التصنيفات » دراسات

الحرب الباردة الثانية في القارة السوداء"النوايا الخفية التي يضمرها الكيان الصهيوني للسودان



كعاداتها دائما تسعى "إسرائيل" لإشعال فتيل الحروب والفتن ضد الأمة العربية، وإذكاء نيران الانشقاق والانقسام ليتسنى لها الاستفراد بالفلسطينيين، ومنع أية مساندة ودعم عربي لهم، وإلهاء الدول العربية في مشاكلها الداخلية لصرف اهتمام عن الممارسات الوحشية التي يمارسها الكيان الغاصب في الأراضي المحتلة يوميا، ومخططاته ضد المقدسات الإسلامية وانتهاكاته اليومية الصارخة ضدها.
وقد حظيت السودان باهتمام بالغ في السنوات الأخيرة من جانب أجهزة المخابرات الصهيونية لا سيما الموساد، الذي نشط عملاءه داخل العمق السوداني وتحريض الجنوبيين على الانفصال وإقامة دولة مسيحية في الجنوب، ولا يخفى على أحد الدعم العلني الذي تقدمه تل أبيب للمتمردين في جنوب السودان، واستقبالها لعدد كبير منهم بصفتهم لاجئين ومضطهدون على يد النظام السوداني الحاكم. ولا تتوانى إسرائيل عن السعى للإضرار بالسودان سياسياً وجغرافياً واقتصادياً، ويعلم الجميع الأصابع الصهيونية التي وقفت وراء استصدار أمر اعتقال من محكمة لاهاي الدولية ضد الرئيس عمرو البشير لمحاكمته بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين السودانيين المسيحيين، وأظهرت النظام الاسلامي الحاكم في السودان على أنه نظام استبدادي طاغي، وما كل ذلك إلا بسبب الدعم المخلص الذي تقدمه للمقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس، ونذكر اختراق الطيران الاسرائيلي للأجواء السودانية وضربة قافلة أسلحة زعمت تل أبيب بأنها كانت سوف تسلم لحركة حماس في غزة.
وقد كشفت دراسة "إسرائيلية" نُُشرت مؤخراً بدورية سيكور ميموقاد العبرية المتخصصة في الشئون السياسية والإستراتيجية أعدها خبيرا الشئون الإستراتيجية ألون ليفين ويوفال بستان، حملت عنوان " الكتلة المسيحية الإفريقية واحتمالات الصدام مع السودان - الحرب الباردة الثانية في القارة السوداء " النقاب عن ملامح المؤامرة الصهيونية الجديدة ضد السودان، بإشعال حرب صليبية جديدة ضدها من جانب الدول الأفريقية المسيحية المجاورة لها، وعلى رأسها أثيوبيا وأوغندا، اللتين تربطهما علاقات وثيقة بتل أبيب، وزعيمى هذين البلدين تربطهما علاقات وثيقة بعناصر الموساد الصهيوني. وفى محاولة لفهم أعمق للمخطط الصهيوني الجديد ضد السودان والتواجد الاسلامي في القارة السمراء يمكننا نقسيم الدراسة إلى ستة محاور رئيسية على النحو التالي:
المحور الأول: السودان والصومال
يتناول هذا المحور من الدراسة الترويج للمزاعم الصهيونية الكاذبة بأن السودان والصومال كأبرز الدول الإسلامية في منطقة القرن الأفريقي يشكلان أرض خصبة ومنذ سنوات طويلة لتصدير الإرهاب إلى الدول الأخرى في منطقة شرق إفريقيا وأنحاء أخرى من القارة الإفريقية، ضحايا هذا الإرهاب هي الدول المسيحية، خصوصاً أثيوبيا وكينيا وأوغندا إلى جانب رواندا وبوروندي. وحسب الدراسة الصهيونية فإن هذه الدول معنية بإحداث تغيير في الوضع الراهن الدامي الذي تعيشه، بداية من الجهود التي تبذل لتحقيق حسم في الصومال، مروراً بحلم إقامة دولة جديدة في جنوب السودان، مؤكدة بان الصراع بين التكتلات في إفريقيا أصبح على شفا اندلاع مواجهات جديدة بين تكتل الدول المسيحية الموالية للغرب وبين الدول الداعمة للإرهاب – على حد زعم الدراسة الصهيونية-وهي الدول الإسلامية بصفة أساسية. زاعمة أنّ كل من السودان والصومال دول فاشلة غارقة في حروب أهلية دموية وهما دولتين إسلاميتين، تنشط فيهما حركات دينية متطرفة جدّا، وهوما يدفع دول الكتلة المسحية إلى تكثيف جهودها وقواتها من أجل مواجهة نفوذ السودان والميليشيات الإسلامية في الصومال.
وأماطت الدراسة اللثام عن ملامح الدعم المسيحي الأفريقي لإسقاط النظام الاسلامي في الصومال، وقالت إن دول التكتل المسيحي تؤيد وتدعم الحكومة الصومالية الموالية للغرب، بل وخلال السنوات الأربعة الأخيرة شارك أفراد منها في العمليات القتالية ضد الميليشيات الإسلامية. أما السودان التي تواجه خطر تجدد الحرب بين الشمال العربي المسلم وبين الجنوب المسيحي، فيبدو أنّ دول الكتلة المسيحية ستسعى إلى تقديم الدعم إلى جنوب السودان لينفصل عن الشمال، هذا الصراع لا يخلو من المصالح السياسية.
وطبقاً لتقديرات الدراسة الصهيونية فإن استمرار الحرب الأهلية في الصومال والسودان يخلق مشكلة سياسية صعبة في أوغندا وكينيا والدول الأخرى، فإلى جانب إقامة معسكرات كبيرة للاجئين فإنّه يتسرب إلى داخل هذه الدول أعضاء من المنظمات الإرهابية وحرب العصابات مما يعرّض الأمن والاستقرار فيها للخطر.
المحور الثاني: الدور الكيني- الأوغندي في الصراع
في القسم الثاني من الدراسة تطرق خبيرا شئون الإستراتيجية ألون ليفين ويوفال بستان للحديث عن الدور الذي تلعبه دولتا كينيا وأوغندا في الوقت الراهن في الأحداث الدائرة داخل السودان والصومال. وأكدت الدراسة على أن كينيا بدأت في تكثيف تواجد قواتها العسكرية على الحدود مع أوغندا والسودان وإثيوبيا كجزء من الحملة لمصادرة الأسلحة غير المشروعة في الدولة، وهذه االمناطق الحدودية هي مناطق للرعي تستغل من قبل الرعاة في الدول المجاورة وإغلاقها يزيد من صعوبة الرعاة الذين تعوّدوا على حدود مفتوحة. ومثل هذه الحملات تتم بالتعاون مع أوغندا التي تواجه مشاكل مماثلة للمشاكل الكينية – السلاح غير المشروع الذي يتنقل بين الدول المختلفة يجد طريقه إلى المنظمات المتمردة والمنظمات الإرهابية مما يعرّض استقرار الأنظمة وحياة المدنيين للخطر، علاوة على ذلك هناك هدف آخر لتطهير المنطقة من عمليات تهريب الأسلحة مرتبط بمشروع تحسين الوضع الاقتصادي على الحدود المشتركة كجزء من توطيد العلاقات بين كينيا وأوغندا.
وتعمل الحكومة الأوغندية على مصادرة الأسلحة غير المشروعة منذ عام 2001 ونجحت حتى الآن في الاستيلاء على حوالي 27 ألف قطعة سلاح، أمّا كينيا فقد انضمت إلى الحملة في أعقاب ضغط من جانب أوغندا التي ادعت أن جارتها لا تقوم بالجهود المطلوبة لمحاربة هذه الظاهرة.
وتخوض أوغندا مواجهات عسكرية منذ ربع قرن مع منظمة جيش الرب(LRA )
وهي منظمة مسيحية غيبية تعمل على إقامة دولة مسيحية تعتمد على الوصايا العشر وهي مجموعة عرقية في شمال أوغندا.
المحور الثالث : الدور الأمريكي الخفي في الصراع
وحسب الدراسة فإن منظمة جيش الرب تقف خلف عدد كبير من المذابح، فأسلوب عملياتها مخيف ومرعب ويتضمن شنّ غارات على القرى وقتل السكان البالغين واختطاف الأطفال من أجل إعدادهم كجنود للمنظمة، وطبقا للتقديرات فإنّ جيش الرب الذي صنّف من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية اختطف حتى الآن عشرة آلاف طفل وطفلة وأنّ نشاطه في تصاعد مستمر خلال العامين الأخيرين . أما الحكومة الأوغندية فمن جانبها نجحت في دحر هذه المنظمة من مناطق عملها التقليدية ومعظم أفراها ينشطون في الوقت الحاضر من داخل أراضي الدول المجاورة .
وعلى غرار إلصاق تهمة الإرهاب للمسلمين في أوروبا واعتبارهم خطراً كبيراً عليها، لاسيما عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، سعت الدراسة الصهيونية، وبطريقة خبيثة إلى إلصاق التهم نفسها للدول الإسلامية الأفريقية، حيث زعمت أن أوغندا ودول أخرى تشن حرب عصابات وإرهاب يقوده مواطنون فيها، وإن دول كثيرة في شرق إفريقيا تعاني كذلك من الإرهاب مصدره الدول الأخرى. فالسودان وإيران وليبيا ودول أخرى تقف خلف تصدير هذا الإرهاب، ممّا يستدعي من هذه الدول التي وقعت ضحية لهذا الإرهاب وعلى الأخص "الإرهاب الإسلامي" توطيد العلاقات فيما بينها من أجل مواجهة هذه المشكلة. فخلال الشهور الستة الأخيرة أرسلت الحكومة الصومالية آلاف الشبان إلى جيبوتي وأوغندا وكينيا لتلقي التدريب من أجل شنّ هجوم على قوات الشباب المسلم بهدف تحطيم الوضع الراهن في الدولة المقسَّمة منذ عام 1991، وهناك قرابة سبعة آلاف جندي أوغندي وبوروندي يدعمون الحكومة الصومالية في هذا الصراع، كما أن قوات من الجيش الإثيوبي تشارك بين الحين والآخر في شنّ غارات عسكرية.
الدور الأمريكي المشبوه
وكشفت الدراسة عن الدعم الأمريكي للحكومة الصومالية ضد الملشيات الاسلامية مؤكدة على أن الأمريكيين يعملون من خلف الكواليس منذ سنوات لدعم الحكومة الصومالية لاسترداد الحكم واستقرار للدولة، نظرا لأن الحكومة الصومالية هي حكومة علمانية والمراهنة الغربية هنا واضحة تماما. فقد تحولت الصومال في العقد الأخير إلى ملجأ وملاذ لنشطاء تنظيم القاعدة وخلال السنة الأخيرة وبعد السيطرة على موقع دائم لتنظيم القاعدة في اليمن الواقعة على الجانب الآخر من البحر الأحمر، فإنّ التهديد الإرهابي للخطوط التجارية الرئيسية أصبح ملموسا وأكثر واقعية. فقد وصف مسؤول صومالي كبير عملية انتقال "المخربين" من اليمن إلى الصومال ثم بالعكس بخطة تبادل لتنظيم القاعدة . علاوة على نشاط القراصنة الصوماليين في البحر الأحمر المرتبطين بتنظيمات إرهابية أخرى أدّى إلى فقدان حياة البشر والتسبب في أضرار بمليارات الدولارات حيث تحاول دول كثيرة العمل ضد القراصنة . والذي يقود القوات الحكومية هو الجنرال (جالا) الذي خدم في جيش زياد بري الديكتاتور الذي سيطر على الدولة حتى عام 1991 والذي اعتبر أحد أفضل الضباط في تاريخ الصومال.
وتؤكد الدراسة "الاسرائيلية" على أن الهدف الأمريكي في الصومال وعلى غرار الخطة في أفغانستان هو تحقيق انتصار نهائي على الميلشيات الإسلامية المختلفة في الصومال من أجل فرض سيطرة الحكومة الموالية للغرب على جميع أراضي الدولة. لكن المشكلة هي أن مجرد اصطلاح "كل الدولة" يعد مشكلة في حد ذاته، هذا على ضوء حقيقة أن الأقاليم الشمالية على غرار صوميلاند تقيم بنجاح نسبي حكم ذاتي وتسعى للانفصال بشكل رسمي عن الدولة الأم.
والصعوبة الأكبر في تحقيق هذه المهمة إضافة إلى الحاجة إلى هزيمة المنظمات المدفوعة بإيديولوجية دينية متطرفة لا تتورع عن التضحية بآلاف البشر هو التحدي في تحويل مجتمع قبلي إلى حدّ كبير لمجتمع مدني. وقد نجح زياد بري إلى حد كبير في تحقيق ذلك، لذا لم يتورع عن استخدام الديكتاتورية المتعسفة ضد مواطنيه لكن بعد عشرين سنة من الغضب الصومالي من الجائز أنّ مثل هذه المهمة ستكون ممكنة تحت نظام ديمقراطي.
وفيما يتعلق بالدول المسيحية الأفريقية فقد أوضحت الدراسة "الإسرائيلية" أن تلك الدول ترى في المعركة ضد الدول الاسلامية الافريقية (السودان والصومال) أهمية كبرى بالنسبة لها، لا يجب أن تسمح لنفسها بخسارتها لأن استمرار الوضع المتردي في الصومال وتمركز قوات القاعدة يعرض أمنها للخطر، مشيرة إلي أن الحرب الإثيوبية ضد الميليشيات الإسلامية في الصومال عام 2007 كانت مثمرة إلى حد كبير وناجحة حيث أدت إلى القضاء على المنظمات التي سيطرت على الصومال وإقامة نظام سلطوي وقد تسربت إلى هذا النظام منظمات جديدة، لكن ولعدة أسباب اضطر الإثيوبيين إلى مغادرة الصومال بعد عامين دون إحداث تغيير حقيقي على وضع الدولة. وعلى أرض الواقع فأنه طالما استمر تدخل الدول والمنظمات الإرهابية الدولية في شؤون الصومال فسيكون من الصعب على أية حكومة تحقيق الاستقرار في الوضع الأمني بها.
المحور الرابع: تطورات الأوضاع بعد الانتخابات السودانية الأخيرة
وفي القسم الرابع تناولت الدراسة الحديث عن الأوضاع في السودان بعد الانتخابات الأخيرة التي جرت خلال الأيام الماضية، حيث أشارت إلي أن الجماهير السودانية توجهت يوم 11 أبريل الماضي لانتخاب رئيس للدولة وأعضاء جدد للبرلمان، وأن السودان لم تكن أبداً تعرف الديمقراطية البرلمانية، بل أنه حتى الانتخابات الأخيرة لم توفر ردّا ديمقراطيا للناخب السوداني.
واضافت أن حركات المعارضة السودانية الكبرى والمهمة أعلنت أنها ستقاطع العملية الانتخابية بسبب ما أسمته بالمخالفات التي يرتكبها النظام السوداني، وعدم رغبة حكومة الخرطوم في منح الديمقراطية للمواطنين.مع ذلك يبدو أن هذه الانتخابات ستشكل شارة البدء لتجدد الحرب الأهلية بين الجنوب والشمال المستمرة مع فترات توقف منذ أن قيام السودان، حيث اعتبرت تلك الحرب على أنها أكثر الحروب دموية في التاريخ.
وحسب الدراسة "الاسرائيلية" فأن الساحة الداخلية في السودان شهدت تغييرات كثيرة منذ أن تمّ التوصل إلى تسوية لوقف الحرب بين الأطراف المتصارعة في عام 2005، وفي إطار هذا الاتفاق التزمت الحكومة السودانية بإجراء انتخابات حرة وكذلك إجراء استفتاء من أجل تقرير مصير المواطنين في الجنوب وفي الغرب حيث يقع إقليم دارفور للاستمرار بالبقاء ضمن السودان.
لكن يبدو أن الحكومة السودانية بزعامة الرئيس عمر البشير لم يكن لديها النية منذ البداية للاستجابة لهذه الوعود، وكانت تريد فقط كسب الوقت والاستعداد لجولة أخرى من القتال مع المعادين لها. ومنذ عام 2005 انتقلت بؤرة القتال كما
هو معروف من الجنوب إلى الغرب، ووصلت المعركة التي أدارتها حكومة السودان بواسطة ميليشيا الجنجويد في دارفور إلي مستوى إبادة شعب حيث بلغ عدد القتلى حوالي 400 ألف و 2.5 مليون لاجئ ودمار كبير لحق بالبنية التحتية والبيئة.
المحور الخامس: أبعاد الدور الصيني في الصراع الدائر في السودان
وفي القسم الخامس من الدراسة أبرز معِداها الدور الصيني في الصراع السوداني، وأشارا إلى أنه وخلال سنوات ماضية نجحت الصين في تعميق تدخلها في السودان حيث ساعدت الحكومة على إقامة بني تحتية وتطوير جيشها وتطوير حقول النفط ومصافي للنفط وكذلك خطوط لنقله، ومعظم حقول النفط تقع في الجنوب واستقلال الجنوب السوداني يعني فقدان مصدر الدخل الأساسي للحكومة السودانية وفي الوقت ذاته مصدر مهم للطاقة بالنسبة للصين. وتمثل العلاقة بين الصين والسودان مصلحة مركزية في صراع النظام السوداني المركزي ضد أية محاولة انفصالية.
وتنبأت الدراسة "الاسرائيلية" بأن تُستأنف الحرب بين الشمال والجنوب ستكون هذه المرة أشد وطأة وأكثر عنفاً وضراوة من أي وقت مضى، وذلك على ضوء تداخل المصالح الاقتصادية ومصالح الدول الكبرى والسلاح الحديث الذي يتدفق على الساحة، بالنسبة لكتلة الدول المسيحية . فمثل هذه المعركة ستكون حاسمة، حيث ستفصل الجنوب المسيحي عن الشمال الإسلامي وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إضعاف حكومة الخرطوم وعلى وجه الخصوص من الناحية الاقتصادية بحيث تجد صعوبة في دعم منظمات حرب العصابات والإرهاب في أوغندا وإثيوبيا والدول الأخرى.
ومن جانبها تأمل الكتلة المسيحية في أن تحظى بحليف يمتلك ثروات طبيعية ويمكن أن تصبح ذخراً وثروة كبيرة. وحقيقة أن جنوب السودان ليس لديه منفذ إلى البحر فسيضطر السودانيون الجنوبيون في حالة نجاحهم في الانفصال عن الشمال إلى التوصل إلى اتفاق اقتصادي قوي مع كينيا أو جيبوتي بغرض تصدير النفط، وهو اتفاق سيحقق بكل تأكيد فائدة اقتصادية وسياسية لصالح الدولتين الأخيرتين.
كما كشفت الدراسة "الاسرائيلية" النقاب عن سعى دول الكتلة المسيحية في السنوات الأخيرة لدعم الجنوب السوداني لكي يستعد لاستئناف الحرب، فعلى سبيل المثال التجارة بين جنوب السودان وأوغندا ازدهرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. وأنه في أكتوبر 2008 وردت أنباء بشأن قيام السودان باستدعاء سفراء كينيا وإثيوبيا لتقديم احتجاج على الدعم الذي تقدمه إلى جنوب السودان،، والتى شملت شحنات من الأسلحة التي وصلت للجنوبيين ومن بينها دبابات أوكرانية استولى عليها القراصنة الصوماليين مصادفة في البحر الاحمر ،ولم يتم الافراج عنها إلا بعد دفع فدية قدرت بنحو 3.5مليون دولار، في مقابل الافراج عن الدبابات من طراز T- 72وبلغ عددها 33 دبابة، والتى تعتبر دبابات حديثة لحد ما بالنسبة للساحة السودانية ، وفي حادثة أخرى جرى نقل طائرة نقل أسلحة من كينيا إلي جنوب السودان أيضا، وحسب مصادر صحفية أمريكية فقد نجاح جنوب الســودان فـي تخزين أسلحة متطورة من دبابات وغيرها وهي كمية يمكن أن تكسر معايير التوازن بين الجنوب والشمال.
ومشتريات الأسلحة المكثفة من قبل الجنوب في السودان خلال السنوات الأخيرة لا يمكن أن تتم اعتمادا على الموارد المحلية فقط ،وأن هناك دعماً خارجياً لهذه المشتريات. ويبدو أن أموالا غربية تقف من وراء هذه المشتريات، كما أن التقديرات بالنسبة لتدخل الأوساط الإسرائيلية لم تكن عبثا،( وهذا ما أكدت عليه صحيفة هاآرتس العبرية بتاريخ 13/1/2009 في تقرير خاص أعده الكاتب الصحفى يوسي ميلمان تحت عنوان"القراصنة يخطفون سفينة أسلحة يمتلكها إسرائيليون")
المحور السادس: مؤشرات الحرب في أفريقيا والمكاسب "الإسرائيلية"
وفي القسم السادس والأخير من الدراسة أشار كاتبيها خبيرا شئون الإستراتيجية ألون ليفين ويوفال بستان إلى أنه وبعد سنوات ظلت فيها دول الكتلة المسيحية في شرق إفريقيا عرضة للتهديد المتواصل من جانب الإرهاب الخارجي، بات هناك دافع من أجل التعاون بين هذه الدول وذلك عبر الحصول على دعم مكثف وكبير من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول غربية أخرى وذلك من أجل إحداث تغيير إستراتيجي في منظومة القوى في المنطقة، موضحة أن عملية انفصال جنوب السودان واتحاد الصومال تحت حكومة علمانية موالية للغرب وإغلاق الحدود بشكل محكم وزيادة التعاون الاقتصادي والاستخباراتي بين الدول المسيحية المختلفة التي تندرج ضمن قائمة أهداف التكتل المسيحي قد تحدث تغييرا أساسيا على الساحة.
واختتمت الدراسة بالإشارة إلى تنظيم كتلة الدول المسيحية في منطقة الشرق الأفريقي يعتبر فرصة سانحة بالنسبة لإسرائيل، والذي سيسهم في تحقيق أهدافها التالية :
1. سيزيد الصراع ضد "الإرهاب" وإغلاق فعال للحدود في المستقبل من الصعوبات أمام تهريب السلاح من إفريقيا إلى قطاع غزة.
2. نجاح الصراع ضد الأصولية الإسلامية سيساعد على تنمية إفريقيا وتؤدي إلى وقف تدفق موجة الهجرة.
3. إضعاف السودان كدولة داعمة للإرهاب سيضر بمكانة إيران في إفريقيا التي تعززت خلال السنوات الأخيرة.
4. خلق دولة جديدة مسيحية في جنوب السودان والتي سبق لها وأن استعانت في الماضي بإسرائيل، وهي دولة تمتلك ثروات نفطية، بالإضافة إلي كونها منفذ يقع إلى البحر الأحمر سيتيح بالنسبة لإسرائيل إمكانية أخرى لحل مشكلة النقص في مجال الطاقة.
وينضم هذا الصراع الإفريقي إلى الصراع الدولي الدائر حالياً بين الصين والولايات المتحدة حول النفوذ في إفريقيا؛ فكتلة الدول المسيحية التي تؤيد الولايات المتحدة والمدعومة من قبلها تسعى إلى ضرب المصالح الصينية في إفريقيا وتداعيات ذلك واضحة. والأمريكيون من جانبهم يسعون إلى إضعاف النفوذ الصيني في إفريقيا ونفوذ كل من تنظيم القاعدة وإيران وسيكون لنتائج هذا الصراع تأثير مباشر على الاستقرار في إفريقيا والشرق الأوسط.
وهكذا تكشف الدراسة التي عرضنا لها النوايا الخفية التي يضمرها الكيان الصهيوني للسودان، ومخططاته الخبيثة ضدها لإقامة دولة مسيحية منشقة في جنوبها، بل ولا تتوانى عن التحريض المستمر شن حرب صليبية سمراء ضدها.

 د. سامـح عبـاس/ موقع مفكرة الإسلام

2010-05-12 11:11:00 | 1894 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية