التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

15-8-2023

ملخص التقدير الإسرائيلي

15-8-2023

 

ملخص بحث حول (إلغاء قانون ذريعة المعقولية وتداعياته)

 

قانون " ذريعة المعقولية" في القضاء الإسرائيلي هو قانون يتيح للمحكمة الإسرائيلية العليا مراقبة ومراجعة القرارات الحكومية وإبطال مفعول بعضها في حال لم تتوافق مع الصالح العام. وينص القانون على منح السلطة القضائية الصلاحية القانونية والإدارية لرفض القرارات الحكومية، سواء فيما يتعلق بالتعيينات في السلك العام من الوزارات وغيرها، أو قرارات عامة أخرى تتعارض مع الصالح العام ولا تعطي المصلحة العامة الوزن المناسب. ويعني إلغاء هذا القانون تهميش دور المحكمة العليا في التدخل بالقرارات الحكومية، ولاسيما تعيين الوزراء ونوّابهم وغيرها.

وقد علّق عضو "الكنيست"، ورئيس حزب "يسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، على التصويت بالقول: "التصويت على قانون إلغاء ذريعة المعقولية يعني دخول درعي إلى صفوف الحكومة، وعزل أمين المظالم"، ودعا المحكمة العليا الإسرائيلية "لإبطال القانون ". وأعلنت نقابة العمّال "الهستدروت" عن إضراب شامل يشل كل مرافق الحياة العامة في "دولة" الاحتلال احتجاجاً على التعديلات القضائية". وتشهد "إسرائيل" في هذه المرحلة أكبر انقسام سياسي حاد تعيشه منذ تأسيسها، يُحذّر قادة الأجهزة الأمنية  من تدهوره إلى حرب أهلية. لكن هذا الانقسام سيدخل مرحلة جديدة، بعدما بادرت الحكومة إلى تمرير أحد البنود الرئيسة في خطة التعديلات المثيرة للجدل، التي تريد إجراءها على سلك القضاء، عبر تشريع هذا البند كقانون في الكنيست. ولعلّ من أبرز أسباب تصعيد الانقسام، تشريع القانون بشكل أحاديّ الجانب، أي قبل التوصل إلى نص مُتّفق عليه مع المعارضة.  علمًا أن الخطة تشمل ثلاثة بنود أخرى هي: فقرة التغلّب، تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاء، وتقليص صلاحيات المستشارين القضائيين للحكومة والوزارات.

وفي المحصّلة، إن ذريعة المعقولية هي ذريعة أو حجّة يستند إليها قضاة المحكمة العليا في "إسرائيل"، من أجل إلغاء مراسيم أو تعيينات أصدرها منتخبو الجمهور في البلاد: من الحكومة وحتى السلطات المحلية. والجدير بالذكر أن إلغاء قرارات الحكومة وتعييناتها من قِبل القاضي لا يأتي بحجّة عدم دستوريتها، أو بحجّة عدم سلامتها، إنما بحجّة عدم "معقوليته". والمعقولية هنا هي قيمة فضفاضة وواسعة، تعتمد على شخص القاضي نفسه. فيكفي أن يكون المرسوم الصادر عن رئيس الحكومة، أو الوزير، أو حتى رئيس البلدية، يفتقر إلى التوازن، أو الموضوعية، أو الاستقامة، أو التناسب، حتى يتم إلغاؤه.  وما يجعل الذريعة مثيرة للجدل أنها غير مكتوبة في كتاب القوانين الإسرائيلي؛ بل استنبطها رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية سابقًا، أهرون براك، عام 1980، من روح أحد القوانين، وليس من نصّه. فالذريعة عمليًا، هي ثمرة قياس واجتهاد، وتفسير النصوص الدستورية والقانونية، وعدم الالتزام بنص القانون، كما شرّعه السياسيون في البرلمان، وأصدروه في الحكومة. فالنقاش في صلبه نقاش دستوري بين السلطة القضائية (المحكمة) من جهة، والسلطة التنفيذية (الحكومة) والسلطة التشريعية (البرلمان-الكنيست) من جهة أخرى، على الصلاحيات. صلاحيات متداخلة، وليست واضحة، لغياب دستور مكتوب في الكيان.  إلاّ أن النقاش الدستوري بين السلطات الثلاث تحوّل إلى نقاش سياسي، إذ انتقل إلى داخل الكنيست بين الأحزاب- اليمين واليسار. فاليمين يريد وضع حد لصلاحيات القاضي، ويجعله يلتزم بنص القانون كما هو، مثلما شرّعه السياسيون في البرلمان، أو أصدروه في الحكومة، لا أن يستنبط ويجتهد ويقيس ويُفسّر. فهذه أمور من صلاحيات السياسي، والقاضي وظيفته إصدار الأحكام القضائية فقط، ووفق نص القانون فقط؛ خصوصًا وأن القانون لم يُخوّله ذلك. أما اليسار، فيرفض هذه الوظيفة المختصرة للقاضي، ويقول إنه ليس مجرّد "رجلٍ آليّ"، ينفّذ ما يُصدره السياسيون، مُحذّرين من تسييس القضاء والحد من استقلاليته، في بلد ذي نظام حكم نيابي، تهيمن فيه السلطة التنفيذية على التشريعية (البرلمان-الكنيست)، لتُعتبر السلطة القضائية آخر خط دفاع عن الفرد، أمام الأغلبية. ثم إن من وظائف المحكمة فرض رقابة على الحكومة، لضمان عدم احتكار القوة بيد شخص أو سلطة.  وعادة ما يشتكي السياسيون من اليمين الإسرائيلي بأن المحكمة تمنعهم، عبر هذه الحجّة "غير الدستورية والقانونية"، من تنفيذ سياساتهم، التي انتخبهم الشعب خصيصًا من أجلها. والديمقراطية هي حكم الشعب، "فكيف لموظّفين غير منتخبين كالقضاة، أن يقرّروا للشعب ومنتخبيه، ما هو معقول وما هو غير معقول؟"، يتساءل اليمين؛ ليردّ اليسار أن الديمقراطية ليست حكم الأغلبية فقط، بل حماية للأقليّة، وهي ليست ورقة في صندوق، بل مجموعة من القِيم.  

وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن إلغاء الذريعة سيفتح الباب، بدون شك، للتعيينات السياسية وغير المناسبة في المناصب المهنية. إذ عبّر الحقوقيون عن خشيتهم من اتخاذ رؤساء الحكومة والوزراء قرارات تعسفية في القضاء، من دون حسيب أو رقيب. وبالتالي يهيمنون على السلطة التشريعية، والسلطة القضائية التي ستكون ممنوعة من إبداء أي رأي.

في هذا البحث نتناول موضوع إلغاء قانون "ذريعة المعقولية"، وما يرافقه من تطورات وتداعيات داخلية خطيرة على شتّى الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا

2023-08-14 14:53:42 | 254 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية