التصنيفات » ندوات

حلقة نقاش حول الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة ( خلاصة أوّلية)




 

عقِدت في مركز باحث للدّراسات حلقة نقاش خاصّة بتطوّر العدوان الصّهيوني على قطاع غزّة، المحاصر منذ ثلاثة أعوام. وقد حضر النّدوة، التي أدارها المدير العام لمركز باحث، الأستاذ وليد محمّد علي، عددٌ من الباحثين والمعنيّين بشؤون الكيان الغاصب والصّراع العربي – الإسرائيلي.
إفتتح حلقة النقاش الأستاذ علي بالتأكيد على أن صمود المقاومة في قطاع غزّة طيلة أيّام العدوان المستمرّ أثبت فشل هذا العدوان، ومعادلة تفوّق المحتلّ الظّالم مقابل استسلام المظلوم لم تتحقّق، داعياً المشاركين إلى تحليل هادئ لأهداف الحرب الإسرائيليّة على غزّة، وكذلك المواقف العربيّة والتركيّة والإسلاميّة المستجدّة من هذه الحرب، وتداعياتها على مشروع الممانعة والمقاومة في المنطقة عموماً.
العميد المتقاعد د. أمين حطيط: علّق بداية على تهديدات رئيس وزراء العدوّ، إيهود أولمرت، ضدّ المقاومة في لبنان، بموازاة موقفٍ لافتٍ لوزير خارجيّة مصر، أحمد أبو الغيط، حول فشل خيار المقاومة في مواجهة الكيان، وأن الأحداث تخّطت المقاومة؛ فاستغرب د. حطيط هذا الموقف في ظلّ الصّمود الأسطوريّ للمقاومة في غزّة بمواجهة أعتى آلةٍ حربيّةٍ غاشمةٍ في المنطقة.
وتحدّث عن أن التّخطيط العملانيّ للحرب على المقاومة في قطاع غزّة بدأ قبل ستّة شهور، حيث استعان العدوّ بأرقى وكالات الاستخبارات والحرب، وكلّ تجاربه السابقة، ليتفاجأ بأن الصّدمة الجوّية (الغارة الوحشيّة على مقرّ الشّرطة الفلسطينيّة) لم تحقّق هدفها المباشر بانهيار حماس؛ فاندفع العدوّ مرغماً باتجاه العمل البرّي الممرحل، كما يزعم!
ولاحظ د. حطيط أن خسائر الغارة الإسرائيليّة كانت أقلّ مما توقّعه العدوّ، من 4 إلى 6 أضعاف، فيما فشلت الحملة البرّية منذ انطلاقها المتعثّر. فقد مدّد جيش العدوّ مرحلة التقدّم والتموضع للانطلاق من (6 – 18 ساعة) إلى 48 ساعة. كما زاد من كثافة نيرانه بكلّ أنواع الأسلحة، ما دلّ على جهله بالقدرات الكامنة لحماس، التي أطلقت في اليوم الثّاني للعدوان (الأحد) 36 صاروخاً، فأفشلت هدف العدوّ المرتبك، الذي أعلن عن سقوط عددٍ من جنوده بين قتيلٍ وجريح بقصفٍ خاطئ! وهذا يدّل - إن صحّ، ولم يكن بسبب فعل المقاومة – على ضعفٍ في منظومة السّيطرة في الجيش الإسرائيلي، أو على مقدار الرّعب الذي يتملّك جنوده من الالتحام المباشر مع المقاومة. هذا الالتحام البرّي، الذي ما زال محدوداً ومحصوراً عند أطراف المناطق المدنيّة الكبرى، إذ ما توسّع، سيكون في صالح المقاومين، لأنه سيحيّد أسلحة العدوّ

الأساسيّة (الطيران/ الدبّابات...)، وحيث ستنخفض معنويّات جنوده، مقابل تضاعفٍ في معنويّات مقاتلي المقاومة، رغم الخسائر الكبيرة بين المدنيّين الفلسطينيّين.
وتوقّع د. حطيط عدم تنفيذ العدوّ لما سمّاه المرحلة الثّالثة من العدوان، بالدخول إلى المدن الفلسطينيّة المكتظّة، لأنه سيتكبّد خسائر فادحة فيها، في ظلّ استمرار تساقط صواريخ المقاومة على المستوطنات المحيطة بالقطاع (وحتّى مدى 50 كلم)؛ ناهيك عن حصول عمليّات قنصٍ للجنود المحيطين بغزّة، وتفجير عبواتٍ ناسفةٍ ضخمةٍ ببعض الآليات. وأشار إلى معارك مهمّة جرت في بيت حانون وبيت لاهيا وقرب مدينة غزّة، مع استمرار سيطرة المقاومة على تلّ الكاشف؛ وهذا ما أدّى إلى تخفيض توقّعات العدوّ حول أهداف الحرب، إلى مستوى تحقيق هدنةٍ لشهرين كمرحلةٍ أولى، والقبول بوقف النّار مع مراقبين دوليّين على معبر رفح (وليس إسقاط حماس وتغيير الوضع برمّته)!
وكان التقييم العام للدكتور حطيط بأن نجاح المقاومة فاق نسبة 55%، مقابل إخفاقاتٍ إسرائيليّةٍ خطيرة، يجهد العدوّ لإخفائها (مستفيداً من عبر حرب تمّوز 2006). وهذا شيء يطمئِن لبنان والمقاومة، لأن حرب غزّة، إذا ما فشلت، ستكون آخر الحروب الإسرائيليّة علينا.
أ. أبو عماد الرّفاعي (الجهاد الإسلامي): أشار بداية إلى أن العدوان على غزّة لم يتمّ بسبب إسقاط قوى المقاومة للهدنة، كما زعم العدوّ وبعض العرب. فهو كان مخطّطاً له قبل 6 شهور، كما صار معروفاً للجميع. وأهداف العدوان الرئيسيّة أربعة: هزيمة المقاومة/ كسر الإرادة الشعبيّة الملتفّة حولها/ فرض الرّؤية الإسرائيلية على الفلسطينييّن / استعادة هيبة الرّدع الإسرائيليّة أمام الداخل والخارج على حدٍ سواء!
أضاف: إن بعض الأنظمة العربيّة تؤيّد العدوان وما أعلنته وزيرة خارجيّة الكيان (ليفني) بأنها تريد تغيير الوضع في المنطقة، بعد فشل محاولات "ترويض" حماس من خلال مشروع السّلطة؛ بل إنّ وزير خارجيّة مصر، أحمد أبو الغيط، اعتبر أن الحرب مع إيران بدأت الآن (يقصد من خلال استهداف العدوّ للحلقة الأضعف في محور الممانعة)! وهذه الأنظمة التي تسمّي نفسها معتدلة، تلعب اليوم دور الحاضنة الإقليمية للمشروع المعادي، بعد خروج إيران الثّورة منه، وكذلك تركيّا. وبالتالي، فإن نجاح العدوّ في تصفية المقاومة (لا سمح الله) سيوجّه ضربة استراتيجيّة لمشروع المقاومة والممانعة في المنطقة. وإسقاط غزّة يعني إسقاط عمود خيمة الصّمود، وتصفية قضيّة فلسطين، و"إراحة" هذه الأنظمة العربيّة من عبئها وتداعياتها!
وتابع: لكن، في المقابل، صمود المقاومة وإفشال العدوان؛ سيهزّ الكيان (وحماته) ويضرب المشروع المعادي بشدّة. وهذا ما نشهده بعد مضيّ عشرة أيام على الحرب الصّهيونيّة ضدّ قطاع غزّة وأهله الصّامدين، رغم المجازر الوحشيّة ضدّهم (مئات الشهداء وآلاف الجرحى).
حول العمل العسكري الجوّي، قال أبو عماد أن المقاومة تفاجأت بالفعل من حيث توقيته وحجمه، بعد المناورة الإسرائيليّة – المصريّة بخصوص الهدنة؛ فقد قصف العدوّ نحو 40 هدفاً بواسطة 60 طائرة خلال 3 دقائق، فأوقع نحو 200 شهيد من الشّرطة وعشرات الجرحى، ما شكّل صدمة للجميع. لكن الصّدمة استوعِبت بسرعةٍ من قبل قيادة المقاومة، حيث بدأ تساقط الصواريخ مباشرة بعد الغارة، وتطوّر لاحقاً، رغم القصف العنيف والخسائر الهائلة بين المدنيّين وفي المنشآت والبنى التحتيّة للقطاع.
أمّا بالنسبة للعمل البرّي، فالمقاومة كانت تتوقّعه وتستعدّ له منذ زمن. وهو كان يهدف إلى تقطيع أوصال قطاع غزّة، وعزل المناطق الأساسيّة فيه. والمقاومة الآن تدافع عن كلّ منطقةٍ بشكلٍ مستقل؛ فضلاً عن أن الشّارع الفلسطيني زاد من احتضانه للمقاومين بمستوىً غير مسبوق، بما يشمل الفصائل المختلفة مع حماس. وبعدما تحدّث أبو عماد عن انكشاف الدّور العربي المتواطئ مع العدوّ، وإعطائه المهلة الكافية لاستكمال عدوانه (فشل عقد القمّة العربيّة ومؤتمر وزراء الخارجيّة العرب)، أكّد أن المقاومة صمدت، رغم الخلل الفادح بين قدراتها وقدرات العدو؛ فالإرادة المبنيّة على الإيمان، ووجود الشعب المقاوم، مع إمكانيّاتٍ محدودة، تستطيع تحقيق الإنتصار.
وحذّر أبو عماد من خطورة ما يحضّر له في مجلس الأمن، عبر استصدار قرار (برعايةٍ عربيّة) قد يكون أسوأ من القرار (1701)، حتّى يتمّ الالتفاف على المقاومة الصّامدة، بوضع مراقبين دوليّين على معبر رفح، أو باستقدام قوّات دوليّة إلى القطاع. كما توقّع أن يشنّ العدوّ حرباً جديدة (على لبنان) إذا ما فشل في غزّة، أو أن يسعى لإحداث فتنٍ في لبنان أو غيره (عبر اغتيالات وتفجيرات)، بموازاة فتاوى (مؤسفة) تحرّم التّظاهرات الشعبيّة المؤيّدة لغزة (والانصراف إلى العبادة)، كما حرّم بعض علماء (السّعودية ومصر) من قبل، العمليّات الاستشهاديّة وإطلاق الصّواريخ على الكيان المحتل!
أ. محمد صادق الحسيني (باحث وكاتب من إيران): بدأ بمدخلٍ مختلفٍ لقراءة حرب غزّة الوحشيّة: الحرب كانت متوقّعة، حيث استشعرت قيادات المقاومة بأن عملاً إسرائيلياً كان يجري التحضير له قبل شهرين. وتمّ استهداف غزّة باعتبارها "البطن الرّخو" في جسم المقاومة، وخلال الوقت الضّائع، بين ذهاب بوش ومجيء أوباما على رأس الإدارة الأميركيّة. والهدف الحقيقيّ للعدوّ ليس وقف الصواريخ من غزّة، بل "تجريف" ثقافة المقاومة؛ والخطّة تشمل المقاومة في لبنان وممانعة سوريا والدوّر الإيراني في المنطقة عموماً. فتغيير المعادلة – برأي الأعداء – يقتضي سحق المقاومة، التي لم تنتهك الهدنة (أكد أبو عماد أن المصريّين لم يتّصلوا بالمقاومة لتجديدها أصلاً)، وهي تدافع عن نفسها وعن شعبها بمواجهة المخطّط الصّهيوني الخطير.
إن انتصار العدوّ – المستبعد – على المقاومة في غزّة، سيتبعه إغراءٌ لإيران بدورٍ رئيسيٍ لها في الخليج، ولسوريا في لبنان (مزارع شبعا ونفوذ سياسي)، في إطار مفاوضاتٍ مباشرةٍ تجري برعايةٍ أميركيّةٍ، مع بدء عهد أوباما!
وحذّر الحسيني من الدور التّركي، الذي يقدّم نفسه كمدافعٍ عن أهل غزّة، ليقدّم نموذجاً إسلاميّاً (نظاميّاً) قد يغني عن نموذج المقاومة في الدّفاع وتحصيل الحقوق، مذكّراً بالعلاقات التّركيّة – الإسرائيليّة الوثيقة، وبأن أولمرت زار تركيّا قبل أيامٍ من شنّ عدوانه على غزّة.
وتوقّع أن يسعى العدوّ لإرباك الوضع اللّبناني عبر اغتيال شخصيّةٍ مؤثّرة (مثل العماد ميشال عون)، بهدف إشعال حربٍ أهليّة، أو لتعطيل الانتخابات النيابيّة المقبلة، التي قد تفوز المعارضة فيها، بحيث يُستكمل الحصار على حزب الله والمقاومة!
في المقابل، قوى الممانعة والمقاومة تسعى لإفشال مخطّط العدوّ. فإيران ترفض أيّ إغراءاتٍ لها للتخلّي عن دعم القضيّة الفلسطينيّة وحزب الله. وهناك توجّه إيراني لاستمرار حكم الرئيس أحمدي نجاد، لمنع أيّ محاولاتٍ للتسوية أو التّراجع أمام الضغوط والإغراءات الغربيّة المتوقّعة لإيران في المرحلة المقبلة (وهي تشمل العراق وأفغانستان، إضافة إلى الخليج)، على قاعدة (من يقبل بالألف سيصل إلى الياء).
وقدّر الحسيني أن العدوّ سيستكمل مشروعه إذا ما نجح في قطاع غزّة، وسوف ينكفئ إذا ما فشل، مديناً تخاذل العرب عن نجدة القطاع، فيما قدّمت بعض الدّول العربية مساعداتٍ إنسانيّة بسيطة، وأخرى سعت لاستغلال المأساة بتشكيل لجانٍ (عليا) تتصدّى للعدوان، بهدف مصادرة شعارات المقاومة واستيعابها!
واعتبر الحسيني أن عدم انعقاد القمّة العربية أفضل من انعقادها، لأنها لن تنتج شيئاً، ولن تواجه المشروع المعادي بقوّة، فيما الكثير من هذه الأنظمة صارت جزءاً منه (مبارك لا يفتح معبر رفح، لأن "إسرائيل" غير موجودة هناك!)؛ مبدياً تفاؤله بصمود المقاومة أمام الهجمة الشرسة، مع تنويهه بالمظاهرات الشّعبية الدّاعمة للمقاومة في عدّة بلدان عربيّة وأجنبيّة.
أ. ليلى نقولا الرّحباني (باحثة لبنانية): تحدّثت بإيجازٍ عن موقف جماعة (14 آذار) ممّا يجري في غزة، لافتة إلى وجود ارتياحٍ ضمنيٍ لدى هؤلاء (عكس ما يظهِرون)، على أساس أن "الجولة" الإسرائيليّة التالية ستشمل المقاومة في لبنان ("القوّات" تعتقد بشدّة بذلك!). والمطلوب الآن التّمهيد لخطابٍ سياسيٍ متجدّد، معادٍ للمقاومة، يفتح الطريق أمام إدارة "أوباما" الجديدة كي تهتمّ بالوضع اللّبناني، وتعالج مشكلة سلاح حزب الله فيه! وهذا الواقع (المفترض) قد يشمل اغتيالاً لشخصيّةٍ مسيحيّةٍ كبيرة (مثل العماد عون)، بهدف تأليب النّاس على التيّار الوطني، وإحداث فوضى عارمة، تساعد هؤلاء في استكمال مشروعهم (سيناريو 2005)؛ بموازاة تقديم الأميركيّين الإغراءات للسّوريّين والإيرانيّين (كما تحدّث أ. الحسيني). ولا يخرج تسليح الجيش اللّبناني من قبل الرّوس (بموافقة هؤلاء) عن السّيناريو المعدّ للوضع اللبناني، باعتباره مقبولاً من الجميع من ناحية، ولأنه قد يمهّد الطريق لمواجهةٍ بين هذا الجيش (بعد تقويته) وبين المقاومة، إذا ما رفضت التخلّي عن سلاحها، في المرحلة السياسيّة القادمة!
د. محمد نورالدّين (خبير في الشؤون التركيّة): تحدّث بإسهابٍ عن الدور التّركي (المفاجئ) في سياق دعم المقاومة وإدانة العدوان الصّهيوني الهمجي على قطاع غزّة. فحلّل أبعاد هذا الدوّر، انطلاقاً من التغيير الكبير الذي حصل في تركيّا أواخر العام 2002، لجهة انفتاح القوّة المسيطِرة (الحركة الإسلاميّة) على دول الشّرق والغرب معاً، وعدم الاقتصار على العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي!
وأشاد د. نور الدّين بهذا الموقف التّركي، رغم إشكاليّته، مقابل غياب الدّعم العربي للمقاومة ولأهل غزّة، رافضاً موقف أ. صادق الحسيني حول خلفيّات أو خطورة هذا الموقف. واعتبر أن تصريحات أردوغان وغيره من المسؤولين الأتراك، لإدانة الجريمة الإسرائيليّة، مهمّة جداً وتخدم القضيّة الفلسطينيّة، وهي مواقف مبدئيّة وليست انفعالية أو وجدانيّة فقط، داعياً إلى قراءة الانفتاح التّركي (منذ فترة) على سوريا وإيران وحتّى حركة حماس، في ظلّ تأييدٍ شعبيٍ تركي عارم للمقاومة الفلسطينيّة، مع إشارته إلى الغضب التّركي الرّسمي من قرار أولمرت بالعدوان على القطاع، بعيد زيارته القصيرة إلى تركيّا، ما شكّل مفاجأة وصدمة للأتراك!
لكن د. نور الدّين حذّر من أن المبادرة التّركيّة لوقف النّار، وإرسال مراقبين أو قوّاتٍ إلى القطاع المحاصر، ستفشل إذا لم يتأمّن غطاءٌ رسميٌ عربيٌ لها (مصر/ السّعودية/ الأردن...)، مع أن تركيّا مؤهّلة للعب دور الوسيط بين أطراف "النزاع"، كونها تمتلك علاقات مع الجميع، كما دلّت تجربة المفاوضات غير المباشرة بين كيان العدوّ وسوريا، رغم توقّف هذه المفاوضات بسبب العدوان.
وعلى هامش التقييم المذكور، أوضح أ. الحسيني أنه لم يقصد توصيف الموقف التركي سلبياً بالمطلق، مع أن المثل يقول (الأعور بين العميان ملك)، فيما أوضح الدكتور حطيط أن الدور التّركي مقلق فعلاً، لكنّه ليس سلبياً بالكامل، حيث نشهد تحوّلاً تركيّاً بنسبة 45 درجة، دون أن يصل إلى حدّ التغيير الكامل. فالنّظام التّركي اتخذ مواقف رافضة للعدوان على غزّة، من دون أن يبادر إلى خطواتٍ عمليّة؛ لكنّه يبقى دوراً مهمّاً ومطلوباً؛ وخطورته (غير الظاهرة) لا تفوق خطورة المثلّث المصري – السّعودي – الأردني.
ووافق أ. وليد رأي د. حطيط بشأن الدّور التّركي، المركّب والمعقّد!
أ. غالب قنديل (كاتب وإعلامي لبناني): مع موافقته على الإطار العام لما سبق، استطرد بأن أيّ نجاحٍ للعدوّ (لا سمح الله) في غزّة سيعني استدارته نحو لبنان وسوريا، لاستكمال ضرب حلقات المقاومة والممانعة لمشروعه الخطير في سياق تصفية القضيّة الفلسطينيّة، وفرض تسويةٍ مذّلةٍ على الجميع لاحقاً.
ونوّه قنديل بالبعد الشّعبي التّركي الداعم لفلسطين، كما بالمواقف الرّسمية، رغم تحذيره من أبعادٍ خفيّة للحركة التّركية السياسيّة، التي يمكن قراءتها أيضاً من زاوية الحماس التّركي للعب دور الوسيط في المنطقة، والخروج من دور الشّريك الفاعل ضمن المحور الأميركي – الإسرائيلي.
وحول آراء الصّحافة الإسرائيلية بشأن الحرب على غزّة، أشار قنديل إلى وجود اتجاهين: اتجاه رأى فيما جرى حتّى الآن نجاحاً للجيش، مع ضرورة استكمال المعركة (ولو لأشهر)، كما ترغب القيادة العسكريّة وبعض الخبراء، حتّى تصفية المقاومة. واتجاهٌ يؤكّد استحالة السيّطرة الكاملة والدّائمة على قطاع غزة، مع بقاء قيادة حماس وبناها الأساسيّة سالمة حتّى اليوم، الدعوة إلى استكمال حصار القطاع المقسّم، والتمهيد (بالنّار) لحلٍ سياسيٍ ينهي حماس سياسيّاً، ويغلق معبر رفح عليها!
ورأى قنديل أن إسرائيل ستجرّب الخيار الأوّل بحذر، لتنتقل إلى الخيار الثاني (استطلاع بالنّار)، داعياً وسائل الإعلام العربيّة إلى عدم الاقتصار على متابعة الجرائم الصهيونيّة (على بشاعتها وخطورتها)، وإبراز حالات الصّمود الفلسطيني، الشّعبي والمقاوم، التي سوف تفشِل العدوان في نهاية المطاف.
وبعدما لاحظ أن الرئيس الفرنسي ساركوزي أتى إلى المنطقة لدعم إسرائيل وإنجاح عدوانها (سياسيّاً)، منحازاً بشكلٍ سافرٍ ضدّ المقاومة، كما ليدعم الأنظمة العربيّة المرتبكة والقلقة بسبب ما يجري في غزة، أكد قنديل على ضرورة اتخاذ خطواتٍ نوعيّةٍ ومفاجئةٍ لتغيير الواقع العربي المحبط، مثل الدّعوة إلى اقتحام المصالح الأميركيّة والإسرائيليّة في المنطقة (سفارات..)، إغلاق مضيق هرمز، وصولاً إلى استهداف شرعيّة السلطة المتخاذلة (في التاسع من هذا الشهر تسقط شرعيّة أبو مازن)، مع تفعيل أيّ بدائل، سواء داخل أو خارج فلسطين (أبو اللّطف/ هاني الحسن..)، بهدف التمهيد لتشكيل منظّمة التحرير وفق أسسٍ جديدة، ولتبنّي خيار المقاومة ضدّ الاحتلال... كما دعا قنديل إلى درس خيار فتح جبهاتٍ جديدةٍ ضدّ العدوّ، إذا ما استمرّ العدوان وتوسّع، ولتأمين عمقٍ استراتيجيٍ للمقاومة المحاصرة في غزّة (كما حدث مع المقاومة اللّبنانية خلال حرب تمّوز 2006، والتي احتضنتها سوريا في عدّة جوانب).
د. عصام نعمان: قدّم قراءة شاملة (تُنشر لاحقاً) ذات وجهين: ميداني وسياسي. في الجانب الميداني (الآني)، تبنّى د. نعمان مداخلات د. حطيط. وبقيّة المتحدّثين بأنّ تغييراً حصل في خطّة العدوّ الهجوميّة، بعد صمود المقاومة والشّعب، واستيعابهما للضّربة الأولى، رغم تصاعد استهداف العدوّ للمدنيّين في القطاع. فالمقاومة بدت وكأنها جهّزت نفسها لهكذا معركة، لناحية الخطط والسّلاح وتخزين المواد وغيرها (ربّما لأشهر). ويبقى المطلوب توسيع دوائر الاشتباك مع الكيان (ولو تدريجيّاً)، سواء في الضفّة الغربية أو في المناطق الفلسطينيّة المحتلّة عام 1948، وصولاً إلى خارج الكيان؛ وعلى عدّة مستويات (أمنيّاً أو إعلامياً)، بهدف مشاغلة العدوّ، وتشتيت جهوده العدوانية المتركّزة على غزّة الآن...
ودعا د. نعمان إلى تجديد إيماننا ببعض الثوابت، في خضمّ المعركة الجارية:
• المشروع الصّهيوني الإحلالي لم يُستكمل بعد.
• لن يتوقّف هذا المشروع إلاّ بفعل استمرار المقاومة.
• عدم الركون إلى فعلٍ ما من قبل النّظام العربي المتهرّئ.
• أميركا في لحظة ضعف، يجب علينا استغلالها.
• رصد ومتابعة آثار الأزمة الاقتصادية العالميّة على الكيان بالخصوص.
وفي الجانب العسكري – الميداني، تحدّث د. نعمان أيضاً عن ضرورة إحداث نوعٍ من التّوازن مع قدرات العدو التقليديّة، وحتّى التّدميريّة، وهو الذي يرفض امتلاك إيران لأيّ قدرةٍ نوويةٍ أو تكنولوجيّةٍ حتّى، مع لحظه أن العدوّ يُعتبر في حكم المستخدِم لأسلحة دمارٍ شاملٍ من خلال كثافة النّيران والاستهداف المباشر للمدنيّين (بعض الضّحايا ماتوا بطريقةٍ غريبة، ما يدلّ على استخدام سلاحٍ محرّم دولياً).
وأعطى مثالاً على إمكان تحقّق ذلك، بوجود تسلّحٍ مهمٍ حالياً للمقاومة اللّبنانيّة أو المقاومة الفلسطينيّة، بما يفوق قدرات الدولة أو الكيان السياسي التي تتواجد داخله.
وعلى المستوى السيّاسي، حذّر د. نعمان من أيّ قرارٍ دوليٍ لمحاصرة المقاومة، بمشاركة بعض العرب والسّلطة الفلسطينية، مع التأكيد على أن أيّ تفاوضٍ على وقف النّار والحلول السياسية يجب أن يتمّ مع حماس وحكومة إسماعيل هنيّة، ثمّ عبر حكومة وحدة وطنيّة (مقاومة) في وقتٍ لاحق. فضلاً عن أن جهاز المراقبين الدّوليّين – إذا ما جرى الاتفاق عليه – يجب أن لا يضم دولاً معادية للمقاومة، على أن يشمل رفع الحصار الضفّة الغربية وغزّة معاً؛ مع إيقاف الاستيطان وإزالة المستوطنات العشوائية في الضفة!
وأضاف د. نعمان: إن اتفاق التّهدئة (المفترض) يجب أن لا يتجاوز فترة 6 شهور، إذا ما خرقته إسرائيل، التي يجب إلزامها في الوقت نفسه بتعويضاتٍ مناسبةٍ عن الدّمار والخسائر البشريّة والمادّية الهائلة التي ألحقتها بقطاع غزّة، من دون استبعاد قطر أو غيرها من الدّول، في سياق التّحضير لإعادة إعمار القطاع ودعم النّاس الصّامدين فيه.
وعلى هامش رؤية د. نعمان، حذّر أ. أبو عماد الرّفاعي من القبول بوجود مراقبين دوليّين (أو عرب) على معبر رفح، لأنهم سيقيّدون المقاومة في القطاع المحاصر، والتي قد تنطلق فيما بعد في الضفّة الغربيّة وغيرها؛ وهذا ما وافقه فيه العميد حطيط، لأنه توجد صعوبة كبرى لحماس كي تتفلّت من قيود أيّ قرارٍ دوليٍ جديد، سيكون أسوأ من القرار (1701)، كما فعلت المقاومة الإسلاميّة في لبنان. كما دعا حطيط إلى دراسة تجربة حرب غزّة بعيد انتهائها، لتحديد إخفاقات الكيان الصهيوني، مع الإشارة إلى استعماله أسلحة محرّمة دولياً فيها (تقتل الإنسان أو تفجّر أعضاءه من دون تدمير المباني والأشجار...)، والتأكيد على التفكير بفتح جبهاتٍ جديدةٍ ضد الكيان الذي لم يتراجع عدوانيّته أو عن مشروعه العنصري التوسّعي بعد!
د. محسن صالح (باحث لبناني): أكّد بداية على أن فكر المقاومة وروحها وإرادتها لن تسقط، حتّى لو سقطت غزّة، وهي لن تسقط. والعدوّ الآن في حالة تراجع، وهو يسعى (مع الأنظمة العربيّة المتواطئة معه) للحفاظ على ما تبقّى ليس أكثر، متوقّعاً أن ينهزم ثلاثيّ العدوان (أولمرت/ باراك/ ليفني) في الانتخابات القادمة في الكيان الإسرائيلي.
وأكد د. صالح على أن قوى المقاومة، رغم كلّ ما يجري، في حالة تقدّم، وأن ما يسمّى دول الاعتدال تتراجع (مقالة مهمّة للأستاذ وحيد عبد المجيد في صحيفة الحياة حول الدور العربي المتخاذل). ووضع المقاومة المريح برز من خلال خطاب (وقسمات وجه) السيّد حسن نصرالله في المجلس العاشورائي المركزي؛ فمجزرة غزّة المستمرّة أعادت بوصلة الصّراع إلى مسارها الصحيح، حيث خفتت الاختلافات بين القوى داخل فلسطين ولبنان. واعتبر د. صالح أن على المقاومة أن تفكّر بالانتقال إلى الهجوم على العدوّ، بعد مشاغلته لفترة في الضفّة الغربية أو أراضي 1948....
لكن د. صالح أكّد على أن استمرار صمود غزّة والمقاومة مشروطٌ بعوامل عدّة، أهمّها تصاعد الاحتضان الشّعبي الداخلي والخارجي، والتصدّي المباشر للاحتلال، داعياً إلى حلفٍ ممانعٍ ومقاومٍ جديد، بعد انتصار المقاومة في غزّة، حتّى لو شمل تركيا، التي أطلقت مواقف داعمة للفلسطينيّين ورافضة للعدوان عليهم مؤخّراً!
د. محسن صالح (مدير مركز الزّيتونة للدراسات): بعد شكره للمداخلات التي وردت، والتي يوافق على مضمونها، ولعدم تكرار الأفكار، أورد د. صالح التساؤلات التّالية:
• تساؤلٌ عن دور سلطة محمود عبّاس في محاولة العدوّ الأخيرة لإسقاط حماس!
• نفس التساؤل عن اشتراك خمس دول عربيّة في المحاولة المذكورة!
• العدوان على غزّة تمّ قبل نهاية ولاية عبّاس وخروج بوش من الإدارة الحكم والانتخابات داخل الكيان!
• المساعي لإدخال مراقبين أو قوّات عربيّة (أو تركيّة) تمهّد لإدخال السلطة، ما يعني إمساك مجموعة "دايتون" بالأوضاع!
• القرار الدّولي الجديد سيكون (لو أقرّ) أسوأ من القرار (1701): تخيير شعبنا بين إلغاء برنامج المقاومة، أو الحصار حتّى الموت!
• هدف العدوان أبعد من غزّة: تغيير خارطة المنطقة.
• في المقابل: صمود المقاومة والنّاس أربك العدوّ وقوّى محور الممانعة.
• فيما سلطة عبّاس تمنع الفعاليات المؤيّدة للمقاومة، يتظاهر الأتراك والعرب والأجانب (حتّى في تل أبيب) بمئات الآلاف: الدور التّركي مهمٌ وإيجابي.
• ما هو موقف بقيّة الفصائل الفلسطينيّة إذا ما انتصر برنامج حماس وفشل مشروع السّلطة: التساؤل الكبير حول شرعيّتها وشرعيّة منظّمة التحرير!
• مجرّد صمود المقاومة، المحدودة الإمكانيّات، مع الشعب المحاصر، هو انتصارٌ كبير.
• نموذج المقاومة الرائع يمكن أن يعمّم ويتكرّس، حتّى لو سقطت غزّة!
• إذا ما ضرِبت المقاومة – لا سمح الله -: ما هي البدائل بالنسبة لمحور الممانعة والمقاومة!
أ. مروان عبدالعال (الجبهة الشعبيّة): تحدّث بشكلٍ مقتضبٍ عن أهداف العدوّ الحقيقيّة من حربه الدمويّة على قطاع غزّة، والتي صارت معروفة للجميع من خلال مواقف واضحة من مسؤولين إسرائيليّين وأميركيّين (وحتّى عرب)، بتصفية المقاومة في غزّة وإحلال سلطة عبّاس مكانها، لترتيب تسويةٍ مذلّةٍ معها، تلغي الحقوق الفلسطينيّة.
واستعاد عبدالعال تجارب المنطقة والمقاومة مع هذا العدوّ، الذي يطلِق شعارات لجذب تأييد الرأي العام لأعماله العدوانيّة، فيما هو يسعى إلى أهدافٍ أخرى (عمليّة سلامة الجليل بدأت تحت شعار وقف صواريخ الكاتيوشا من جنوب لبنان، فوصل الصهاينة إلى بيروت). واليوم، تحت ذريعة وقف صواريخ حماس، شنّ العدو حرباً شاملة على قطاع غزّة المحاصر منذ ثلاث سنوات. وحرب غزّة اليوم، إما أن تكون مدخلاً لتجربة اجتياح 1982 المشؤوم (حيث ذهبت منظّمة التحرير إلى المفاوضات المذّلة)، أو تشكل انطلاقة تشبه انطلاقة مقاومة حركة فتح في العام 1968، والتي هزّت الكيان العنصري والمحيط العربي والواقع الدولي كلّه!
وأكد عبد العال أن إسرائيل ستفشل في السيّطرة على قطاع غزّة، الذي لم يستطع أي غازٍ عبر التّاريخ أن يحتلّه (الجوهرة الصّلبة)، مع استغرابه للاعتقالات التي تمّت – وتتمّ – ضدّ المقاومين في الضفة، من دون التّنسيق مع سلطة عبّاس حتّى (المخابرات الإسرائيليّة تنفّذها بالتنسيق مع الأميركيّين والأوروبيّين)!
د. سهيل النّاطور (الجبهة الدّيموقراطيّة): أبدى قلقه الشديد ممّا يجري في غزّة، رغم الصّمود البطولي للمقاومة والشّعب. فمسار المشروع الصّهيوني السّياسي مستمر، رغم حالات المقاومة والممانعة له، والتي انحصرت اليوم في فلسطين (الضفّة وغزة)، فيما التهدئة أو الهدنة تسود بقيّة الحدود المحيطة بالكيان (لبنان – سوريا – الأردن – مصر...)!
واعتبر أنه بعد معركة غزّة، بغضّ النّظر عن نتائجها المباشرة، سيكون الوضع الفلسطيني "ملجوماً"، بسبب ما جرى، ولانطلاق عمليّة إعمار القطاع (لسنتين فأكثر). وبالتالي، سيُتاح أمام العدوّ، بالعمل السّياسي والميداني، استكمال مشروعه، بعد تصفية أو تهدئة كلّ الجيوب المقاومة المعادية له (شرق – شمال – جنوب)، ملاحظاً أن الانقسام الفلسطيني الحادّ والضعف العربي أديّا إلى هذا التقدّم للمشروع الصهيوني؛ وداعياً إلى رفض التهدئة المشروطة، أو أيّ قرارٍ دوليٍ حول المعابر، لأن فيه محاصرة للمقاومة وتكريساً لفصل غزّة عن الضفّة، حتى لو عبر استقدام خبراء ومراقبين أجانب، وليس من خلال إعادة سلطة أبو مازن فوراً إلى القطاع!
ولفت د. الناطور إلى أهدافٍ مرحليّةٍ للعدوّ، من ضمن هدفه الاستراتيجي المعروف، وهو يسعى لتحقيقها بكلّ تأنٍ وخبث، في ظلّ الخلل الفادح في موازين القوى بيننا وبينه، مع استبعاده أيّ عدوانٍ على سوريا أو على لبنان في المدى القريب، لأن الكيان أخذ ما أراده من خلال "الهدوء" الحاصل على الجبهتين؛ فيما هو يستنزف المقاومة في غزّة ببطء! لكن د. الناطور جدّد مراهنته على الصمود الفلسطيني، رغم استمرار الانقسام المؤسف، مع عدم الاستهانة بقدرات المشروع المعادي والتّغطية المؤمّنة له، في ظلّ استكانةٍ عربيّةٍ مريبة! وبعدما أشار إلى تأثير الأكلاف الاقتصادية الباهظة للعدوان الصّهيوني على غزّة (150 مليون دولار يوميّاً)، في ظلّ الأزمة الماليّة والاقتصادية في أميركا والعالم، على الكيان وخططه العدوانيّة، خصوصاً مع تسلّم أوباما الحكم، الذي سيسعى إلى إحداث تغييراتٍ اقتصاديةٍ وماليّةٍ قد تتأثّر المساعدات الأميركيّة الهائلة للكيان بسببها!
وفي الختام، دعا د. الناطور إلى استعادة الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة على قواسم مشتركة، وإلى رسم خيارٍ سياسيٍ واحدٍ تستمرّ المقاومة على ضوئه، لمواجهة المشروع الصهيوني، مع إبداء أسفه على تخطّي الحسابات والاعتبارات القطريّة العربيّة لكلّ القضايا والاهتمامات القوميّة (عدم فاعليّة التّظاهرات الضّخمة التي جرت للدفاع عن غزّة، بسبب إمساك الأنظمة بالأوضاع، ولغياب الخطط المدروسة لاستثمارها)!

2009-02-25 10:58:35 | 2661 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية