التصنيفات » مقابلات

مقابلة لموقعنا مع ممثّل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان،الأخ أبو عماد الرفاعي








1.    شكّلت مبادرة حركة الجهاد الإسلامي الأخيرة (مبادرة النقاط العشر) مفاجأة للمراقبين لجهة شموليتها واتساع دائرة المؤيّدين لها، داخل الصف الفلسطيني وفي البيئة العربية والإسلامية. هل يمكن تقديم قراءة هادئة في أبعاد وظروف إطلاق هذه المبادرة من قِبل أمين عام الحركة، الدكتور رمضان عبدالله شلّح، وبعد مضيّ نحو شهرين على إطلاقها؟

لا شكّ أن إطلاق هذه المبادرة أتى في ظرف اقليمي معقّد ودقيق، وفي ظرف فلسطيني أكثر تعقيداً: وصول المصالحة الفلسطينية الداخلية إلى أفقٍ غير واضح المعالم، حيث باتت حالة الانقسام مؤثّرة في كلّ مناحي الحياة؛ إضافة إلى دور الاحتلال الاسرائيلي الذي استغل ولا زال يستغلّ هذه الحالة، ان كان على المستوى الدولي أو على المستوى الداخلي، وممارسة جريمة الاستيطان بحقّ الأرض الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو في المدينة المقدّسة، فيما المجتمع الصهيوني يزيد من ميوله اتجاه التطرف؛ وهذا ينعكس بدوره على الوضع الفلسطيني، خاصة في ظلّ الواقع العربي وما يعيشه من أزمات، إن كان في سورية أو اليمن أو ليبيا أو حتى في مصر. وبالتالي، إعلان وإطلاق هذه  المبادرة أتى في هذا السياق و في هذا الظرف الحسّاس والدقيق والصعب. أيضاً، كانت هناك انتخابات أمريكية لم يكن من الواضح من سيفوز فيها. لكن وجود ترامب الآن على رأس الولايات المتحدة سيعقّد المشهد السياسي أكثر، وسيدفع باتجاه المزيد من التطرف في الكيان الصهيوني، حكومةً وشعباً، وعلى مستوى المحافل الدولية؛ كما أعلن ترامب أنه يدعم الاستيطان، وأنه مع الكيان الصهيوني وسينقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة. هذه كلّها عوامل تستفزّ مشاعر العرب والمسلمين؛ وبالتالي هي ستؤدّي إلى المزيد من الدفع الأميركي باتجاه دعم الكيان الصهيوني على كلّ المستويات. هذا الواقع الخطير دفع بالدكتور رمضان شلّح كي يُطلق هذه المبادرة. ونحن كنّا ندرك ظروف المنطقة، وكذلك الساحة الفلسطينية التي تعيش حالة من اللاستقرار، والتي تتطلب مبادرة تعيد التوازن على المستوى العربي، كما على مستوى الداخل الفلسطيني. فكانت هذه المبادرة التي حظيت بقبول وترحيب، على المستوى الفلسطيني وعلى المستوى العربي بشكل كبير.

2.    قياديون في حركة فتح وغيرها وصفوا المبادرة بأنها غير واقعية ولا يمكن تطبيقها، خصوصاً لناحية إسقاط الاعتراف الفلسطيني بالكيان الاسرائيلي وباتفاقية أوسلو، وأن المبادرة تشكّل خطراً على المكتسبات التي حقّقتها هذه الاتفاقية منذ إقرارها. ما هو ردّ حركة الجهاد على هذه التحفظات أو المواقف السلبية من المبادرة؟

أولاً، إن مبادئ ومنطلقات حركة الجهاد الإسلامي هي البنود التي تمّ إعلانها في ذكرى انطلاقة الحركة، والتي أطلقها الأمين العام الدكتور رمضان عبد الله شلّح. هذا هو موقفنا وهذه هي رؤيتنا؛ لكن "فتح" تعتبر نفسها ملتزمة وغير قادرة على إنهاء الاعتراف بـ"إسرائيل" أو باتفاق أوسلو. وهذا بالنهاية شأن "فتحاوي". لكن نحن نؤمن أن خيار الشعب الفلسطيني هو الخيار الذي يتوافق مع المبادرة التي أطلقها الأمين العام. على المستوى السياسي، نعم قد يقول البعض إن هذه المبادرة غير قادرة على تحقيق معظم بنودها، فلنتفّق على جزء من هذه البنود. ونحن نقول إن هذه البنود تعبّر عن رؤيتنا للقضية الفلسطينية ومستقبلها. وعلينا أن نتحاور مع كلّ أطراف السياسة الفلسطينية، بما فيها الأخوة في حركة فتح والسلطة الفلسطينية، لكن ليس على قاعدة أن نناقش المبادرة ككل. يمكن لنا أن نناقش نقاطاً ومواضيع تتعلق في مجمل ما تمّ طرحه وفق رؤية مشتركة نتفّق عليها؛ لكن قناعتنا تبقى ثابتة بحسب البنود التي تمّ طرحها، وخاصة أننا لا نعترف بـ"إسرائيل" ولا باتفاق أوسلو. ونحن نقول بأن "إسرائيل" هي لا تعترف فعلياً بالشعب الفلسطيني ولا بالقضية الفلسطينية ولا بحقوق الشعب الفلسطيني ولا بمقدّساته الإسلامية  والمسيحية. ولا يجب علينا أن نعترف نحن بالكيان الصهيوني تحت أيّ مبرّر وتحت أيّ ظرف. فالظروف والمتغيرات أو موازين القوى فيها خلل كبير على مستوى المنطقة وعلى مستوى العالم. لكن هذا لا يعني أننا علينا كفلسطينيين أن نتنازل عن حقّنا وعن مقدّساتنا.

3.    هل تتوقع قيادة حركة الجهاد الإسلامي أن تسلك مبادرتها لتحقيق المصالحة الفلسطينية وتفعيل خيار المقاومة، طريقها نحو التنفيذ العملي قريباً، أم أنها ستلحق بالكثير من المبادرات التي سبقتها؟!


نحن طرحنا هذا المبادرة وأعلنّا فيها موقفنا بشكل واضح. الآن هناك حوارات تجري على المستوى الفلسطيني. جرى حوار في بيروت، وجرى حوار منذ أيام قليلة في موسكو. ومن الممكن أن يجري حوار بعد أيام في القاهرة. هذه الحوارات يجب أن تحمي القضية الفلسطينية وتعزّز الوحدة الداخلية، لأننا نستطيع من خلالها الوصول إلى تفاهمات مشتركة لمواجهة الأخطار والتحدّيات التي تحيط بالقضية الفلسطينية. ومن دون أيّ اتفاق سيبقى الوضع الفلسطيني في أزمة؛ والقضية الفلسطينية سيستغلّها كثيرون عبر الادّعاء بأن الفلسطينيين غير متّفقين في ما بينهم. وسيتفاقم عدم التفاعل مع القضية الفلسطينية ضمن سياق يسعى له البعض، وهو يعتبر أن القضية الفلسطينية أصبحت عبئاً عليه؛ وبالتالي هو يذهب باتجاه فتح قنوات مباشرة وغير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، لأنه يعتبر أن وجوده مثل وجود بعض الأنظمة في المنطقة، بات مرهوناً ببقاء ووجود الإسرائيلي، للأسف الشديد!

4.    بصفتكم ممثّلاً لحركة الجهاد الإسلامي في لبنان، كيف تنظرون للواقع الأمني والاجتماعي للشعب الفلسطيني في مخيّمات لبنان، خصوصاً في ضوء تصاعد المشكلات الأمنية المرتبطة ببعض هذه المخيّمات، وتزايد الأوضاع الاجتماعية والصحيّة للفلسطينيين سوءاً بسبب تقليص وكالة الأونروا لخدماتها المقدّمة لهم خلال الأشهر الماضية؟


من الواضح أن هناك مخطّطاً يستهدف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كما استهدف اللاجئين الفلسطينيين في سورية وفي غيرها من أماكن التواجد، لأن العقدة الأكثر صعوبة في ما يسمّى مشروع التسوية سابقاً، كانت تكمن في قضيتين: قضية اللاجئين وقضية القدس. والآن هناك ما يتمّ إعداده وتحضيره تمهيداً للقضاء على القضية الفلسطينية وعلى قضية اللاجئين الفلسطينيين؛ وما يعانيه الفلسطيني في لبنان يأتي في سياق هذه السياسة. وتقليص وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من إمكانياتها ومن دورها كراعي دولي للشعب الفلسطيني المهجّر من أرضه من قِبل العدو الإسرائيلي، يمهّد لإنهاء دور هذه الوكالة وشطبها، تمهيداً لتصفية ملف اللاجئين. والجانب الآخر يتمثّل في ما تعيشه المخيّمات الفلسطينية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، والذي يصبّ في سياق الخطّة التي يسعى إليها الإسرائيلي والأمريكي. والمطلوب اليوم، على الصعيد الفلسطيني وعلى الصعيد اللبناني، وبحكم أن لبنان دولة يوجد فيها لاجئون، وأن هذه الدولة رافضة لموضوع توطين اللاجئين؛ وهو أيضاً مطلب فلسطيني، يجب العمل أوّلاً بشكل جدّي لمنع وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين من تقليص خدماتها، لأن ذلك يؤدّي إلى مشاكل اجتماعية؛ وثانياً، هناك القوانين والإجراءات التي تتّخذها الحكومة اللبنانية بحقّ الفلسطيني والتي تعقّد الأمور وتسهم في شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين. وإن كان اللبنانيون يدركون ذلك أو لا يدركون، فهذا المسار يأتي في سياق تهيئة الفلسطيني لمرحلة القبول بكلّ ما يُفرض عليه. واليوم، إذا كانت الحكومة اللبنانية ترفض توطين اللاجئين الفلسطينيين، عليها أن تبحث في تأمين حياة كريمة لهم؛ فواقع البؤس الذي تعيشه المخيّمات الفلسطينية غير مقبول. وهناك أيضاً من يعبث بأمن المخيّمات من قِبل جماعات لديها ارتباطات بمشاريع مشبوهة تستهدف إيصال الفلسطيني إلى مرحلة لا يشعر فيها بالأمن والاستقرار، وأن يفقد الأمل في العودة إلى فلسطين. هذا المشروع يجب أن يواجَه بتكاملٍ بين السلطات اللبنانية وبين القوى والفصائل الفلسطينية. نعم لا يمكننا أن نتجاهل التراجع في العمل الفلسطيني، على مستوى الفصائل والقوى الفلسطينية، نتيجة عدّة عوامل ذاتية وموضوعية؛ لكن يجب علينا المساعدة للخروج من هذه الأزمة وإعادة الاعتبار للإطار السياسي الفلسطيني. فقضيتنا هي قضية سياسية وليست قضية أمنية. ونعتقد أنه إذا كانت هناك إرادة جديّة لمنع وصول مشروع التوطين أو التهجير إلى هدفه، يجب أن يحصل تنسيق على مستوىً عالٍ بين الحكومة اللبنانية والقيادة السياسية الفلسطينية، وأن يتم تخفيف الاحتقان على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وعلى المستوى الأمني. وإذا لم نوجِد حلولاً لهذه المشاكل، فستبقى المخيّمات تعيش حالات دورية من التأزم؛ وهذا يتطلب أن نعزّز صمود الفلسطيني. وأنا أقول دائماً إن من يمنع التوطين هو الفلسطيني وليس اللبناني كحكومة، والتي قد تُمارس عليها ضغوط، ان كان على مستوى الديون المتراكمة عليها، أو على مستوى النفط واستخراجه، أو على المستوى الأمني في البلاد. فمن الممكن أن تضغط هذه الدول على لبنان بكلّ الوسائل. لكن ما دام الفلسطيني يرفض التوطين فلا أحد يمكن أن يفرض عليه ذلك. هناك قرارات دولية، وهناك شعب لا يريد شطب قضيته، وهو يطالب بالعودة بناءاً على قرارات دولية؛ وهذه حجّة قوية يمتلكها الفلسطيني ويمتلكها اللبناني في مواجهة سياسات التوطين أو التهجير. من هنا يجب إعطاء الفلسطيني حقوقه في هذا البلد، ويجب أن تتم مساعدة الفلسطيني للخروج من أزماته الحياتية.

5.    ما تعليقكم على الجدار الذي تقيمه السلطات اللبنانية من الجهة الغربية لمخيّم عين الحلوة؟

أنا لا أعتقد أن الجيش اللبناني هو الذي موّل بشكل مباشر بناء الجدار، وليس هو من وضع التصاميم، والتي جاءت من الخارج، لأنه لا يمكن أن نستنسخ الجدار العنصري الموجود في فلسطين ونأتي به الى لبنان. وهذا الجدار يستهدف إيجاد شرخ كبير بين الجيش اللبناني وبين الشعب الفلسطيني في المخيّمات، لأنه سيكون مادّة للتحريض الدائم على الجيش اللبناني؛ وهذا ما نرفضه نحن، بأن يصبح كما الجدار العنصري الموجود في فلسطين مادّة للتحريض على العدو وسياساته، حيث تُكتب عليه الشعارات الرافضة لهذا الجدار. فالمطلوب للأسف هو تحويل جدار عين الحلوة بهذا الاتجاه وصولاً إلى أن يفقد الفلسطيني حاضنته في لبنان. ونحن نقول بأن هذه الحاضنة اللبنانية بكلّ مكوّناتها يجب أن تبقى قائمة.

6.    بلحاظ المواقف الداعمة بالمطلق للكيان الاسرائيلي من قِبل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، كيف ترى حركة الجهاد تأثير وصول ترامب إلى سدّة الرئاسة في الولايات المتحدة على وضع الكيان تحديداً، وعلى عملية التسوية في المنطقة عموماً؟  


من الواضح أن ترامب، بكلّ شعاراته خلال حملته الانتخابية، دلّل على أنه منحاز بشكل كامل إلى الكيان الصهيوني، وهو يتعامل مع قضية فلسطين بطريقة عنصرية. وقد تحدث بشكل واضح عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؛ وحتى أنه بارك سياسة الاستيطان والتهويد  التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وترامب لا يعتبر أن هناك وجوداً لشعب اسمه الشعب الفلسطيني؛ هذا قبل وصوله إلى السلطة. لكن بحكم أنه بات يدير الولايات المتحدة الأمريكية وما فيها من مؤسسات، فربما سيغيّر مواقفه، وخاصة في ما يتعلق بقضية الاستيطان ونقل السفارة الأميركية إلى القدس. وهذه المسألة مرهونة بالأشهر المقبلة. لكن كلّ الشعارات التي أطلقها ترامب كانت واضحة في دعمه للكيان الصهيوني وهي كانت شعارات عنصرية.

7.    ما تعليقكم على عملية اغتيال الموساد الصهيوني للشهيد المهندس الطيّار التونسي محمد الزواري، والمواقف التي صدرت حول العملية؟

ما زال الإسرائيلي يتحدّى ويمارس العربدة مع تخطّيه لكلّ القوانين الدولية، حيث يقوم بأعمال أمنية واغتيالات، جزء منها يتم كشفه بين الحين والآخر؛ فضلاً عن دوره في عمليات التخريب الاقتصادي والزراعي في العديد من الدول العربية. والعدو يحاول أن يرسل رسالة لكلّ من يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ويسانده، كما حصل في الكثير من الأحيان، وخاصة ما جرى في قضية سفينة (مرمرة) ومحاولات إيصال المواد الغذائية لأهلنا في غزة المحاصرة؛ وهذا يبرهن على أن ممارسات الإسرائيلي مع هذه المؤسسات أو مع تلك الحركات كانت ممارسات عنصرية، أراد من خلالها منع أيّ محاولة للتفاعل مع القضية الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني من قِبل الشعوب العربية والغربية. وهذه الممارسات المدانة يجب أن تُواجَه على المستوى العربي بشكل قوي؛ وعلينا أن لا نسمح لهذا الاحتلال بأن ينفّذ عمليات قتل وإرهاب في في دول عربية، كتونس والإمارات عندما تمّ اغتيال الشهيد المبحوح.

8.    ما زلنا في أجواء القرار الذي اتخذه مجلس الأمن ضدّ الاستيطان "الإسرائيلي"، بموافقة 14 عضواً وامتناع أميركا عن التصويت، بحجّة أن التوسع الاستيطاني سياسة "غير مشروعة" قوّضت فرص إبرام اتفاق سلام، مع العلم أن أميركا أيضاً كانت رفضت التصويت على قرار اعتمده مجلس الأمن في العام 1979 بشأن المستوطنات. فهل يمكن القول إن هذه سياسة أميركا وليست سياسة إدارة أوباما فحسب، وهل سنشهد الموقف ذاته من الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب؟

أوّلاً، يجب علينا أن نفهم دور "إسرائيل" في المنطقة بالنسبة لأمريكا  وبالنسبة للغرب. "إسرائيل" هي ثكنة عسكرية متقدّمة ورأس حربة المشروع الغربي الأمريكي في المنطقة، لنهب ثرواتنا وإبقاء واقع التجزئة والتقسيم الذي تعيشه المنطقة؛ إضافة إلى مسألة إثارة الفتن والنعرات. وعندما يشعر الغرب (وأمريكا) أن "إسرائيل" لم يعد دورها منتجاً كما كان في السابق، فسيتراجع عن دعمه للاحتلال الإسرائيلي. وباعتقادي، مازالت هذه الوظيفة المرسومة للكيان قائمة. وأميركا ستبقى تدعم الاحتلال الإسرائيلي؛ لكن هناك واقع غربي (أوروبي) بدأ يشعر بالقلق من استمرار الصراع العربي ـ الإسرائيلي، لأن كلّ ما يوجد في المنطقة من أزمات أساسه الإسرائيلي؛ وهذا ما أثّر على أمن ومصالح الغرب، نتيجة ظهور حركات وجماعات تنادي بمواجهة شاملة لهذه السياسة الغربية. وما يجري في المنطقة هو انعكاس لوجود "إسرائيل" فيها؛ وبالتالي وجود "إسرائيل" هو أساس كلّ الفساد وكلّ الواقع التفتيتي الذي تعيشه المنطقة. وبالتالي إن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ثابتة في دعم الكيان، لكن الدور الأمريكي عموماً بدأ يتراجع. فقد فشلت السياسة الأمريكية في فرض تسوية في المنطقة، إن كان على مستوى الضغط الأحاديّ الجانب، أو حين شعرت بالفشل وشكّلت ما يسمّى اللجنة الرباعية. فهذه اللجنة لم تستطع أن تحقّق السلام، بل بالعكس، هي جاءت بالمصائب على شعبنا الفلسطيني. واليوم تشعر الولايات المتحدة أنها غير قادرة على تحقيق أو فرض تسوية في المنطقة؛ وبالتالي دورها كقوّة عظمى لم يعد كما كان في السابق (القطب الواحد التي يتحكم في مصير كلّ الدول). فهناك أقطاب جديدة في هذا العالم، حيث بدأ يحضر وبقوّة الدور الروسي وأدوار دول أخرى.

9.    تقول بعض المصادر الدبلوماسية إن القرار الدولي الأخير حول الاستيطان لن يغيّر شيئاً على أرض الواقع، فما الجدوى منه إذاً؟
"إسرائيل" تضرب كلّ قرارات ما يُسمّى المجتمع الدولي بعرض الحائط. وهي غير مكترثة، وما زالت تشعر بوجود دعم غربي ودعم أوروبي لها. و"إسرائيل" تدرك أنها الوحيدة القادرة على تنفيذ مشاريع الغرب في المنطقة. لقد تحدث إيهودا باراك في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل واضح حين قال: أنتم تدفعون الأموال ونحن ندفع من دماء أبنائنا لحماية مصالحكم في المنطقة! فهو يدرك أن كيانه هو رأس حربة للمشروع الغربي؛ وبالتالي هو يفرض على الغرب، أو على الولايات المتحدة، أن لا تضغط عليه لتنفيذ القرارات الدولية. لكن، عاجلاً أم آجلاً، "إسرائيل" لن تبقى كما هي، بعنجهيّتها وإرهابها. والولايات المتحدة لن تبقى بقوّتها، والغرب لن يبقى بقوّته. وسنّة الكون تقول بأن كلّ صعودٍ يقابله نزول. وبالتالي، المطلوب منّا، كعرب وكمسلمين، أن نعيد الاعتبار لوجودنا ولحضارتنا ولقضيتنا الجامعة، وهي القضية الفلسطينية.


2017-01-24 14:47:37 | 6200 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية