التصنيفات » مقالات سياسية

محطات إقليمية ودولية

محطات إقليمية ودولية


يحيى دايخ
أولا - في إطار مسلسل التطبيع الذي تتوالى فصوله تباعا برعاية الإدارة الأمريكية الحالية , وبناء على المعطيات المتوفرة التي تفيد باتجاه هذه الإدارة إلى إعادة التموضع لقواتها في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا , وبالتالي تتقاطع مع توجهات ترامب للانتخابات القادمة لسنة 2024,وحيث أن الغاية الأهم والهدف الاستراتيجي الأساسي للوجود الأمريكي في المنطقة يتمثل بعنوانين :
 حفظ أمن كيان العدو الإسرائيلي .
السيطرة على منابع النفط في المنطقة .
وبما أن مخزون الاحتياط النفطي الأمريكي عالي جدا ولم يمس وبالتالي ليسوا بحاجة إلى نفط المنطقة " بحسب تصريحات ترامب المتكررة " وغيره من إدارته ,وتماشيا مع وعود ترامب وخططه ,فقد طرأ تغير على الهدف الثاني بحيث أصبحت السيطرة على الممرات المائية في المنطقة لتأمين خطوط النقل والإمداد النفطي وبالتالي ضمان السيطرة على أسعاره عالميا , مما ينتج هدفا آخر لعميات التطبيع الجارية على قدم وساق مع دول المنطقة العربية من خلال سؤال يطرح نفسه :
هل يتم تحضير المنطقة عبر عمليات التطبيع وتثبيت فكرة العدو المشترك القوي( إيران ) ليكون الهدف الإضافي إنشاء درع واقي للعدو الإسرائيلي بالتوازي مع إعادة تموضع القوات الأمريكية وتقليص وجودها على اليابسة لصالح انتشارها على الأسطح المائية ,إضافة إلى الأهداف المذكورة سابقا من عمليات التطبيع والتي تتمثل بما يلي :
توسع رقعة التحالف الصهيوعربي في مواجهة إيران ومحور المقاومة .
الاستمرار في طريق الإجهاز على القضية الفلسطينية من خلال تمرير بنود صفقة القرن .
العمل على شرعنة وجود الكيان الغاصب في فلسطين وقبول المنطقة "حكومات وشعوب" بهذا الكيان.
ضرب المقاومات المناهضة للاحتلال من خلال تصفية وجودها إن بيد الحكومات أو من خلال تحميلها وزر أي انتكاسات اقتصادية عبر العقوبات .
استفادة العدو الصهيوني من هذه الاتفاقات " اتفاقات أبراهم " من حيث التوسع الاقتصادي والسياسي والأمني.
 استفادة الإدارة الأمريكية الحالية من تلك الاتفاقات عبر إجبار الرئيس الأمريكي الجديد السير من حيث انتهت مما يرجع الفضل في ذلك إلى ترامب نفسه وبالتالي يعزز فرص نجاحه في انتخابات 2024 .
تثبيت الدور الأمريكي بكونها اللاعب الوحيد الممسك بزمام المبادرة في المنطقة وتهميش أي دور آخر.
تقوية اللوبي الترامبي ( التطبيع الذي يرعاه ترامب والتقارب التركي – السعودي - القطري ) في غرب آسيا في مواجهة بايدن خاصة بعد التقارب التركي - الإسرائيلي وتعيين السفراء بينهما.
يمكن قراءة التطبيع (العلني والسري الذي لم يعلن بعد ) الذي يحصل مع بعض الدول العربية من باب الأمن الاستراتيجي الإسرائيلي الذي فقد نظريته الأمنية السابقة القاضية بالتوسع من النيل إلى الفرات فاستعاض عنها بدول الأطراف التي باتت تحاصر دول الممانعة جغرافيا ,وبالتالي استطاع إيجاد متاريس عربية له في وجه دول الممانعة.
ثانيا - قامت الصين مؤخرا بمناورة تدريبية قبالة السواحل الجنوبية لليمن والتي تعتبر منطقة إستراتيجية بحرية دولية ( خليج عدن ) , مما يسلط الضوء على تجاذبات المصالح الإستراتيجية الدولية في المنطقة وخاصة أنها أتت بعد أيام قليلة من مناورات للأسطول البحري الأمريكي في بحر العرب , وعقب أيام على توقيع الصين اتفاق مع حكومة هادي لتشغيل ميناء بلحاف الذي يعتبر أهم ميناء يمني يطل على بحر العرب الذي تسيطر عليه القوات الإماراتية , علما بأن الصين تملك قاعدة كبيرة في جيبوتي ,مما يفيد بأن الدوافع الصينية تتلخص بالتالي:
محطة تجارية تؤمن تنفيذ خططها بالتوسع في الداخل الأفريقي .
رسالة للأمريكي بأنه ليس وحده اللاعب في السيطرة على الأسطح والممرات المائية الدولية .
إنشاء موطئ قدم لها في خليج عدن الذي يعتبر منفذ بحري استراتيجي جدا.  
حماية وتامين خطوط النقل البحري التجاري الدولي التابع لها .
تأمين الدعم المتقابل العسكري لقاعدتها في جيبوتي .
ثالثا -  في مشهد تتخطى أبعاده التجاذبات السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين لنتائج الانتخابات الأمريكية لتصل إلى أسس وجذور وجود الكيان الأمريكي من خلال الاتحاد الفيدرالي بين ولاياته الخمسين , تصدر خبر إعلان 17 ولاية أمريكية رفض نتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بها مما يفتح الباب على الاحتمالات التالية :
انتقال المجتمعات الأمريكية المتعددة الاثنيات ( الأعراق ) والمعتقدات والطوائف من الانقسام الفكري والحرب الإعلامية بين جمهوري وديمقراطي من الحزبيين والمواطنين فحسب ,إلى ترجمة هذا الانقسام الفعليا على الأرض من خلال رفض المجتمع الكلي لبعض الولايات للاعتراف بنتائج الانتخابات .
هذا الرفض سيؤسس إلى عدم الاعتراف والطعن في شرعية المحكمة الفيدرالية ورفض الإذعان للحكم بفوز بايدن , وبالتالي الطعن بشرعية النظام الفيدرالي نفسه .
إن الانقسام بين الكيانات الإدارية ( الولايات الأمريكية ) التي تضم نخبها وسلطتها ( أجهزة وإدارات ومؤسسات حكومية وقوة أمنية خاصة بها وتحت سلطتها ) وحدودها الخاصة يمكن أن تتحول بسرعة نتيجة صراع سياسي إلى دول ذات سيادة من خلال تصويت مجالس الولايات التي تعد مثل البرلمانات على الاستقلال ( كما حصل في جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا ) فالنظام الفيدرالي التعددي المشار إليه أعلاه في أمريكا مشابه إلى حد ما تركيبة الاتحاد السوفياتي سابقا .
 إن التطور الدراماتيكي في هذا الاتجاه آخذ في الاتساع من خلال خوف أصحاب العرق الأبيض من خسارة تفوقهم العرقي لصالح المجتمعات العرقية الأخرى من اللاتينيين والأفارقة وغيرهم ... في غالبية الولايات الأمريكية مثلما حدث في تكساس وبعض الولايات مؤخرا من تغير موازين القوى لصالح الأعراق الثانية وتبين ذلك من نتيجة الانتخابات .
فهل نشهد في القريب تفكك وغرق سفينة تايتنك الأمريكية بسبب جبل جليدها العنصري ؟

 

2020-12-24 10:46:51 | 870 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية