التصنيفات » مقالات سياسية

هكذا تحافظ روسيا على حضورها في المنطقة فيما تتخبط اميركا باخطائها

نبيل المقدم

كاتب وصحافي من لبنان

كما هو معروف فان سياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط تتمحور حول عدة نقاط أبرزها: استمرار تدفق النفط والغاز، والحفاظ على أمن إسرائيل وتفوقها النوعي، ومنع تقدم نفوذ أي طرف على النفوذ الأمريكي في المنطقة، ومنع تصاعد وتوسع النزاع الإقليمي، واستمرار عملية التسوية للقضية الفلسطينية بما يخدم مصالحها ومصالح اسرائيل ومكافحة ما تعتبره ارهابا من وجهة نظرها. " هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان لاسرائيل دور اساسي في تقرير سياسة الولايات المتحدة في المنطقة..وهو يعتبر دورا حاسما في هذا المشهد. كما تبدى ذلك في في الموقف الاميركي من الاتفاق النووي الايراني واتهام سوريا باستخدام السلاح الكيمائي في الغوطة الشرقية. وبانها تحضر اليوم لاستخدامه في ادلب.

في الظاهر يبدو الاندفاع الاميركي للتورط الحرب السورية والازمة مع ايران وكانه متفلت من اي ضوابط وهو حاصل غدا. ولكن المدقق في الامور يعرف ان هذا الامر غير واقعي. فالادارة الاميركية وان كانت راغبة في شن عدوان على سوريا وايران فهي لايمكنها ذلك دون تاخذ  بعين الاعتبار موقف الرأي العام الاميركي.ووجود شخصيات سياسية وعسكرية اميركية تحذر من الغوص في "الطين السوري ومسألة توازن الردع التي فرضها محور المقاومة بعد حرب تموز 2006. ضف الى ذلك فأن الولايات المتحدة تعلمت، وإن جزئياً، من التجربة العراقية، ولا سيّما فيما يتعلق بالإقدام على خطوات دون حساب العواقب

لذلك لجأت الولايات المتحدة الى تجنيد منظمات ارهابية للقيام بالحرب بدلا عنها. ومع فشل هذه الخطة في تحقيق اهدافها نتيجة ان هذه المنظمات ليس لها موقف موحد والدليل صراعاتها فيما بينها.

 امام ما تقدم يبدو ان سياسة الولايات المتحدة اليوم هي عدم العجلة في انهاء الصراع في سوريا بل الذهاب الى إنهاك الجيش النظامي والمجموعات المسلحة في وقت واحد، وخاصة

بعد التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية التي كانت تشكل خطراً على حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وخاصةً إسرائيل.ومن هنا نسطتيع القول ان هناك فرقا بين السياسات المُعلنة للولايات المتحدة وغير المعلنة، وانه ليس هناك موقفا اميركيا واضحا من الصراع في سوريا، وان الاستراتيجيية الاميركية في سوريا هي استكمال لمفهوم اميركي قديم يقضي باستمرار إضعاف الجسم العربي وحماية إسرائيل، ما دام الصراع في سوريا لا يحقق أي خطر على إسرائيل وأمنها. وهو ما يعني استمرار سياسة الاستزاف الداخلي في سوريا لجميع أطراف الصراع لصالح إسرائيل.من ضمن هذا المفهوم من الخطاء اعتبار محاولة الولايات المتحدة اقامة اتصالات مع الدولة السورية هو اعتراف بالفشل والهزيمة في سوريا والعودة الى الصواب. فالموقف الاميركي يحمل في طياته محاولة اميركية لتعديل سلوك سوريا  وخفض قدراتها العسكرية واستقطاب سياسة إيران الإقليمية والدولية من خلال سياسة العصا والجزرة.

في مقابل هذا التخبط الاميركي. كان الموقف الروسي ثابتا ومدروسا حتى في اشد الظروف حراجة.  فروسيا استطاعت فرض خطوط حمراء في سوريا وبناء توازن استراتيجي مع الغرب بعد اما اختل ميزان القوى الدولية لمصلحة لواشنطن لفترة طويلة من الزمن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وهي نجحت نجاحا كبيرا في ضرب الارهاب التكفيري في سوريا. ومنع التقسيم. وفرض تنازلات على جميع الاطراف التي شاركت في الحرب على سوريا والتي لم يكن هدفها ابدا الاصلاحات السياسية وامن الشعب السوري. كما ادعت.

واليوم مع اقتراب المعارك العسكرية الكبرى في سوريا من نهايتها فانه يبدو ان موسكو حازمة في قراراها في ممارسة النفوذ السياسي والمعنوي وصولا الى استخدام القوة العسكرية في حسم الوضع في ادلب وهي لن تسمح باستمرار ببقاء الوضع على ماهو عليه الان لمدة طويلة من الزمن. فالنجاحات العسكرية التي تحققت تفرض العمل للمحافظة عليها وتقويتها. لما في ذلك من دور حاسم في تقرير الحل السياسي  والذي لايمكن ان يبداء فعليا الا بعد الانتهاء من

الاعمال الحربية والعمليات العسكرية.

 

ً

من هنا يمكن ان نخلص الى المقارنة التالية ففي حين كان التدخل الاميركي هو مغامرة ومقامرة فان الدور الروسي لم يكن كذلك ابدا وهو كان حضورا قويا ومؤثرا بحيث استطاعت روسيا ا بكثير من الصبر الاستثمار في السياسة ومراكمة الارباح ليس في سوريا وحدها بل في انحاء عدة. من خارطة السياسة العالمية.

 

 

.

 

2018-11-03 10:56:10 | 1511 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية