التصنيفات » ندوات

ندوة سياسية حول الثورات العربية






الشعوب العربية تثأر .. والسياسة الأميركية تتغيّر!

ضمن سلسلة الندوات التي يقيمها مركز باحث للدراسات الفلسطينية والإستراتيجية، عقِدت في مقرّ المركز في بيروت يوم الخميس بتاريخ 3/5/2012 ندوة تحت عنوان "الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط بعد الثورات العربية"؛ تحدّث فيها كلٌ من العميد مصطفى حمدان حول "المتغيّرات الاستراتيجية لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط"، والدكتور كميل حبيب حول "تطوّرات سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل"، بحضور نخبة من المهتمّين.
افتتح الندوة مدير مركز باحث الأستاذ وليد محمّد علي، فقدّم المحاضِرَين الأساسييْن، ورحّب بالضيوف الحضور، ثمّ ألقى العميد مصطفى حمدان محاضرته حول "الاستراتيجية الجديدة للأميركيين"، واصفاً إياها بـ "الأسلوب الجديد في الشرق الأوسط"؛ واستند في حديثه إلى مجموعة من الأزمات الأميركية، كعبء الديون الذي تواجهه الولايات المتحدة من الصين واليابان، والإفلاس الذي تعاني منه مصارفها"، لافتاً إلى أن من نتائج ذلك ما سيترتّب على الجوانب العسكرية في السياسة الأميركية، ومنها التقليص من حجم  العامل البشري!
وذكر العميد حمدان أن الولايات المتحدة - بسبب وضعها الاقتصادي المتدهور - ملزمة بإعداد قواعد جديدة لها عبر الصين واليابان والشرق الأوسط، فضلاً عن روسيا وجوارها، معتبراً "أن هذا التحضير يجب أن تسبقه فتن وحروب مذهبية وعِرقية في هذه البلدان، يليه تدخل مباشر يختلف عن الطريقة العسكرية التقليدية، وإنما سيتمّ عبر قنوات خاصّة متحرّكة قليلة العدد يتم نشرها في المناطق  المقصود؛ إضافة إلى استخدام المعلوماتية والطائرات من دون طياّر.



ولفت إلى أن المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط ستشهد اعتماداً لهذا النوع من الطائرات، كاشفاً أن الأميركيين طلبوا من الدولة اللبنانية استخدام مطار القليعات للطائرات من دون طيّار، غير أن الجهات الرسمية اللبنانية رفضت هذا الطلب.
وشدّد حمدان على أهمية عامل الاستخبارات في المعارك المقبلة، وعلى استخدام الجواسيس وأسلوب الاغتيالات والتخريب داخل الدول المستهدفة؛ فضلاً عن دعم مؤسسات المجتمع المدني والمنظّمات غير الحكومية. واستند في كلامه إلى إجراءات تخفيض عديد الجنود الأميركيين في أوروبا، وإلغاء وحدات عسكرية بكاملها، وصرف عديدها من الخدمة، حيث سيتركّز الاعتماد على طائرات من دون طيّار وإيجاد قواعد عسكرية مناسبة لها.
ثمّ تكلّم الدكتور كميل حبيب، الذي شدّد على أن الصراع مع الصهيونية يتخلّله ما يسمّى بـ "صراع المفاهيم"، قائلاً: "عندما كان الحديث في السابق عن الصراع العربي-الإسرائيلي لم يكن كلّ العرب في حالة صراع مع إسرائيل؛ ولم تهدف الدول الغربية من إطلاق هذا المصطلح على الصراع إلاّ لتغييب القضية الفلسطينية؛ ولم يكن مصطلح "النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي إلا لنزع الهوية العربية عن القضية، حين حوّلوه إلى نزاع عقاري ينتهي مع مرور الزمن. ولم يكن استخدام مصطلح الشرق الأوسط إلاّ ليقال إن هناك شرق أوسط غير عربي، كتركيا وقبرص"!
وعن العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، أوضح حبيب أنها ليست بالمميّزة ولا بالخاصّة، "وإنما هي علاقات استثنائية في تاريخ العلاقات الدولية؛ وقد عايشناها قبل وبعد وخلال الحرب الباردة". ثمّ أورد سرداً تاريخياً لتطوّر هذه العلاقات، بدءًا من عهد ريغن كرئيس للولايات المتحدة، حيث كان يتمّ اعتبار "إسرائيل" كحليف استراتيجي باعتبارها رأس الحربة في المشروع الغربي في المنطقة؛ وأكّد أن "إسرائيل" هي الولاية الأميركية الواحدة والخمسين، نافياً وجود أيّ دور أميركي حيادي في الشرق الأوسط.


وتطرّق د. حبيب إلى أسباب هذا الحلف "المقدّس"، بدءًا بالعامل الديني، حيث يعتبر  البروتستانت في أميركا  أن وجود إسرائيل هو  تتمّة لنبوءة توراتية؛ ومروراً بالعامل السياسي، وما تتمتّع به المنظّمات اليهودية من نفوذ قوي، كالـ AIPAC واللوبي الصهيوني، والذي يقابله غياب كامل للنفوذ العربي، وانتهاءً بالعامل الإعلامي حيث يمتلك الكيان الصهيوني 350 إذاعة في أميركا؛ فضلاً عن الجرائد والمجلاّت.
ولفت المحاضِر إلى الدور الإعلامي في إرساء العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، لجهة الدفاع المطلق عن إسرائيل في تلك الوسائل، مشيراً إلى اعتماد كلمة (الشرق الأوسط) بديلاً لأيّ مصطلح يدلّ على هويّة المنطقة العربية. وطالب الحضور بقراءة كتاب شمعون بيريز عن (الشرق الأوسط الجديد) نظراً لخطورة الأفكار التي طرحها، ولم يغفل عن التطرق إلى برنارد لويس لتزوير التاريخ، التي تحدّث فيها عن تجزئة العراق وسوريا والأردن والسعودية ولبنان ومصر والسودان والمغرب وموريتانيا؛ وهو تناول فيها العرب بوصفهم قبائل متناحرة ليس لديهم حضارة أو ثقافة؛ ولا يملكون الرغبة في التغيير، بل ينتظرونه من الخارج!
وذكر حبيب أن المفكّر الراحل إدوارد سعيد استطاع الردّ على كتابات المفكّر الأميركي المتصهين برنارد لويس، بأسلوب جريء وعلمي. وتطرّق إلى مسألة الديمقراطية التي رفعها الأميركيون إلى رتبة القداسة، مؤكّداً: هذه الديمقراطية لا تحلّ المشكلة مع الصهيونية بالطريقة التي يريدها الأميركي.
وشكك حبيب في نهاية كلمته بديمقراطية الكونغرس الأميركي "لأنه يصوّت ديمقراطياً ضد فلسطين وضد حقّي في الحياة،" مشدّداً على أن "قضية فلسطين ليست مسألة عقارية، وإنّما هي قصية إنسانية كبيرى".
وقد اختتِمت الندوة بمداخلات قيّمة من السادة الحاضرين وردود من المحاضرين.

2012-06-02 12:32:47 | 2044 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية