التصنيفات » دراسات

مؤتمر حركة فتح السادس (معهد دراسات الأمن القومي)




ترجمة مركزعكا لمتابعة الشأن الإسرائيلي

مؤتمر فتح السادس كان قد انعقد في بيت لحم من الرابع إلى الثالث عشر من شهر أغسطس الحالي المؤتمر السابق كان قد انعقد قبل حوالي 20 عاماً في تونس قبل انعقاد مؤتمر مدريد, وبدء عمليه أوسلو.
ياسر عرفات بدوره كان قد منع انعقاد المؤتمر منذ  سنين, مع أن هناك قانون يلزم عقده كل خمس سنوات.
حقيقة أمر انعقاد المؤتمر يوحي بانتصار قائد فتح الحالي محمود عباس الذي استطاع أن يعقد المؤتمر في ظل وجود معارضه قوية داخل حركة فتح, لا سيما أولئك الذين يخشون على فقدان مكانهم ومكانتهم.
من وجهة نظر عباس والمقربين منه وكذلك نشطاء فتح لا سيما العناصر الشابة فيها فإن انعقاد المؤتمر هو بمثابة مرحلة إصلاح ضروري من أجل إحياء الحركة, والتي بدت من وجهة نظر الشعب بأنها حركة هابطة تعاني من انحلال وفساد خطير. (صراعات داخلية و ابتزازات وغيرها).
 
فقد كان من هدف عباس إحياء المؤسسات المركزية للحركة, وعلى رأسها اللجنة المركزية والمجلس الثوري كي يحولهم إلى مراكز قوة وشرعية لصالح قيادته؛ لأنهم يشكلون أهمية كبرى له , حيث يعاني من مشكلة الشرعية لا سيما بعد تمديد فترة ولايته بعد انتهاء موعدها القانوني دون إقرار من الجهات التشريعية الفلسطينية. كما كان هدف العناصر الشابة والوسطية اعتقدوا أن هذه هي الفرصة الذهبية بالنسبة لهم للسيطرة على أماكن مهمة في الصدارة من خلال دحض القيادة القديمة التي جاءت من تونس بعد الاتفاقات التي وقعت مع إسرائيل.

السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا المؤتمر حقق أهدافه التي أنُيطت به ؟ إنه جواب سابق لأوانه .
وهل هذا المؤتمر سيكون سبباً في نسيان الصراعات والخلافات الداخلية داخل الحركة أم العكس ؟

من الممكن عمل نوع من التوازن بهذا الصدد.
فمن جهة فإن مؤتمر فتح وضع الحركة في قمة الصدارة بالنسبة للشعب الفلسطيني وأظهرها وكأنها حركة حيه ومتألقة وأنهى عليه إجراء طويلة ومستمرة لانتخابات قياداته محلية وممثلين في المؤتمر. وبذلك يكون قد أبرز قيادات محلية شرعية ولكن من جهة ثانية فإن عباس لم يستطيع أن يصمد أمام الضغوطات لزيادة عدد الممثلين الذين لم يتم انتخابهم للمؤتمر. بالإضافة إلى 500 عضو الذين انضموا إلى المؤتمر في اللحظة الأخيرة.
هذا الأمر كان مبرراً لانتقاد المؤتمر وشرعيته وقانونيته بالإضافة إلى منع خروج ممثلين من فتح من غزة فقد أدى ذلك إلى زعزعت عملية التمثيل في المؤتمر.
لقد ساعد المؤتمر على أن ينتصر عباس على المعارضة الخارجية " خارج المناطق " والتي يقف على رأسها فاروق القدومي، وقد أوشك ذلك على إفشال عقد المؤتمر لا سيما بعد الإعلان عن من كانوا خلف مقتل ياسر عرفات وعلى رأسهم عباس ومحمد دحلان.
إن المشاركة الواسعة لفلسطينيي الشتات في المؤتمر, والكلمات التي ألقيت هناك, والتي تطرقت إلى موت عرفات وتحميل إسرائيل مسؤولية قتله كان مقبولاً ومنطقياً لديهم, وأما ضلوع عباس ودحلان فلم يكن مقبولاً لديهم.
وأخيراً فإن عباس لم يستطع القضاء على الخلافات الداخلية بين قيادات فتح الداخلية في المناطق, وقد باتت تشكل صورة الحركة السيئة والتي تعج بالخلافات.
ولذلك تم تمديد عقد المؤتمر إلى فترة أطول من المخطط له, وتمد تأجيل انتخابات اللجنة المركزية للحركة أكثر من مرة, ويعود ذلك لسببين :
1) تهديد محمد دحلان بمقاطعة الانتخابات بسبب عدم وجود ممثلي غزة فيها.
2) التخوف من القيادات القديمة من أن تسحب القيادة الشابة والوسطية البساط من تحت أرجلهم.

وفي نهاية الأمر تمت الانتخابات وظهرت نتائجها, وقد كانت مُرضية لعباس والعناصر الشابة لا سيما دحلان وعناصره وأزالت تخوفات القدامى.
أما بالنسبة لتشكيل اللجنة المركزية فمن مجموع 18 هناك 12 جدد, وهم يمثلون في معظمهم الجيل المتوسط من الضفة الغربية وغزة بعكس اللجنة السابقة التي كانت من خارج المناطق.
ومن بين الشخصيات البارزة في هذه اللجنة مروان البرغوثي الموجود حالياً في السجون الإسرائيلية,  ومحمد دحلان، وجبريل الرجوب، وتوفيق الطيراوي, وفي المقابل تم شطب شخصية رفيعة المستوى وهي أبو علاء قريع.
التحليلات الأولية تشير أن نتائج الانتخابات تشد من عضد عباس ودحلان الذي أُتهم بتحمل مسؤولية سقوط غزة على يد حماس.
ومن الجدير بالذكر أنه على خلفية هذه النتائج تعالت الأصوات المطالبة بإعادة فرز الأصوات, وكان هناك اعتراضات على عدم وجود نساء ضمن المنتخبين, وعدم رضا عن تمثيل عناصر فتح من قطاع في المؤتمر.
ولكن عباس قد وعد بإصلاح الأمور من خلال صلاحية بتعين أربعة ممثلين في اللجنة المركزية.
إسرائيل معنية بقيادة فتحاوية قوية وشجاعة تستطيع اتخاذ قرارات جريئة وقوية لا سيما أمام الحركة المناوئة لها (حماس).
عباس من جانبه نجح في إصلاح مؤسسات السلطة وتقويتها في السنة الأخيرة في الضفة الغربية لا سيما أجهزة الأمن هناك بمساعدة الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والأردن. ولذلك يسود في المنطقة هدوء ونظام وأمن بمساعدة التسهيلات التي منحتها إسرائيل وحرية الحركة والتي تساهم في إنعاش الاقتصاد هناك.
هذه الإنجازات ترجمت بشكل جزئي من حيث رفع التأييد السياسي لعباس وفتح, ولكن في المقابل فإن عملية السلام لم تحظى بنجاح وقد أتهم عباس على يد معارضيه السياسيين من الداخل والخارج بأنه عبد للسياسية الأمريكية والإسرائيلية وأنه أهمل الأهداف الوطنية الفلسطينية.
وفي المقابل فإن حركة حماس صامدة على مواقفها أمام الولايات المتحدة وإسرائيل وتصر على الثوابت وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني.
وعندما تحدث المؤتمر عن المقاومة كان لابد إثارة هذا الموضوع لأنه مسطر في القوانين والخطوط الأساسية للحركة قبل أوسلو بكثير, وقبل المفاوضات التي بدأت في عام 1991.  ولكن المؤتمر تحدث عن خطوط عباس السياسية والتي تؤكد على استمرارية عملية السلام مع التأكيد على حق الفلسطينيين في المقاومة حسب القانون الدولي حسب زعمه في حالة فشل المفاوضات, وأكد عباس على ضرورة مقاومة الجدار العنصري بالمظاهرات وغيرها.
وأكد المؤتمر على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967وعاصمتها القدس وحسب اتفاقات وقعت مع إسرائيل .
وحل مشكلة اللاجئين على أساس قرار 194.
وتم رفض الحل لدولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة .
وحسب وجهة نظر فلسطينية فليس هناك تناقض بين هذه المواقف وبين التقدم الذي حدث خلال المفاوضات خلال سنين, والذي من ضمنه استبدال مناطق وحل مشكلة اللاجئين وهذا يتناسب مع مبادرة السلام العربية ويسمح بمرونة كافية من أجل الوصول إلى حل النزاع بين الطرفين.
ومع ذلك يجب التأكيد أنه في إسرائيل فُهمت هذه المواقف بأنها متصلبة وخالية من الصدق والليونة من أجل الوصول إلى اتفاق.


 

2009-09-28 13:12:53 | 1739 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية