التصنيفات » دراسات

التوظيف الإسرائيلي للاضطرابات الشرق أوسطية: سورية ومصر نموذجاً



نشر مركز دراسات إنيستيتيوتو أفاري إنترناشيونالي ورقة بحثية مثيرة للاهتمام، سعت إلى مقاربة التوترات ووقائع الأحداث الشرق أوسطية الجارية من خلال محاولة الإجابة على سؤال مركزي مفاده: كيف يمكن لإسرائيل استغلال وتوظيف الاضطرابات الشرق أوسطية الحالية بما يتيح لإسرائيل الفرصة من أجل صنع وتحقيق السلام الذي تريده تل أبيب؟
* توصيف الورقة البحثية: المحتوى والمضمون
يمكن توصيف محتوى ومضمون الورقة البحثية، على أساس الاعتبارات الآتية:
• التوصيف الشكلي للورقة البحثية:
ـ عنوان الورقة: كيف يمكن لإسرائيل تحويل الاضطراب في الشرق الأوسط إلى فرصة من أجل صنع السلام.
ـ مؤلف الورقة: الخبير السياسي ماسيميليانو فيوري، الباحث في شعبة دراسات الحرب التابعة لكلية كينغيز كولدج البريطانية، ورئيس تحرير صحيفة هيبتاغون بوست.
ـ حجم الورقة: تقع الورقة البحثية في 13 صفحة من القطع المتوسط.
ـ الناشر: تم نشر الورقة بواسطة مركز دراسات إنستيتيوتو أفاري إنترناشيونالي (معهد الشؤون الدولية) ضمن سلسلة أوراق العمل، وحملت الورقة رقم (11).
•  التوصيف التحليلي للورقة البحثية:
ـ ملخص تنفيذ مختصر.
ـ مقدمة الورقة.
ـ المفاصل التحليلية: المسار الإسرائيلي ـ الفلسطيني، المسار الإسرائيلي ـ السوري.
ـ الاستنتاجات.
نلاحظ أن المكونات الشكلية للورقة تنسجم مع مكوناتها التحليلية، وذلك لجهة الحجم، وغزارة المعلومات، ودقة التحليل، إضافة إلى قدرة الباحث ماسيميليانو فيوري على الإفصاح والشفافية والتعامل المباشر المنفتح مع معطيات الأحداث والوقائع، وذلك بدءاً من عنوان الورقة نفسها، والذي أوضح ـ وبشكل مباشر لا لبس فيه ـ أن المطلوب هو فهم ومعرفة كيف يمكن لإسرائيل استغلال فرصة الأحداث الشرق أوسطية الجارية لتعزيز موقفها في المنطقة.
* ماذا قال الخبير ماسيميليانو فيوري؟
سعى ماسيميليانو فيوري إلى مقاربة الإجابة على تساؤل الورقة حول كيفية استغلال إسرائيل للأحداث الشرق أوسطية كفرصة لصنع السلام الذي تريده تل أبيب في المنطقة، وفي هذا الخصوص يمكن استعراض مقاربة ماسيميليانو على النحو الآتي:
• المقدمة: وتضمنت النقاط الآتية:
ـ في تونس ومصر، سعت الحشود الجماهيرية إلى الإطاحة بنظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك، واستطاعت أن  تحقق ذلك، بما أدى إلى تفشي موجة اضطرابات في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط والمطلوب من إسرائيل السعي بأسرع ما يمكن لجهة توجيه وإعادة توجية حركة هذه الاضطرابات بما يؤدي إلى الإطاحة بخصوم إسرائيل الموجودين في المنطقة وفي نفس الوقت على إسرائيل أن لا تتخلى عن القاهرة وتونس، وذلك عن طريق السعي للسيطرة على القاهرة وتونس عن طريق تعزيز قوة حلفاءها الموجودين ودعم صعودهم بحيث لا يؤثر التغيير سلباً على مصالح إسرائيل في تونس والقاهرة، وإضافة لذلك على إسرائيل السعي لتوطيد قوة حلفاء واشنطن الشرق أوسطيين المهددين بالسقوط حالياً وعلى وجه الخصوص في صنعاء، والمنامة.
ـ في تونس توجد العديد من العوامل المواتية لحدوث سيناريو عدم الإضرار بالمصالح الإسرائيلية، وذلك وفقاً للمقارنة القائلة بأن الثورة الإيرانية أطاحت بحليف إسرائيل شاه إيران وأحلت الإمام الخميني بدلاً عنه، أما في مصر، وإن كانت الثورة قد أطاحت بحليف إسرائيل الزعيم حسني مبارك، فإن هذه الثورة من الصعب أن تأتي ببديل يضر بالمصالح الإسرائيلية، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن كل البدائل المصرية المحتملة لحسني مبارك والمطروحة حالياً ليست معادية لإسرائيل، وعلى وجه الخصوص: عمرو موسى، والبرادعي.
ـ القول بقوة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين المصرية هو قول افتراضي بعيد عن الحقيقة، وفي أحسن الأحوال لا تستطيع هذه الجماعة الحصول على أكثر من 20% من دعم الرأي العام المصري. وهي نسبة لا تكفي لفوز الجماعة لا في الانتخابات الرئاسية ولا في الانتخابات البرلمانية. وإضافةً لذلك، فإن هذه الجماعة تعاني من خلافات داخلية بسبب وجود ثلاثة تيارات متصارعة داخلها: التيار الإسلامي المحافظ ـ التيار الإسلامي البراغماتي ـ التيار الإسلامي التقدمي. ولاحقاً من المتوقع أن تواجه هذه الجماعة المزيد من الهزائم في الانتخابات المصرية. بما سوف يؤدي بدوره إلى تفكيك هذه الجماعة إلى ثلاثة تيارات على الأقل.
ـ الأكثر احتمالاً في مصر وهو أن تشهد فترة ما بعد الانتخابات المصرية العامة القادمة قيام حكومة ائتلافية تجمع بين قوى الوسط ويمين الوسط وبالتالي فمن غير المتوقع أن تصعد قوى إسلامية مصرية ضمن سيناريو يشبه سيناريو صعود حزب العدالة والتنمية التركي في أنقرا، وذلك لسبب بسيط هو: أنه لا يوجد في مصر زعيم إسلامي على غرار الزعيم الإسلامي التركي رجب طيب أردوغان.
ـ من المعروف بأن القوى السياسية المصرية المعارضة ظلت دائماً تستخدم ورقة القضية الفلسطينية، كخلفية لتوجيه الانتقادات ضد السلطة المصرية. ولكن عندما تصعد القوى السياسية المصرية المعارضة للسلطة فإنها تتخلى عن هذه الورقة. وتسعى إلى المطالبة بالحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد وعدم التفريط فيها طالما أن ذلك سوف يؤدي إلى خسارة مصر لشبه جزيرة سيناء وعائدات الملاحة في قناة السويس والمعونات الغذائية الأمريكية ونفط وغاز خليج السويس على يد إسرائيل وذلك بشكل يجعل من الصعب جداً على المصريين استعادته مرة أخرى.
• المسار الإسرائيلي ـ الفلسطيني: وتضمنت النقاط الآتية:
ـ تسعى اللجنة الرباعية لجهة الضغط من أجل استئناف مفاوضات السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية، وهذا معناه أن بنيامين نتانياهو يواجه حالياً مأزقاً حرجاً: فالمطلوب منه أن يتجاوب مع استئناف المفاوضات عن طريق تقديم عرض إسرائيلي مقبول بواسطة اللجنة الرباعية وبواسطة الفلسطينيين. وأي عرض من هذا النوع سوف يكون مرفوضا بواسطة حلفاء نتانياهو المتشددين. وبالتالي كيف يسعى نتانياهو لتقديم عرض مقبول بواسطة المجتمع الدولي والفلسطينيين ويضمن في نفس الوقت عدم انهيار ائتلاف نتانياهو الحكم في إسرائيل؟
ـ الخيار الأفضل لنتانياهو هو العمل باتجاه دفع الفلسطينيين ليكونوا أكثر انشغالاً بخلافاتهم الداخلية، وعلى وجه الخصوص خلافات حماس ـ فتح وتوظيف الاضطرابات الشرق أوسطية، بما يدفع إلى إشعال خلافات حماس ـ فتح، وتصعيد وتائرها بما يجعل كل طرف يتجاوز نقطة اللاعودة لجهة التفاهم مع الآخر، الأمر الذي سوف يفسح المجال واسعاً أمام قبول فتح لأفضلية خيار إقامة دولة فلسطينية خاصة بها في الضفة الغربية، وقبول حماس لأفضلية خيار إقامة دولة خاصة بها في قطاع غزة.
هذا، ويعلق ماسيميليانو قائلاً بأن المطلوب من إسرائيل القيام به على المسار الفلسطيني قد تبدو فكرةً مثالية وغير واقعية، ولكن برغم ذلك فقد أثبتت حقائق التاريخ بأن العديد من النماذج المثالية قد وجد طريقه إلى التنفيذ عن طريق استخدام القوة.
• المسار الإسرائيلي ـ السوري: تضمن النقاط الآتية:
ـ يتميز المسار الإسرائيلي ـ السوري بعمق انعدام الثقة المتبادلة بين الطرفين.
ـ تنظر إسرائيل إلى سوريا باعتبارها تمثل مصدر الخطر الاستراتيجي الرئيسي المهدد لأمن إسرائيل، وذلك لتوافر عدة أسباب: قوة سوريا ـ تحالفات سوريا مع إيران وحزب الله وحركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية.
ـ تمسك سوريا بمطلب استعادة كامل الأراضي السورية الممتدة من مرتفعات الجولان وحتى شاطئ بحيرة طبرية.
ـ تمسك إسرائيل بمطلب أن التوصل إلى اتفاق سلام مع سوريا يتطلب إنفاذ المزيد من الترتيبات الأمنية الإسرائيلية المتشددة لجهة عدم تخلي إسرائيل عن مرتفعات الجولان ومياه بحيرة طبرية.
ـ اقتربت إسرائيل وسوريا من التوصل إلى اتفاق سلام مرتين:
الأولى: في عام 1993م، وتحديداً في الفترة التي أعقبت مباشرة التوقيع على اتفاق أوسلو، وذلك قبل اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحق رابين.
الثانية: في عام 2000م، عندما قامت إدارة كلينتون الديموقراطية برعاية استئناف مفاوضات السلام السورية ـ الإسرائيلية.
_ المشكلة التي تواجه تل أبيب تتمثل في أن الرأي العام الإسرائيلي لا يدعم مسار مفاوضات السلام مع سوريا، وكلما حاولت حكومة إسرائيلية التفاوض مع دمشق. كلما وجدت هذه الحكومة معارضة أغلبية الرأي العام الإسرائيلي.
يخلص الخبير ماسيميليانو فيوري، إلى أن على تل أبيب أن تسعى من أجل تعزيز موجة الفوضى والاضطرابات المتفشية في منطقة الشرق الأوسط، بالتركيز على دعم الاضطرابات التي تستهدف دمشق، وذلك وصولاً إلى إضعاف قوة دمشق وقدراتها الداخلية والخارجية، بما يؤدي بدوره إلى تحويل دمشق إلى عاصمة هشة وضعيفة لا يكون بمقدورها سوى القبول بمشروع السلام الإسرائيلي، والذي بلا شك سوف تسعى إسرائيل إلى فرضه وفقاً لمبدأ السلام بالقوة الذي يفرضه الطرف القوي، والذي هو إسرائيل.        -  قسم الدراسات والترجمة:     الجمل بما حمل، 23/4/2011

2011-04-25 11:51:50 | 2014 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية