التصنيفات » مقالات سياسية

قراءة في تقديرات العدو لتهديدات المقاومة وتوقعات الحرب في العام 2021


قراءة في تقديرات العدو لتهديدات المقاومة وتوقعات الحرب في العام 2021
يحيى دايخ


من المؤكد أن كيان العدو الإسرائيلي بمكوناته المجتمعية والعسكرية والسياسية يعيش حالة من التخبط والإرباك التي لم يشهدها منذ إعلان دولته المزعومة على أرض فلسطين المحتلة , نتيجة تطور آداء المقاومة في لبنان وإمتلاكها للوسائل التسليحية والقدرات التقنية ذات الأبعاد المعرفية التكنولوجية والتدريبية والمعنوية والتي تجلت بعد انتصار المقاومة في حرب تموز 2006 والتي إعترف العدو بهزيمته عبر تقرير لجنة فينوغراد الإسرائيلية, وبالتالي ضربت أهم ركائز العقيدة القتالية لجيش العدو والمتمثلة ب :
 مبدأ الحسم السريع الذي كان من صلب العقيدة القتالية لجيش العدو الإسرائيلي ,لم يعد مجديا في المواجهة مع المقاومة التي سلبته إياه ,وصار من المؤكد عنده أن أي مواجهة معها لن تكون حاسمة وسريعة وسيتعرض لخسائر بشرية ومادية كبيرة .
مبدأ خوض الحرب على ارض الخصم والذي كان يفاخر به العدو وبالتالي يؤمن جبهته الداخلية فيمارس المستوطن على بعد مئات الأمتار عن الحدود حياته الطبيعية ,كذلك فقده أمام المقاومة الإسلامية والتي استطاعت نقل القتال ليس الى الحدود معه فحسب إنما الى عمق كيانه .
مما زاد الإرباك الصهيوني إكتساب المقاومة لخبرات قتالية هجومية من خلال دفاعها عن القرى اللبنانية على الحدود السورية – اللبنانية وردع الخطر التكفري عن أهلها في لبنان وتشكل محور المقاومة بمساعدة الجمهورية الإسلامية يضم سوريا واليمن وفصائل المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان وإمتلاكهم لتقنيات عسكرية متقدمة تكنولوجيا مما يشكل خطر وجودي على كيان العدو , وبالتالي إجبار العدو مجددا على تغيير عقيدته القتالية بالشروع في عمل مناورات تتخذ الطابع الدفاعي عن مستوطنات ومدن كيانه ابتداء من :
سلسلة مناورات نقطة تحول التي تستهدف حماية الجبهة الداخلية .
مناورة التي تحاكي هجوم متعدد الأبعاد على كيانه " السهم القاتل " والتي تأخذ الطابع الدفاعي والرد بعد الدفاع .
مناورات عسكرية إسرائيلية أميركية تحت اسم "جونيبر فالكون" وتحاكي المناورات العسكرية سيناريوهات مختلفة، تتعرض فيها إسرائيل لتهديدات إطلاق صواريخ وتهديدات جوية أخرى وتوسيع التعاون الإستراتيجي العميق بين الجيشين.
مناورة برية حديثة على الحدود اللبنانية الفلسطينية أطلق عليها العدو إسم "عاصفة البرق" والتي من أحد سيناريوهاتها صد أي محاولة من حزب الله لإقتحام مستوطنات كيان العدو شمال فلسطين المحتلة .
إجراء تمرين مفاجئ يوم 15/2/2021 تحت إسم وردة الجليل لفحص جاهزية وقدرات القيادة الشمالية العملاتية في مواجهة أي سينايو قتالي على الجبهة الشمالية ( الحدود مع لبنان ) .
وبالتالي يمكن تصور الحالة التي يعيشها قادة العدو على الشكل التالي :
على الجبهة الشمالية الكبرى ( لبنان , وسوريا ) يكمن حزب الله في لبنان والجيش السوري .
على الجبهة الجنوبية فصائل المقاومة وحركتي حماس والجهاد في غزة وتطور وسائلها الردعية .
إمتلاك فصائل المقاومة في العراق لقدرات صاروخية بعيدة المدى تصل الى الكيان الغاصب .
إمتلاك اليمن للقدرة الصاروخية البالستية والطائرات المسيرة النفاثة والتي تطال كافة مناطق العدو .
القدرة التدميرية التي تمتلكها الجمهورية الإسلامية والتي تهدد الوجود الصهيوني فعليا.
سهولة إمكانية انتقال قوات بشرية من محور المقاومة الى الجبهة مع العدو .
كل تلك الهواجس أجبرت القيادة السياسية والعسكرية على وضع تصورات للحرب القادمة من خلال مراكز دراسات استراتيجية للعدو,والتي توقع فيها أن تكون من الشمال ( فلسطين ) وأطلق عليها حينا حرب لبنان الثالثة وحينا آخر حرب الشمال الكبرى ومن أهم تلك الدراسات نستعرض التالي :
تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) :
لأول مرة منذ سنوات قطاع لبنان أكثر قابلية للانفجار من قطاع غزة، وحزب الله يستعد لخوض أيام قتال مع مواجهة الجيش الإسرائيلي.
تشير تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، إلى أن "حزب الله" سيبادر إلى خوض جولة تصعيد "محدودة" مع الجيش الإسرائيلي باستخدام صاروخ مضاد للدبابات وقذائف هاون، وربما عمليات قنص جنود، وذلك لأول مرة منذ حرب لبنان الثانية عام 2006.
إعتبرت التقديرات العسكرية الإسرائيلية أن "من أهم إنجازات ‘حزب الله‘ في السنوات الأخيرة، خلق معادلة يرد ‘حزب الله‘ بموجبها على أي هجوم يتعرض له أحد عناصره وذلك باستهداف جنود إسرائيليين".
بحسب التقدير فإن "‘حزب الله‘ واصل عملية التسلح وعززها خلال الفترة الماضية، ويواصل نصرالله الدفع باتجاه إتمام مشروع تحسين دقة الصواريخ، استعدادًا لمواجهة محتملة مع إسرائيل".
تقدّر الاستخبارات أن حزب الله يواصل الدفع قدماً بمشروع الصواريخ الدقيقة، وسجلت السنة الماضية استمرار توجّه مقلق في تقدّم معتدل للمشروع وزيادة كميات الصواريخ الدقيقة الموجودة في حوزة التنظيم اللبناني.

على الرغم من الكورونا والوضع الاقتصادي لأعداء إسرائيل، سواء في إيران وحزب الله أو"حماس" والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، لم يتضرر تعاظُم القوة العسكرية وعملية بناء القوة لدى الطرف الثاني، وتوظيف العدو في تطوير المكون العسكري.
أن محاولة تهريب سلاح نوعي إلى سورية، صواريخ أرض جو متطورة ووسائل لتحويل الصواريخ إلى صواريخ دقيقة آخذة في الازدياد. فقط في عدد من الحالات ينجح الجيش في وضع يده على شحنات السلاح.
في العراق، وخصوصاً في اليمن، يتواصل تطوير وزيادة القدرات في كل ما يتعلق بالمسيّرات والقدرة على الوصول إلى إسرائيل من هذه المسافات بهدف مهاجمتها.
يتخوفون في أمان من بناء القوة وتعاظُم قوة "حماس" وتهريب السلاح إلى غزة، بينما تشير شعبة الاستخبارات إلى ارتفاع نوعي في التهديد العسكري من القطاع.
أن إيران تعمل على تحويل غرب العراق إلى نقطة لجمع المعدات لتسهيل نقل الأسلحة والوسائل القتالية إلى سورية ولبنان .
قال هايمان " مدير أمان " محور المقاومة يواصل محاولته للتموضع من أجل الإضرار بإسرائيل عبر هضبة الجولان .
 معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي :
حذر مدير المعهد العميد عودي ديكل، من أنه في الحرب المقبلة ستتعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية للهجوم بآلاف الصواريخ، فضلا عن قصفطائرات من دون طيار من ساحات عدة: لبنان وسوريا وغرب العراق وربما غزة .
إن المواجهة المقبلة ستكون ضد المحور " محور المقاومة "، الذي أنشأ في إطار بلورة محوره  سلسلة داخلية متصلة من طهران إلى بيروت، تشمل بناء قدرات متنوعة لمهاجمة إسرائيل على نطاق واسع من الصواريخ والطائرات من دون طيار ووحدات حرب العصابات التي تتسلل إلى إسرائيل وتقتحم المستوطنات والمواقع الحيوية قرب الحدود مع لبنان ومرتفعات الجولان .
أن الحرب المقبلة ستكون متعددة الساحة، بما في ذلك لبنان وسوريا وغرب العراق، مع احتمال انضمام حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة .
أن هناك تغيرا كبيرا في التهديد يتمثل في تكثيف وجود "حزب الله"، وخصوصا جهوده في إعداد صواريخ دقيقة بمساعدة إيران.
الباحثة أورنا مزراحي الحرب المقبلة في الشمال ستكون مدمرة وصعبة ويبدو أن أيا من الجانبين لا يريدها أن تندلع رغم من أن الأطراف لا تريد الحرب الآن، إلا أن تلك المواجهة قد تندلع وتخرج عن السيطرة .
أن الحرب المقبلة، ستكون مختلفة في نطاقها وشدتها عن الحروب السابقة، حيث من المتوقع حدوث الكثير من الدمار في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بما في ذلك الأضرار التي قد تلحق بالأهداف الاستراتيجية في إسرائيل .
أن سيناريو الهجوم المفاجئ قد يضعف ويعطل قدرة الجيش على العمل في الرد الفوري واستعداد قوات الدفاع الجوي، وتعبئة قوات الاحتياط"، مضيفة أنه "في أي سيناريو، سيتم التركيز على إلحاق أضرار جسيمة بالجبهة الداخلية المدنية لإسرائيل وشل الاقتصاد.
مدير المعهد أودي ديكل أن الوضع المقلق للمجتمع الإسرائيلي، كما ظهر في أزمة كورونا يثير قلقا كبيرا في شأن نتائج الحرب .
ثلاث سيناريوهات وضعها جيش العدو بناء على الدراسات السابقة :
حرب لبنان الثالثة والتي ستكون مشابهة في خصائصها للحربين السابقتين بمبادرة العدو الإسرائيلي في مواجهة المقاومة من جبهة واحدة الجبهة اللبنانية (1982 ؛ 2006).
حرب الشمال التي ستكون مختلفة عن سابقاتها في بعدين رئيسيين: حزب الله هو الخصم الأساسي, لكن بالإضافة الى قوات حزب الله المتموضع في المنطقة الشمالية لفلسطين المحتلة  سيكون هناك شركاء كاملون في القتال(محور المقاومة في سوريا والعراق , والجيش السوري المتعافي والقدرات العسكرية الإيرانية في سوريا وغرب العراق) في هذا السيناريو ، تشغل إيران صواريخها في المنطقة وهناك إحتمال لإطلاق النار من غرب العراق ، لكن قواتها لم تشارك بعد في القتال من الأراضي الإيرانية.
 إشتراك الجمهورية الإسلامية بشكل مباشر في الحرب وليس فقط تشغيل صواريخها: قاذفة صواريخ (صاروخ باليستي و كروز) من أراضيها إلى أهداف في كيان العدو ؛الجيش والحرس الثوري الإيراني سيشارك في الحرب ضد العدو.
تطرق تقرير جيش العدو الإسرائيلي إلى أن الحرب قد تندلع في ظروف التدهور بعد مواجهة محدودة أو سوء تقدير أي من الطرفين بين حزب الله وجيش العدو هناك احتمال كبير للتصعيد ومن ثم اندلاع حرب واسعة النطاق في ظل التمادي بالخروقات والاعتداءات الإسرائيلية وعدم مراعاة  قواعد الإشتباك الردعية القائمة حاليا في المناطق اللبنانية والسورية.
قد يؤدي مسار العمل هذا إلى ديناميكيات التصعيد بعدة طرق ، تتراوح من الاحتكاك على طول الحدود السورية اللبنانية مع فلسطين المحتلة إلى حدث متطور بعد اعتداء إسرائيلي محدود إلى مبادرة رد بالمثل من المقاومة .
منذ أيلول / سبتمبر 2019 ، عمل حزب الله توسيع معادلة الردع إلى الساحة السورية ، كما يتجلى ذلك في وعده بالقصاص من أفراد جيش العدو إثر إستشهاد أحد المجاهدين في هجوم جوي للعدو بالقرب من دمشق في 20 تموز / يوليو 2020.

وبالتالي ، فإن التصعيد إلى حرب واسعة يمكن أن يكون عند أي رد على إعتداء إسرائيلي في سوريا سواء من قوى المقاومة في سوريا أو من الجيش السوري لإحداث معادلة ردع .
الخلاصة :
إن نتيجة القراءات السابقة تدل ومن خلال المنطق العقلاني أن العدو الإسرائيلي لن يجرؤ على شن أي عدوان في الأفق المنظور وسيبقى يعتمد دينامية ما أطلق عليه " معركة ضمن الحروب " أو جولة قتالية والتي يعمل بها على توازن دقيق على أن لا تؤدي الى نشوب حرب واسعة إلا إذا توفرت له الأسباب التالية :
تأمين وحماية جبهته الداخلية بشكل شبه كلي وشبه مطلق من الصواريخ الدقيقة ( البالستية ,والمتوسطة المدى ,وقريبة المدى ) والصواريخ الغير دقيقة والطائرات القاذفة المسيرة وغيرها من الوسائل التدميرية التي يمتلكها محور المقاومة .
تأمين الغطاء والدعم الأمريكي خصوصا الإدارة الجديدة لضمان عدم إشراك أكثر من قوة من محور المقاومة في الحرب مما يعني عدم انجراره إلى حرب إقليمية كبرى وبالتالي خوض أكثر من جبهة .
معالجة مكامن الضعف الإستراتيجي في قواته البرية والتي تحدثت عنها معظم التقديرات العملاتية .
إمتلاك قدرة إستخباراتية عالية وفائقة تحدد له الاهداف التي تشكل خطر على كيانه ليتم تدميرها في بداية الحرب بمعنى أدق بنك أهداف يشمل سائر المقذوفات الصاروخية والمسيرة .
بناء عليه فإن التقدير الأكثر إحتمالا هو إندلاع جولة أو جولات قتالية بين المقاومة والعدو نتيجة الرد على أي إعتداء من جانب العدو في سوريا  في لبنان , مع الإلتفات إلى أن العدو يخشى إنفلات الأمور إلى حرب لا يريدها ولكن يستعد لها سواء بالمناورات أو بالمبادرة السريعة لمواجهة كورونا بالتطعيم للبقاء على جهوزية أفراد الجيش النظامي والإحتياطي .

2021-02-16 13:25:22 | 1119 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية