التصنيفات » دراسات

انتهاكات إدارات السجون الإسرائيلية تجاه الأسرى الفلسطينيين والعرب, من منظور القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية





                                          اعداد : ابتسام عناتي محامية مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية 
                                                            رام الله- باحث نت 28-2-2009

 
التعذيب والعنف الجسدي
رغم حظر التعذيب وإستخدام العنف الجسدي والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة ضد المعتقلين دوليا، وحسب مواد واضحة النص في كل من إتفاقية جينيف الرابعة ( المادة3 ) ، والميثاق الأوروبي لحماية حقوق الإنسان الأساسية لعام 1950( المادة 3 ) ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( المادة 5 ) ، وإتفاقية مناهضة التعذيب لعام1984 ( المادة 4 ) ، وعلى الرغم من أن إسرائيل قد وقعت وصادقت على إتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 ، إلا أنها تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي أجازت التعذيب وشرعته بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية، لتعطي بذلك رخصة للمحققين الإسرائيليين وأجهزة الأمن المختلفة في مواصلة تعذيب الأسرى والمعتقلين بأشكال وأساليب متنوعة منها الشبح بطرقه المتنوعة والعزل والضرب العنيف والتعذيب النفسي والحرمان من النوم ومن تناول الطعام وقضاء الحاجة، وإستخدام أسلوب الهز العنيف والصدمات الكهربائية وتعريض المعتقل لتيارات هوائية باردة وساخنة وتهديده بأعتقال أفراد أسرته أو إغتصاب زوجته أو هدم بيته، وغيرها من الأساليب والأشكال الوحشية والحاطة للكرامة .
 
الحرمان من الزيارات والمراسلات
أعداد كبيرة من الأسرى ممنوعين من زيارة ذويهم بحجج أمنية واهية وهناك من الأسرى من لم يرى أهله " الأب والأم والزوجة والابن" منذ ما يزيد عن 4 سنوات , والعكس صحيح إذ أن هناك مئات العائلات ممنوعة بنفس الطريقة من زيارة أبنائها ، لاسيما عائلات أسرى قطاع غزة الذي يعاني منذ فترة طويلة من الحصار العسكري الكامل والأسرى العرب والدوريات.
 
تستخدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي هذا الأسلوب لعقاب الأسرى وذويهم والتلاعب بمشاعرهم والتأثير على معنوياتهم كمحاولة لكسر إرادة الصمود والتحدي التي يتسلح بها ما يزيد عن 10 آلاف أسير وأسيرة وإن سمح للأهل بالزيارة فأنهم يواجهون إجراءات أمنية مشددة ومعقدة للوصول إلى أبنائهم ورؤيتهم لمدة قصيرة من خلال الحاجز الزجاجي الذي يمنع الأسير من ملامسة أصابع أبنائه وذويه وسماع صوتهم بشكل واضح.
 
الحواجز العسكرية التي تنتشر على الطرق وتقطع أوصال المدن ينتظر أهالي الأسرى لساعات طويلة ليسمح لهم بالمرور عدا عن الإجراءات التعسفية بحقهم من تفتيش ومصادرة أغراض وإرغام النساء على خلع حجابهن وغير ذلك من الإجراءات الاستفزازية المحطة للكرامة الآدمية, فالأهالي يعانون الأمرين على الحواجز الإسرائيلية خلال زيارتهم التي عادة ما تحدث مرتين في الشهر، وفي نهاية المطاف تكون الزيارة من 30 -45 دقيقة فقط, ناهيكم عن حجم المعاناة من طول الانتظارعلى بوابات السجون حتى يتمكن الأهل من الدخول لزيارة أبنائهم وأحيانا يمنعوا من الزيارة ويعودوا إلى بيوتهم مثقلين بالتعب والهم والألم وهذا كله يشكل خرقا وانتهاكا لنص المادة "116" من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تسمح لكل أسير باستقبال زائريه وعلى الأخص أقاربه على فترات منتظمة ودون انقطاع وفي الحالات العاجلة والضرورية.
 
النقل التعسفي والعزل الإنفرادي وعدم تجميع الأسرى الأشقاء مع بعضهم البعض
تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي سياسة نقل الأسرى من سجن إلى آخر وتتعمد تشتيت الأشقاء الأسرى وأحتجازهم متفرقين في سجون مختلفة، إمعاناً منها في قمع الأسرى ومضاعفة معاناة ذويهم أثناء الزيارات والتنقل بين السجون خاصة إذا كان هناك أكثر من أسير واحد للعائلة الواحدة في حين يؤكد المبدأ 31 من قواعد معاملة السجناء على أن العقوبة الجسدية وأية عقوبة قاسية أو لاانسانية أو مهينة محظورة كليا كعقوبات تأديبية، وتعتبر سياسة العزل الانفرادي من أقسى سياسات القمع والعقاب التي تنتهجها إدارات السجون على الرغم من عدم وجود مبرر حقيقي وراء استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في عزل بعض الأسرى في زنازين إنفرادية ضيقة ولفترات طويلة كما يتم احتجازهم في أقسام للعزل تضم سجناء جنائيين كما في سجن ايالون الرملة، مما يتعارض والمادة 84 من اتفاقية جنيف الرابعة, ولابد من التنويه هنا أن سياستي النقل التعسفي والعزل الانفرادي تعتبران من أنماط التعذيب الجسدي والنفسي المحرمة دوليا وفق النصوص في اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984.
 
اقتحام غرف الأسرى والتفتيش الاستفزازي ومصادرة الممتلكات واستخدام الكلاب أثناء عمليات التفتيش
يعاني الأسرى في السجون الإسرائيلية يوميا من سياسة التفتيش الاستفزازي المهين داخل الغرف والأقسام وأثناء  نقل الأسير من السجن للمحاكم أو إلى سجن آخر، وقد طالب الأسرى مرارا وتكرارا بوقف هذه السياسة المهينة إلا أن إدارات السجون مصرة على الاستمرار في سياستها الاستفزازية مستخدمة الكلاب والوحدات الخاصة المدججة بالأسلحة وأسطوانات الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والملونة لتنفيذ إجراءاتها القمعية بحق الأسرى والأسيرات.
 
لم تتوقف انتهاكات إدارات السجون الإسرائيلية وسياساتها القمعية عند حد التفتيش الاستفزازي بل تعدتها إلى سياسة اشد خطورة وأبشع انتهاكا تحول بها الأسرى إلى حقل من التجارب الذي يطعن كل المبادئ والمواثيق الدولية والإنسانية، ويشكل انتهاكا صارخا وفاضحا لقواعد التعامل مع أسرى الحرب التي نصت عليها اتفاقية جنيف الرابعة، هذه السياسة المتمثلة باقتحام أقسام وغرف الأسرى بصورة عنيفة وإستفزازية وفي ساعات متأخرة من الليل من خلال قوة خاصة تابعة لمصلحة السجون"وحدة ماتسادا" أو" نحشون " ، والتي من خلالها تعلن حالة الطوارئ في السجن وتطلق صفارات الإنذار ويهجم أفراد هذه القوة المدججين بالسلاح واسطوانات الغاز ومعهم مجموعة من الكلاب لتقتحم بشكل عنيف غرف وأقسام الأسرى، وتقوم بتكبيل كافة الأسرى بالأيدي والأرجل وتخرجهم إلى ساحة الفورة وتبدأ عملية التفتيش المذل والمهين لهم ولأغراضهم الشخصية, وتبرر إدارات السجون إجراءاتها هذه تحت مسميات التدريب الأمني لأفراد مصلحة السجون وقوات الأمن المرتبطة بها لتكون هذه القوات وحسب ادعاءاتهم جاهزة للتعامل مع أي حالة طارئة قد تحدث داخل السجن.
 
إن سياسة إدارات السجون القمعية واستخدامها للأسرى كحقول للتجارب الأمنية والعسكرية إنما هو دليل قاطع على أن مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة الأمن التابعة لها تضرب بعرض الحائط كل القواعد والقوانين والمبادئ الدولية، وإن تماديها بانتهاج مثل هذه السياسات اللاانسانية والحاطة بالكرامة الآدمية يشكل خرقا واضحا لنص المادة 43 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الذي يقول " اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على أشياء السجين وثيابه ونقوده وغيرها من متاع في حالة جيدة.
 
قلة الطعام ورداءته وغلاء الأسعار في الكانتين
يعاني الأسرى من نقص حاد في كمية ونوعية الأطعمة المقدمة لهم من قبل إدارات السجون حيث أن السجناء المدنيين " الجنائيين" هم من يقومون بطهي الطعام للأسرى بعدما سحبت إدارات السجون "المطبخ"  من الأسرى الأمنيين كعقاب لهم ، رغم أن هذا الأمر من الحقوق المكتسبة للأسرى منذ سنوات ، وهذا الإجراء دفع الأسرى لشراء إحتياجاتهم الغذائية من الكانتين وبأسعار مرتفعة، الأمر الذي يشكل عبئا ماديا عليهم وعلى أسرهم مع العلم أن إدارات السجون ملزمة بتوفير وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية جيدة النوعية وحسنة الإعداد وذلك للحفاظ على صحة الأسرى وقواهم وذلك حسب الاتفاقيات الدولية ونص "المادة 89" من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تكفل للأسير التوازن الصحي الطبيعي وتمنع اضطرابات النقص الغذائي، ويشمل ذلك النساء الحوامل والمرضعات والأطفال دون الخامسة عشرة بحيث يؤمن لهم أغذية إضافية تتناسب مع احتياجات أجسامهم ، كما وتتعارض هذه السياسة مع "المادة 87" من إتفاقية جينيف الرابعة والتي تنص على تمكين الأسرى من الحصول على الأغذية والمستلزمات اليومية من الكانتين وبأسعار لا تزيد عن أسعار السوق المحلية .
 
الغرامات المالية والعقوبات الجماعية
زادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من سياسة فرض الغرامات المالية سواء في المحاكم وخاصة في محكمتي عوفر وسالم العسكريتين، التي تحولت قاعاتها لنهب أموال الأسرى من خلال فرض الغرامات المالية الباهظة عليهم بجانب الأحكام بالسجن، فلا يخلو حكم إلا برفقة غرامة مالية، الأمر الذي أرهق كاهل عوائل الأسرى في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
 
كما وتلجأ إدارات السجون إلى فرض الغرامات المالية كعقاب للأسرى بحجج واهية ولأتفه الأسباب ، وتقوم بإقتطاعها مباشرة من أموال الأسرى في الكانتين، ناهيكم عن العقوبات الجماعية التي تفرض على الأسرى كالحرمان من الخروج إلى ساحة الفورة أو منع زيارات الأهالي والمحامين أو خصم مبالغ من حساب الكانتين الخاص بهم أو سحب اللوازم الشخصية والكهربائية منهم، وحسب ما ورد في المادة 87 من اتفاقية جنيف تحظر العقوبات الجماعية عن أفعال فردية وأي نوع من التعذيب أو القسوة، كما أن هذه السياسات تتعارض والمواد 124، 125،107،143 من إتفاقية جينيف .
 
منع إدخال الملابس والأحذية والكتب والأغراض الشخصية للأسرى
وفي أسلوب جديد يضاف إلى الأساليب التي تنتهك حقوق الأسرى من قبل إدارات السجون الإسرائيلية تقوم على منع الأسرى من إدخال الملابس والأحذية والكتب والأغراض الشخصية اللازمة لهم من خلال زيارات الأهالي والمحامين، خلافا لنص المادتين "90 و108" من اتفاقية جنيف الرابعة، والسماح لهم فقط بشرائها من الكانتين وغالبا ما تكون غالية الثمن وبأسعار مضاعفه  والأصعب من ذلك أن إدارات السجون لا تسمح أيضا بإدخال الكتب التعليمية للأسرى الذين يتابعون دراستهم للثانوية العامة أو الجامعية ، الأمر الذي يتعارض مع حق الأسرى بالتعليم الذي ورد في نص المادتين 94 ، 108  من الاتفاقية .
 
الحاجز الزجاجي الإضافي على شبك الزيارة
يأتي هذا الإجراء التعسفي ضمن سلسلة من الإجراءات الممنهجة تجاه الأسرى وذويهم وتحت مبررات الأمن ، وهو يعد إنتهاكا صارخا للمبادئ الإنسانية ولحقوق الأسير في مقابلة عائلته وإحتضان أبنائه ومصافحتهم، ولما يشكله هذا الحاجز من حجب للرؤية وصعوبة في سماع الحديث المتبادل بين الأسير وزائريه .
 
التضييق على الأسرى في ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية
تلجأ إدارات السجون إلى التضييق على الأسرى في ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية، وهذه السياسة تتعارض كليا مع أحكام المادة 93 من إتفاقية جينيف والتي تسمح بالحرية التامة للمعتقلين في ممارسة عقائدهم  وشعائرهم الدينية .
 
البوسطة ورحلة العذاب المؤلمة
المقصود بالبوسطة أنها عملية نقل الأسرى من سجن إلى آخر أو إلى المحاكم والمستشفيات والعيادات الخارجية بإستخدام سيارة عسكرية غير مريحة إطلاقا يصعب الجلوس فيها بثبات، وغالبا ما يكون الأسرى مكبلي اليدين والرجلين ومعصوبي الأعين وتتم معاملتهم بقسوة ، كما يمنعون من الحديث مع بعضهم البعض وتناول الطعام وقضاء الحاجة رغم الساعات الطويلة التي يمضونها بالبوسطة ، الأمر الذي يتناقض مع المادة "127" من إتفاقية جينيف .
 
الإهمال الطبي
يعيش الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أوضاعا استثنائية من الناحية الصحية فهم يتعرضون إلى أساليب تعذيب جسدي ونفسي ممنهجة تؤدي حتما لإضعاف أجساد الكثيرين منهم وتتمثل هذه الأساليب في الحرمان من الرعاية الطبية الحقيقية والمماطلة في تقديم العلاج للأسرى المرضى والمصابين، وفي أساليب القهر والإذلال والتعذيب التي تتبعها طواقم الاعتقال والتحقيق والسجانون التابعون للعديد من الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
 
فأساليب إضعاف الإرادة والجسد على السواء ثنائية مأساوية متبعة في دولة تدعي الديمقراطية في حين يقوم نظامها السياسي والقضائي بتشريع التعذيب والضغط النفسي بحق الأسرى والمعتقلين في سابقة غير معهودة على المستوى العالمي مما يعد مخالفة للعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية ومن خلال مراقبة الوضع الصحي للأسرى اتضح أن مستوى العناية الصحية سيء ، وأصبح العلاج شكليا وشبه معدوم في ظل ازدياد عدد المرضى ، وبات موضوع علاج الأسرى موضوعا تخضعه إدارات السجون الإسرائيلية للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلين ، الأمر الذي يشكل خرقا فاضحا لمواد اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة " المواد 29 و30 و31 من اتفاقية جنيف الثالثة والمواد 91 و92 من اتفاقية جنيف الرابعة" والتي كفلت حق العلاج والرعاية الطبية وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم .
 
كما أتضح أن عيادات السجون والمعتقلات الإسرائيلية تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية والمعدات والأدوية الطبية اللازمة أو في وجود أطباء أخصائيين لمعاينة ومعالجة الحالات المرضية المختلفة ، وأن الدواء السحري الوحيد المتوفر فيها هو حبة الأكامول كعلاج لكل مرض وداء ، فيما تستمر إدارات السجون في مماطلتها بنقل الحالات المستعصية للمستشفيات، والأسوأ من ذلك أن عملية نقل الأسرى المرضى والمصابين تتم بسيارة مغلقه غير صحية بدلا من نقلهم بسيارات الإسعاف، وغالبا ما يتم تكبيل أياديهم وأرجلهم ، ناهيكم عن المعاملة الفظة والقاسية التي يتعرضون لها .
 
الاعتقال الإداري
الاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمة أو محاكمة, يعتمد على ملف سري ومعلومات إستخبارية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الإطلاع عليها, ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة حيث يتم استصدار أمر إداري لفترة أقصاها ستة شهور في كل أمر اعتقال قابلة للتجديد بالاستئناف.
 
ويعتبر الاعتقال الإداري من أكثر الأساليب خرقا لحقوق الإنسان هذا الاعتقال يعتبر قانونيا وفقا للقانون الدولي ولكن بسبب المس الصارخ في الحق باتخاذ الإجراءات القضائية النزيهة المتعلقة بوسائل الاعتقال الإداري والخطر الواضح لاستغلاله سلبا وضع القانون الدولي قيودا صارمة على تنفيذه فالأسلوب الذي تستعمله قوات الاحتلال الإسرائيلي بوسيلة الاعتقال الإداري يتناقض تناقضا صارخا مع هذه القيود حيث إن المادة 78 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص"إذا رأت دولة الاحتلال لأسباب أمنية قهرية أن تتخذ تدابير أمنية إزاء أشخاص محميين فلها على الأكثر أن تفرض عليهم إقامة جبرية أو تعتقلهم.
 
الواضح أن الاتفاقية تتحدث عن الاعتقال الإداري في حالة طارئة جدا وكوسيلة أخيرة لا مفر منها وإذا كانت هناك الإمكانية لفرض الإقامة الجبرية فلها الأولوية لأنها اقل ضررا بالشخص , والمبدأ الأساسي أن كل الناس خلقوا أحرارا ، وبما أن الاعتقال الإداري هو ليس اعتقال بسبب ارتكاب مخالفة واضحة لقانون واضح وإنما لأسباب أمنية ( ملف سري لا يحق للمتهم أو محاميه الإطلاع عليه ) يجب أن يكون الإعتقال الإداري الاستثناء وليس القاعدة , والقائد العسكري في غالبية حالات الاعتقال يستند على مواد سرية ، بينما اتفاقية جنيف الرابعة لا تتحدث مطلقا عن الصلاحية باستخدام مواد سرية لإثبات الخطورة من الشخص ، من هنا فالفارق بين ما تتحدث عنه اتفاقية جنيف الرابعة وما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي هو فارق جوهري  وملموس .
 
وهنا لا بد من إستعراض جملة من الانتهاكات الصحية التي تمارسها إدارات السجون الإسرائيلية تجاه الأسرى والأسيرات المحتجزين في سجونها ومعتقلاتها ، والتي بمعظمها تصب في ترسيخ سياسة الإهمال الطبي المتعمد والمماطلة في تقديم العلاج وإجراء العمليات الجراحية لكثير من الحالات المرضية والإصابات ، الأمر الذي تسبب في وفاة مئات الأسرى المرضى والمصابين
 
الانتهاكات الصحية التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيين والعرب وتتمثل بالتالي.

1- الإهمال الصحي المتكرر والمماطلة في تقديم العلاج للمحتاجين له أو عدم إجراء العمليات الجراحية للأسرى المرضى إلا بعد قيام زملاء الأسير المريض بأشكال من الأساليب الاحتجاجية من اجل تلبية مطالبهم بذلك.
2- عدم تقديم العلاج المناسب للأسرى المرضى كل حسب طبيعة مرضه, فالطبيب في السجون الإسرائيلية هو الطبيب الوحيد في العالم الذي يعالج جميع الأمراض بقرص الأكامول أو بكأس ماء.
3- عدم وجود أطباء اختصاصين داخل السجن كأطباء العيون والأسنان والأنف والإذن والحنجرة.
4- تفتقر عيادات السجون إلى وجود أطباء مناوبين ليلا لعلاج الحالات الطارئة.
5- عدم وجود مشرفين ومعالجين نفسيين حيث يوجد العديد من الحالات النفسية والتي بحاجة إلى إشراف خاص.
6- عدم توفر الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة كالأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف والنظارات الطبية وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائية المزمنة.
7- عدم تقديم وجبات غذائية صحية مناسبة للأسرى تتماشى مع الأمراض المزمنة التي يعانون منها كمرض السكري والضغط والقلب والكلى وغيرها.
8- عدم وجود غرف أو عنابر عزل للمرضى المصابين بأمراض معدية كالتهابات الأمعاء الفيروسية الحادة والمعدية وكذلك بعض الأمراض المعدية كالجرب مما يهدد بانتشار المرض بسرعة بين صفوف الأسرى نظرا للازدحام الشديد داخل المعتقلات, وكذلك عدم وجود غرف خاصة للأسرى ذوي الأمراض النفسية الحادة مما يشكل تهديدا لحياة زملائهم .
9- نقل المرضى الأسرى لتلقي العلاج في المستشفيات وهم مكبلو الأيدي والأرجل في سيارات شحن عديمة التهوية بدلا من نقلهم في سيارات إسعاف مجهزة ومريحة.
10- حرمان الأسرى ذوي الأمراض المزمنة من أدويتهم كنوع من أنواع العقاب داخل السجن, بالإضافة لفحص الأسرى المرضى بالمعاينة بالنظر وعدم لمسهم والحديث معهم ومداواتهم من خلف شبك الأبواب.
12- يعاني الأسرى المرضى من ظروف اعتقال سيئة تتمثل بقلة التهوية والرطوبة الشديدة والاكتظاظ الهائل بالإضافة إلى النقص الشديد في مواد التنظيف العامة وفي مواد المبيدات الحشرية.
13- استخدام العنف والاعتداء على الأسرى وإستخدام الغاز لقمعهم يزيد من تفاقم الأمراض عندهم.
14- الإجراءات العقابية بحق الأسرى تزيد من تدهور أحوالهم النفسية كالمماطلة في تقديم العلاج والنقل إلى المستشفيات الخارجية والحرمان من الزيارات والتفتيشات الليلية المفاجئة وزج الأسرى في زنازين العزل الانفرادي وإجبار الأسرى على خلع ملابسهم بطريقة مهينه.
15- افتقار مستشفى سجن الرملة الذي ينقل إليه الأسرى المرضى للمقومات الطبية والصحية حيث لا يختلف عن السجن في الإجراءات والمعاملة القاسية للأسرى المرضى.
16- تعاني الأسيرات من عدم وجود أخصائي أو أخصائية أمراض نسائية إذ لا يوجد لديهم سوى طبيب عام خاصة أن من بين الأسيرات من أعتقلن وهن حوامل وبحاجة إلى متابعة صحية خاصة أثناء الحمل وعند الولادة .
17- إجبار الأسيرات الحوامل على الولادة وهن مقيدات الأيدي دون مراعاة لالآم المخاض والولادة, وتقديم أدوية منتهية الصلاحيات للأسرى.
19- استغلال المحققين خلال استجواب الأسير المريض أو الجريح لوضعه الصحي والضغط عليه من اجل انتزاع اعترافات منه وعدم تقديم العلاج له وإحتجازه في ظروف غير صحية تزيد من تفاقم آلامه وتدهور وضعه الصحي .
 
كافة التقارير والدراسات والإفادات تشير الى أن أوضاع الأسرى والأسيرات المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وزنازين التحقيق تزداد سوءا ، نتيجة لما يعانون من انتهاكات لحقوقهم المكفولة لهم بموجب القانون الدولي والاتفاقيات الدولية والإنسانية ، ولأسباب تغاضي المجتمع الدولي للانتهاكات الإسرائيلية لحقوقهم، الأمر الذي يجبر ويلزم الأسرة الدولية على التحرك الفوري والجاد للضغط على الحكومة الإسرائيلية ، وإيقافها عن الإمعان بانتهاكات إدارات سجونها وأجهزتها الأمنية إزاء الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب ، وتشكيل لجان تحقيق دولية للوقوف على حقيقة الانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحقهم .

2009-03-02 10:28:25 | 2053 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية