حاضراً في وسائل الإعلام واهتمامات الرأي العام.
6- عمل مؤتمرات دولية لإيصال رسالتنا وكسب تأييد العالم وخاصة النساء والمنظمات النسائية. للتأكيد على الحقوق المدنية المشروعة للفلسطنيين.
7- تشبيك بين منظمات نسائية عربية وعالمية من أجل دعم صمود المرأة الفلسطينية . 
8- المساهمة بحملات تبرعات وأعمال خيرية لصالح دعم صمود الفلسطيني
9- ‌توأمة بين جمعيات ومنظمات نسوية عربية وجمعيات نسوية فلسطينية .
10-                    بث روح العمل الجماعي بين المؤسسات الأهلية والمدنية، لنصرة الشعب الفلسطيني في ضوء الإخفاق الرسمي.
11-                    تنسيق العمل الاستراتيجي، وحشد الدعم والمناصرة وتحريك التضامن الدولي مع الحقوق الشرعية الفلسطينية، للدفاع عن حقوق الفلسطينيين وانتهاكات حقوق الإنسان،  وتشكيل قوى ضغط دولية باتجاه دعم هذه الحقوق.
 
 
كما إننا  ومن هذا المنبر الحر نطلق رؤية استراتيجية كمبادرة للتضامن مع الأسير الفلسطيني، والذي أطلق هذا العام من أجل نصرته ، الأسير   الذي يعاني من ظروف صعبة حيث  يفتقر لأبسط حقوقه وأدنى مقومات الحياة البشرية وإن "اسرائيل" هي المسؤولة قانونيا وسياسيا وأخلاقيا عما يتعرض له الأسرى الفلسطينيين وكل ما يترتب على ذلك من آثار. خاصة وأن مسألة الأسرى هي من أهم محاور القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الصهيوني و"اسرائيل".
أما نقاط الرؤية فهي:
1-             استنهاض الرأي العام حول قضية الأسرى الفلسطينين وإيجاد  عمق استراتيجي عربي واسلامي، والعمل على تنسيق المواقف العربية والاسلامية  وايجاد موقف  موحد ازاء مشكلة الأسرى  الفلسطينيين.
2-              حشد الدعم الدولي للإقرار بحقوق الأسرى ومكانتهم كأسرى حرب تنطبق عليهم كافة المعاهدات المواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى اتفاقية لاهاي، واتفاقية مناهضة التعذيب.
3-             تفعيل دور المؤسسات الفلسطينية الرسمية والشعبية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. والدعوة إلى تحسين اوضاع الأسرى الفلسطينيين واحترام حقوقهم الاساسية.
4-             ضرورة المشاركة في الفعاليات الدولية الخاصة بقضية فلسطين، لحشد التأييد الدولي لنصرة الأسير الفلسطيني . والعمل على دفع الاطراف الدولية المعنية لتحمل مسؤولياتها بشأن تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بحقوق الأسرى.
5-               تفعيل دور المنظمات والجمعيات غير الحكومية لدعم قضية الأسرى الفلسطينيين.
 أما آليات التنفيذ فإننا نقترح.
1-الدعوة إلى تنظيم حملات سياسية ودبلوماسية واعلامية لمواجهة الاعلام الصهيوني المضلل، وشرح أهمية قضية الأسرى  ومعاناتهم داخل السجون الاسرائيلية.
2-تفعيل دور المنظمات العربية والدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان من أجل التوعية بالقضية وأهميتها، والتعاون مع المنظمات الشعبية والثقافية المختلفة لتبني ودعم حق الاسير الفلسطيني.
3- تعزيز دور مراكز البحوث العلمية المتخصصة في توفير المعلومات والوثائق والبيانات المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين التي تخدم استعادة حقوقهم.
4-تشكيل لجنة لمتابعة آليات تنفيذ هذه الرؤية.
5- عقد منتدى عربي وتنظيم حملة توعية وتثقيف وحوار سياسي واعلامي في الداخل والخارج لتبني ودعم هذه الرؤية وتحويل افكارها إلى برامج عمل.
كما نتمنى استمرار تكريس الاجماع الوطني الفلسطيني على حق الأسير الفلسطيني،ودعوة القوى السياسية والاجتماعية لمواصلة دورها في هذا المجال ولتعزيز هذه الوحدة على مختلف الأصعدة.
ونحن في لقاءنا هذا نؤكد  تضامنا مع قضية الأسير الفلسطيني التي هي  ليست  حصراً على  المستوى  الوطنى المحلى الفلسطيني  بل هي ترتقي إلى المستوى القومى والدولى لتكون محل اهتمام كل أحرار وشرفاء العالم لتعريف المجتمعات الغربية والشعوب العربية والجاليات والمنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية بتفاصيل معاناة ما يزيد عن 7500 أسير فلسطينى وعربى فى السجون الاسرائيلية  .
تحية  إلى الأسرى في سجون الاحتلال؛ إلى الأطفال منهم والأسيرات، وإلى المرضى والمعزولين، والإداريين والمحكومين والموقوفين وأسرى الدوريات، ومن كل الفصائل، وفي القلب منهم جميعاً أسرى مدينة القدس"،
ونقول لهم جميعاً، لستم وحدكم في معركتكم من أجل الحرية.
و تحية إلى جميع الأسرى  من أحرار العالم  الذين اعتقلوا في السجون من أجل فلسطين والقدس وغزة ، تحية إلى سامي شهاب ورفاقه الذي اعتقل  لا لجرم ارتكبه سوى دعم الانتفاضة الفلسطينية وهي مدعاة فخر لكل عربي ومسلم وحر شريف في هذا العالم .  اعتقل في مصر جمال عبد الناصر  الذي ناصر المقاومة الفلسطينية والجزائرية  وساندهما  لتحريرهما من قبل الاستعمار عن طريق إمدادهم بالأسلحة وتدريب بعض عناصر هم من أجل مقاومة الاستعمار. (  «عبدالناصر وثورة الجزائر» لفتحي الديب)
  جمال  عبد الناصر الذي قال " مشكلة مصر مع الاستعمار لن تنتهي بخروج الإنجليز من مصر".   سامي شهاب  سار ومن مصر  على درب جمال عبد الناصر في مساعدة المقاومة الفلسطينية وغزة.
 غزة الأسيرة المحاصرة   وما تضم  من المستضعفين ، والنساء ، والأطفال والمرضى ، من كانوا في عنـاء شديد أصـلا لشهور بسبب الحصـار ، وقد بلغ بهم سوء الحال ما بلغ.
تحية إلى القدس وإلى غزة وإلى كل الأسرى المعتقلين من أجل فلسطين. وإلى كل الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال.

*ألقيت في  جمعية رابطة أبناء بيروت في 20/4 / 2010

2010-04-23 13:01:02 | 2608 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية