التصنيفات » مقابلات

لقاء حواري لموقعنا مع أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، فتحي أبو العردات






1. يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب تتهيأ لإطلاق ما سمّته عملية (الصفقة الكبرى) لتسوية الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني. كيف ترون الأمور في المدى المنظور على هذا الصعيد، خاصة بعد اتصال ترامب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي وصفه ترامب بـ«الدافئ»؟!
هناك إدارة أميركية جديدة. وتصريحات الرئيس المنتخب ترامب ما قبل الانتخاب و ما بعده خلقت جواً من الإرباك وساهمت في تأجيج الوضع المشتعل في المنطقة  وهذه التصريحات زادت من التوتر على صعيد العلاقات الإقليمية وعلى صعيد العلاقات الدولية؛  وكانت هناك الكثير من القرارات المتخذة بخصوص الهجرة إلى أمريكا والعلاقة مع المكسيك والجدران التي تُبنى معها و موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وطبعاً، نحن رفضنا هذا التوجه واعتبرناه يتجاوز كلّ المحرّمات التي كانت موضوعة،  ويؤذن بالمزيد من التوتر في المنطقة. نحن يهمّنا الموقف الذي يصدر بعد الانتخابات و نشهد إصراراً عليه، خاصة في قضايا كبيرة و خطيرة تمسّ بالأمن الفلسطيني والأمن العربي والأمن في المنطقة ككل؛
وهذا الكلام يتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهذا تطور خطير برأينا. والقضية الأخرى تتعلق بالاستيطان. فنتنياهو أعلن انه سيقيم المزيد من المستوطنات؛ وهناك موضوع تهويد القدس وتدمير البيوت الذي يحصل يومياً. وتصريحات ترامب أثارت مخاوف كبيرة في المنطقة ودول العالم، وعلى صعيد العلاقة مع إيران. و اليوم حتى تتوضح هذه السياسة بشكل كامل يجب أن ننتظر.  لكن نحن حدّدنا موقفنا مسبقاً من هذه السياسة بأنها تزيد التوتر في المنطقة وأنها تواجه معارضة في الداخل الأمريكي حتى. والدعوة التي وجِّهت للرئيس أبو مازن هي دعوة رسمية. وسيسبق الزيارة وفد من دولة فلسطين و السلطة الوطنية إلى أمريكا؛ ونحن أصررنا أن تكون الدعوة رسمية باسم رئيس دولة فلسطين. وطبعاً هناك مندوبون أتوا من الإدارة الأمريكية قابلوا الرئيس أبو مازن  والمعنيين في السلطة الفلسطينية؛ نحن لدينا ثوابت واضحة بالنسبة للقضية الفلسطينية، وترامب أبلغنا أنه "مع ما تتفقون عليه ونحن سندعو إلى إعادة الحوار والمفاوضات بينكم وبين الاسرائيليين". نحن ثوابتنا واضحة بإصرارنا على دولة فلسطينية والقدس الشرقية عاصمة لها. و هذا هو الموقف الرسمي؛ كما نصرّ على أن يكون هناك وقف كامل للاستيطان الذي يستولي على معظم الأراضي الفلسطينية.  لكننا لا نعلّق آمالاً على المفاوضات، لأن الاحتلال الإسرائيلي ضرب أيّ إمكانية للعودة إلى المفاوضات، و نحن استفدنا وتعلّمنا الدروس من المفاوضات السابقة، لأن الإسرائيلي أرادها  طيلة 18 عاماً لتشكيل مظلّة لممارسة سياسته العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني. لقد تضاعف عدد المستوطنين  من 130 ألف مستوطن إلى 730 ألف مستوطن في الضفة الغربية؛ وتهويد القدس اليوم، كما قال الرئيس عباس، هو في الساعات الأخيرة وليس في الأشهر الأخيرة، كذلك الاستيلاء على الأرض الفلسطينية واستباحة الأماكن الدينية والمقدّسات؛ وبالتالي التنكر لكل الاتفاقات السابقة بالنسبة للأسرى فهناك حالياً مزيد من الأسرى الذين تمتلىء بهم السجون الإسرائيلية. إذاً، المفاوضات على هذه القاعدة غير واردة لدينا، لا مباشرة ولا بالوكالة، والموقف الفلسطيني الرسمي واضح؛ والرئيس الفلسطيني سيتكلم بقوّة في هذا الموضوع، لأن الحكومات هي عملية تداول للسلطة؛ وبالتالي كلّ الوعود في الحكومات الأمريكية أو الرئاسات السابقة لم تنتج دولة فلسطينية قابلة للحياة وعاصمتها القدس. هناك تراجع في الدور الأمريكي، ولذلك سيسمع الرئيس الأمريكي الموقف الواضح في هذا المجال من القيادة الفلسطينية. وبالتالي نحن نحمّل الأمريكان المسؤولية لأنهم الطرف الذي تستقوي به "إسرائيل"، وكلّ  قرارات الشرعية الدولية ترفضها "إسرائيل"، ولا يوجد قوة تضغط عليها لإلزامها بتطبيق ما يتم الاتفاق عليه. والموقف الفلسطيني الذي سيعلنه الرئيس عباس واضح، و التنسيق مع الدول العربية سيكون خلال القمة العربية في الأردن. كان هناك لقاء بين الرئيس أبو مازن والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وكذلك مع ملك الأردن. ونحن نستخدم لغة واحدة قدر الإمكان في ظل هذه الفوضى العربية لخلق موقف عربي ندافع من خلاله عن القضية الفلسطينية.

 
2. أين أصبحت قضية محاكمة قادة الكيان الصهيوني كمجرمي حرب أمام محكمة العدل الدولية، والمحاكم الجنائية، سواء بسبب الاستيطان الذي أصبح مُداناً بقرارات دولية جديدة، أم بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها الصهاينة خلال الحروب الأخيرة التي شنّوها على الشعب الفلسطيني؟!

نحن لا نقلّل من اهمية المعركة السياسية في المحافل الدولية، وهي ساحة من ساحات الصراع الموجودة اليوم. وبالتالي اللجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية نعمل عليه بجدّية. وهناك الكثير من قادة الكيان الصهيوني و الضبّاط ممنوعين من السفر إلى بلجيكا و بريطانيا، و ممنوع عليهم السفر، وذلك بتعميم من الجهات العسكرية الإسرائيلية؛ وهي تحذّرهم لأنهم سيُعتقلون. و الجهات الفلسطينية المعنية تقدّمت بشكاوى لهذه المحاكم من أجل محاكمة القادة الاسرائيليين و تحميلهم مسؤولية الجرائم التي يرتكبونها لأنها تُعتبر من جرائم الحرب، من خلال القتل الممنهج الذي يحدث للفلسطينيين من طلاّب المدارس  ومداهمة المنازل واستمرار اعتقال الأسرى دون محاكمة والإبعاد والاغتيالات والاستيلاء على الأرض. كل هذه جرائم حرب، و نحن تقدّمنا بشكاوى، وهذا الموضوع قيد المتابعة. ولكن بحاجة إلى مواقف ضاغطة أكثر في هذا المجال من أجل استقامة الأمور ولتطبيق إجراءات تتعلق بالمحاكمة والاعتقال لهؤلاء القادة الإسرائيليين الذين يمارسون الإرهاب المنظّم ضدّ الفلسطينيين.


3.   هل تعتقدون أنه ستكون هناك تداعيات كبيرة على الشعب الفلسطيني على خلفية قرار حكومة العدو الإسرائيلي اعتبار الصندوق القومي الفلسطيني، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، «منظمة إرهابية»، بسبب قيامه بما اعتبرته أنشطة دعم لعناصر مسؤولة عن أعمال إرهابية ضد «إسرائيل»؟

في كلّ فترة يُصدر القادة الإسرائيليون مثل هذه التصريحات، والتي ننظر إليها أنها خطيرة. والصندوق القومي الفلسطيني هو من أهم المؤسسات الفلسطينية، وهومؤسسة من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية،  والمعترف بها من أكثر من137  دولة. وهو يشكّل العصب المالي الذي يساهم في دعم الشعب الفلسطيني ويدفع مساعدات للمدارس و التعليم، وخاصة للفلسطينيين في الشتات، و هو مسؤل عن كل الأموال التي تأتي إلى السفارات الفلسطينية. ففي لبنان الصندوق يدفع رواتب لأسر الشهداء؛ كذلك الأمر في الطبابة. ونحن ننظر إلى هذا الموضوع بقلق كبير. لكن الإسرائيليين الذين يمارسون هذا الضغط على منظمة التحرير وعلى القيادة الفلسطينية هم أنفسهم دولة إرهابية؛ وبالتالي لا يمكن لدولة تمارس الإرهاب المنظّم  أن تتهم الصندوق القومي بالإرهاب. فهذا الصندوق يدفع الأموال للشعب الفلسطيني الذي له الحق المطلق في المقاومة المشروعة استناداً لكلّ القوانين والمعايير الدولية. وبالتالي نحن استنكرنا وأدنّا هذا الإجراء وهناك كثير من الدول التي تدعم الشعب الفلسطيني لم تأخذ بهذا الإجراء، لأنها تعتبر أن منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها هي مؤسسات معترف فيها؛ و الصندوق القومي يقوم بواجبه تجاه الشعب الفلسطيني. وبالتالي هذا الإجراء لن يؤثّر علينا، وسيستمر الصندوق القومي كمؤسسة من المؤسسات الناجحة في أداء دوره كاملاً تجاه الشعب الفلسطيني.


4. ضجّت المحافل الدولية والإقليمية بخبر استقالة الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "إسكوا"، ريما خلف، بعد اعتراضها على سحب تقرير دولي أشرفت هي عليه، ويتهم "إسرائيل" بممارسة الاضطهاد والتمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني. كيف تنظرون إلى موقف هذه المرأة العربية المدافعة عن حقوق هذا الشعب؟

الرئيس أبو مازن اتصل بالسيدة ريما خلف، وهي مناضلة ونحن نعرف تاريخها، ونعرفها عندما كانت في الجامعة في بيروت، ونعتزّ بها. هي أدّت دورها الوطني و المهني بامتياز؛ وقد كرّمها الرئيس أبو مازن و أعطاها أعلى وسام فلسطيني. ونحن (كفتح و منظمة التحرير) أصدرنا بياناً وقدّرنا دورها الكبير في عدم الاستجابة للمغريات لسحب التقرير؛ والإسرائيلي ضغط بقوة لسحبه لأنه  يوصّف "إسرائيل" بالعنصرية وممارسة الجرائم. وهذا يساهم في كشف جرائم الصهاينة  ويسهّل مسار تقديمهم إلى المحكمة الدولية. الأخت ريما خلف قدّمت أنموذجاً للمرأة العربية المناضلة الملتزمة بقضايا أمّتها، وموقفها هو موقف شجاع و جريء ويتّسم بالمسؤولية؛ فهي فضّلت القضية الوطنية على قضية الوظيفة. وهذا يُقدّر لها  كإنسانة مارست دورها بكلّ مسؤولية.


5. كيف ترون تأثير التطورات الإقليمية المتسارعة في سورية والعراق على سياسة إدارة دونالد ترامب الجديدة في المنطقة، وبالخصوص الحرب المفتوحة ضد (داعش)، وتصاعد الدور الأميركي فيها؟!

نحن نعتبر أن الذي يحصل اليوم في سورية و العراق هو جزء من عملية تعميم الفوضى والخراب في المنطقة ولتدمير هذه الدول، إن كان على صعيد الشعوب أ أو محاولة تفتيت هذه الدول لخلق كيانات عرقية وطائفية متناحرة فيما بينها. كلّ هذا يصب في مصلحة "إسرائيل" وفي مصلحة القوى الكبرى التي تخطّط من أجل تقسيم المنطقة ورسم خرائط جديدة لها. هذه كانت نظرتنا من البداية، لأن بوصلتنا فلسطين، ونعتبر أن كلّ الذي حصل ليس له علاقة بربيع عربي؛ وننظر إلى عدم نجاح عملية الحوار بالنسبة لسوريا  كجزء من إطالة أمد الصراع فيها من أجل المزيد من الخراب حتى تأتي ساعة يتمكن فيها الآخرون من فرض الحلول التي تتناسب مع مشاريعهم. نحن مع وحدة الدول، في سوريا والعراق، وضد أي عملية تقسيم او تفتيت لهذه الدول. لقد دعونا للحل السياسي بين مكوّنات الشعب السوري والشعب العراقي، ومازلنا نسعى في إطار إمكانياتنا لدعم أيّ حل سياسي على مستوى المنطقة العربية، لأن الفلسطينيين هم جزء من الدول العربية، ونضالنا جزء نضالها؛ وبالتالي أي خراب أو فوضى ستنعكس سلباً على القضية الفلسطينية. وفي مؤتمر القمّة العربية الأخير في الأردن التقينا بالأخوة اللبنانيين؛ فنحن مع التضامن مع لبنان لأنه قدّم الكثير للقضية العربية والقضية  الفلسطينية. ويجب أن يبقى التضامن العربي مع لبنان. وهذا هو موقفنا الرسمي الذي نتحدث به في فلسطين و في الشتات، وهو على رأس الأولويات؛ وكذلك ضرورة عودة سورية إلى الجامعة العربية، لأن هذا الأمر جزء من التضامن العربي، وإلاّ فلماذا بعد 6 سنوات نكرّر المواقف الضعيفة ذاتها التي لا يمكن أن تعطي نتيجة. نريد موقفاً عربياً موحّداً ومصالحات وحواراً ًيفضي إلى الحفاظ على مكوّنات الدول العربية، لأن أيّ تقسيم لها فيه إضعاف للعرب وخدمة للمشروع الإسرائيلي


6. في الختام، هل من كلمة توجّهونها للأسرى الفلسطينيين الصامدين في سجون الاحتلال، وأين أصبحت المبادرات المحلية والدولية التي تسعى لحلّ هذه القضية الكبرى، ودور الفصائل الفلسطينية في هذا السياق؟

قضية الأسرى يجب أن تبقى على جدول أعمالنا دائماً، وعلى رأس أولوياتنا. وعندما يكون لدينا أيّ اجتماع في فلسطين يُتاح لنا التواصل مع الأسرى عبر الهاتف في الكثير من الأحيان، وهم يقدّرون لنا و للأخوة اللبنانيين مواقف التضامن معهم؛ وكلّ أسبوع لدينا "خميس الاسرى" . والمطلوب في هذا الموضوع أن يبقى هناك تحرّك على صعيد الداخل والخارج و على صعيد  القوى المؤثّرة في عملية إطلاق سراح الأسرى. ونحن لا نعدم وسيلة من أجل إطلاق سراحهم بكلّ الامكانات المتاحة لدينا. لكن عدد الأسرى يزيد لأن الاعتقالات ما زالت مستمرة في ظلّ الانتفاضة أو الهبة الشعبية التي حصلت في فلسطين. فهذه القضية يلزمها الكثير من الجهد والعمل على كافة الأصعدة من أجل إطلاق سراحهم. وبالنسبة لنا، فإن احلك فترات الظلام هي التي تسبق بزوغ الفجر. ونحن نعتبر أن أسرانا هم الأبطال الذين صنعوا مدرسة للإنسانية في التحدي والوقوف في وجه الاحتلال. فتحية منّا لهم ولصمودهم و لتضحياتهم. 

 

2017-03-31 14:59:42 | 5534 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية